المدينة في «ألف ليلة وليلة».. رحلة في الزمان والمكان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل كتاب «المدينة في ألف ليلة وليلة» لمؤلفه الدكتور محمد عبد الرحمن يونس، رحلة في الزمان والمكان والشخصيات عاشت في المدن التي غالباً ما تكون خيالية، والكتاب يتحدُّث عن أهمية المكان في « ألف ليلة».. عن المدينة وعن العادات والتقاليد فيها، وعن الأنظمة السياسية والاجتماعية. وهنا تبرز خراسان أولى المدن. إنها محطة تعبر فيها شخصيات ألف ليلة الرئيسية باتجاه هدفها. أمّا ملوكها فيتمتعون بالغنى والوقار، وهي لا تبقى المدينة المركزية وإنما تفسح المجال لغيرها .

تشترك بغداد مع مدن ألف ليلة، بانتشار طقوس المرح والغناء، وهي مدينة غنية جدّاً، صارت المكان الذي يؤمه الأغنياء والفقراء أيضاً. وها هو « علاء أبو الشامات » يقرر السفر إليها، رغم غنى والده الفاحش، وأحياناً تصبح بغداد مدينة للفقراء وغير أمينة على السكان، ولا يستطيع المواطن أن يعيش فيها بسلام، إنها تمثّل القتل والنهب والسطو وكثرة اللصوص، وسلطة الحكام فيها لا يجوز النيل منها، ومن ينالها يلقى عقاباً قاسياً، وتمنح السلطة فيها القصور والبساتين على من ترضى عليهم..ونجد البصرة التي تفوقت على كل المدن، سواء في العراق أم في بلاد الشام، كونها ميناء تجارياً مهماً على الخليج العربي، والبصرة لا تستقل بحكاياتها عن فكرة المدينة المركز وسطوتها الاقتصادية والثقافية والسياسية على بقية المدن الأخرى، إنها مدينة يسيطر عليها الحكام والولاة والظلام.

يميّز الكاتب بين الأحداث الواقعية التي تستند إلى أساس تاريخي التي تقع في المدينة، وتلك المحملة بالأحلام والرغبات، وحلم العيش في مدن بهية ونظيفة. ودمشق في (ألف ليلة وليلة)، مدينة جميلة فتانة، تبهج القلب والعين فيها الحدائق والأنهار. لكن هذه الصورة تغيب عندما يتحدّث التجار عن دمشق، فالمدينة فيها التلاعب بالأسعار والربح الفاحش والاستغلال.

مدينة القاهرة : كما تصورها الليالي، هي فضاء للاحتيال والجهل والشعوذة والشطارة، وهي قريبة من القلب، الحياة فيها جميلة وطيبة، وأهلها ناس طيبون، والتجارة فيها مزدهرة، والتجار كرماء متفقون مع رجال السلطة، ويقابل هذا الغنى فقرٌ مدقع، وأرباب المهن البسيطة يموتون جوعاً.

Email