المفاهيمية في الفن التشكيلي السعودي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤكد كتاب (المفاهيمية في الفن التشكيلي السعودي)، للباحث السعودي سامي جريدي، أن المتأمل للفن السعودي في سنواته السبع الأخيرة، سيجد نوعاً من الثورة والتمرد.

وكذلك العديد من محاولات البحث النوعي، عن الجديد، سواء أكان على مستوى الأفكار أم على مستوى تنوّع الأساليب والخامات التي سعى الفنانون من خلالها إلى بثّ روحهم في شرايين النصوص البصرية، لإظهار عالم مغاير يتصل بحقيقته المغيبة.

وذلك حين حقّق عدد من الفنانين السعوديين شيئاً رائعاً من هذا الإنجاز، فالحدث الذي شهده مزاد (كريستيز) في دبي، بهذا الخصوص، لم يكن عادياً أو أمراً يخطو بخطوته خارج دائرة التاريخ الحديث للفن العربي. وإنما شكل نقلة مهمة لفهم السيرة التشكيلية السعودية في رسم الخطاب البصري الحديث.

فليس حصول الفنان عبدالناصر غارم على أعلى رقم في هذا المزاد، عن عمله التركيبي (رسالة)، إلا دلالة واضحة على أنَّ الفن السعودي بدأ يأخذ موقعه تشكيلياً بعد فترة غياب طويلة، لم يعرف الفن السعودي فيها إلا بعض المشاركات البسيطة، هنا وهناك، لفنانين متواضعين في الأداء والفكرة، كذلك الأمر في المعرض والمسابقات العالمية التي حققها بعض الفنانين السعوديين، وبخاصة على مستوى الفكرة، التي تشدد على مدى تقبّل الآخر بالخارج، لنصوص بصرية سعودية ذات مضامين كبرى.

ويوضح جريدي أنه إذا أمعنا النظر في مسألة التحديد التاريخي لنشأة المفاهيمية في السعودية، كفن يعي حقيقته الفنان، نجد أن منتصف التسعينات من القرن الفائت كانت هي الولادة الحقيقية لهذا الفن، ذلك في عام 1995، على أيدي مجموعة من الفنانين الشباب. وهناك بعض الفنانين الذين تطرقوا إلى المفاهيمية ونجحوا في طرحها، بدليل فوز هاشم سلطان بالجائزة الكبرى في بينالي بنغلاديش الدولي ومحمد الغامدي بالجائزة الأولى في بينالي الشارقة الخامس، ما يكشف عن طبيعة تلقي الآخرين لهذا الفن.

ويشير إلى أن عمل الفنان أحمد ماطر في مجال وظيفته بالطب، وقربه من عالم المختبرات ومعامل الأشعة، أمور أعطته مساحة كبيرة من التأمل للبحث عن طرق جديدة من التعبير عن الفن المفاهيمي، لافتاً إلى أن أعمال أيمن يسري تشبه إلى حدّ كبير النصوص المفتوحة على كثير من الأفكار والثقافات.

كما تتعدد الرؤى التأويلية في خطاب بكر شيخون، والتي أبرزها الخطاب الأيديولوجي الذي عزفت عليه أعماله بأكثر من شكل وأكثر من طريقة، بينما تحتل السخرية عند الفنان حمدان محارب، علامة مهمة لكشف غاية العمل الفني.

ويلمح جريدي إلى تفرّد صديق واصل، بتجربة النحت الحديث. ولا يتردد في التأكيد أن من يتتبع تجارب الفنان عبدالله إدريس، سيجد أنه حداثي بامتياز، ولوحاته يهيمن عليها الغموض الدلالي للشكل والصورة. ويتحدث المؤلف، بعدها عن البداية المتأخرة

للتجربة الفنية لعبدالناصر غارم العمري، مبيناً أنها تطورت بسرعة مذهلة، إلى تجارب حديثة اتكأت على مبدأ الفكرة. ويرى جريدي انه تقترب مراحل ومحطات تجربة فهد القتامي من بعضها إلى حد كبير. وكذلك تنطلق فكرة الفنان فيصل الخديدي من المبدأ الحداثي للفن الذي يتحرك في أفقه، لغة التأكيد.

وهي مع ذلك لغة واقعية رسمت لها أكثر من طريق، حتى بدت وكأنها غامضة في الأسئلة الكبرى للفن، والتي يمكنها أن تفتح أمامنا أجوبة أزلية لتجربة فنية ذات أفق فلسفي.

ويتحدث المؤلف عن امتلاك مهدي جريبي، أموراً لا يملكها أكثر فناني جيله. ويستعرض جريدي بدايات هاشم سلطان في الفن.

 المؤلف في سطور

 سامي الجريدي. كاتب وباحث سعودي. متخصص في حقول النقد والدراسات التشكيلية. لديه مجموعة أبحاث ومؤلفات حول التشكيل ومفاهيمه وتطوره، في السعودية والعالم العربي. فاز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي 2011.

 

 

 

 

الكتاب: المفاهيمية في الفن التشكيلي السعودي

المؤلف: سامي جريدي

الناشر: جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي 2011 (البحث الفائز بالجائزة الثالثة)

الصفحات: 102 صفحة

القطع: الكبير

Email