قيل «إن الخصال التي تجعل المدير ناجحًا هي الجرأة على التفكير والجرأة على العمل والجرأة على توقع الفشل»؛ كتاب (حياة في الإدارة) يحكي لنا رحلة الإدارة في حياة كاتبه من مهد تكون الإدارة في حياة الإنسان وملامحها حتى نضوجها فيه واختصاص سيرته بها.
يبدأ غازي القصيبي بعد المقدمة بالتساؤل: متى تبدأ علاقة الطفل بالإدارة؟ ليتوصل إلى أن الطفل يبدأ تعامله الحقيقي مع الإدارة في المدرسة؛ فيحكي أكثر كيف يلاحظ الطفل «تغير القبعة» بتغير سلوك الشخص نسبة لموقعه، ويعقب بقصته في مرحلة المدرسة ويناقش بعض المفاهيم نحو الواسطة والسلطة في الابتدائية، أما في الثانوية فيوضح أثر القيادة الإدارية في حياة المدرسة ومدى فاعليتها، موضحًا ملامح الفساد التي تمس مهنة التعليم.
لينتقل إلى الجامعة مبيناً أثر التعقيد الإداري في كثير من الفساد، ثم يتابع إلى المسافة الواسعة بين الطلبة والمعلمين والإداريين في الجامعة، ويوضح كيف أنها أشبه بالطبقية العسكرية، ثم يعود للوطن ويختار مساره الذي يراه في نفسه ليتابع دراساته العليا في أمريكا؛ أثرت هذه التجربة فكره وثقافته وأكسبته وعيًا إداريًا بمسؤولية.
بعد «الماجستير» عاد للوطن ليبدأ «مشروع موظف» في الجامعة من غير توفر مكتب له! ليبادر إلى المكتبة وتمضية الوقت بالمطالعة حسب الدوام الرسمي حتى تتيسر الأمور؛ يعكس بذلك أهمية الانضباط في حياته. وبعد استعداده الكامل لتدريس مساقه الأول في الجامعة يأتيه ترشيحه لمرافقة الملك فيصل في مهمة سياسية؛ لينتقل من النظريات إلى التطبيق الفعلي.
ثم يعود للجامعة ليتولى تدريس سبعة مساقات مع تكليف رئاسة القسم؛ فيبين أسلوبه في التدريس، موضحًا أن التدريس فن وعليه يقترح أن تكون الترقيات للأساتذة. ليتابع الدكتوراه في لندن مبيناً الفرق بين أمريكا ولندن في التعليم والتقييم، مؤكدًا أن التعليم عملية مستمرة لا تنتهي بالدكتوراه.
بعد الامتنان لدور زوجته في حياته الإدارية ينتقل إلى قناعات الناس في المعاملات وتجربته في التواجد الإعلامي وكتابة المقالات، بالإضافة إلى أعمال استشارية في جهات حكومية ونشاطات في كل اتجاه؛ فيناقش ظاهرة كلام الناس وضريبة النجاح وتكليفه بعمادة كلية التجارة؛ لتنتهي قصته في الجامعة بنهاية تجربة العمادة نظرًا للصعوبات التي واجهها ثم ينتقل إلى وكيل وزارة ليترقى إلى «وزير تحت التمرين» ليغدو وزيرًا. كتاب حكيم مُلهم مؤرخ معلم؛ يستل دروس الإدارة من سيرة حياته ويرسم الطريق؛ فيناقش قضايا مهمة ويطرح آراء معتبرة ويخاطب الهاجس والقلب بلغة سهلة عميقة مليئة بالحكمة والمعرفة.