«إن جماليات الأدب تمكن الفكرة العلمية الجامدة من الوصول إلى المتلقي» رؤية واضحة يقدمها الشاعر طلال الجنيبي، تجسد مشروعه الأدبي الشعري، وهو يعبر عن ذلك في ديوانه «الإمارات في القلب»، المكوّن من مجموعة أعمال شعرية تتناول عدداً من الموضوعات والأفكار من بينها «الاتحاد» و«عام زايد» و«المرأة الوطن».

حول مدى ما يسهم فيه الإبداع من تلبية الطموح، إلى خلق قاعدة تربوية صلبة للتعليم في دولة الإمارات، التقت «البيان» الشاعر الدكتور طلال الجنيبي وحاورته حول رؤيته، وأهمية أن يكون الإبداع الأدبي الإماراتي رافداً تربوياً رئيسياً في مناهجنا الوطنية، ليؤكد أن الأدب والشعر لا يمكن لهما أن يكونا بمعزل عن المجتمع وقضاياه التي ينبغي أن تكون أساس أي عمل إبداعي.

مرحباً بك دكتور طلال في هذا الحوار.

مرحباً ولجريدة «البيان» شكري الجزيل.

مناسبة

يؤكد ديوان «الإمارات في القلب» ارتباط الأدب برسالة وطنية آن لها أن تخرج متكاملة إلى النور.. هل تصفه للقارئ؟

يحتوي هذا الديوان في الواقع على قصائد وطنية مكتوبة باللغة العربية الفصحى، بالتزامن مع عام زايد، وهو مؤلف من مئة صفحة مواكبة لمئوية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وبالنسبة لي فإن لهذا العمل أهمية أنه أول ديوان شعري يتناول كله قضايا وطنية معاصرة، وعلى سبيل المثال، هناك قصائد تأخذ موضوعاتها من الفضاء، وآخر التطورات التي تحققت على هذا الصعيد، منذ أن زار دولة الإمارات في سبعينيات القرن الفائت رواد الفضاء الذين قاموا برحلة تاريخية إلى القمر على ظهر المركبة «أبولو»، واستقبلهم الشيخ زايد، رحمه الله، وكان له معهم حوار جاد حول أهمية أن تسعى الإمارات إلى خلق قاعدة مستقبلية لريادة الفضاء.

وهناك قصائد عن «واحة الكرامة» و«الشهيد».. وهي قضايا يطرحها العمل وتقع في صميم اهتمامات مجتمعنا اليوم. إنه يأتي ضمن السعي إلى تثبيت هذه الإنجازات ثقافياً.

ترابط

والملاحظ هو الاهتمام الذي حظي به الديوان منذ صدوره، أليس كذلك؟

بالفعل، لقد حصل الديوان، ولله الحمد، على الكثير من الاهتمام، والحقيقة فإن الأدب والشعر لا يمكن لهما أن يكونا بمعزل عن المجتمع وقضاياه، إن فيه ما أعبر به عن قضايا مجتمعية، وهو كذلك رسالة شعرية إلى ذائقة المتلقي للاستمتاع برؤية فنية.. ومما أثلج صدري أن الطبعة الأولى منه استقبلها بصدر رحب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأثنى عليه، وهذا التكريم في حد ذاته رسالة مهمة لنا كمبدعين، وكيف ينبغي أن تكون رؤانا المتعلقة بالمجتمع، وكذلك وزارة التربية والتعليم، وها هي الآن قصائد الديوان معلقة على مبنى «وكالة الإمارات للفضاء». إن ما يحيط بالأدب والشعر من جمال يمكّن الفكرة العلمية الجامدة من الوصول إلى المتلقي بصورة أكثر سلاسة.

تحوّل

الشاعر طلال الجنيبي، نود أن نوجه إليك سؤالاً مهماً يتعلق بإدراج قصائدك في المناهج المدرسية الإماراتية، كيف ترى الفكرة؟

سأجيبكم عن هذا السؤال، لعلي أرى أن اختيار عدد من أعمالي الشعرية لتدريسها في المنهج الوطني الإماراتي شكل نقطة تحول في فكري شخصياً، كما قد أتاح الفرصة لهذه القصائد كي تسكن كغيرها من الأعمال الإبداعية الوطنية في وجدان الأجيال التي خلقت لديها ذائقة أدبية جمالية وأخلاقية، إنني أشعر بالفخر في الواقع، ومن جهة أخرى يستطيع الإنسان أن ينظر إلى هذه القصائد وغيرها من الإسهامات الأدبية والفكرية الموجودة في الساحة الثقافية على أنها تشجيع للأجيال القادمة على السعي لتقديم كل ما يمكنها المساهمة به في خدمة وطننا ومجتمعنا.

ونحن في الحقيقة محظوظون كشعراء وكتاب؛ لأننا ما زلنا نعيش بين قرائنا ونتحاور معهم مثلما يحدث أثناء زياراتنا للمدارس والتحدث إلى الطلبة، ومن المواقف الطريفة التي حدثت لي، وهو موقف يدل على أن التواصل بين المبدعين وقرائهم من طلبة المدارس له أهميته، هو أنني تلقيت ذات يوم اتصالاً هاتفياً من أحد أصدقائي، يطلب مني أن أكلم أطفاله وأقول لهم إنني كتبت القصيدة التي يدرسونها، وإنني على قيد الحياة.

إن فكرة التواصل الحي المباشر بين الأجيال بواسطة الإبداع لها قيمة تربوية، كما لا يخفى مدى أهمية ردم الهوة بينها في سبيل الوصول إلى الإبداع بثوبه المعاصر.

وهنا أيضاً أنت تحرضنا على أن ننتقل إلى السؤال عن النصوص التي يشتمل عليها ديوان قصائد «الإمارات في القلب»، أعطنا أمثلة أكثر؟

كما سبق وقلت لكم، هناك قصائد حول الاتحاد وعام زايد والمرأة، وكذلك توجد قصائد تعنى بالقيم والأخلاق والجماليات، وهناك قصيدة «أحن إليك حنيناً إلى الوطن».. هي بمجملها موضوعات متعددة، ونصوصها تتناول الوطن من زوايا مختلفة وبرؤى تتيح للمتلقي أن ينظر إليه كذلك من زوايا مختلفة، حتى يتمكن من استقبال الرسالة من زاوية قريبة من نفسه.

هل ترى الشعر أكثر قدرة من غيره على توصيل هذه الرسالة؟

فعلاً، إن الشعر هو ديوان العرب، ونحن أمة عربية، لقد كان الشعر ومازال يشكل لها عنواناً يعبر عن همومها وقضاياها، ويبقى له هذا التأثير، إن قادتنا يعتزون بتقديم أنفسهم كشعراء، وهنا يقدمون لنا رسالة على أن الشعر كائن ملتصق بالمجتمع.