الكلمة الطيبة وقاية من النار

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» من هنا نجد أن الإسلام حرص كل الحرص على أن لا نقول إلا طيباً فقال الله تعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) كما وجهنا وأرشدنا إلى ما نحقق به ذلك فنهانا عن كثرة الكلام والثرثرة لأنه من كثر كلامه فقد كثر سقطه فعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ». قَالُوا: يَارَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «الْمُتَكَبِّرُونَ». وعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي».

وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أن الرسول الكريم بَيَّن لنا أن كثرة الكلام تجعل قلب العبد قاسياً وبالتالي يبعد صاحبه عن الله، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من هذا المنطلق نجد أن الكلام له دور كبير وأثر خطير في إصلاح العباد، فعن طريقه تهتدي القلوب وتسلك طريق العدى والرشاد وأيضا تضل وتفسد وتزيغ عن الهدى وبما أن اللسان هو أداة الكلام نجد أن الإسلام شدد على ضبط وحفظ اللسان قال سبحانه وتعالى: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). وقال أيضاً: (وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ).

ولقد أوضح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خطورة اللسان حين قال لمعاذ صلى الله عليه وسلم في حديث طويل جاء فيه :«قال معاذ:قلتُ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ».

وعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِىِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِى بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ، قَالَ: « قُلْ رَبِّىَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّّ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: « هَذَا».

ولقد بَيَّن الله عز وجل في كتابه الكريم فضل الكلمة الطيبة وسموها الأية 24 : 26 من سورة إبراهيم : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء% تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ %وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ).

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ ».

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الجنة غرفةٌ يُرى ظاهرها من باطنها ، باطنُها من ظاهرِها» فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يارسول الله ؟ قال: «لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائماً والناس نيام».

و الكلمة الطيبة تكون وقاية لصاحبها من النار فعن عدي بن حاتم قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة» ، وهي أيضاً صدقة لقائلها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ».

Email