القيادة الرشيدة حريصة على الارتقاء بقطاع الفضاء إلى مستويات عالمية | أرشيفية

«مسبار الأمل».. رحلة طموح بدأها زايد قبل 49 عاماً

منذ نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة قبل 49 عاماً، كتب المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قائلاً: «إن رحلات الفضاء يفخر بها كل إنسان على وجه الأرض، لأنها تجسد الإيمان بالله وقدرته»، مواصلاً حديثه: «ونحن نشعر كوننا عرباً بأن لنا دوراً عظيماً في هذا المشروع وفي هذه الأبحاث، وفخورون بالتقدم الهائل في علوم الفضاء، بفضل القواعد التي أرساها العلماء العرب منذ مئات السنين، ونأمل أن يعم السلام ويدرك البشر الأخطار، التي تهددهم بسبب التأخر»، وعكست كلمات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اهتمامه الكبير بعلوم الفضاء للتعرف على جديدها وإنجازاتها، فيما كان ذلك نواة شكلتها رؤية واضحة وسعياً لاستشراف المستقبل الوليد، وأكدها اجتماعه مع مسؤولي رحلة أبولو من وكالة «ناسا» 1974.

رؤية واضحة

وامتلك الوالد زايد رؤية واضحة في هذا المجال بدأت بتأسيس «الثريا للاتصالات» في عام 1997، لتتوالى بعدها الأبحاث والمراكز ومن ثم تواصلت الإنجازات في هذا المجال، ففي العام 2009 تم إطلاق القمر الصناعي «دبي سات 1»، ومن بعدها «دبي سات 2»، و«خليفة سات»، الذي تم تصنيعه بشكل كامل بأيدي المهندسين الإماراتيين، وصولاً للإنجاز الأكبر وهو وصول هزاع المنصوري كونه أول رائد فضاء عربي إلى محطة الفضاء الدولية، والآن درة تاج المشاريع الفضائية الإماراتية، وهو انطلاق مسبار الأمل إلى المريخ، لتتوج مسيرة الإمارات الطويلة، والتي وضع أساسها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد، ومن ثم مواصلة الإنجازات لأخرى كثيرة مستقبلاً.

نهج

وعلى خطى زايد واستكمالاً لرؤيته ونهجه الذي وضعه منذ عقود، وضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أساساً مستقبلياً لخطط ورؤية الدولة في قطاع الفضاء، حيث ولدت فكرة استكشاف الكوكب الأحمر، وإرسال مهمة فضائية باسم الإمارات أثناء الخلوة الوزارية في العام 2014، والتي وجه فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بدراسة الفكرة وتبنيها على الفور، مشيراً بقوله: «تم التخطيط لوضع الاستراتيجية الخاصة بالمشروع وتطويره، بحيث يتزامن مع اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة».

صفة رسمية

ودخلت دولة الإمارات بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، عبر مرسوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بإنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، أطلق عليه اسم «مسبار الأمل»، لتكون الدولة بذلك واحدة من بين 9 دول فقط تطمح لاستكشاف هذا الكوكب، وبدعم صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، للمشروع، وحرص كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على متابعة مراحل المشروع من التصميم والتنفيذ وتأهيل كوادر عملية إماراتية، لتحقيق هذا الحلم الإماراتي العربي. ومع وصول مسبار الأمل إلى المريخ بداية فبراير 2021 سيكون ذلك إيذاناً ببدء الاحتفال بذكرى قيام اتحاد الإمارات بطريقة مختلفة ومبتكرة تذهل العالم، طريقة تليق باسم الإمارات وشعبها وتاريخها، كونها دولة أصبحت رمزاً لكل أمر إيجابي ومبدع ومتفوق، حيث سيتوج مسبار الأمل المسيرة التنموية للدولة على مدى 50 عاماً، ويشكل ترجمة حقيقية لرؤية قادة الدولة بأن لا شيء مستحيل، هذا الشعار الذي يحمله المسبار معه إلى الفضاء الخارجي، وسط اعتراف عالمي بمنجز الإمارات.

إعلان

وبدأ مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» كونه فكرة طموحة قبل نحو 6 سنوات، حين أعلنت قيادتنا الرشيدة لأول مرة عن مشروع إرسال أول مسبار عربي إسلامي للكوكب الأحمر، من أجل دراسة غلافه الجوي، ومنذ ذلك الحين يعكف فريق إماراتي من الكوادر الوطنية الشابة المتخصصة في مختلف مجالات علوم الفضاء العمل على المشروع، بالتعاون مع مجموعة مختارة بعناية من الشركاء العلميين والاستراتيجيين الدوليين. ولكونه مشروعاً وطنياً إماراتياً، جرى تخطيطه وتصميمه على أرض الدولة، وتم تصنيع نحو 200 قطعة ميكانيكية من المسبار محلياً، كما أنه لم يتم استيراد أي من التقنيات الرئيسية، التي يقوم عليها المشروع، بل تم تصميمها وتصنيعها وتجميعها محلياً على أيدي خبرات وإمكانات إماراتية، أما المعرفة التقنية اللازمة لذلك، فقد جرى تطويرها محلياً، من خلال تدريب فريق المشروع من الشباب الإماراتيين عبر الشراكات الاستراتيجية مع جهات أكاديمية علمية عوضاً عن توريد التقنيات من الوكالات والشركات العالمية المتخصصة في مجال الفضاء.

ويعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» مساهمة إماراتية في تشكيل وصناعة مستقبل واعد للإنسانية، ويهدف إلى إحداث نقلة نوعية في الدولة في مجالات الهندسة والبحث العلمي والابتكار، ويحمل رسالة أمل لكل شعوب المنطقة، بما يسهم في إحياء التاريخ الزاخر بالإنجازات العربية والإسلامية في العلوم كافة واستئناف مساهمتها في إثراء الحضارة العالمية، وتعزيز أطر التعاون والشراكة الدولية، بهدف إيجاد حلول للتحديات العالمية من أجل خير الإنسانية، فضلاً عن عكسه لطموح الإمارات، وسعي قيادتها الرشيدة المستمر إلى تحدي المستحيل وتخطيه، وترسيخ هذا التوجه قيمة راسخة في هوية الدولة وثقافة أبنائها.

برنامج وطني

ويسهم المشروع في إقامة شراكات دولية في قطاع الفضاء، لتعزيز مكانة الدولة، كما يدعم تطوير برنامج فضائي وطني قوي وبناء موارد بشرية إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية، التي تعود بالنفع على البشرية، ويؤسس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار والارتقاء بمكانة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال استكشاف وعلوم الفضاء، ويرسخ مساهمة الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية لخدمة الإنسانية والمجتمع العلمي.

محطة فارقة

ويمثل مشروع مسبار الأمل محطة فارقة في مسيرة الإنجازات الإماراتية، فهو مشروع إماراتي رائد وجريء، يعكس الطموح وروح التحدي والقدرة على الإنجاز لدى الدولة، لاستكشاف آفاق جديدة في الفضاء واكتساب رؤى ومعارف علمية عميقة يمكن أن تؤثر على البشرية وتغير مسار التاريخ، فيما يتوج مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ جهود الدولة في تطوير المعارف والعلوم ونقل التكنولوجيا، الذي بدأ في عام 2006، ويهدف إلى بناء مجتمع علمي متطور في الدولة، يدعم تطوير الكفاءات والمشاريع العلمية.

تحديات

ويلعب مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ دوراً مهماً في بث الأمل في الشباب العربي وخصوصاً في الأوقات التي نمر بها المنطقة العربية بتحديات كبيرة، حيث يلهم الأجيال القادمة، ويحثهم على الاهتمام بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وقيادة عجلة الابتكار، وبناء القدرات التعليمية وإيجاد الفرص الجديدة للشباب للعمل في قطاع الفضاء سريع النمو وقيادة التميز في الهندسة والبحث العلمي والابتكار.

وتعمل وكالة الإمارات للفضاء على مشروع مسبار الأمل كونها المسؤولة عن الإشراف العام على المشروع، وذلك بالشراكة مع مركز محمد بن راشد للفضاء، والذي يتولى عملية التطوير والتنفيذ وإرسال مسبار الأمل للفضاء، فيما تعد الوكالة الأولى التي أسست في المنطقة، بهدف تنظيم ودعم قطاع الفضاء في الدولة وتعزيز موقعه في المنطقة، وتنظيم وتوجيه تطوير قطاع الفضاء الإماراتي، والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني، وإعداد جيل متميز من الكوادر الوطنية المؤهلة لقيادة قطاع الفضاء، من خلال مجموعة من برامج بناء القدرات ورفع مستوى الوعي حول علوم الفضاء ومجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإقامة شراكات دولية وتعزيز دور الإمارات ومكانتها في قطاع الفضاء.

إشراف

ويتولى مركز محمد بن راشد للفضاء عملية التنفيذ والإشراف على كل مراحل عملية تصميم وتنفيذ وإرسال مسبار الأمل للفضاء، فيما تقوم وكالة الإمارات للفضاء بصفتها الهيئة الاتحادية المختصة بالقطاع الفضائي في الإمارات، بالتمويل والإشراف على الإجراءات والتفاصيل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع.

استثمارات ضخمة

وتدعم القيادة الرشيدة تطوير قطاع الفضاء في الدولة، حيث بلغت استثمارات الدولة نحو 22 مليار درهم، فيما تم إطلاق 10 أقمار اصطناعية مدارية، بينما يوجد حالياً 8 أقمار اصطناعية جديدة قيد التطوير، بالإضافة إلى أكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية داخل الدولة بما في ذلك شركات عالمية وشركات ناشئة، و5 مراكز بحثية لعلوم الفضاء، فضلاً عن تأسيس 3 برامج جامعية في العلوم الفضائية، فيما نتج عن ذلك انضمام أكثر من 3100 موظف، 18% منهم نساء للعمل بهذا القطاع في الدولة.

وتأطيراً لرؤية الإمارات المستقبلية في هذا القطاع أعلنت الدولة في 2015 عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، وذلك لتحقيق 6 أهداف رئيسية، من خلال تنفيذ أكثر من 20 برنامجاً شاملاً و70 مبادرة في السنوات المقبلة، وتهدف الاستراتيجية إلى تعزيز العلاقات مع المنظمات الدولية في قطاع الفضاء، ودعم البحث العلمي، وتشجيع الابتكار، وتطوير قادة الفضاء في المستقبل.

استدامة

تم الإعلان عن السياسة الوطنية لقطاع الفضاء وإطلاقها في عام 2016، بهدف بناء قطاع فضائي قوي ومستدام، ويسهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية، فيما جاءت الخطة الوطنية للاستثمار الفضائي، التي تم الإعلان عنها وإطلاقها في 2018، بهدف زيادة مساهمة قطاع الفضاء الوطني في تنويع اقتصاد الدولة، وتحفيز التعاون والشراكات بين المؤسسات ذات الصلة في القطاع الحكومي والخاص والبحثي والأكاديمي، إلى جانب تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي في صناعة الفضاء.

الأكثر مشاركة