اختبارات مستمرة في اليابان للتأكد من جاهزية المسبار للانطلاق 15 يوليو المقبل

فريق «الأمل» كوادر وطنية تبني قطاعاً فضائياً مستداماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ أحد أهم المشروعات التي تسعى من خلاله الإمارات لوضع بصمة عالمية جديدة لها في نادي الفضاء العالمي، خاصة أنه مشروع طموح من شأنه أن يضع الدولة بين أهم مستكشفي المريخ، وهي خطوة لم يقدم عليها سوى عدد محدود للغاية من دول العالم، لتصبح الإمارات واحدة من بين 9 دول فقط تطمح لاستكشاف هذا الكوكب، فيما تولى مركز محمد بن راشد للفضاء الاستعداد لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى المريخ، بينما تشرف وكالة الإمارات للفضاء على المشروع وتموله بالكامل.

فريق إماراتي

وسينطلق المسبار في مهمته في يوليو المقبل، ومن المخطط أن يصل إلى المريخ بحلول 2021، فيما جرى التخطيط والإدارة والتنفيذ لمشروع المسبار على يد فريق إماراتي، وانطلاقاً من ذلك كان توجه الدولة أن يتولى قيادة هذا المشروع نخبة من أفضل الكوادر الإماراتية الذين يعتبرون قادة المستقبل، وأمل الإمارات خلال المرحلة المقبلة بما تراكم لديهم من خبرات علمية مهمة، ومن ثم نقل المعرفة التي اكتسبوها في هذا المشروع العالمي النوعي إلى القطاعات المختلفة في الدولة، خاصة أن تبادل المعارف وقصص النجاح وتوسيع نطاق الانتفاع بها من الأهداف المهمة لهذا المشروع.

وسيحمل المسبار معه إلى الفضاء خلال رحلته نحو المريخ شعار الإمارات «لا شيء مستحيل» ليُطبق قولاً وفعلاً، أنه «لا شيء مستحيل» في قاموس أبناء الإمارات، خاصة من فريق عمله الذين واصلوا الليل بالنهار ليسطروا أسماءهم بحروف من ذهب في سجل التاريخ الإماراتي المشرف، ويضم فريق العمل المشرف على عمليات تجهيز مسبار الأمل للإطلاق نخبة من الكفاءات الوطنية الشابة من ضمنهم عمران شرف الهاشمي مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، وسهيل الظفري المهيري نائب مدير المشروع لشؤون تطوير المسبار، وعمر الشحي قائد فريق عمليات تجهيز المسبار للإطلاق، ومحسن العوضي مهندس أنظمة المسبار ومسؤول إدارة المخاطر، ويوسف الشحي مهندس الأنظمة الحرارية، وخليفة المهيري مهندس أنظمة الاتصال، وعيسى المهيري مهندس أنظمة الطاقة، وأحمد اليماحي مهندس الأنظمة الميكانيكية، ومحمود العوضي مهندس الأنظمة الميكانيكية، ومحمد العامري مهندس أنظمة الدعم الأرضي، وعائشة صلاح الدين شرفي مهندسة نظام الدفع الذي يزود المسبار بالوقود لدخول مدار المريخ، وحصة علي حسين مهندسة نظام التحكم بالمسبار، وفاطمة حسين لوتاه الباحثة العلمية ضمن فريق تطوير الأجهزة العلمية لمسبار الأمل.

مهام متنوعة

وتتنوع مهام فريق العمل في مختلف الاتجاهات، حيث يعمل سهيل المهيري على 8 أنظمة هي «نظام الطاقة، نظام الدفع، نظام التحكم والأوامر، النظام الميكانيكي، النظام الحراري، النظام الملاحي، نظام الاتصالات، ونظام البرمجة، إضافة إلى مهامه في هندسة الأنظمة وتركيبها وتجميعها ومتابعة جاهزية كل نظام للعمل في المركبة الفضائية، وهو حاصل على درجة بكالوريوس في هندسة الكمبيوتر من الجامعة الأمريكية في الشارقة وماجستير هندسة طيران ـ أنظمة فضائية من KAIST في كوريا الجنوبية».

ويشرف محسن العوضي قائد هندسة الأنظمة الحاصل على الماجستير في هندسة الفضاء من جامعة كولورادوا بولدر، على متطلبات المهمة، حيث يتأكد من إنجاز التصاميم بما يحقق هدف المشروع العلمي، ويتولى أيضاً مسؤولية التأكد من إمكانية تواصل المحطة الأرضية مع مسبار الأمل، والتأكد من تحقيق المسبار للمدار المناسب لتنفيذ الدراسات على كوكب المريخ، بينما يعتبر عمر الشحي مسؤولاً عن دمج الأنظمة المختلفة والأجهزة العلمية لتكوين مجسم المسبار النهائي، واختبارها في بيئات مختلفة تحاكي المراحل التي سيمر بها المسبار في بيئة الفضاء، للتأكد من جاهزية المسبار.

من جهتها تعمل المهندسة عائشة صلاح الدين شرفي على نظام الدفع الذي يزود المسبار بالوقود اللازم لدخول مداره حول المريخ بعد انفصاله عن الصاروخ، وتعتبر أول مهندسة إماراتية تعمل في هذا المجال، فيما تعمل حصة حسين مهندسة لنظم التحكم ومعالجة البيانات بالمسبار، وهو النظام الرئيسي على متن المسبار الذي يعمل على متابعة جميع مهامه وصحته، وهي حاصلة على بكالوريوس وماجستير في الهندسة الكهربائية من الجامعة الأمريكية في الشارقة.

ويتركز عمل فاطمة حسين لوتاه الباحثة العلمية ضمن فريق الأجهزة العلمية لمسبار الأمل على دراسة حالة الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في الغلاف العلوي لكوكب المريخ، وهي متخصصة في جهاز مطياف الأشعة فوق البنفسجية، وحصلت على البكالوريوس في العلوم في الهندسة الكيميائية والماجستير في الإدارة الهندسية من الجامعة الأمريكية في الشارقة.

اختبارات دقيقة

ومنذ وصوله بنجاح إلى المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان يخضع مسبار الأمل لعمليات تجهيز فائقة الدقة للإطلاق تتضمن تعبئة خزان الوقود للمرة الأولى بحوالي 700 كيلوغرام من وقود الهايدروزين، وفحص خزان الوقود والتأكد من عدم وجود أي تسريبات، بالإضافة إلى اختبار أجهزة الاتصال والتحكم ونقل المسبار إلى منصة الإطلاق وتركيب المسبار على الصاروخ الذي سيحمله إلى الفضاء وشحن بطاريات المسبار للمرة الأخيرة.

وخضع «مسبار الأمل» للعديد من الاختبارات خلال الفترة الماضية من بينها إخضاعه لخمسة اختبارات بيئية، لضمان التأكد من جهوزيته قبل موعد الإطلاق، وشملت اختبار الاهتزاز، واختبار التداخل والتوافق الكهرومغناطيسي، والاختبار الحراري، واختبار الفراغ، واختبار الصدمة.

ويهدف اختبار التداخل والتوافق الكهرومغناطيسي، إلى التأكد من عدم وجود أي تأثير في إنشاء ونقل واستقبال الطاقة الكھرومغناطیسیة، والتأكد من عدم وجود أي تشويش على الإشارات عند استخدام ترددات الرادیو، بينما هدف الاختبار الحراري إلى التأكد من أن جميع أجهزة المسبار ستعمل إلكترونياً في الفضاء، وتتحمل التغيرات في درجات الحرارة القصوى التي ستواجهها في مهمتها، حيث سيتعرض المسبار خلال الاختبار إلى مجموعة واسعة من درجات الحرارة الساخنة والباردة، التي تمتد من درجة حرارة سالب 148 درجة مئوية إلى درجة حرارة 102 درجة مئوية، للتأكد من تحمل المسبار لمختلف الظروف في الفضاء الخارجي، فضلاً عن الاختبارات البيئية التي تقيس تأثير صدمات الانفصال والاهتزازات عليه، إضافة إلى اختبار الفراغ، الذي يهدف إلى التأكد من أن أجهزته ستعمل إلكترونياً في فراغ الفضاء.

متابعة مستمرة

وتم تقسيم فريق عمل نقل مسبار الأمل إلى محطة الإطلاق في اليابان إلى 3 فرق للتغلب على التحديات المرتبطة بعمليات النقل وللالتزام بالخطة الزمنية المحددة سلفاً، حيث وصل الفريق الأول إلى اليابان في 6 أبريل الماضي، ليكونوا في استقبال المسبار، بينما وصل الفريق الثاني مع المسبار يوم 21 أبريل، أما الفريق الثالث الاحتياطي فمتواجد حالياً في الإمارات، وهو على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم والمساندة العاجلة حال اقتضت الضرورة.

خبرات علمية

ومع إنجاز مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ الذي يحمل الكثير من النجاحات المهمة، إلا أن أهمها هي تلك الخبرات العلمية المهمة التي اكتسبها فريق العمل الوطني والتي تؤهله لقيادة عمليات بناء قطاع فضائي متقدم ومستدام في الدولة باعتباره من أهم ركائز التقدم العلمي في المستقبل، وهذا الفريق هو أمل الإمارات في هذا الشأن خلال المرحلة المقبلة.

وخطط مركز محمد بن راشد للفضاء لاستمرار مهمة المسبار حتى العام 2023 مع إمكانية تمديدها حتى العام 2025، وسيوفر المشروع أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، حيث سيقوم فريق من الباحثين والعلماء الإماراتيين بدراستها ونشرها لأكثر من 200 مركز بحثي حول العالم ليستفيد منها آلاف العلماء المتخصصين في علوم الفضاء.

وسيجمع مسبار الأمل أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، يتم إيداعها في مركز للبيانات العلمية في الإمارات عبر عدد من محطات استقبال أرضية منتشرة حول العالم، فيما سيقوم الفريق العلمي للمشروع بفهرسة وتحليل البيانات التي تتوافر للبشرية لأول مرة، ليتم بعد ذلك مشاركتها مع المجتمع العلمي المهتم بعلوم المريخ حول العالم في سبيل خدمة المعرفة الإنسانية.

مناخ المريخ

سيكون المسبار الأول من نوعه الذي يدرس المناخ على كوكب المريخ على مدار اليوم وعبر كل الفصول والمواسم بشكل مستمر، لأن المسابير التابعة لمهمات الاستكشاف السابقة كانت تأخذ فقط لقطات ثابتة في أوقات محددة من اليوم، وبالتالي سيكون مسبار الأمل بمثابة أول مرصد جوي مريخي حقيقي، ويدرس المسبار تأثير المناخ في طبقات الغلاف الجوي لكوكب المريخ، ودراسة التغيرات التي تطرأ عليه خلال دوراته اليومية والموسمية، الأمر الذي سيكسب المجتمع العلمي الكثير من المعلومات الجديدة عن مناخ الكوكب الأحمر، وما يميز مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ هو أنه سيتمكن من معرفة حالة طقس المريخ على مدار الساعة.

Email