فقيد الوطن.. مسيرة خالدة متوّجة بتراث وعادات أبـناء الإمارات

يعد المغفور له بإذن الله الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، والمولود في أبوظبي عام 1955م من أشد المهتمين بالحفاظ على تراث الإمارات وعادات وتقاليد شعبه.

فقيد الوطن هو الابن الثاني للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بعد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتلقى تعليمه الأولي في العين وأبوظبي، وواصل دراسته في بيروت، وتخرج عام 1973م في كلية ساند هيرست العسكرية البريطانية، والتحق بدورات عسكرية خارجية في كل من باكستان ومصر.

وشغل رحمه الله مناصب عديدة منها: نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس دائرة الأشغال في حكومة أبوظبي، قائد عام القوات المسلحة نائب قائد قوات دفاع أبوظبي وقائد للمنطقة العسكرية الغربية.

وشغل رحمه الله منصب رئيس نادي تراث الإمارات، ويتابعه ويهتم به اهتماماً خاصاً، ورئيس مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، كما تولى -رحمه الله- رئاسة اتحاد الإمارات لكرة القدم من عام 1976 حتى 1981.

كما شغل الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان العديد من المناصب الأخرى، منها عضويته في المجلس الأعلى للبترول ومجلس إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار، والمعاهد والمستشفيات والعيادات الطبية والأندية الرياضية والدوائر.

وامتدت هوايات الشيخ سلطان بن زايد، رحمه الله، إلى رياضة الصيد بالصقور، وكان يعطي الفروسية أهمية بالغة، حيث أقام نادياً للفروسية على أسس مدروسة، كما له مكتبة خاصة عامرة بأمهات الكتب ونصوص التراث العربي والإسلامي.

وفي 28/‏‏08/‏‏2009 أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً اتحادياً بتعيين الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثلاً لصاحب السمو رئيس الدولة، وتولى سموه المهام التي كلفه بها صاحب السمو رئيس الدولة سواء داخل الدولة أو خارجها.

أعماله
أنشأ الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، رحمه الله، «مركز زايد للتراث والتاريخ» في مدينة العين عام 1999، وفي العام ذاته أسس وترأس مركز زايد للتنسيق والمتابعة، ومن ثم المركز الثقافي الإعلامي الخاص به، إلى جانب ذلك ساهم رحمه من خلال المواقع العسكرية التي شغلها في إيصال القوات المسلحة إلى ما وصلت إليه من مستوى رفيع في التدريب والتجهيز والتسليح، وذلك من خلال العمل على تطبيق دراساته في التدريبات الميدانية.

كما اهتم فقيد الوطن بتوسيع نطاق الثقافة العسكرية بالنسبة للضباط وضباط الصف، والجنود، فعمل على تكثيف الدورات والبعثات الداخلية والخارجية إلى الدول الشقيقة والصديقة عدة مرات، وحققت دائرة الأشغال خلال فترة توليه رئاسة الدائرة العديد من الإنجازات الحضارية والعمرانية الكبيرة، حيث قامت بتنفيذ وإنجاز العديد من المشروعات العملاقة التي ساهمت في عملية البناء والتطوير والازدهار والتقدم لإمارة أبوظبي، ولقد تم ربط البلاد بشبكة طرق حديثة وبناء الجسور والمساكن والمدارس والمعاهد والمساجد والمستشفيات والعيادات الطبية والأندية الرياضية والدوائر الحكومية والفنادق والأماكن الترفيهية والسياحية.

ويوجد في ديوان الفقيد إدارة شؤون المواطنين التي تهتم بطلباتهم من علاج وتعليم وتوزيع قطع أراض ومساكن ومنح مالية وغير ذلك، أضف إلى ذلك صدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 373/‏‏30/‏‏2000 بشأن إنشاء مكتب شكاوى وتظلمات الموظفين العاملين في الحكومة الاتحادية وإلحاقه بمكتب الفقيد رحمه الله.

بصمات خالدة، تركها المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، في المشهد الثقافي المحلي، فقد كان رحمه الله، صاحب فكر مستنير، محباً للتراث المحلي بكل أشكاله، وحافظاً له، وداعماً للثقافة والإعلام، مدركاً تأثيرهما في حياة الأمم والأفراد، ليفتح من خلال تأسيسه لمركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام نافذة واسعة نطل من خلالها على الثقافة المحلية ومفردات التراث، بحيث يمكن شباب الوطن من رؤية مشهد ثقافي متكامل، يستفيدون منه، وينهلون من ينابيعه الغنية.

لقد كان المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، رحمه الله، وعبر نادي تراث الإمارات، صاحب رؤية ثقافية، استطاع أن يدرك طبيعة الدور الذي تلعبه «صاحبة الجلالة» في تعميق الفكر والتمسك بالتراث، لذا شكّل الإعلام جناحاً آخر لمركز سلطان بن زايد، الذي تأسس في 2003، ليتحول المركز مع مرور الوقت، إلى أداة فعالة للتنمية الثقافية وتنشيط الساحة الفكرية والعملية بفضل ما دأب المركز على تقديمه من محاضرات وندوات ثقيلة في أوزانها وبالشخصيات التي تقدمها، كما لم يغفل المركز أهمية الإصدارات الورقية، التي تمثلت في 4 مجلات دسمة، في معلوماتها وتقاريرها، فجاءت الأولى تحت اسم «بيت الشعر»، والثانية باسم «الإبل»، فيما الثالثة حملت عنوان «تراث»، والرابعة جاءت تحت عنوان «الإمارات الثقافية».

اهتمام المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان بالتراث بكل تفاصيله، قاده لإطلاق مهرجان سلطان بن زايد التراثي، الذي يقام في سويحان، والذي سرعان ما تحول إلى تظاهرة سنوية تحتفي بالتراث والثقافة، وأصبح بمثابة جسر للتواصل الإنساني والثقافي، يربط ماضي الآباء والأجداد، وتراثهم الثري، مع حاضر الأبناء.

ذلك المهرجان لفت الانتباه إلى ثراء التراث الإماراتي، لا سيما أنه أفرد مساحة جيدة لسباقات الإبل ومسابقات «الحلاب» التراثية، بهدف المحافظة على التقاليد، وتعزيز فكرة السياحة التراثية، إضافة إلى تعزيز مشروعات صون التراث الثقافي.

ولم يغفل المغفور له الشيخ سلطان بن زايد أهمية الشعر والمسرح والفنون الشعبية، والتي خصصت لها مساحة جيدة في المهرجان الذي تحول إلى ظاهرة تراثية وثقافية وسياحية واقتصادية تستحق التأمل والإشادة، لا سيما أنه استطاع استقطاب اهتمام الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، والذين دأبوا على المشاركة فيه.

ولطالما آمن المغفور له بإذن الله الشيخ سلطان بن زايد بأهمية صون التراث وحفظه والمحافظة عليه، حيث جاء ذلك في إطار مساهمته في إعلاء شأن التراث المحلي، وتعزيز العادات والتقاليد المجتمعية بين أبناء الوطن، الأمر الذي أسهم في رفع مكانة الإمارات عالمياً. لقد كان، رحمه الله، قامة ثقافية حافظة للتراث، سعى دائماً إلى ترسيخ قيم التسامح والتعاون، ونشر ثقافة السلام.

تغريدات
كانت آخر تغريدات المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، على صفحته الرسمية في تويتر في 17 نوفمبر الجاري مباركته لجلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان، وشعب عمان بمناسبة العيد الوطني، حيث غرد: «نبارك لجلالة السلطان قابوس وشعب سلطنة عمان الشقيق اليوم الوطني الـ49، دمتم في سعادة وخير ومسيرة عامرة بالمنجزات في ظل قيادة فذة وحكيمة، الإمارات والسلطنة أخوة متجذرة عبر التاريخ».

وفي 31 أغسطس الماضي بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد دوّن، رحمه الله: «على أبناء الوطن الحرص على طلب العلم والتسلح به لخدمة وطنهم وأنفسهم والاستفادة من التطور الكبير الذي حدث في تقنيات التعليم، وكذلك ما توفره مدارس ومعاهد وجامعات الدولة من أحدث طرق التدريس التي تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة».