الفائزون بميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي لــ«البيان»:

الإمارات وجهة للعلماء ومركز رئيس لتوظيف البحث العلمي في خدمة البشرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبحت الإمارات وجهة مهمة للعلماء ومنصة عالمية فاعلة لتعزيز التعاون المثمر بين العقول المبدعة، فيما جاء إطلاق مبادرة ميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي في عام 2017، كبادرة تكريم للعلماء أصحاب الإنجازات الاستثنائية والإسهامات العلمية الفريدة وتعزيزاً لمكانتهم في المجتمع، حيث يتم اختيار عالمين سنوياً لفئة التميز العلمي، بالإضافة إلى اختيار مرشح لفئة الإنجازات مدى الحياة.

وشملت معايير الاختيار للميدالية اشتراطات تتضمن أن يكون للعالم تأثير أو بصمة في تخصصه العلمي، وأن يعد خبيراً ومرجعاً في مجاله إقليمياً أو دولياً، وله دور فعّال في دعم المجتمع العلمي في الدولة ويسهم بشكل مباشر في دعم العلماء الشباب ونقل المعرفة، وأن تكون لأبحاثه التأثير الإيجابي على أولويات رؤية الإمارات أو متماشياً مع أولويات العالِم العلمية.

وأوضح الفائزون بالميدالية في دورتيها السابقتين الدكاترة علي المنصوري، وسعيد الخزرجي، ولحاظ الغزالي، وحسان عرفات لـــ«البيان»، أنهم فخورون بحصولهم على ميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي، خاصة أنها من أرقى الجوائز العلمية، مثمنين الجهود الكبيرة التي تبذلها الإمارات للارتقاء بقطاع البحث العلمي وتوظيف العلوم لخدمة البشرية، وأن هناك بعض التحديات التي يجب مواجهتها لإيجاد جيل جديد من الباحثين والعلماء الإماراتيين فيما يتعلق بالتمويل والمناهج الدراسية وغيرها.

صدى واسع

وأكد الدكتور سعيد الخزرجي، الأستاذ المشارك في قسم الهندسة الكيميائية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، أن التكريم بميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي شرف كبير له خاصة أن هذه الميدالية تعتبر الأولى من نوعها في الإمارات، لافتاً إلى أن أهمية هذه الجائزة تكمن في أنها تعتبر نقلة في مسيرة الإمارات نحو التقدم العلمي، حيث أصبح لها صدى واسع على المستويين المحلي والعالمي في المجالات العلمية المختلفة.

وقال إنه حصل على العديد من الجوائز، منها الحصول على جائزة الشيخ راشد للتميز الأكاديمي، فيما نشر أكثر من 80 ورقة علمية في مجلات دورية مرموقة، وحصل على 5 براءات اختراع، فضلاً عن المشاركة في أكثر من 50 ورقة علمية في مؤتمرات عالمية وإشرافه على 14 رسالة بحثية، وتقديمه لأكثر من 10 محاضرات علمية في جامعات مختلفة عالمياً، مؤكداً أن أهم أبحاثه تعنى بتطوير استخدامات جديدة لعنصر الكبريت، حيث تعتبر الإمارات من أكبر المصدرين لهذا العنصر، بالإضافة إلى تطوير مواد ذكية لإنتاج الماء من الرطوبة بغير الحاجة للكهرباء.

وذكر أن منظومة البحث العلمي في الإمارات قطعت مشواراً طويلاً، مشيراً إلى أن هناك تحولاً ملحوظاً في تطوير الأنظمة الأكاديمية لتواكب هذا التغيير، حيث أصبحت ثقافة البحث العلمي أكثر ترسخاً، خاصة أن القيادة الرشيدة طالما أكدت أهمية العلم وتطوير البحث العلمي للوصول إلى مراتب متقدمة في هذا المجال، وأنه بخصوص الخطوات التي يجب اتخاذها لتعزيز دور البحث العلمي مستقبلاً في الدولة، توجد هناك خطوات قامت بها الإمارات في الأعوام العشرة المنصرمة، حيث تم تهيئة بيئة بحثية في عدة قطاعات، معتبراً أنها مناسبة الآن لحصد الفوائد المتأملة.

وأشار إلى أن أهم التحديات التي تواجه البحث العلمي تتركز في تحسين النظم المختصة بالأبحاث العلمية والتركيز على تحويل مخرجات العلم إلى جدوى اقتصادية، وأنه يمكن أن يتم تعزيز مخرجات البحث العلمي، عبر التركيز على المؤسسات العلمية وتقوية أدائها وتحسين القوانين المختصة بالأبحاث العلمية المختلفة، منبهاً إلى أن جامعاتنا تحتاج إلى احتضان العقول المتميزة، وذلك لتطوير قدراتها أكثر لتنافس مثيلاتها عالمياً، كما أنه يجب أن يتم استقطاب الطلبة لدراسة المساقات العلمية الجديدة، وإنشاء برامج تحثهم على التركيز على هذه المساقات.

وبيّن الخزرجي أن وزارة العلوم المتقدمة تلعب دوراً إيجابياً برعايتها واحتضانها العلماء وإطلاقها المبادرات المختلفة، وأن وجودها ساعد العلماء على تركيز جهودهم للارتقاء ببيئة العلم، خاصة أن الاهتمام بالعلماء لاقى ترحيباً واسعاً عززه الدعم الحكومي، فيما بدأت الإمارات أخذ زمام المبادرة لإعادة النهضة العلمية للعرب.

اهتمام كبير

وقالت الدكتورة لحاظ الغزالي، أستاذة علم الوراثة الطبية وطب الأطفال في كلية علوم الطب والصحة بجامعة الإمارات، إن الإمارات تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز البحث العلمي، وإن أكبر دليل على ذلك إطلاق وزارة للعلوم المتقدمة، وتدشين جوائز وميداليات تُعنى بأصحاب الإنجازات البحثية والعلمية، فيما وجّهت شكرها الكبير لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على اهتمامه الكبير بالعلماء وتخصيص جائزة بهذه القيمة المعنوية العالمية.

وأوضحت أنها حصلت على شهادة الطب وماجستير في علم الوراثة البشرية، ومن ثم تلقت فترة تدريبها في مجال الأبحاث الطبية في علم الوراثة، ونالت عدداً كبيراً من الجوائز على المستويين المحلي والدولي، ومنها جائزة لوريال-اليونسكو للنساء الرائدات في مجالات العلوم، لافتة إلى أن أهم إنجازاتها اكتشافها لمرض وراثي جيني في الإمارات، أطلق عليه اسمها، ألا وهو متلازمة الغزالي، بالإضافة إلى إطلاق خدمة الطب الوراثي المدعومة من مختبرات الخلايا والمورثات، والتي شملت جميع سكان الإمارات، كما قدمت الاستشارات والمعلومات والدعم للعائلات التي تعاني من أمراض ومشاكل وراثية.

وبيّنت أنها نشرت أكثر من 260 ورقة بحثية في مجال طب الجينات من خلال عملها ومسيرتها المهنية كبروفيسورة واستشارية في مجال طب الجينات وطب الأطفال في جامعة الإمارات، وأسهمت في إطلاق حملات التوعية المجتمعية وتوسيع نطاق التعاون مع المؤسسات الدولية المتخصصة في إجراء الأبحاث، وعملت على وضع أول قاعدة بيانات للجينات في الإمارات.

قيم إنسانية

وأوضح الدكتور حسان عرفات، الأستاذ الجامعي بقسم الهندسة الكيميائية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، أن الفوز بميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي شرف كبير له، خاصة أنها تعكس القيم الإنسانية والحضارية التي تؤمن بها الإمارات وفي مقدمتها استشراف المستقبل وتكريم العلماء، وأن الميدالية باتت من الجوائز العالمية المرموقة التي يتطلع إليها الكثيرون، كما أنها أوجدت نوعاً من الحراك المحفز في مجال الاكتشافات.

وشرح أنه نشر أكثر من 240 منشوراً علمياً، فيما أشرف على أكثر من 30 طالب ماجستير ودكتوراه وباحثين بعد الدكتوراه، وتتركز معظم مجهوداته العلمية في الأعوام الـ14 الماضية على تحسين عملية تحلية المياه لتصبح أكثر استدامة، خاصة أنها مهمة للغاية في الإمارات ومنطقة الخليج، وأنه من الضروري التأكد من أن هذه العملية مُستدامة على المدى الطويل، وأن بحثه الأخير يركز على تطوير تقنيات جديدة فعّالة لتحلية المياه.

وأكد أن الدولة شهدت قفزات كبيرة في العديد من الكيانات ذات الصلة بالبحث العلمي، بما في ذلك المؤسسات الأكاديمية وأقسام البحث والتطوير الصناعية، حيث يتم تحفيز ذلك برغبة حقيقية في إيجاد اقتصاد قائم على المعرفة، متطرقاً إلى أهم الخطوات التي يجب اتخاذها لتعزيز دور البحث العلمي في الدولة، حيث ينبغي الاعتراف بالحاجة إليه على نطاق واسع في جميع القطاعات العامة والخاصة، وبدء الحوار بشأن تحديد أولويات البحوث على المستوى الوطني، وإنشاء نظام يمكن أن ينمو فيه البحث، للحصول على المواد والقوى العاملة اللازمة وإجراء البحوث وإنشاء آليات التمويل المناسبة.

ولفت إلى أن أهم التحديات التي تواجه البحث العلمي تتركز في الجامعات من حيث قلة الوقت المخصص للبحث بسبب الحمل الكبير في التدريس التخصصي الأكاديمي، وعدم وجود آلية تمويل منهجية للبحث، وتوظيف واستبقاء الباحثين الموهوبين، فضلاً عن الاستمرارية في تحديد أولويات البحوث لتحقيق تقدم كبير في تلك المجالات، وإيجاد آليات لتحقيق التقدم التكنولوجي بتوطين ونقل المعرفة من مؤسسات البحوث إلى السوق المحلية.

وقال إن الدور الإيجابي الذي تقوم به وزارة العلوم المتقدمة كبير ومُهم، وإن مبادراتها تفرّدت في قدرتها الاستثنائية على إشراك المجتمع العلمي عبر منصاتها الهادفة لتصبح ذات مغزى مستقبلي طموح وواعد، لافتاً إلى أنه فيما يخصّ استقطاب الطلبة لدراسة المساقات العلمية الجديدة، فإن ذلك يتم عبر معرفتهم لقيمة تلك المساقات وأهميتها، وكذلك شغفهم بقطاعاتها من منظور يعي دور تلك العلوم الحديثة في التنمية الوطنية الشاملة، وأن الإمارات بدأت تأخذ زمام المبادرة لإعادة النهضة العلمية، خاصة أن الخطوات التي اتخذت حتى الآن تسير في الاتجاه الصحيح.

دعم كبير

وقال الدكتور علي المنصوري، أستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، إن حصوله على ميدالية محمد بن راشد للتميز العلمي شرف كبير له، وإنه لم يكن ذلك ليحصل لولا الدعم الكبير الذي تلقاه من الإمارات طوال مسيرته التعليمية، مبدياً سعادته أن يكون جزءاً من المجتمع العلمي الإماراتي الذي يسهم ببناء اقتصاد مبنيّ على المعرفة الراسخة والمستدامة.

وتابع أن الميدالية تعتبر مصدر فخر وإلهام للأجيال الشابة للتصدي للتحديات التي تواجه المجتمعات، فيما يتعلق بمجال العلوم والهندسة والتكنولوجيا، كما أنها تشكل عاملاً تحفيزياً في ظل الدعم الكبير للقادة، وتطرق إلى أن أبحاثه تتصل بهندسة أنظمة العمليات، إذ إنه من أوائل الباحثين الذين قادوا النشاط البحثي في مجال تصميم وتشغيل سلاسل إمداد الهيدروجين.

وذكر أن الدعم المتواصل الذي تقدمه الدولة للتعليم والبحث العلمي استثنائي ومُستدام، وهناك مساعٍ جبارة وموارد مالية غير محدودة لتطوير النظام التعليمي، فيما هناك تسارع من كافة الهيئات لتعزيز مفهوم الأبحاث والتطوير في عملياتها، فيما تعمل بعض الهيئات الحكومية إلى جانب ذلك على إضافة مراكز ومؤسسات الأبحاث والتطوير إلى مرافقها.

وأشار إلى أن هناك بعض التحديات التي يجب مواجهتها والتي تشمل بناء علاقات وشراكات متينة مع القطاع الصناعي، وإشراك طلاب المراحل الثانوية بالنشاطات المتعلقة بالبحث والتطوير وتسجيلهم بالمخيمات الصيفية المعنية بالبحث، بالإضافة إلى تأسيس جهات تمويل تدعم قطاع الأبحاث، فضلاً عن أهمية إيجاد منصات بحثية حيث يمكن لكل من الأكاديميين والباحثين والعلماء الصناعيين، والمشرعين السياسيين وصُناع القرار، تبادل المعلومات للتعامل مع التحديات الهندسية المستقبلية.

وذكر أن هناك أهمية كبيرة لإنشاء حاضنات تكنولوجيا تخضع فيها الأفكار الواردة من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية للتنقيح والتقييم والاختبار بهدف الانتقال من مرحلة التطوير إلى إضفاء الطابع التجاري، ولابد من تنفيذ هذه الخطوة من خلال التعاون الوثيق بين القطاعين الصناعي والخاص، والتشديد على تعزيز الابتكار، والتفكير التحليلي النقدي، ومهارات ريادة الأعمال في المنهاج التعليمي، وتوفير فرص عمل خلال العطلة الصيفية للطلاب، وجعل البرامج التدريبية الصيفية مادة إلزامية لكافة الطلاب الجامعيين.

وركّز على أهمية الدور التي تلعبه وزارة العلوم المتقدمة ودورها الحيوي في جمع كافة العلماء تحت سقف واحد، ومدّهم بجميع وسائل التعاون والابتكار والتفاعل من أجل تقدم الأمة ورفاه الإنسان، مبيناً أن الإمارات تحتل مكانة جيدة في مجال تطوير تقنيات جديدة وخدمات أو منتجات واختبارها وتحسينها قبل تصديرها.

 

Email