المملكة.. مسيرة دولة رسمت خارطة الاستقرار الإقليمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

طوال السنوات الـ89 المنصرمة، ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية في القرن الماضي، أسّست الرياض طريقة متوازنة في السياسة الإقليمية والدولية، تقوم على الاستقرار وعدم التدخل في شؤون الغير، واعتبار كل من يحاول النيل من استقرار المنطقة عدواً تنبغي مواجهته.

منذ تأسيس المملكة، بذل قادتها جهوداً من أجل أن تصل إلى هذا المستوى، لذلك نجد الحصاد السعودي ضخماً وعميقاً، وباتت تتبوأ مواقع متقدمة على المستوى السياسي والاقتصادي. كيف أجادت هذه الدولة قيادة دفة التغيير بكل ثقة واقتدار، وكيف باتت حاضرة على المسرح الدولي بشكل منقطع النظير؟

لا شك أن المسألة تتعلق بالإرادة السياسية والرؤية الثاقبة للمستقبل. وخلال العامين المنصرمين مرت المملكة بمحطات حاسمة وفق رؤية 2030، التي حولت السعوديين عموماً إلى عقليات من نوع جديد تؤمن بالتغيير الإيجابي والبنّاء لهذا الوطن إحدى ركائز الشرق الأوسط وثوابت استقراره.الكاتب محمد الحربي يرى أن السعودية معروف عنها عدم التدخل في شؤون الآخرين، وهي قاعدة أرساها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود منذ البداية، لتكون ثابتة في المنهج السياسي السعودي.

النقطة الثانية في دعائم الاستقرار السعودي، هي وحدة الوطن إذ أفنى الملك المؤسس كل حياته من أجل توحيد المملكة تحت راية سياسية وعسكرية واحدة.

تعيش السعودية يومها الوطني الـ89 وسط الحديث المترامي شرقاً وغرباً عن إنجازات على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً وأن حركة التغيير في العامين الماضيين أذهلت الجميع، لمدى الجرأة والقدرة على قيادة مرحلة ما بعد التغيير. عاصفة الحزمولعل عاصفة الحزم من أبرز وجوه السعودية بعد التطورات الأخيرة في المنطقة وما تبعها من زلزال الفوضى في بداية العام 2011، إذ جاءت عاصفة الحزم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتعيد المسار الأمني في المنطقة إلى وضعه الطبيعي بعد أن حاولت إيران كسر الأمن والاستقرار عبر البوابة اليمنية.

ويرى الصحافي طالب محفوظ أن السعودية حين اتخذت قرار عاصفة الحزم، كانت تدرك أنه في الزمان والمكان المناسب، خصوصاً وأن الأخطبوط الإيراني استغل فوضى الربيع العربي وبدأ باستراتيجية زعزعة الدول.

ويضيف أن عاصفة الحزم التي تحوّلت إلى عملية إعادة الأمل في اليمن، تشكل الدعامة الأساسية لحماية المنطقة من الميليشيات المنفلتة في اليمن، لافتاً إلى أن ما يجري في اليمن اليوم نتيجة الأيادي الإيرانية، ولولا السعودية لتحوّل اليمن إلى مرتع لميليشيات إيران.

التنوع السياسي

على المستوى السياسي؛ تدرك الرياض أن التوازن في العلاقات الدولية والتنوع أساس السياسة الناجحة في منطقة الشرق الأوسط التي تتطلب علاقات وطيدة مع كل الدول الفاعلة في العالم، لذا لم تعتمد السعودية على العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكتف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بزيارة أمريكا في مارس الماضي من العام 2018 ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والنخب السياسية والاقتصادية الأمريكية، بل تجاوزت الدبلوماسية السعودية الإطار الأمريكي إلى الأوروبي، حيث أسست الرياض لعلاقات سياسية واقتصادية متينة مع بريطانيا وفرنسا، لتكتمل دائرة العلاقات الدولية بالتوجه إلى الشرق الآسيوي حيث القوة الاقتصادية الضخمة في العالم وهي اليابان، التي تربطها علاقات اقتصادية مميزة مع الرياض، هذا التنوع السياسي والاقتصادي ينطلق من أهمية المملكة العربية السعودية على المستويات كافة.

حجر الاستقرار

من منطلق دورها السياسي في العالم العربي والإسلامي، عملت السعودية على تعزيز المصالحات السياسية بين الفرقاء المتنازعين في العالمين العربي والإسلامي، ولعل الدور السعودي في باكستان العام 2000 حيث جنبت البلاد المواجهة بين الفرقاء السياسيين، يعكس دور السعودية الواضح في هذا البلد.الكاتب الفلسطيني عبدالقادر فارس يقول إن السعودية كانت ولا تزال الرافعة العربية لكل المبادرات السياسية في المنطقة، وهي نقطة التلاقي العربي في أي عمل سياسي خصوصاً في القضية الفلسطينية.

ويؤكد أن الدور السعودي كان ولا يزال مركزياً في القضية الفلسطينية، ولا يمكن البناء على موقف عربي متوحد إلا من خلال الدور السعودي، مؤكداً أن القضية الفلسطينية كانت في قلب المملكة منذ عهد الملك الراحل عبدالعزيز.

القضية الفلسطينية؛ هي الملف الأكثر حضوراً في الدبلوماسية السعودية في المحافل الدولية، إذ تعتبر المملكة هذا الملف أولويتها من منطلق إسلامي وعروبي.

وعلى المستوى العربي؛ ما زال حبر اتفاق الطائف العام 1990 الذي أنهى عقدين ونيف من الحرب الأهلية اللبنانية، شاهداً على الدور السعودي في دعم الاستقرار في المنطقة، خصوصاً وأن هذا الاتفاق مازال عقيدة سياسية في لبنان.

Email