علاقات راسخة وتنسيق يقوم على تطابق الرؤى والمواقف

الإمارات والسعودية.. صمام أمن واستقرار المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل رسوخ ومتانة العلاقات بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، السمة الأبرز التي باتت تميز طبيعة التعاون بين البلدين والذي يرقى إلى مستوى التحالف الاستراتيجي، الذي يتجاوز العلاقة الثنائية، إلى ما فيه خير المنطقة وأمنها واستقرارها.

وعلى مدى السنوات الماضية برز التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقين على أعلى مستوى دعماً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تجلى في أرقى صوره مع التضحيات التي قدمها شهداء البلدين على أرض اليمن، حيث امتزجت دماء المقاتل الإماراتي بدماء المقاتل السعودي، واليمني دعماً للشرعية وتعزيزاً للأمن والاستقرار في ذلك البلد الذي مزقته ميليشيا طائفية ارتضت أن تكون مخلباً للأجندات الخبيثة.

مركب واحد

وبلا شك في أن تحالف دولتين مركزيتين في النظام الإقليمي بوزن وحجم الإمارات والسعودية يمثل حائط صد لكل المؤامرات والأجندات التي تسعى بالشر وتعطي دفعة كبيرة لاستقرار المنطقة، ويقوّض المشروع الفوضوي الذي تحاول جهات عديدة زج الإقليم فيه.

وخلال الأعوام الأخيرة شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تطورات كبيرة على كافة الأصعدة وخاصة بعد تأسيس مجلس التنسيق الإماراتي السعودي الذي مثل بعداً استراتيجياً في الطريقة التي تسعى بها الدولتان لمعالجة التحديات بالاعتماد على مصادر القوة في البلدين.

فالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لهما تأثير كبير في الساحتين الإقليمية والدولية، واتسمت سياستهما في ظل قيادتيهما الرشيدتين بالحكمة والاتزان والحسم والعزم في الوقت نفسه، وتبوأ البلدان بسياسة الوسطية والاعتدال التي ينتهجانها مكانة رفيعة في العالم، وهي المكانة التي أهلتهما لتكونا صاحبتا الرؤية الأوضح في العديد من المناطق التي تشهد صراعات شائكة وقضايا ملتهبة، ويأتي تكامل رؤى البلدين وتوافقها إزاء العديد من القضايا العالمية، ليجعل منهما القوة القادرة على التعامل وفق المطلوب إزاء الأزمات التي تعج بها المنطقة.

تطور مطرد

والمتابع لتطور العلاقة الضاربة في التاريخ، يجد أنها وصلت إلى العلاقة الحالية باستنادها إلى أُسس راسخة بين شعبين جمعهما الودّ والأخوة والمصير المشترك والرؤى الموحدة تجاه قضايا المنطقة والعالم، ويمتد تعاونهما إلى ما يزيد على نصف قرن من التنسيق الكامل على المستويات كافة، فالإمارات والسعودية، لعبتا بحسب تقرير للمركز الاستشاري الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية والمستقبلية - ولا تزالان - الدور المحوري والرئيس في حماية الأمن القومي العربي والخليجي، من خلال مواجهة مصادر التهديد الرئيسة التي تواجه الدول الخليجية والعربية، والتصدي بحسم لأية مشاريع خارجية تستهدف النيل من الدول العربية، ولعل في مقدمة ثمرات ذلك التعاون هو التصدي المتزن للمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة إذ تدرك الإمارات والسعودية أن طهران تمثل القاسم المشترك، وراء حالة الفوضى التي تشهدها العديد من دول المنطقة، نتيجة لتورطها في تسليح الميليشيات الإرهابية في المنطقة، كالحوثيين وحزب الله والجماعات والخلايا الإرهابية في العديد من المناطق لذا ظل البلدان يثيران التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية في أجندة منتديات التعاون العربي مع الدول والتجمُّعات الدولية والإقليمية، وهو الأمر الذي أسهم في كشف السياسات العدائية والتدخلية أمام دول المنطقة والعالم أجمع، ما أسفر عن العديد من القرارات والمواقف الدولية في هذا الشأن.

ولعل النتيجة الأهم للتحرك الاستباقي الذي قادته الإمارات والسعودية للتصدي للمشروع الإيراني في المنطقة تمثلت في تزايد إدراك المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة خطورة الميليشيات المسلحة المرتبطة بإيران في المنطقة، وضرورة التحرك لاتخاذ خطوات أكثر فاعلية لتحجيم نفوذها المتزايد، وخاصة في مناطق الأزمات والصراعات.

فاعلية وحضور

وليس بعيداً عن ذلك هزيمة المشروع الحوثي - الإيراني في اليمن وسيسجل التاريخ أن الإمارات والسعودية قادتا الجهود للتصدي له والذي كان يستهدف تحويل اليمن إلى منطقة نفوذ تابعة لإيران تنطلق منه في تهديد دول المنطقة بأسرها، فسيطرة جماعة الحوثي على اليمن وإلحاقه بالمشروع الطائفي الإيراني، كان من شأنه أن يشكل تهديداً إيرانياً مباشراً لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وللأمن القومي العربي برمته.

ولهذا جاء تحالف دعم الشرعية في اليمن والذي بدأ بـ«عاصفة الحزم» التي قادتها المملكة العربية السعودية في مارس من عام 2015، وشاركت فيها الإمارات بفاعلية وحضور قوي لتشكل ضربة قوية للمشروع الحوثي - الإيراني في اليمن.

حرب الإرهاب

وبتنسيق كامل شارك البلدان في الجهود الإقليمية الرامية إلى مكافحة التطرف والإرهاب، سواء من خلال مشاركتهما الفاعلة في التحالف الدولي ضد «داعش» في العراق وسوريا، أو من خلال الاستراتيجيات التي يطبقانها لمواجهة الإرهاب، والتي تتبنى منظوراً شاملاً يأخذ في الاعتبار كافة الأبعاد السياسية والثقافية والمجتمعية والفكرية ذات الصلة بالتطرف والإرهاب.. ولم تتوقف مساعي البلدين في محاربة الإرهاب عند هذا الحد وإنما عملتا على تجفيف منابع تمويل الإرهاب على المستويات كافة، المالية والثقافية، حيث اتخذت الدولتان بالتعاون مع مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية في يونيو من 2017 عدة تدابير وإجراءات تهدف إلى وقف دعم قطر للتطرف والإرهاب ودفعها لتغيير سلوكها الذي يسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة.

Email