أولياء أمور ومختصون يطالبون برقابة صارمة على مستخدميه من المراهقين

تيك توك محاكاة سطحية لشهرة افتراضية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر متخصصون وأولياء أمور من الاستخدام السيئ لتطبيق «تيك توك»، وخصوصاً من قبل المراهقين، مطالبين بفرض رقابة أسرية صارمة، بعد رصد مقاطع تخالف العادات والتقاليد المجتمعية، واصفين المحاكاة من مشاهد تمثيلية أثناء تأدية بعض الأغاني والرقص عليها بالابتذال سعياً وراء شهرة افتراضية زائفة، لافتين في الوقت نفسه إلى أن مثل هذه التطبيقات كشفت عن إبداعات لدى الشباب ينبغي استثمارها واستغلالها بشكل يعود عليهم بالفائدة.

وأكدت الدكتورة نعيمة عبد اللطيف قاسم مستشارة تربوية، ومدربة معتمدة في التنمية المهنية، على أن جولة قصيرة في مضامين هذا التطبيق، ستقود المتصفح فوراً إلى اكتشاف حجم الفيديوهات التي يمطر بها الأطفال التطبيق، وبلا توقف، وباختصار، لا مكان للخصوصية، ولا ضوابط أيضاً للدردشة، فالطفل يمكنه أن يحادث أي شخص على هذا التطبيق.

وأضافت: يتحتم على أولياء الأمور تحديد التطبيقات المسموح بتحميلها عبر الأجهزة الذكية التي يمتلكها أبناؤهم، كما عليهم أن يحددوا وقتاً لاستخدام الأجهزة الذكية، لكيلا تصبح جزءاً لا يتجزأ من يومياتهم، فينسون النشاط البدني، والتواصل الاجتماعي واهتماماتهم وهواياتهم الأخرى، خصوصاً مع إدمان البعض على استخدامها.

وقال عبد الله العطر مدرب معتمد في التنمية البشرية: قرأت كثيراً حول المواضيع التي كتبت عن تطبيق تيك توك، فهناك الكثير من الجهات الأجنبية، حذرت من استهداف الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم 8 أعوام عبر تطبيقات البث المباشر مثل «TikTok».

حيث تنص شروط وأحكام الشركة الصينية المطورة للتطبيق، على ضرورة ألا يقل عمر المستخدمين عن 13 عاماً على الأقل، وأن أي شخص يقل عمره عن 18 عاماً، يجب أن يحصل على موافقة أحد الوالدين أو الوصي، حسبما قرأت أيضاً على موقع «ميرو» البريطاني.

وأضاف: هناك أيضاً بعض الدول العربية، كالجزائر، تمكنت من حظر استعمال هذا التطبيق، لأنه قد يعرّض حياة كل من يخوضه للخطر والأذى. وللعلم، فقد قام تطبيق TikTok ببث مقاطع فيديو ينشر فيها قواعد السلامة والحماية ضد أي تعليقات ورسائل غير مرغوب فيها، وذلك لأنه يعرف أن جمهوره قد لا يعرف كيفية التعامل مع المضايقات، وغيرها من السلوكيات غير اللائقة، وهذا قد يساعد الأطفال وأولياء أمورهم على التعامل معها بشكل مباشر.

ابتزاز

من ناحيتها، أشارت هدى الشحي تربوية، إلى أن التطبيق يسمح بمشاركة عروض فنية، مثل الأغاني والرقص، وبعض التحديات الغريبة والخطيرة، التي لا تنسجم تماماً مع أعمار الأطفال أو المراهقين، الأمر الذي يمكن أن يعرّضهم للابتزاز أو الاستغلال، مطالبة بعدم منح الأبناء الأقل من عمر 18 عاماً بطاقات الاتصال، حتى لا يصبحوا عرضة للاستعمال السيئ.

وطالبت الأمهات في المقابل، بمعرفة مخاطر استخدام الأطفال للتطبيقات الذكية، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي.

واستنكرت في الوقت ذاته ابتهاج بعض أولياء الأمور، كون أطفالهم جزءاً من تلك التطبيقات، إلا أن أغلبهم يمنعون أبناءهم من استخدامها حتى سن معينة وبشروط. وأمَلَتْ في الوقت ذاته، تكاتف الجهود المجتمعية في نشر التوعية حول تلك التطبيقات، وبيان فائدتها من دونه في الوقت ذاته.

مخالفة القيم

بدورها، أكدت الدكتورة منى الفلاسي أستاذة جامعية، على أن الاستخدام السلبي من قِبل الأطفال والمراهقين لمثل تلك التطبيقات، يؤدي إلى انتشار الكثير من المقاطع والفيديوهات المسيئة والمخالفة للعادات والتقاليد والقيم الإنسانية.

وأضافت: «أجزم أن تلك التطبيقات ليست مقهى لعرض الخاص والممنوع والمكروه، لذا، يأتي دور أولياء الأمور في فتح حوار ناجح ونقاش مفيد مع صغارهم وأبنائهم من فئة المراهقين، لتوضيح إيجابيات وسلبيات تلك التطبيقات».

وشددت على خطورة استخدام تلك التطبيقات لفترات طويلة، لأنها تؤثر في صحة الأطفال، نتيجة إدمانهم على استخدامها حيث تعتبر من أهم أسباب انعزال الأطفال، وتوتر علاقاتهم مع أسرهم.

رقابة أم حظر؟

وأكد عدد من أولياء الأمور أن التطبيق له إيجابيات يجب عدم التغافل عنها كإظهار إبداعاتهم، محذرين من الاستخدام السيئ له، وقالت منى بن شيبان المهيري: «ينتشر استخدام الأطفال لتطبيق تيك توك بشكل لافت للانتباه، حيث يتفاخرون ويتنافسون من خلاله على نشر فيديوهات قصيرة لهم، بأصواتهم، أو مرفقة بأصوات أو أغانٍ يختارونها بأنفسهم، مثلما يختارون طريقة المونتاج المناسبة، التي توفرها تطبيقات أخرى».

وتساءلت المهيري: «هل علينا أن نحظر هذا التطبيق تماماً، أم نراقب استخدامه أم على السلطات المعنية أن تتدخل؟». وأضافت: «قد لا يستطيع أولياء الأمور منع أطفالهم وأبنائهم من فئة المراهقين من استخدام الأجهزة الذكية، ولكن يتحتم عليهم في الوقت ذاته ضبط الاستخدام، كما أن استخدام الصغار للأجهزة الذكية، يجب أن يتحدد بمعايير شديدة من قبل الوالدين، ويتعلق ذلك بالحاجة لها، وليس بغرض التسلية».

تنافس في الإعجاب

وأوضح إسحاق محمد البلوشي، بأن مستخدمي هذا التطبيق يتنافسون على زيادة متابعيهم، والحصول على المزيد من الإعجابات على حساباتهم في تطبيق تيك توك.

وأضاف البلوشي: «هناك من يستخدم التطبيق بشكل إيجابي، وعلى سبيل المثال، في ترويج لبعض المنتجات الصالحة للاستهلاك. كما أنه يتميز بأدوات المونتاج المذهلة التي تتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو أفضل، وهناك من يستخدمه في نشر التوعية من بعض الظواهر المجتمعية السلبية، أو الترويج لمبادرة أو فعالية ما».

وأضاف: بشكل عام، نجح تطبيق تيك توك في جذب المراهقين في جميع أنحاء العالم، لا سيما أنهم يقومون بتحدي بعضهم البعض، من خلال ما يبثونه من مقاطع. كما انتشر التطبيق بمحتوى متنوع، حيث يستخدمه البعض لتلخيص كيفية تحضير طبق من الطعام، في حين يعرض آخرون كيفية تحضير عملهم الفني.

وأشارت فاطمة علي المازم إلى أنها واجهت صعوبة في تقبل التطبيق في البداية، خوفاً من خصوصية حياة طفلتها، حيث حرصت على إقناع صغيرتها بأن تقوم بتحويل حسابها إلى خاصية الحساب الخاص بالأصدقاء فقط، ومنع التعليقات والدردشة ومشاركة الفيديو.

تجارب

وأدلى عدد من الشباب بآرائهم التي نحت منحى عدم رضاهم عن مثل هذه التطبيقات، حيث أوضحت إيمان درويش أنها على اطلاع دائم على مستجدات هذا التطبيق وقالت: «إن مستخدمي هذا التطبيق، وللأسف الشديد، بعيدون كل البعد عن الرقابة الأسرية والمجتمعية أيضاً، فهم يبحثون عن الشهرة، والأهم من ذلك، يعبرون بطرقهم المختلفة عن ذاتهم.

ولا أبالغ إن أوضحت أنه من الممكن رصد بعض الظواهر البارزة من فيديوهات الشباب والأطفال على هذا التطبيق، والتي تُسلط الضوء على كثير من السلوكيات والتجارب والأخلاقيات التي تحتاج إلى تقويم».

من جانبه، قال محمد الجسمي: «يتنافس الأطفال والمراهقون المستخدمون لهذا التطبيق، على أداء حركات الرقص على الأغاني، أو الملابس التي يرتدونها». وأضاف الجسمي: «إن ما يفعله بعض هؤلاء الشباب على تطبيق التيك توك، يعد سلوكاً مخالفاً لقيم كل مجتمع محافظ على عاداته وتقاليده، فلا بد من التحلي بروح المسؤولية تجاه الفيديوهات التي تنشر عبر حساباتهم».

شغف الاكتشاف

وأشار حمدان محمد البلوشي إلى أن مستخدمي تطبيق «تيك توك»، يتمكنون من إنشاء ونشر فيديوهات قصيرة، باستخدام باقة مختلفة من الفلاتر والمؤثرات الخاصة، والرموز التعبيرية والملصقات الموجودة تحت تصرفهم، الأمر الذي يشجعهم على إنشاء فيديوهات متنوعة، وكل ما يحتاجون إليه، هو الشغف وهاتف ذكي وباقة بيانات.

وتساءل البلوشي: «هل تتخيلون أن استعراضاً لا يرقى إلى الذائقة، ينتشر بسرعة، من غير هدف يذكر، سوى البحث عن عدد المتابعين؟».

وقال عبد الرحمن الهاشمي: «لا يمكن أن نترك مستخدمي هذا التطبيق، ينشرون ما يريدون، دون أن تكون هناك رقابة على كل ما ينشر، خصوصاً أن هذه التطبيقات متاحة على كل هاتف متحرك». راجياً استخدام التطبيقات الحديثة على الأجهزة الذكية بشكل يفيد المجتمع، ويرسخ لقيم جميلة، يمكن أن يتم تداولها والتأثر بها بشكل إيجابي. فمثل هذه التطبيقات، من الممكن أن تكون أداة قوية للترابط الاجتماعي، أو محطة لتغيير القيم والعادات.

رقابة

أوضح مختصون أن اقتناء الأبناء للأجهزة الذكية، هو أمر يقرره الأهل، ولا يتبع قاعدة معينة، حيث يعود ذلك لأسلوب تربيتهم والغرس الذي يسعون له. ولكن ينبغي على أولياء الأمور، إدراك مدى التأثير السلبي لبعض التطبيقات في الأطفال في سن مبكرة، كما أنه من الضروري أن يكون هناك حدود في استخدام تلك التطبيقات الذكية، لما لها من تأثير في نمط حياتهم الطبيعية التي يجب أن ينشؤوا عليها.

إعلاميون: ضرورة تكاتف الجهود لحجب مثل هذه التطبيقات

دعا إعلاميون إلى ضرورة حجب مثل هذه التطبيقات، لما تنطوي عليه من سلوكيات تتنافى مع قيم المجتمع، أو فرض رقابة أسرية على أقل تقدير، من خلال توجيه الأهل لأبنائهم بحسن الاستخدام، وعدم الانجرار وراء بعض ما يعرض على هذه المنصة، حيث قال الإعلامي محمد الكعبي:

«لاقى تطبيق تيك توك، وللأسف الشديد، انتشاراً واسعاً بين الصغار والمراهقين والشباب الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو، قد لا تكون مناسبة لأعمارهم.

فهل تتخيلون أنه في 15 أو 60 ثانية فقط، يمكن لمستخدم التطبيق، أن يعبّر عن نفسه من خلال فيديو قصير، يشاهده الجمهور المتابع له، والذين كلما زاد عددهم، أصبحت فرصته في الحصول على حساب موثوق على التطبيق، أي أنه أصبح من مشاهيره، وللعلم، فإن مستخدم هذا التطبيق، يدخل في سباق قوي، ليس له قيود أو حدود، في مجتمع معظمه من المراهقين، ليس لديهم رقيب يخبرهم بأن ما يفعلونه صواب أو خطأ».

وأضاف الكعبي: «ينبغي ضرورة تكاتف الجهود لنبذ وحجب مثل هذا التطبيقات غير المجدية، والتي تؤثر سلبياً في الشباب والأطفال بشكل خاص، والتي تأتي من بعضهم أفعالاً تدل على عدم الشعور بالمسؤولية، وهو ما يرفضه الكثير من شتى الشرائح المجتمعية، الذين يحملون على عاتقهم راية الوطنية في التعبير عن مجتمعهم».

رقابة

وأوضح الإعلامي محمد المناعي بأن تطبيق «تيك توك»، ليس الأول من نوعه، فهناك العديد مثل هذه التطبيقات التي تجذب الأطفال والمراهقين، وحتى فئة الشباب.

وأصبحت مجاراة الجيل الحالي في استخدام الإنترنت والاطلاع على آخر المستجدات التي تطرأ على الساحة، أمراً صعباً للغاية.

وأضاف المناعي: «وللعلم، وكما قرأت مؤخراً أنه سبق للجنة التجارة الفيدرالية بالولايات المتحدة، إلزام التطبيق بدفع غرامة مالية تقدر بنحو 5.7 ملايين دولار أمريكي، نظراً لقيامه بجمع بيانات عن المستخدمين القصّر، الذين لم يتجاوز عمرهم 18 عاماً، وكذلك إلزام التطبيق بحذف المحتوى الخاص بهم، وإجباره على وضع خيار التأكد من العمر».

 

Email