التميّز عبر الرقابة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل فكّرتم يوماً بالبوصلة التي يمكن أن تضبط وجهتنا وتضمن أننا نسير في الاتجاه الصحيح؟ في المجالات المختلفة هناك إجابات وأدوات مختلفة، ولكن في العمل الحكومي هناك واحدة مهمة جداً من بين عدة أدوات لقياس الأداء والتطور الدائم وهي الرقابة، وتزداد أهميتها عندما تتعلّق بكونها سمة قيادية لرأس المؤسسة.

لم أختر الرقابة صدفة ولكن من وحي إحدى الوصايا العشر من كتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهي «راقب نفسك».

بينما تعتبر الرقابة الداخلية والحوكمة من أهم الأدوات التي تضمن سير الأعمال في المؤسسات الحكومية والخاصة إلا أن هذه وحدها ليست كافية، ولكن يتحدّث صاحب السمو في الوصية الرابعة عن بُعد مختلف للرقابة وهو أن يبدأ القائد بنفسه وأن يكون أميناً مع نفسه قبل كل شيء؛ لأن ذلك بنظري سيخلق في داخل القائد نوعاً من الإنذار القيادي المبكّر في حالة حدوث أي تغيّر غير مقبول في الأداء.

وبينما يُبقي القائد شعلة الرقابة الذاتية متقدة لديه، لابد أن يحرص على وجود معايير عالية المستوى ومؤشرات أداء تناسب المهام الموكولة لمؤسسته والنتائج التي يترقبها الوطن منه فلا يتهاون في وضع مؤشرات سهلة التحقيق، وفي حالة الإمارات بشكل عام ودبي ضمنها المطلوب منا هو بلوغ المرتبة الأولى في كل مهمة موكلة لنا ليس على المستوى المحلى بل عالمياً،.

ولذلك يجب أن تكون المعايير بناءً على أفضل الممارسات، وأن تتم مراجعتها بشكل دوري حرصاً على مواكبة التطورات الحاصلة في المحيط المؤسسي عالمياً.

راقب نفسك هي منهج في القيادة العصرية فالقائد الذي يحرص عليها هو قائد مدرك لآخر التطورات، وقادر على تلبية ما تتطلبه المرحلة من المهام الوطنية، وجزء كبير من نجاح منهج الرقابة المؤسسية هو في إشراك الفريق بهذه الرقابة، وأن يكون كل واحد من فريق العمل يعلم الدور المنوط به وعلاقة دوره في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الأكبر للمؤسسة ككل ودور ذلك في تحقيق الأجندات والخطط الوطنية.

وحتى لا تكون الرقابة منقوصة تضمنت وصية صاحب السمو أهمية الجمع بين الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية من جهة محايدة، وهو برأيي أمرٌ في غاية الأهمية حتى لا يكون القائد ومؤسسته كمن يصفّق لنفسه.

واليوم لدينا ثروة رقمية في دبي تجعل الرقابة وتقييم الأداء مسألة تتضمن مساحة كبيرة للابتكار واستثمار أحدث الأدوات للحصول على مؤشرات لحظية عن مدى تقدمنا، ونحن في دبي الذكية نسعى مع شركائنا لتسخير البنى التحتية المتطورة وإمكانيات البيانات لجعل البيانات الحكومية وسيلة مستقبلية متوافرة منذ اليوم لدعم الرقابة الرقمية الذكية.

الرقابة قد تبدو في ظاهرها عبئاً لمن لا يعرف قيمتها، ولكنها في الواقع كنزٌ من فرص التطوّر وتجاوز التحديات في مراحلها المبكرة وتحويلها لفرص. وصية «راقب نفسك» هي فرصة للتميّز بأبهى صوره عبر الرقابة.

*مدير عام دبي الذكية

Email