تحية بتحية وشعور بشعور

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، توافق في الرأي وتبادل في المشاعر.


والزعيمان المحمدان تزاملا في العهد الذهبي، أيام كان الشيخان المؤسسان يمهّدان الدرب لقيام اتحاد الإمارات المجيد، فلا أعرف من هذين لهذين، وما تعلم أحد في مدرسة زايد وراشد قدر ما تعلم هذان المحمدان.
واليوم، عندما يكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مثل هذه الرسالة ويوجهها إلى أبناء وبنات الإمارات، فإنه يريد بذلك أن يغرس حب الإمارات في قلوبهم، ويعلمهم كيف يكون الولاء والانتماء.
فالولاء للقائد والداً وولداً، والانتماء للأرض، لا فرق بين إمارة وإمارة. فكل منهم يعيش في ظل شجرة الاتحاد، وكل يأكل من خير هذا البلد، ولا خير فيهم إن لم يشكروا أهل الفضل.


وبما أن الرجال يصنعون الأمجاد فإن سموه كما يفخر بوالديه الشيخ زايد والشيخ راشد، فإنه يفخر بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد؛ لأنه امتداد لأولئك القادة الاستثنائيين الذين يذكرهم التاريخ، ولا تنساهم محافل الشرق والغرب.


وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يُعد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أكثر من زميل وأكثر من أخ ورفيق درب، فيسميه «معلمي».
ويقول عنه إنه تخرَّج في مدرسة الحياة أولاً في ظل زايد وراشد، وبعد تخرُّجه في تلك المدرسة الحياتية أصبح بنفسه مدرسة مستقلة في القيادة والإدارة وصناعة الحياة.


وبعد خمسين عاماً من السهر والعمل الدؤوب، واستثمار الإنسان الإماراتي، استطاع أن يحقق الكثير من طموحاته وبها ارتقت راية أمجاد الإمارات في مجالات شتى، ولولا إخلاص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وتفانيه في إدارة الحكومة الاتحادية والمحلية وبُعد نظره وسياسته الحكيمة لما تحقق ذلك.
واليوم، إذ يهنئ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بهذه الإنجازات، يعد شعب الإمارات بأن يقوم سموهما بدورهما في العطاء والعمل في سبيل رفع اسم دولة الإمارات.
رد التحية
في المقابل نجد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يرد التحية بالتحية، والثناء بالثناء والشعور بالشعور، إلا أنه يعبر عن مشاعره تجاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بالشعر فيقول:
مــشـكـورْ بــوخـالـدْ يــازاكـي الـفـعـايلْ
                     وأهــدي لـكـمْ مـنِّـي قـصـيدِ وتـلاحـينْ
تــطـربْ لــهـا لـــي نــاشـلاتْ الـيـدايـلْ
                     وتــرقــصْ عـلـيـها الـفـاتـناتْ الـمـزايـينْ


نعم.. هكذا كان الشيخ زايد طيّب الله ثراه، إذا حيّاه أحد حيّاه بتحية أحسن، ومن أدب الإسلام أن ترد التحية بتحية أحسن منها.
لذلك، يحذو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حذو معلمه زايد، فيحيي أخاه بتحية أحسن منها، ويثني عليه بقصيدة شعرية، والشعر غناء وطرب يهز قلوب المحبين، وما أجمل الشعر إذا رددته حناجر الحسناوات، وتمايلت على قوافيه الفاتنات.


تواضع


ثم يقول سموه:
خــمـسـيـنْ عــــامٍ يــازعـيـمْ الــمـرايـلْ
                          والـعامْ مِـنْ جهدكْ مِساوي لخمسينْ
مـــنِّــكْ تـعـلـمـنـا مــتــى نــــردْ عــايــلْ
                          ومــنــكْ تـعـلـمـنا نــحــبْ الـمـسـاكـينْ
وإنـــتــهْ وسـيـلـتـنـا لـــكــلْ الــوســايـلْ
                          وإســمـكْ غـــدا عـنـوانْ كــل الـعـناوينْ
لـــكْ فــضـلْ مـــا نـنـساهْ خـيـرْ الفضايلْ
                          ولـكْ جـودْ تـشهدْ بـهْ البشَرْ بالملايينْ


انظر كيف يتواضع الزعيمان بعضهما لبعض، فبعد أن رأينا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ينادي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بـ«يا معلمي»، رأينا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يقول لسموه: منك تعلمنا، وأنت وسيلتنا، ولك فضل، ولك جود.


هذه من الصفات القيادية التي لا توجد في كل القياديين، فقلما يكون الحاكم شاعراً، وقلما يكون تربوياً وجواداً، و«تكانة» يعتمد عليه في المواقف الصعبة.
لكن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بما أنه وريث مجد زايد، رأيناه شاعراً وقائداً تربوياً اهتم بالتعليم، وفي الوقت نفسه صاحب يد بيضاء يرعى الفقراء والأرامل والمساكين كوالده.


وسموه اليوم علمٌ بارز في المحافل الدولية، له من المبشرات ما يبشر بالخير الكثير في المستقبل الواعد.
ومثل هذا التواضع المتبادل بين المحمدين ليس بغريب، فهما ينهلان من منهل تراثنا العربي والإسلامي العريق، ومن ذلك ما يروى أن الإمام الشافعي، وهو شيخ الإمام أحمد بن حنبل، كان يزور أحمد بن حنبل، فقالوا له كيف تزوره وهو تلميذك من واجبه أن يزورك، فقال الشافعي:
قالوا يزورك أحمد وتزوره
                   قلت الفضائل لا تفارق مجلسه
إن زارني فبفضله أو زرته
                   فلفضله فالفضل في الحالين له


قدرات


ثم يقول الشيخ محمد بن راشد:
عليكْ راهنَّا وفزنا بنايلْ
                   ومــنْ فـيـضْ جـود كـلْ شـعبكْ مـريفينْ
سـاسْ الـكرمْ سـاسكْ بـفعلْ الـيمايلْ
                   ميراثْ زايـدْ تبذلْ البَذلْ وتـعـيـنْ
تـحـمي حـمـىَ الـدولـهْ بـجندْ وأصـايلْ
                  فـرسانها الـفرسانْ وقـتْ الـلقا إيـحينْ


يقول سموه إن الشيخ محمد بن زايد تجاوز مرحلة الاختبار، فإن كان الكثيرون ما كانوا قد اكتشفوا قدرات سموه على إدارة البلاد، فإن الأيام كشفت لهم أن هذا الشبل من ذاك الأسد.
وقد اتضح أن زايد لم يمت مادام أبناؤه النجباء يمشون على نهجه من بعده، وأن الشيخ محمد بن زايد تتشرف القوات المسلحة بأن تمشي خلف قيادته، وهو قائد الفرسان، ولنا في التحالف مع السعودية أكبر دليل على نجاح الخبرة الإماراتية التي أسسها زايد ويرعاها محمد بن زايد.


قائد


ويقول الشاعر الكبير:
وصــلــتـنـا الأفـــــلاكْ لــلـنـجـمْ طـــايــلْ
                         مــقــامْ عـــزٍّ مـايـقَـسَّمّ عــلـىَ إثـنـيـنْ
نــــــدراكْ راسٍ مــايــعَــرف الــفـشـايـلْ
                         ونـنـخـاكْ بـــاسٍ يَـهْـزمْ الـلِّـي مـريـبينْ
لـــــكْ الــمــوَدِّهْ مِــــنْ بــيــوتْ وقــبـايـلْ
                         والــطــاعَـهْ الـعـمـيـا ولأمــــركْ مـلَـبِّـيـنْ
وكـــــلْ مِـــــنْ عـــــاداكْ رايــــحْ وزايــــلْ
                         وكــــلْ مِــــنْ نـــاداكْ يَـبـشِـرْ بـتَـمـكينْ


يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: اليوم وصلنا إلى المريخ، ولولا الجهد المشترك بيننا والناتج من الفكر المشترك والطموح المشترك والهدف المشترك، لما استطعنا أن نحقق لدولة الإمارات هذا الإنجاز.
لذلك، فإن الإمارات تفخر اليوم بك قائداً لا يعرف الفشل والانهزام، ومن أجل ذلك فإن الإمارات حكومةً وشعباً يدينون لك بالولاء والطاعة، وهم معك قلباً وقالباً، وعلى أعدائك حتى يلقوا حتوفهم.


تميّز


وفي الختام يقول سموه:
إنـتـهْ عـسَـلْ لأهـلـكْ يـازاكي الـفعايلْ
                     ولــلــعـدو عــلــقَـمْ بــعـدوانـهْ إيــشـيـنْ
خـمـسـيـنْ عــــامٍ لــلـوطـنْ بــالـدلايـلْ
                    هي لي شرَفْ واجبْ وربيِّ لي إيعينْ
وتــقــديــرْ بــوخــالــدْ كـــرامــهْ ونـــايــلْ
                   وفَـضلكْ يـابوخالدْ عـلىَ الـــرَّاس والـعينْ


وفي الختام أشار سموه إلى صفة بارزة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وهي أن له شخصية مميزة، فهو لأحبابه معين ولأعدائه العلقم، وهذا يعني أنه ليس بضعيف يهضم ولا بجبار يخشى بطشه، والقائد الناجح يكون كذلك.


وأما السنوات الخمسون من الإخلاص الذي قدمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فهو يراها واجباً وطنياً، والله أعانه على أداء ذلك الواجب، فلا يمنّ به على أحد، فمن لا يحب أن يخدم الوطن، ومن لا يحب أن يتشرف بالعمل مع أخ صديق وصدوق مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد.
حفظ الله الإمارات وحفظ أبناء زايد، وحفظ الحكام جميعاً، ودام الأمن والأمان في ربوعك يا وطن.

Email