إصداراته الفكرية قدّمت خلاصة تجاربه ومبادراته محل تقدير

إنجازات محمد بن راشد الثقافية منارة الأمة

محمد بن راشد حريص على تشجيع القراءة لدى الأجيال | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس هيناً الحديث عن فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فهو صاحب إنجازات عديدة لا تزال محل تقدير ومثار اهتمام الجميع، لا سيما أولئك المنشغلون بالهم الثقافي، الذين وجدوا في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أباً حنوناً وملاذاً آمناً، ومفكراً فذاً وقائداً إنسانياً، يختزن في ذاكرته الكثير من تجارب الحياة، التي حوّلها سموه، عبر إصداراته الفكرية، إلى دروس يمكن الاستفادة منها، في حقول عديدة بدءاً من القيادة والإدارة والتنمية والاقتصاد، ومروراً بالفكر والثقافة، وليس انتهاءً بزرع الأمل في النفوس.

المتبحر في إصدارات وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لا بد له أن يكتشف أنه يقف في حضرة قائد استثنائي، وإنسان صاحب فكر ورؤية ثاقبة، تجلّت ملامحها في كتبه التي قدّم فيها خلاصة تجاربه الحياتية والسياسية والفكرية، ولذلك أصبحت إنجازات سموه على الصعيد الثقافي بمنزلة منارة ثقافية تضيء طريق الأمة في وقت اشتدت الصعاب عليها.

مستقبل

إن «ثقافتنا هي هوية أجيالنا وعمق لتاريخنا ورسالة للعالم، نريد أن ننقلها بطرق أكثر إبداعاً.. ثقافتنا الإماراتية تحمل روح المحبة والتسامح، وتدعو للانفتاح على الآخر، وتستمد روحها وهويتها من الحضارة العربية والإسلامية». تلك الحكمة قالها سموه في ختام خلوة مستقبل الثقافة التي نظمتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في متحف اللوفر – أبوظبي، خلال فبراير الماضي، ليأتي توجيه سموه بإطلاق صندوق التنمية الثقافية في الدولة، وتكليف وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بتأسيس الصندوق والإشراف عليه من أجل دعم النشاط الثقافي في الإمارات، ليدلل ذلك على ما يكنّه سموه من تقدير للثقافة، وإيمانه بقدرتها على دعم مسيرة التنمية الاقتصادية، لكون الصناعة الإبداعية تمثل مصدراً مهماً من مصادر الدخل في الدول التي ترعى الإبداع. وقرار سموه في هذا الجانب، بلا شك فيه إشارة إلى طبيعة نظرته ورؤيته لمكانة الإمارات في هذا الجانب، وإيمانه العميق بقدرتها على تصدر المؤشرات العالمية الخاصة بهذا القطاع.

اجتهاد

لعل ما يميز صاحب السمو محمد بن راشد أنه لا يعيش خيالاً ولا يقدّم فلسفة تنظيرية، وإنما يقدّم أمثلة حية عن تجاربه التي مر بها، والدروس التي استقاها منها، ما جعل من كتبه دساتير حياتية، بكل ما تحمله من دروس خاصة في العطاء والفكر، فهو الذي أسهم في دفع المجتمع نحو النمو والتقدم، والسير في مسارات واضحة نحو الأمام، واضعاً نصب عينيه «المركز الأول»، ما دفع بأبناء الإمارات إلى الاجتهاد، ومعانقة الفضاء، بفضل رؤية قائد عرف الحكمة وتعلّم دروسها في مدرستي المغفور لهما بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما.

المتبحر في سياسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يدرك أنه صاحب أفعال وليس أقوالاً فقط، وإيمان سموه بقدرة الثقافة على التغيير استطاع أن يترجمه على أرض الواقع، عبر العديد من المبادرات، يقف على رأسها تحدي القراءة العربي، ذاك المشروع الذي استطاع، خلال سنوات ثلاث فقط، تحقيق قفزات نوعية، ليصبح بارقة أمل في عيون الطلبة العرب الذين باتوا يذرفون الدموع من أجل الوصول إلى منصة التتويج فيه، وإن كانت على مستوى دولهم، ولا يزال مشهد احتضان سموه الطفلة المغربية مريم أمجون، بطلة التحدي في دورته الثالثة، وتناوله غترته ليمسح دموعها، حاضراً في أذهان كل من تابعوا حفل التكريم الذي أقيم في أكتوبر الماضي في دار «أوبرا دبي»، ليؤكد المشهد مدى الإنسانية التي تعتمر قلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتقديره للأجيال المقبلة المبدعة.

تحدٍّ

ما حققه تحدي القراءة العربي، في سنواته الثلاث الماضية، من نقلة نوعية وثراء معرفي في عقول أبناء الأجيال العربية المقبلة، يُعدّ مثالاً حياً لرؤية صاحب السمو نائب رئيس الدولة الثقافية، وهو الذي وجّه بتوسيع نطاق المشاركة في التحدي، ليشمل المنطقة العربية بكاملها، وأن يكون مساره مفتوحاً أمام أبناء الجاليات العربية في المهجر، لتأتي النتائج التي حققها التحدي مثيرة للاهتمام، وحاملة للأمل، وعاملاً مهماً في تغيير الصورة النمطية المرسومة عن شعوب المنطقة العربية بأنها لا تقرأ، ليفاجئ الطلبة العرب والعالم بمدى قدرتهم وإنجازاتهم في القراءة التي تحولت إلى أشبه بزاد يومي لهم، ولم يكن لذلك أن يتحقق من دون توجيهات ورؤية صاحب السمو محمد بن راشد، الذي طالما دعا إلى الاستثمار في الإنسان، لكونه يمثل المحرك الأساسي في الحركة التنموية لأية دولة.

تكريس القراءة أسلوب حياة في المجتمع بدا هدفاً واضحاً لصاحب السمو نائب رئيس الدولة، ليدعم ذلك برفع أعمدة «مكتبة محمد بن راشد» في منطقة الجداف بدبي، على مساحة تجاوزت مليون قدم مربعة، وبإجمالي كتب يصل إلى نحو 4.5 ملايين كتاب (مطبوع وإلكتروني ومسموع)، فيما يتوقع أن يصل عدد المستفيدين منها سنوياً نحو 42 مليون شخص. بلا شك، إن إنشاء مكتبة بهذا الحجم، وباستثمار يصل إلى المليار درهم، فيه نظرة عميقة لطبيعة الواقع العربي، سعياً من صاحب السمو نائب رئيس الدولة إلى انتشال المنطقة من الحالة التي تعيشها، والأخذ بيدها نحو مستويات أفضل، باتباع طريق القراءة الذي طالما أكد سموه أنه الطريق الوحيد الذي يمكّن الأمة العربية من استعادة مجدها، وسيضعها في المقدمة من جديد.

أكاديمية إنسانية

لم يتوقف فكر محمد بن راشد عند حدود الطلبة وزراعة الأمل فيهم، وتحدي القراءة العربي ومشروع مكتبة محمد بن راشد، وإنما اتسع كثيراً، فكان منارة لـ«صناع الأمل»، تلك المبادرة التي سرعان ما تحولت إلى أكاديمية حاضنة للعمل الخيري والعطاء وصناعة الأمل العربي، تسعى إلى تكريس ثقافة العطاء، وتجعل منه نهجاً يسير عليه أبناء المنطقة العربية.

في المقابل، نجد أن للغة العربية مكانة خاصة لدى صاحب السمو نائب رئيس الدولة، وهو الذي قال فيها يوماً: «إن اللغة العربية ستبقى لغة للمستقبل والعلوم والابتكار، وذلك لما تمتاز به من مرونة جعلت لها دوراً تاريخياً في الحضارات المختلفة»، ولأجل هذه اللغة، أطلق سموه «جائزة محمد بن راشد للغة العربية» التي تعد بمثابة أرفع تقديرٍ لجهود العاملين في ميدان اللّغة العربيّة أفراداً ومؤسّسات، وتندرج في سياق المبادرات التي أطلقها صاحب السّمو نائب رئيس الدّولة، للنّهوض باللّغة العربيّة ونشرها واستخدامها في الحياة العامة، وتسهيل تعلّمها وتعليمها، إضافة إلى تعزيز مكانة اللّغة العربيّة وتشجيع العاملين على نهضتها.

مبادرات

شهدت الإمارات والعالم، خلال الفترة الماضية، إطلاق سموه مجموعة من المبادرات الخلاقة القادرة على الانتقال بالعمل الثقافي المحلي والعربي نحو مستويات أخرى، وهو ما يؤكد ما طرحه سموه في إصداراته الفكرية العديدة التي تجلّت فيها خلاصة تجاربه الحياتية والسياسية والفكرية، ففي كتابه «رؤيتي» طرح سموه رؤى ونظريات قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وعرض رؤيته للتجربة التنموية التي تقوم على تحقيق الامتياز والانتقال بالإمارات ودبي من دورهما كمركز اقتصادي إقليمي، إلى القيام بدور حيوي كمركز اقتصادي عالمي، مع التركيز على قطاعات الخدمات المتميزة.

Email