مركز «إرادة» يدرس إنشاء أقسام جديدة لعلاج «المصابين بالإنترنت»

آباء يقطعون التواصل بأبنائهم بالإدمان على «التواصل»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد الانتشار السريع لمواقع التواصل الاجتماعي، تركّز أساليب التوعية على مراقبة الأبناء والحد من استخدامهم تلك المواقع، إلا أن الأمر أصبح مختلفاً في الآونة الأخيرة، بعد تعدّد وتنوّع شكاوى الأبناء من انشغال والديهم بمواقع التواصل الاجتماعي وعدم إيجاد وقت مناسب لهم، إلى درجة أن إحدى الأمهات أعطت ابنها منوّماً لتستكمل حديثها طوال الليل على مواقع التواصل الاجتماعي مع الغرباء.

وهو الأمر الذي أدى إلى إصابة الطفل باضطرابات في المخ والأعصاب، وتطور الأمر مع هذه الأم فاعتدت على ابنها بالضرب بسبب صراخه المستمر من الجوع، ما أدى إلى إلحاق الضرر بالطفل، وألقي القبض عليها، وحُكم عليها بالسجن عامين.

عيادة متخصصة

ربما يجد البعض هذه القصة بعيدة عنه، إلا أنها مجرد تطور للإدمان على الإنترنت، الذي تتغير أشكاله إلا أن النتيجة واحدة، إهمال الأبوين أو احدهما في رعاية الأبناء الذين لا يجدون إلا الانخراط في الأمر نفسه أو الهروب إلى الإدمان أو أصدقاء السوء، وهو الأمر الذي تم رصده في العديد من المدارس بعد تدهور حالة بعض الطلبة التعليمية.

فيما أوردت إحدى وسائل الإعلام أن مؤسسات العلاج من الإدمان تدرس فتح أقسام خاصة لعلاج مدمني الإنترنت، ومنهم أولياء أمور وموظفون وطلبة وأطفال، وهو الأمر الذي أكده المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، بأنه سيتم تنفيذ مشروع جديد يستهدف إنشاء عيادة متخصصة في العلاج من الإدمان على استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية، باستخدام مقياس إدمان الإنترنت لليافعين.

وأن المركز سيبتعث عدداً من الباحثين والعاملين لديه إلى عدد من الدول للتعرف إلى أسباب انتشار الإدمان الإلكتروني، وأهم البرامج والأساليب المتبعة للحد منه، لافتاً إلى أن المركز يعمل حالياً على إعداد دراسة عن إدمان الإنترنت بالتعاون مع 7 جامعات محلية في الدولة، سيتم خلالها جمع معلومات عن إدمان الإنترنت عبر توزيع استبيانات على الطلبة تشكّل الفئة العمرية من 18 حتى 25 عاماً.

علاج المدمنين

وأكد الدكـتور عبد القادر الخياط، مدير مركز مجلس إدارة مركز إرادة للعلاج والتأهيل في دبي، أن المركز يدرس إنشاء أقسام جديدة مستقبلاً مثل علاج المدمنين على الإنترنت وفق المستجدات ووفق للحالات التي تم رصدها فعلياً، منوهاً بأن الأمر لم يعد مقتصراً على الشباب والمراهقين، بل امتد إلى البالغين، خاصة بعد انتشاء مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقول هبة عبد الرحيم، اختصاصية اجتماعية في إحدى المدارس، إن عدداً ليس بالقليل من الطلبة يعانون عدم الاستقرار الأسري، إما لانشغال الأبوين في العمل ساعات طويلة، أو لعدم وجود رقيب في المنزل ومتابع لهم.

إلا أن الجديد يكمن في ظاهرة شكوى الأبناء من إدمان آبائهم وأمهاتهم على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وأن أحد الطلبة أخفى هاتف والدته بعدما فشل في التواصل معها بسبب انشغالها بالهاتف طوال وجودها في البيت، منوهاً بأن والدته تعمل حتى الساعة الخامسة عصراً، وتعود إلى البيت منهكة، وتمسك بالهاتف للتواصل مع صديقاتها حتى لحظة النوم، أو تخرج لقضاء بعض الوقت وتترك كل شؤون المنزل للخادمة.

وتؤكد هبة أن الأمر أصبح يشكّل ظاهرة تنذر بالخطر، وأن الأبناء هم الذين يشتكون الآن من حرمانهم من والديهم الذين يفضلون العالم الافتراضي بدلاً من متابعة أمورهم النفسية والتعليمية، ظناً منهم أن وجود خادمة وإغداق الأموال على الأبناء كافٍ، وطالبت بضرورة إطلاق حملات توعوية من الجهات المختصة لتوعية أولياء الأمور بخطورة الأمر.

اضطراب نفسي

وتشير هبة إلى أنه يجب على أولياء الأمور التنبه لهذا الأمر الذي يدمر علاقاتهم بأبنائهم مع الوقت، وقد يدفعهم إلى طريق الدمار النفسي، وأن غياب وعي الوالدين وعدم اطلاعهم على تفاصيل حياة أبنائهم ومتابعتهم يؤديان بلا شك إلى دمار الأسرة بالكامل وضياع الأبناء بعد فوات الأوان، داعيةً المدارس إلى التعاون مع الجهات المختصة والتواصل مع الأسر التي يثبت إهمالها في رعاية الأبناء، بسبب أمور تافهة، مثل الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتشير رانيا أمين، أم لأربعة بنات، إلى أن بعض الأمهات يُدِرْن تجارة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وأن هذا الأمر جعل عملهن مستمراً على مدار الساعة، لمتابعة الطلبات والرد على الزبائن حتى لا تخسر عملها، وأن هذا الأمر يدفعها إلى الاستمرار في النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن هذا الأمر يؤدي بلا شك إلى إهمالها وجباتها الأسرية.

وتنوه رانيا بأن ضغوط الحياة والمصاريف الأسرية قد تدفع بعض الأمهات إلى محاولة البحث عن مصدر دخل من المنزل، وأن التطور السريع في مواقع التواصل الاجتماعي أتاح العديد من الفرص لهؤلاء الأمهات.

إلا أن الضريبة تقع على الأبناء الذين يعانون بسبب اهتمام الأم بهذا العمل على حساب وقتهم وواجبها تجاههم، مشيرةً إلى أنه يجب على الأم الموازنة بين الأمور المادية والوجبات العائلية ودورها كأم، وأن الأب مُطالَب هو الآخر بتحمُّل مسؤولية الأبناء وتقديم العون الكافي لأسرته.

أسلوب خاطئ

وترى إيمان فهيم أم لثلاث أبناء أن أغلب الناس يستخدمون هذه البرامج بأسلوب خاطئ وسلبي، وتضيف: «صُممت هذه البرامج لاستخدامها عند وقت الفراغ فقط، والتواصل مع الغير عندما تكون المسافة بعيدة جداً، لكن ما يحصل الآن عكس السابق، إذ كان أغلب المستخدمين هم فئة الشباب، وكانوا يستخدمونها بشكل خاطئ جداً.

وبات عدد ليس بقليل من أولياء الأمور مدمنين على الإنترنت، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، والعديد من هؤلاء قد تنقصهم القدرة على التعبير المباشر في الحديث، ما يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس، وتكوين شخصيات مثالية فقط، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ذلك العالم الافتراضي الذي ينتزعهم من حياتهم الواقعية».

ويوضح عماد صلاح أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً رئيساً في حياة الناس لدرجة مخيفة ولافتة للانتباه وصل فيها الكثيرون إلى مرحلة الإدمان، وأصبحت تهدد التلاحم الاجتماعي، فغالبية الناس يقضون ساعات طــوالاً في يومهم برفقة جهازهــم المحمول بكل مغرياته الاتصالية بالعالم، وأنه من المؤسف أن ينجرف بعض أولياء الأمور وراء هــذا النوع من الإدمان على حساب مصلحــة أبنائهم، وبطريقة سلبية تزداد خطورة يوماً بعد يوم.

تكاليف باهظة لعلاج إدمان الإنترنت في الولايات المتحدة

تعد «بارادايم» عيادة نموذجية لعلاج إدمان الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية عبارة عن مبنى فاخر كثير الأشجار، تحيط به الحدائق التي تخللها كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، في أعلى تلة على بُعد 30 كيلو متراً من وسط مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية.

وتتسم أسعار العلاج بأنها مرتفعة للغاية، بما يتناسب مع الخدمات الفاخرة الموجودة هناك، التي تشمل جاكوزي بإطلالة خلابة على خليج سان فرانسيسكو. وتصل رسوم العيادة إلى 1.633 دولاراً في الليلة الواحدة. ولا توجد لافتات على مدخل المبنى، الذي لا يمكن الوصول إليه سوى بالسيارة، ولا توجد هناك أرصفة على الطريق المتعرج المؤدي إلى البوابة.

ويستضيف «بارادايم» ثمانية من الشباب للعلاج، الذي يستمر لمدة 45 يوماً على الأقل، وقد يمتد إلى 60 يوماً، بناءً على عدة عوامل، مثل مستويات الاكتئاب والقلق والعنف.

ويُحظر استخدام الهواتف النقالة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والأجهزة اللوحية في العيادة.

مقياس

أكد قسم الأبحاث والدراسات في المركز الوطني للتأهيل، بأن مركز العلاج من الإدمان على الألعاب الإلكترونية والإنترنت الإلكتروني الذي كان من المقرر افتتاحه هذا العام يستهدف إنشاء عيادة متخصصة في العلاج من الإدمان على استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية، باستخدام مقياس إدمان الإنترنت لليافعين.

7

يأتي مشروع مركز العلاج من الإدمان بعد تزايد حالات الإدمان على الإنترنت، وتحوله إلى مرض نفسي جديد، خاصة بين الشباب والفتيات، ليقرر المركز الوطني للتأهيل البدء في دراسة كافة الحالات المرتبطة بهذا الشأن، عبر إعداد دراسة حول إدمان الإنترنت بالتعاون مع 7 جامعات محلية في الدولة.

20

منذ عام 2013، افتتحت عشرات العيادات لـ «إعادة التأهيل الرقمي» في وادي السيليكون بالولايات المتحدة، حيث توجد مقرات أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، بما في ذلك شركات آبل، وفيسبوك، وتويتر، وغوغل. وتقدم هذه العيادات علاجات محددة للذين يقضون 20 ساعة يومياً في شاشات الأجهزة الذكية.

 

Email