يحتضن 4 محطات متطابقة بأمانٍ في آنٍ واحد

براكة.. أول وأكبر موقع عالمي للنووي السلمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثمرت عمليات تطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي في موقع براكة منذ عام 2015 بأن أصبح أول وأكبر موقع في العالم يجري فيه إنشاء أربع محطات نووية سلمية متطابقة بأمان وفي آنٍ واحد، متقدماً بذلك على مواقع الإنشاءات الأخرى العالمية في الصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وروسيا ودول أخرى.

وسوف توفر المحطات الأربع فور تشغيلها ما يصل إلى ربع احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية الآمنة والموثوقة والصديقة للبيئة، كما ستحد من الانبعاثات الكربونية في الدولة بواقع 21 مليون طن سنوياً.

وجاءت هذه النتائج نتيجة التعاون الوثيق والشراكة البناءة بين الإمارات وكوريا الجنوبية منذ عام 2009، وبدأت الأعمال الإنشائية في المحطة في يوليو 2012 بعد الحصول على رخصة الإنشاء من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية وشهادة عدم الممانعة من هيئة البيئة ـ أبو ظبي، كما بدأت في المحطة الثانية عام 2013، في حين عملت المؤسسة على صب خرسانة السلامة الأولى في المحطتين الثالثة والرابعة عام 2014 و2015 على التوالي.

ومنحت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عقد المقاول الرئيسي للشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو»، وهي إحدى الشركات الرائدة عالمياً في الالتزام بالسلامة والموثوقية والكفاءة في محطات الطاقة النووية.

4 محطات

تقع محطة براكة للطاقة النووية في المنطقة الغربية لإمارة أبوظبي وتطل على الخليج العربي وتبعد نحو 53 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من مدينة الرويس.

وفي عام 2020، سيحتوي هذا الموقع على أربع محطات للطاقة النووية، وستوفر مفاعلات الطاقة المتقدمة الأربعة، في محطة براكة نحو ربع احتياجات الدولة من الكهرباء وقد بدأت الأعمال الإنشائية في المحطة في يوليو 2012 بعد الحصول على الرخصة الإنشائية من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية وشهادة عدم الممانعة من هيئة البيئة –أبوظبي.

وتعد (كيبكو) هي أكبر مزود للطاقة الكهربائية في كوريا الجنوبية، وهي المسؤولة عن توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها، إلى جانب تطوير مشاريع الطاقة الكهربائية التي تشمل الطاقة النووية وطاقة الرياح والفحم، كما تعرف «كيبكو» أيضاً بقدراتها المتميزة على إجراء البحوث، والتطوير التكنولوجي، والأعمال الدولية، والاستثمار، والمسؤولية الاجتماعية للشركات.

وتتألف محطة براكة للطاقة النووية من أربعة مفاعلات نووية من طراز مفاعل الطاقة المتقدم 1400 (APR1400)، ويستند هذا المفاعل إلى تقنية ذات كفاءة عالية تلبي أفضل معايير السلامة والأداء والأثر البيئي، ووضع قطاع الطاقة النووية في كوريا الجنوبية بقيادة (كيبكو) تصميم المفاعل النووي المتقدم 1400 على مدار 10 أعوام، وقد حصل التصميم على الترخيص من الجهة التنظيمية النووية في كوريا وهي المعهد الكوري للسلامة النووية، ويعتمد تصميم المفاعل النووي المتقدم 1400 على تصميم النظام 80+، وهو التصميم المعتمد لدى اللجنة التنظيمية النووية في الولايات المتحدة الأميركية.

6 مورّدين

كما أبرمت المؤسسة عقوداً مع ستة موردين بعد عملية بحث شاملة وسيوفر الموردون بموجب هذه العقود المواد والخدمات الخاصة بالوقود النووي بما في ذلك شراء اليورانيوم الطبيعي المركز، وشراء منتج اليورانيوم المخصب والمنتجات والخدمات ذات الصلة، وكذلك خدمات تحويل اليورانيوم المُركّز إلى مادة جاهزة للتخصيب وأيضاً خدمات تخصيب المادة المحوّلة للمستوى الذي يستخدم في وقود محطات الطاقة النووية.

وتقع على عاتق المقاول الرئيسي للمشروع خدمات تصنيع الوقود بموجب العقد الرئيسي الذي وقعته المؤسسة مع الشركة وستقوم شركة كيبكو للوقود النووي (KNF) التابعة لشركة كيبكو بتصنيع الوقود وتسليم حزم أعمدة الوقود المكتملة لمحطة براكة، وذلك بعد أن تولت «كيبكو» مسؤولية التصميم والإنشاء والتشغيل لأربع محطات للطاقة النووية ذات سعة إنتاجية تصل إلى 1400 ميغاواط في محطة براكة للطاقة النووية، وبلغت قيمة العقد نحو 73 مليار درهم إماراتي (20 مليار دولار أميركي تقريباً) وينص على عدة بنود أخرى مثل توفير التدريب المتخصص المكثف وتطوير الموارد البشرية وطرح البرامج الدراسية، وذلك حتى تتمكن دولة الإمارات من بناء قدرات بشرية متخصصة لصناعة الطاقة النووية.

سلامة

وتلتزم مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بثقافة السلامة التي تتركز جهودها على البرنامج الإنشائي المكثف الجاري حالياً في موقع براكة، ويصل عدد الموظفين في موقع براكة ما يقارب الـ 25 ألف موظف وموظفة، كما تعمل المؤسسة على نحو وثيق مع المقاولين والجهات التنظيمية والمجتمع النووي الدولي لتطوير ثقافة السلامة النووية وسياساتها وإجراءاتها وفق أرقى المستويات العالمية وضمان الحفاظ عليها.

وإضافةً لذلك، تُجري المؤسسة عمليات تدقيق دوري في السلامة والجودة، بل تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من برنامج ثقافة السلامة، وذلك سعياً إلى التحسين المستمر في كل المجالات بدءاً بالإدارة وحتى التشغيل.

ونظمت المؤسسة أكثر من 7500 برنامج تدريبي يتعلق بالسلامة في الموقع بحضور نحو 250 ألف شخص، منذ بداية المشروع كما خصصت المؤسسة أكثر من 41 ألف ساعة عمل للتدقيق في الجودة في كل مراحل البرنامج.

جوائز عالمية

وفي فبراير 2015، فازت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بالمرتبة الأولى من الجائزة العالمية لإدارة المخاطر لعام 2015 في «فئة بناء القدرات لإدارة المخاطر»، وذلك عن التزام المؤسسة بأعلى المعايير العالمية للسلامة والجودة وإدارة المخاطر، وتصدر هذه الجائزة عن معهد إدارة المخاطر.

ويجمع التصميم الحديث للمحطة بين آخر التطورات في السلامة والأداء بتقنيات أثبتت كفاءتها بعد عقودٍ طويلة من التشغيل.

وبالنسبة إلى مفاعلات دولة الإمارات، فقد نفذت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عدداً من التعديلات والتحسينات على تصاميم المحطات المرجعية للتكيف مع الظروف المناخية لدولة الإمارات وتلبية اللوائح الخاصة بالهيئة الاتحادية للرقابة النووية. وتضمنت هذه التغييرات استخدام مضخات ومبادلات حرارية وأنابيب أكبر حجماً لزيادة معدل تدفق المياه في أنظمة التبريد.

وبالتالي زيادة القدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة لمياه البحر في منطقة الخليج إضافة إلى تصميم أنظمة تبريد المحطة وأنظمة سحب مياه البحر على نحو يضمن التوافق مع معايير هيئة البيئة - أبوظبي المتعلقة بتغيير درجات حرارة مياه الخليج بالقرب من المحطات، وتعزيز أنظمة التهوية والتكييف المقاومة آثار ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الهواء أو زيادة الغبار والرمال في الجو وتصميم مصفاة لتنقية المياه وحماية الثروة السمكية أثناء التشغيل.

وقد خصصت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فريقاً متخصصاً بالتطوير الصناعي حتى يعمل للعمل جنباً إلى جنب مع الشركات الإماراتية ودعمها لضمان تلبيتها لمعايير الجودة والمعايير التقنية الصارمة المطلوبة في قطاع الطاقة النووية، وذلك حتى تتمكن هذه الشركات من المشاركة في المناقصات التي تطرحها المؤسسة ثم توقيع العقود لتوفير الخدمات والمنتجات للبرنامج النووي السلمي الإماراتي.

وتعمل المؤسسة مع الشركات المحلية لتحديث أنظمتها لكي تصبح شركات معتمدة من الجمعية الأميركية للمهندسين الميكانيكيين لتقديم المنتجات الخاصة لصناعة الطاقة النووية، وتعد هذه شهادة الاعتماد الأساسية المطلوبة لكي تصبح هذه الشركات مورداً نووياً معتمداً.

وقد قدمت المؤسسة دعمها للعديد من الشركات الإماراتية لرفع معايير الجودة لديها لتلبية متطلبات الصناعة النووية، ما يتيح للشركات الإماراتية الفرصة للمساهمة في نجاح المشروع والحصول على ميزة تنافسية فريدة في تقديم خدمات ومواد نووية ذات جودة للعالم.

1400 شركة

وتتعامل المؤسسة الآن مع أكثر من 1400 شركة إماراتية بعقود تتجاوز قيمتها الإجمالية نحو 9.1 مليارات درهم إماراتي (3 مليارات دولار أميركي) للحصول على مجموعة من المنتجات والخدمات لدعم إنشاء أولى محطات الطاقة النووية في الإمارات، وقد أبرمت هذه العقود مع الشركات المحلية على مدار الأعوام الثلاثة الماضية وبالتعاون المشترك بين المؤسسة والشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو).

وتتضمن هذه الشركات ديسكون الهندسية وبن عشير وشركة الجرافات البحرية الوطنية ومجموعة بينونة الغربية وحديد الإمارات وشركة دبي للكابلات (دوكاب).

وكانت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» قد أعلنتا عن إبرام اتفاقية لتمويل مشروع براكة للطاقة النووية السلمية عبر صندوق تمويل تصل قيمته إلى 89.8 مليار درهم (ما يعادل 24.4 مليار دولار أميركي)، وذلك بإدارة شركة «براكة الأولى» الجديدة، التي أعلنت المؤسسة عن تأسيسها في إطار اتفاقية الائتلاف المشترك، وتملك شركة «كيبكو» حصة 18% منها.

ويتألف صندوق التمويل من قروض مباشرة تصل إلى 72.1 مليار درهم (ما يعادل 19.6 مليار دولار أميركي)، إلى جانب 17.3 مليار درهم (ما يعادل 4.7 مليارات دولار أميركي) من التزامات المساهمين التي قدمتها كل من مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» في إطار الائتلاف المشترك بينهما.

علاقات استثنائية تربط الإمارات وكوريا الجنوبية

شهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا الجنوبية تطوراً كبيراً خلال السنوات العشر الأخيرة ونجح البلدان في تطوير علاقات متينة مبنية على التعاون والثقة المتبادلة وفي مختلف المجالات خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والنفط والصحة والاستثمارات المتبادلة والتجارة النشطة وقد بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين مع نهاية عام 2016 نحو 9 مليارات دولار مما يعكس قوة التعاون والشراكة بينهما.

وترتكز العلاقات الإماراتية الكورية على إمكانات اقتصادية هائلة تفتح المجال واسعاً أمام تنمية التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والاستثماري إلى آفاق رحبة تستند إلى اتفاقيات حيوية ومذكرات تعاون تم توقيعها بين الجانبين في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والفني والنقل الجوي وتجنب الازدواج الضريبي، وحماية وتشجيع الاستثمار.

وتعد اللجنة الاقتصادية المشتركة التي عقدت دورتها السادسة في العاصمة الكورية «سيول» قبل أسبوعين منصة مثالية لتوطيد وبناء شراكة استراتيجية مستدامة بين البلدين عبر معالجة التحديات، وتحديد أطر ومجالات التعاون خلال المرحلة المقبلة.

ويؤكد الخبراء أن لدى جمهورية كوريا الجنوبية استثمارات خارجية كبيرة في العالم، وهناك فرص لجذب بعض الاستثمارات الكورية إلى دولة الإمارات، خاصة في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الصديقة للبيئة ووسائل النقل والأغذية، كما يعد الذكاء الصناعي والثورة الصناعية الرابعة مجالاً وفرصة كبيرة للاستثمار، حيث تهتم كلتا الدولتين بهذا المجال، بعد الإعلان الكوري منذ عام 2015 عن الثورة الصناعية الرابعة، وهو موضوع يصب في اهتمامات دولة الإمارات.

ويكشف التعاون في المجال الصحي بين الإمارات وكوريا الجنوبية إلى أي مدى توسعت العلاقات بين البلدين ففي عام 2012 لم يكن هناك إلا مريض واحد من الإمارات حصل على الرعاية الصحية في كوريا وفي عام 2014 ارتفع عدد المرضى الزائرين لكوريا من دولة الإمارات إلى أكثر من ألفي مريض في حين أن هذا العدد ربما يضاعف خلال العام الجاري.

Email