رئيس كوريا الجنوبية: نطمح مع الإمارات إلى شراكة استراتيجية خاصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعرب الرئيس مون جاي إن رئيس كوريا الجنوبية عن أمله في الارتقاء بالعلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبلاده من مرحلة «الشراكة الاستراتيجية» الحالية إلى مستوى أعلى لتصبح علاقات شراكة إستراتيجية خاصة شاملة تتجه صوب المستقبل وآماله.

وأشاد الرئيس الكوري الجنوبي بمناسبة زيارته الرسمية للدولة التي بدأها أمس بقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها منوهاً في هذا الصدد بجهود القائد المؤسس وباني نهضة الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» وهي الجهود التي تتواصل في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والذين يواصلون طريق التقدم والنماء والازدهار في ربوع دولة الإمارات على كل صعيد.

وعبر عن سعادته بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة التي أكد أنها دولة صديقة لكوريا الجنوبية.. مشيراً في الوقت نفسه إلى أنها تعد أول دولة في الشرق الأوسط يزورها بعد توليه منصب الرئاسة في بلاده.

وقال إن دولة الإمارات حققت «معجزة وسط الصحراء» عبر سلوكها طريق النماء والازدهار والإصلاح والابتكار وتكريس كل جهد ممكن من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتواصل فصولها.

ونوه إلى تنامي العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وكوريا الجنوبية إلى مستوى أعلى منذ إبرام عقد مشروع براكة لإنشاء محطة الطاقة النووية في عام 2009 وهو المشروع الذي دشنت به الدولتان مرحلة الشراكة الإستراتيجية ووسعتا آفاق التعاون بمجالات الدفاع والرعاية الصحية والثقافة والإدارة الحكومية والفضاء إضافة إلى المجالات التقليدية مثل الطاقة وبناء المحطات.

وقال: «لقد حان الوقت لأن تتبنى الدولتان نوعاً جديداً من مبادرات التعاون المستقبلية التي تؤدي إلى النمو والتنمية المشتركة في ضوء العلاقات الاقتصادية خاصة على صعيد مشاريع الطاقة والبناء والتشييد.

ووصف الرئيس الكوري الجنوبي جهود الإمارات بشأن استعداداتها للثورة الصناعية الرابعة وإنشاء لجنة معنية بها بأنها جهود حكيمة من شأنها توفير محرك للنمو المستقبلي للدولة.. مشيراً في هذا الصدد إلى إنشاء كوريا الجنوبية أيضاً لجنة للثورة الصناعية الرابعة من أجل قيادة «نمو الابتكار» الذي يركز على الإنسان.

وفيما يلي نص الحوار:

من المعروف أن هذه هي أول زيارة لك إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ الاتصال الهاتفي مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في يونيو الماضي.. هل هذه زيارتك الأولى من نوعها إلى دول الشرق الأوسط؟ وما هي توقعاتك لها؟

يسرني أن أزور دولة الإمارات التي تعتبر دولة صديقة لكوريا الجنوبية كأول دولة في الشرق الأوسط أزورها بعد تولي منصب الرئاسة.. وكنا نبذل جهودنا لتعزيز التعاون بين البلدين من خلال تبادل مبعوثينا الخاصين بعد الاتصال الهاتفي مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لتأكيد رغبتنا في تعميق وتطوير العلاقات الثنائية على أساس الثقة المتبادلة.

وعلى أساس هذه الصداقة والثقة أتمنى أن يتم تطور العلاقات الثنائية التي شهدت تقدماً خلال فترة قصيرة نسبياً بدءاً من إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1980 مروراً بإقامة الشراكة الاستراتيجية في عام 2009 بين كوريا الجنوبية التي أنجزت «معجزة على نهر الهان» ودولة الإمارات العربية المتحدة التي أنجزت «معجزة في الصحراء».

وفي هذا الصدد وفي حين تعزز الدولتان علاقات الصداقة والتعاون بينهما بشأن الأوضاع الدولية المتغيرة بسرعة أود التركيز على طرق ملموسة وعملية للتعاون لخلق محركات النمو المستقبلية وتحقيق «معجزة الرخاء المشترك في المستقبل» عبر «الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي» التي تعمل على تحقيقها في إطار المسيرة الشاملة لدولة الاتحاد وسياسة «النمو المدفوع بالدخل والابتكار والاقتصاد الذي يضع الإنسان في موقعه» والتي تعمل عليها كوريا الجنوبية.

تطور

العلاقة بين كوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة تطورت إلى مستوى أعلى مع عقد مشروع براكة لإنشاء محطة الطاقة النووية في عام 2009.. في ضوء ذلك كيف تقيم الشراكة الاستراتيجية التي أبرمتها الدولتان بعد تسع سنوات من قرار مشروع براكة وإذا كانت لديك خطة للعلاقات الثنائية في المستقبل ما هو الاتجاه الذي ستقوده في هذا الصدد؟

لقد أقامت الدولتان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1980 وفي عام 2020 عندما يفتتح «إكسبو 2020 دبي» الذي يعتبر أكبر حدث دولي في تاريخ دبي سيحتفل البلدان بالذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

ولعب مشروع براكة للطاقة النووية دور البركة «بركة الله» بالفعل لكلا البلدين.. فبعد الشروع في المشروع دخلت الدولتان مرحلة الشراكة الإستراتيجية في عام 2009 ووسعتا ونوعتا آفاق التعاون إلى مجالات الدفاع والرعاية الصحية والثقافة والإدارة الحكومية والفضاء بالإضافة إلى المجالات التقليدية مثل الطاقة وبناء المحطات.

نتائج

ما هي المجالات التي تتوقع أن تشهد نتائج ملموسة فيها خلال الزيارة؟ وهل هناك مشاريع ذات أولوية؟

أولاً التعاون في مشروع براكة النووي.. فإن بناء محطة براكة للطاقة النووية ليس مجرد مشروع بناء ضخم بقيمة 18.6 مليار دولار. فبالنسبة لكوريا الجنوبية هو أول مشروع بناء محطات للطاقة النووية خارجها وبالنسبة للإمارات العربية المتحدة فإنها تمثل أولى المحطات النووية في العالم العربي.

وتمكنت كوريا الجنوبية من الحصول على عقد بناء المحطات رغم أنها لم تمتلك خبرة في بناء محطات الطاقة النووية في الخارج بفضل الثقة العميقة بين البلدين.. لذلك فإن مشروع براكة النووي عمل رمزي للتعاون بين البلدين.

وفي هذا الصدد فإن إكمال عملية بناء محطات براكة للطاقة النووية وإدارتها بشكل ناجح يتماشى مع مصالح البلدين ومن شأنه تعزيز العلاقات الثنائية.. لذلك يمكن القول إن النجاح في مشروع براكة يعد نجاحاً مشتركاً للإمارات وكوريا.

وخلال زيارتي للإمارات سأقوم بزيارة موقع براكة للطاقة النووية لتأكيد ثمار التعاون بين البلدين وبحث إمكانية توسيع التعاون في مجال الطاقة النووية.

وتشمل مجالات التعاون الأخرى ذات المنفعة المتبادلة والمستقبلية «الرعاية الصحية» و«العلوم والتكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات».

وفي مجال الرعاية الصحية تتعاون كوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة بشكل نشط منذ عام 2011 بعدما وقعتا مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الرعاية الصحية هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.

ويعد مجال العلوم والتكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مجالاً واعداً للتعاون في المستقبل.

وأعتقد أن كوريا تعد أفضل شريك لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تريد أن تكون قادرة على توفير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فترة قصيرة من الزمن.

إن تزايد حركة المواطنين بين البلدين بشكل يتناسب مع توسع العلاقات الثنائية ظاهرة إيجابية للغاية.. وفي هذا الشأن بلغ عدد مواطني الإمارات الذين زاروا كوريا حوالي عشرة آلاف شخص في حين بلغ عدد الكوريين الذين زاروا الإمارات حوالي 200 ألف شخص.

ويسرني تزايد الاهتمام بثقافة بعضنا البعض وعلى سبيل المثال تتزايد شعبية «موجة الثقافة الكورية» في الإمارات العربية المتحدة ويتزايد الاهتمام بالأغذية الـ «حلال» في كوريا مع وصول عدد السكان المسلمين في البلاد إلى 160 ألف شخص.. وآمل أن تساهم هذه الزيارة في توسيع التفاهم الثقافي المتبادل بين البلدين.

مذكرة تفاهم

تعتبر الرعاية الصحية في كوريا متقدمة للغاية ويبدو أنها مجال آخر يمكن أن تتعاون البلدان فيه.. فما رأيكم؟

وقعت كوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الرعاية الصحية في عام 2011 تعد الأولى من نوعها بين كوريا وبلد من بلدان الشرق الأوسط.. وتتعاون البلدان بنشاط في علاج المرضى الإماراتيين في كوريا وإدارة المستشفيات الإماراتية.

وعلى وجه الخصوص فإن عدد المرضى الذين يزورون مستشفى الشيخ خليفة والذي تتم إدارته من قبل مستشفى جامعة سيئول الوطنية منذ عام 2014 يتزايد عاماً بعد عام وهو مؤشر على الثقة المتزايدة حول التكنولوجيا الطبية الكورية المتميزة «حوالي 160 موظفاً طبياً كوريا».. وبلغ عدد مرضى العيادات الخارجية خلال عام 2015 حوالي 18 ألفاً و745 شخصاً وفي العام 2016 بلغ 51 ألفاً و265 شخصاً وفي الفترة من يناير إلى سبتمبر 2017 بلغ 54 ألفاً و554 شخصاً.

ولأن مجال الرعاية الصحية يرتبط بالحياة والجسم بشكل مباشر فلا يمكن أن يتم التعاون من دون الثقة الكاملة بين البلدين والشعبين.

اهتمام ثقافي

في الإمارات العربية المتحدة يتزايد الاهتمام بـ «K-POP» و«K-Food» وغيرهما من الثقافات الكورية.. كما أن الإمارات تحتفي هذا العام بـ «عام زايد» هل تخطط الحكومة الكورية لتنظيم أي حدث ثقافي بهذه المناسبة؟

علمت أن مواطني الإمارات العربية المتحدة يهتمون اهتماماً كبيراً بالثقافة الكورية في هذه الأيام والتي تشمل K-Pop والمسلسلات الكورية وحتى التاريخ والتقاليد والطعام الكوري وأعتقد أن من شأنه ذلك أن يؤدي إلى انطلاق كبيرة لتطوير العلاقات الودية بين البلدين.

ويعتبر «المركز الثقافي الكوري» الذي افتتح في شهر مارس من العام 2016 في أبوظبي من قبل الحكومة الكورية أول مركز ثقافي كوري في منطقة الخليج العربي وفي هذا العام سيتم تنظيم برامج ثقافية ضمن الاحتفال بـ «عام زايد» مشاركة للإمارات وشعبها في الاحتفاء بالقائد المؤسس الشيخ زايد.

بالإضافة إلى ذلك تعقد السفارة الكورية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة «مهرجان كوريا» في أبوظبي سنوياً منذ عام 2013 بالتعاون مع وزارة الثقافة وتنمية المعرفة وستعقد حدثاً احتفاء بالذكرى المئوية لميلاد الشيخ زايد في شهر أكتوبر المقبل.

وعلى وجه الخصوص يقوم بعض الفنانين الكوريين بإنتاج عدد من الأعمال الفنية تحت عنوان «الشيخ زايد» من بينها صورة فنية للوجه على أن يتم عرضها للشعب الإماراتي في شهر أكتوبر من هذا العام بمناسبة مهرجان كوريا.

قمة

من المتوقع أن يتم عقد القمة الثالثة بين الكوريتين في أبريل المقبل والمحادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في مايو المقبل وبالنظر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي يوحي اسمها بأنها تضع على رأس أولوياتها التوافق والاتحاد ما هي وجهة نظرك بشأن أوضاع شبه الجزيرة الكورية باعتبار الإمارات العربية المتحدة مثالاً للاتحاد في هذا الصدد.

بداية أعلم أن «الاتحاد للطيران» وهي شركة الطيران الوطنية للإمارات العربية المتحدة تحمل اسم «الاتحاد» وتدير الخط المباشر بين سيئول عاصمة كوريا وأبوظبي عاصمة الإمارات.

وأعتقد أن الإمارات العربية المتحدة مثال جيد على التكامل والاتحاد الحقيقي الذي يحتضن خصائص كل إمارة ويحقق الوئام والازدهار المشترك لها.

وإنه لأمر عظيم أن تصبح الإمارات دولة مستقرة ومزدهرة.. لقد تأثرت تأثيراً كبيراً بالرؤية الاستراتيجية للشيخ زايد وفكره وقيادته التي أدت إلى التكامل والتعاون والثقة ضمن دولة الاتحاد.

وتختلف الكوريتان اختلافاً كبيراً من حيث السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة بسبب سنوات طويلة من الانقسام منذ عام 1945.. فأنا وحكومتنا سنبذل كل الجهود لتخفيف التوترات والتغلب على الاختلافات من خلال الحوار والتبادل والتعاون بينه الكوريتين.

الرفيق قبل الطريق

قال الرئيس مون جاي إن رئيس كوريا الجنوبية من خلال رسالة إلى الشعب الإماراتي: في المثل العربي يقال إن «الرفيق قبل الطريق» ما يعني أنك يجب عليك البحث عن صديق يرافقك في الرحلة.

وعلى مدى العقد الماضي تطورت العلاقات الكورية - الإماراتية بشكل ملحوظ.. وفي الفترة القصيرة نسبياً وخلال عشر سنوات ارتفع عدد الكوريين الذين يزورون الإمارات بواقع 430 مرة وزاد حجم الاستثمارات الإماراتية في كوريا الجنوبية بقيمة 23 مرة، كما تم تعزيز حركة المواطنين والتبادل الثقافي ما أدى إلى توسيع نطاق التفاهم وتعزيز الصداقة والثقة، وأعتقد أن كل هذا سيكون أساساً قوياً يدعم تطور العلاقات بين البلدين من «الرفيق» إلى «الأخ» في الرحلة الجديدة ومدتها 100 عام.

تحضيرات الإمارات للثورة الصناعية الرابعة في الوقت المناسب

أكد الرئيس الكوري الجنوبي أن الجهود التي تقوم بها الإمارات للتحضير لعصر الثورة الصناعية الرابعة تعد جهوداً حكيمة وفي الوقت المناسب توفر محرك النمو المستقبلي للدولة.. ومن جانبها أنشأت كوريا لجنة الثورة الصناعية الرابعة وتسعى لقيادة «نمو الابتكار الذي يركز على الإنسان».

وقال: سوف تسعى كوريا لتحقيق نمو مشترك مستقبلي مع الإمارات العربية المتحدة التي تبذل أقصى جهودها لتصبح اقتصاداً قائماً على المعرفة.

وأضاف: في عصر الثورة الصناعية الرابعة من المتوقع أن تستبدل الآلات بالعمل البسيط وتصبح «الملكية الفكرية» مهمة في هذه العملية.. وتتعاون الدولتان لبناء نظام إدارة براءات الاختراع في الإمارات وهو النظام الذي عقد حفل افتتاحه في 28 فبراير الماضي ويعد مثالاً بارزاً في التعاون.. وسأواصل التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح مركزاً للملكية الفكرية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك سيتم إنشاء «مركز البحث والتطوير المشترك بين كوريا الجنوبية ودولة الإمارات العربية المتحدة» في جامعة خليفة ويمكن للخبراء من البلدين الاجتماع معاً للبحث والمناقشة.. ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى نتائج بحثية مهمة في مجالات الطاقة المتجددة والفضاء والصحة البيولوجية.

وقال: إن البلدين يتعاونان في مجال تطوير الأقمار الصناعية وقامت كوريا الجنوبية في هذا الصدد بتصدير إثنين من الأقمار الصناعية للإمارات وهما «Dubai-Sat1» و«Dubai-Sat2».. كما تتم عمليات التفتيش النهائي على القمر الصناعي «KALIFA-Sat» في كوريا منذ فبراير الماضي وهو أول قمر صناعي مصنوع من تكنولوجيا الإمارات العربية المتحدة.. وكما رأينا من قبل يتوسع التعاون بين البلدين إلى مجال التعاون التكنولوجي عالي القيمة وذلك للتحضير لمرحلة الثورة الصناعية الرابعة وآمل أن يستمر هذا التعاون في المستقبل.

Email