رعاية القيادة ومبادراتها المتفردة تحصّن فكرها وترسم مستقبلها

الطفولة في الإمارات.. قصص إبداع ونجاح وجمال

■ خطط عمل دقيقة تتبناها مختلف الجهات المجتمعية لصقل مهارات الأطفال وإكسابهم مستوى ثقافياً رفيعاً | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تتأخر أو تتوقف، يوماً، مشروعات ومبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة، الهادفة إلى السعي للارتقاء بثقافة الطفل وحفظ حقوقه وتأمين مستويات وظروف عيش متميزة له، وطبعاً، يأتي ذلك بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، والتي ترسخ وتؤكد على الدوام، أهمية إيجاد بيئة مجتمعية مثالية على صعيد احتضان الطفولة وتوفير مستلزمات الطفل كافة.

وبطبيعة الحال، تشترك في ذلك جهود كل الجهات الرسمية والمجتمعية.

وهو ما يترجم رؤى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، القائمة في جوهرها على إيمان ثابت بأن الطفل هو المستقبل، وهو البذرة الأساسية التي تنمو عليها المجتمعات، ما يوجب أن تتوفر له حياة كريمة تضمن نموه بشكل صحيح، وأن تتوفر له بيئة صحية، قادرة على تحفيزه وتفتح أمامه آفاق المعرفة والتعلم، وتجربة كل شيء.

وهو فعلياً، ما تتفرد به دولة الإمارات التي تتميز عن غالبية دول عالمنا برعايتها بالطفل والطفولة، والتي تهان في بعض مناطق العالم التي تجردت من الإنسانية.


وبطبيعة الحال، فإن ما تخطه الإمارات في حقل رعاية الطفولة وتأمين مستلزمات الطفل الفكرية والحياتية المتنوعة، بفضل جهود ومشروعات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في حماية الأطفال وتوفير البيئة الحاضنة لهم، من خلال إطلاق العديد من المبادرات الخاصة بالطفل، وهو ما تم ترجمته على الأرض، عبر الكثير من الفعاليات الثقافية والفنية، التي أولت الطفل أهمية عالية مع أنشطتها وبرامجها المسرحية والسينمائية، والثقافية المتنوعة.


وفي هذا السياق، يؤكد عدد من المثقفين والمسؤولين في مجموعة مؤسسات وفرق إبداعية، مهتمة بشؤون الطفل لـ«البيان»، أن اعتناء الإمارات بالآفاق والنواحي الفكرية والإبداعية لدى الطفل، لم يكن قاصراً عند حدود معينة، فقد امتد ليشمل المسرح والسينما، حيث تبرز في الخصوص جهود ومبادرات مركز الجليلة لثقافة الطفل، والذي يتبنى خطط عمل تفضي إلى تذخير ملكات الأطفال الإبداعية والمعرفية، وجعلهم عماد التطوير والبناء والتجديد.

كما تنوعت جهود المؤسسات والجهات الأخرى في هذا الصدد، وقد اجتهدت الحركة المسرحية المحلية في تقديم أعمال مخصصة للطفل، الذي لأجله تنظم سنوياً العديد من الفعاليات المسرحية، ولعل أبرزها مهرجان الإمارات لمسرح الطفل.


رؤية حكيمة
بداية، يقول الفنان المسرحي عمر غباش: استطاع المسرح في الإمارات، على مدى السنوات الماضية أن يساهم في تأصيل الهوية الوطنية والعربية، في نفوس مشاهدي مسرح الطفل، وذلك بطبيعة الحال يتماشى مع رؤية حكومة دولة الإمارات الرشيدة، القاضية بالاهتمام بالطفل الإماراتي والعربي على حد سواء.

كما ساهم مسرح الطفل على مدار 38 عاماً، في توسيع آفاق ومدارك الطفل في الإمارات، ترجمة لرؤية ونظرة الحكومة الرشيدة وتوجهاتها لسبر آفاق المستقبل لغدٍ مشرق لمواطني الدولة والمقيمين على أرضها.


ويضيف غباش: إن تجربة الحركة المسرحية في الدولة غنية بالأعمال المقدمة للطفل، وإذا نظرنا إلى تاريخها نجد أن مسرح دبي الأهلي قدم أول مسرحية للطفل في الإمارات في 1981، أي منذ 38 عاماً، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، وعروض مسرح الطفل في الإمارات تتوالى باستمرار.

ويأتي ذلك من خلال فعاليات مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي تنظمه جمعية المسرحيين، وبدأت به حين كنت رئيساً لمجلس إدارتها في 2005، واستمر المهرجان بشكل سنوي.

وفي العام الماضي انطلقت فعاليات العروض العالمية لمسرح الطفل والدمى في دبي بمشاركة محلية وعربية ودولية. وكل هذا الجهد الذي بذلته في الأعوام السابقة كان يصب في مصلحة الطفولة.

ولا شك أن إعلان مجلس الوزراء في الدولة 15 مارس من كل عام، يوماً للطفل في الإمارات، هو تتويج لكل الجهود السابقة في ثقافة الطفل الإماراتي.

ونحن نطمح أن تشارك المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة، إضافة إلى المؤسسات الحكومية المسؤولة عن الثقافة في الإمارات، في دعم كل الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية والأدبية الموجهة للطفل.


مبادئ وقيم
تقول موزة الرقباني نائب مدير إدارة العمليات، والمسؤول عن الاستراتيجية والمستقبل في مركز الجليلة لثقافة الطفل بدبي، لـ«البيان»: نهتم في المركز بتعميق مبادئ الهوية الوطنية في وجدان الأطفال وغرس روح الولاء والانتماء في نفوسهم من خلال الفنون، ونحرص على تجنيد إمكاناتنا وصياغة برامجنا لتنسجم مع هذه المسؤولية الوطنية والأخلاقية في الوقت ذاته، وقد كانت لنا تجارب ناجحة في جعل الفنون مدخلاً جذاباً لربط الأجيال الجديدة بموروثها الأصيل وجذورها التاريخية، منها: معرض «بدايات» الذي استعرض تاريخ الخزف في الإمارات، متتبعاً الشواهد الحضارية والمواقع الأثرية والتاريخ التجاري والاجتماعي لهذه المهنة، وقدم أكثر من 70 عملاً، لمحترفين وهواة من بينهم أطفال في سن الرابعة.

موروث شعبي

وتستطرد الرقباني: وعلى صعيد التعريف بموروثنا، قدم المركز العديد من الفعاليات في هذا السياق، منها فعالية «مود»، التي قدّم فيها أطفال المركز الفلكلور الإماراتي، إلى جانب أهم المقطوعات الكلاسيكية العالمية من الموسيقى الغربية والعربية وموسيقى الجاز.

إضافة إلى ما تقدمه إذاعة «بيرل إف إم» التابعة للمركز من برامج تعريفية لغير الناطقين بالعربية، والتي يتم من خلالها إلقاء الضوء على بعض المسميات ومفردات اللهجة الإماراتية والعادات المحلية، كما تم تخصيص برنامج كيدز كلوب في موسمه الحالي عن «عام زايد» وترجمات لأقوال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتعريف الجيل الجديد بالأسس التي قامت عليها دولتنا.


ضرورة قصوى
وتوضح الهنوف محمد، المستشارة الثقافية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أن الطفل الإماراتي مستقبل الوطن، وتعميق الهوية الوطنية إلى جانب المهارات الإبداعية والمواهب لديه، ضرورة قصوى.

وتتابع: تبذل الدولة جهوداً كبيرة في سبيل تقريب المعلومة التراثية من ذهن الطالب، وجعلها تنساب بيسر في بنيته المعرفية، ومن ثم تنعكس في ممارساته الحياتية والمجتمعية، اتجاهاً وموقفاً وسلوكاً، ولا بد من التأكيد أن المحافظة على العناصر التراثية التي تعزز شعور الولاء والانتماء للهوية الوطنية كل متكامل، وأن اختفاء أي عنصر من عناصر التراث الوطني، يشكل خطراً حقيقياً على بقية العناصر، لا سيما وأنه ربما يحل محله عنصر آخر قد يكون غريباً على هذه الثقافة.


وتستطرد الهنوف: علينا أن ننقل المعرفة بالتراث بكل معطياته التاريخية والثقافية وتفاعلاته الاجتماعية، إلى الأجيال الإماراتية الناشئة، وهذه مسؤولية مشتركة بين المؤسسات التربوية والتعليمية والمعرفية والسياحية والترفيهية والأسرية، حيث عليها جميعاً تشكيل الوعي بأهمية التراث ودلالاته، وتفاعلاته مع المنظومة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لدى أبنائنا وبناتنا، وطبعاً، لم يعد دور تلك المؤسسات مقتصراً فقط على إعادة اكتشاف الماضي أو الاحتفاء بالهوية، بل إنها مسؤولة أيضاً عن إنتاج المعرفة وتوظيفها في ميادين منهجية تسعى إلى ابتكارات جديدة، توجه الأجيال بوعي متجذر وممارسات بناءة. وتختم: إن دولتنا نموذج فريد في تنمية مواهب الأطفال.


اهتمامات
بدورها، تقول فاطمة مشربك، منسق مهرجان أول في مؤسسة «فن» ـ الفن الإعلامي للناشئة بالشارقة: إن الإمارات لم تغفل يوماً عن كل المشروعات التي تنمي عقل وثقافة الطفل، حيث سعت من خلال العديد من المبادرات إلى ترسيخ اهتمامها به وبثقافته، وتوسيع مداركه ومعارفه.

وبالتأكيد فإن إعلان مجلس الوزراء يوم 15 مارس يوماً للطفل الإماراتي، جاء تتويجاً لكل الجهود المبذولة في هذا الجانب، وفيه تأكيد على مدى اهتمام الإمارات ورعايتها للطفل وحقوقه المادية والمعنوية.


وتتابع: اهتمام الإمارات بالطفل لم يكن قاصراً في يوم ما على جانب واحد فقط، وإنما شمل كل المجالات، ومن خلال تجربتنا في السينما، فقد تجلى هذا الاهتمام بشكل مباشر، من خلال إقامة وتنظيم العديد من المهرجانات السينمائية التي تركز اهتمامها على الطفل، وبتقديري فإن الإمارات تكاد تكون السباقة في هذا المجال، حيث تمثل ذلك في تنظيم مؤسسة فن ـ الفن الإعلامي للناشئة، لمهرجان الشارقة السينمائي الدولي، والذي يتماشى مع اهتمامات الحكومة بالطفل، حيث سعينا من خلال المهرجان إلى تقديم وجبة توعوية دسمة للأطفال، إيماناً منا بأن السينما تعتبر وسيلة ثقافية فاعلة، فضلاً عن كونها وسيلة إعلامية توعوية مؤثرة، حيث يمكن من خلالها للطفل الانفتاح على الثقافات الأخرى، والتعرف إلى مجتمعه والمجتمعات الأخرى من خلال حكايات نابعة من صلبها.


وتشير فاطمة إلى أن قيام مهرجانات سينمائية متخصصة في الدولة، يؤكد قدرة الفن السابع على تشكيل ثقافة الطفل، وتأمين احتياجاته الترفيهية، مؤكدة في الوقت نفسه أن تجربة مؤسسة فن، في تدريب الأطفال على أصول الفن السابع، قد آتت أكلها، وأثبتت مدى قدرة الطفل على التعبير عن نفسه، وفق رؤيته الخاصة.

وتختم: «لقد دللت تجاربنا المختلفة في هذا الإطار، على أهمية منح الطفل الحق في تعلم الأشياء بنفسه، ودخوله لمجال صناعة السينما، يساعده بلا شك في إثراء معرفته ويزيد من ثقته بنفسه.


سفراء
يعتمد مركز الجليلة لثقافة الطفل بدبي على نسبة عالية من الكفاءات الإماراتية الشابة، الذين ترى فيهم إدارة المركز سفراء فعليين لإيصال وترجمة رؤاه في غرس وتعميق مفردات هويته الوطنية لدى الأطفال، وهو ما يجسد النظرة الثاقبة للقائمين على المركز، والتي تعكس حرصهم واهتمامهم الكبير بتنمية الطفولة والعمل على إعداد جيل سعيد وفاعل، بما يرفد إبداع الطفل الإماراتي ويعزز في نفسه حب الوطن والاعتزاز بالتراث والقيم الأصيلة والفخر بتاريخ الأجداد.

وفي إطار مشروعاته وخططه الفاعلة، يستضيف مركز الجليلة لثقافة الطفل، بين وقت وآخر، أطفالاً من جنسيات مختلفة للمشاركة في فعاليات متعلقة بمناسبات وطنية واجتماعية، يتم من خلالها التبادل الثقافي والتفاعل الاجتماعي بين الأطفال في بيئة محفزة على التواصل المعرفي والإبداع.

وفعلياً، باتت أنشطة المركز ومختلف فعالياته مصدر إثراء أساسي للأطفال من مختلف الشرائح والفئات، في ظل تنوعها وغنى مضامينها ونهجها المدروس.

Email