مقياس للتقدم وسبب لجذب الاستثمارات

الابتكار قيمة مضافة تعزز تنافسية الدولة

إياد محمد طنش

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر الابتكار من أهم المؤشرات التي أصبحت تؤخذ بعين الاعتبار لدى الجهات المتخصصة بإصدار تقارير التنافسية على المستوى الدولي.

لذلك اعتبرت العديد من الدول الابتكار مقياساً للتقدم، وسبباً لجذب الاستثمارات، ومحفزاً لإبداع في جميع المجالات، وفي هذا الإطار وإيماناً من القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بأن الإنسان هو رأس مالها الحقيقي، وأن بناءه يسبق البنيان، وأن العلم والمعرفة من أهم أصولها وسر حضارتها، وأن الانفتاح على حضارات العالم والاستفادة من تجارب من سبقها هو مفتاح قوتها.

فقد وجهت الحكومة بالاهتمام بالابتكار وبأصحابه، بأن جعلت من الابتكار قيمة مضافة لها وزنها في الاقتصاد الوطني وفي المجتمع ككل، على اعتبار أن الابتكار لم يعد خياراً وإنما أصبح ضرورة، وذلك سعياً منها لتعزيز تنافسيتها ووضع بصمتها على خريطة العالم في كل المجالات والميادين.

وبذلك وضعت الابتكار أحد المحاور الأساسية لرؤيتها 2021، واعتمدت شهر فبراير من كل عام شهراً للابتكار، وسنت العديد من التشريعات على المستوى الاتحادي والمحلي التي تحفز على الابتكار وتشجع المبتكرين.

يقول إياد محمد طنش المستشار القانوني في اللجنة العليا للتشريعات: يمكن تعريف الابتكار بأنه توجيه القدرات العقلية وتسخيرها في إيجاد فكرة جديدة، قابلة للتطبيق.

ومن هذا التعريف، يمكننا القول، إن للابتكار علاقة وثيقة بالتشريع، باعتباره عملاً فكرياً خلاقاً، يحاول وضع الحلول للمشاكل والتحديات التي يعاني منها المجتمع، وكذلك تبني المبادرات والسياسات التي تطلقها الحكومة في شتى المجالات من خلال قالب قانوني واضح وبسيط، قابل للتطبيق، وفاعل في تحقيق الغايات المرجوّة منه.

تفكير استباقي

ويتابع: في إطار هذا المفهوم للابتكار، بذلت الدولة، من خلال تفكيرها الاستباقي جهوداً كبيرة في إنشاء بنية تشريعية حديثة متينة ومرنة، تهدف إلى توفير بيئة مؤسسية حاضنة ومحفزة وداعمة للابتكار، وتشجيع أعمال البحث والتطوير في مجالات الابتكار، وتأسيس بنية تحتية تكنولوجية في معظم القطاعات الحيوية، من خلال إنشاء مجتمعات ومجمعات ومناطق مخصصة للابتكار.

وإيجاد مناخ مناسب لبناء الشراكات مع القطاع الخاص من أجل تحفيز أشخاصه على إنشاء مراكز الابتكار والبحث العلمي، وتبني أحدث أنواع التكنولوجيا، وكذلك تشجيع ودعم الشركات الوطنية لتنمية منتجاتها وخدماتها بطريقة مبتكرة، إضافة إلى جعل الدولة مركزاً عالمياً لاختبار الابتكارات الجديدة.

تشريعات

ونستعرض أهم التشريعات التي صدرت في شأن تعزيز منظومة الابتكار على مستوى حكومة دبي: المرسوم رقم (25) لسنة 2000 بإنشاء جائزة حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، التي من أهم أهدافها تشجيع روح المبادرة والابتكار في جميع المجالات العلمية والمساهمة في توفير بيئة وظروف تربوية وتعليمية حديثة ومتطورة ومشجعة للابتكار.

والقانون رقم (4) لسنة 2003 بإنشاء مُجمّع الصناعات الوطنية، الذي من أهم أعماله وأنشطته إنتاج النماذج الأولية من الابتكارات، كذلك القانون رقم (23) لسنة 2009 بشأن مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي من أهم مهامها وضع الشروط والمعايير اللازمة لترخيص مراكز حاضنات الأعمال، بما يتناسب مع احتياجات روّاد الأعمال، ويُسهم في دعم جهود الابتكار والإبداع في الإمارة.

كما صدر المرسوم رقم (34) لسنة 2011 بإنشاء جائزة الإمارات التقديرية للبيئة، والتي من أهم أهدافها تحفيز الأفراد والمؤسسات على البحث والابتكار الذي يوفر حلولاً للمشكلات البيئية أو يسهم في ترسيخ مفهوم استدامة التنمية، وصدر أيضا القانون رقم (10) لسنة 2012 بإنشاء مؤسسة الجليلة لدعم التعليم والأبحاث في المجالات الطبية، التي من أهم أهدافها تشجيع الباحثين، ودعم قدراتهم على الابتكار في المجالات الطبية المتخصصة.

ومن هذه التشريعات التي تعزز منظومة الابتكار على مستوى حكومة دبي، القانون رقم (15) لسنة 2014 بشأن المجمعات الإبداعية في إمارة دبي، الذي يعد من أهم أهدافه الارتقاء بمكانة الإمارة وتعزيز قدرتها التنافسية وجهة إقليمية وعالمية في مجال الإنتاج الإبداعي وجعلها مركزاً للمنتجات الإبداعية.

والقانون رقم (17) لسنة 2015 بإنشاء مركز محمد بن راشد للفضاء، الذي من أهم أهدافه تشجيع الإبداع والابتكار التقني في مجال قطاع الفضاء والعلوم الأخرى ذات العلاقة، ودفع عجلة التنمية المستدامة في بناء اقتصاد المعرفة، والقانون رقم (18) لسنة 2015 بشأن مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة.

والتي من أهم أهدافها دعم التطور العلمي في الدولة، من خلال تشجيع الإبداع والابتكار العلمي لدى المواطنين. كذلك القانون رقم (19) لسنة 2015 بإنشاء متحف المستقبل، الذي يهدف إلى دعم توجهات الدولة في تعزيز مسيرة الابتكار وتطوير بيئة تحفز على الابتكار، تتلاءم مع متطلبات الجيل الجديد في بناء مدن المستقبل الذكية وتعزز مكانة الدولة في تبني الأفكار والمبادرات المبتكرة، والمساهمة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار والتفكير المستقبلي.

وهناك القانون رقم (26) لسنة 2015 بشأن تنظيم نشر وتبادل البيانات في إمارة دبي، الذي يضع حجر الأساس التشريعي لبناء مدينة دبي الذكية وبناء اقتصاد رقمي جديد بالشراكة مع القطاع الخاص، ويعمل على ترسيخ ثقافة الإبداع، والإسهام في دعم المبادرات الابتكارية التي من شأنها تحقيق رفاهية العيش ومقومات النجاح في المجتمع.

إضافة إلى القانون رقم (29) لسنة 2015 بإنشاء مكتب مدينة دبي الذكية، الذي من أهم أهدافه رسم السياسات العامة والخطط الاستراتيجية والمبادرات على مستوى الإمارة في ما يتعلق بتقنية المعلومات والحكومة الذكية، بما يضمن التحول الذكي واستمرارية الإبداع والابتكار في هذا المجال واستحداث الخدمات الذكية المبتكرة وتطويرها.

كما صدر المرسوم رقم (36) لسنة 2015 بإنشاء جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، التي من أهم أهدافها تحفيز الأفراد والجهات العامة والخاصة داخل الإمارة وخارجها على الإبداع والابتكار وإرساء دعائم المعرفة والمساهمة في بناء اقتصاد المعرفة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وتعميق الثقافة المعرفية.

والمرسوم رقم (18) لسنة 2016 بإنشاء جائزة حمدان بن محمد للابتكار في إدارة المشاريع، التي من أهم أهدافها تطوير المشاريع من خلال ابتكار حلول ذكية ومستدامة وتكريم المبدعين والمبتكرين المتميزين في إدارة المشاريع على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

تدابير

اتخذت الإمارات بشكل عام، ودبي بشكل خاص، العديد من الإجراءات والتدابير اللازمة لمواجهة الوتيرة المتسارعة للتطور التكنولوجي والمعرفي الذي يشهده العالم.

حيث أصبحت تشريعاتها تتواءم إلى حد كبير مع تلك التطورات من خلال إدماج المعطيات التقنية المتطورة الجديدة والانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لها في التشريعات الصادرة عنها، وذلك من خلال صياغة الأطر القانونية اللازمة لتوفير البيئة الحاضنة لتنظيم صناعة الابتكارات من كل النواحي، واضعة نصب عينيها رفاهية وإسعاد المواطنين والمقيمين والزائرين.

 

Email