خلال محاضرة نظمها مجلس محمد بن زايد بحضور نهيان بن زايد

روبنسون: الإمارات مزيج رائع لمجتمع المواهب والإبداعات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقصر البطين مساء أمس، محاضرة بعنوان «المدارس الإبداعية وضرورة التغيير الشامل في الأنظمة التعليمية» ألقاها السير كين روبنسون الأستاذ الفخري بجامعة «وارويك» والخبير العالمي في مجال الإبداع والابتكار في مجال التعليم.

شهد المحاضرة سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والشخصيات العامة في الدولة.

وأكد روبنسون خلال المحاضرة أن دولة الإمارات تضم مزيجاً رائعاً لمجتمع يضم مواهب وإبداعات آتية من خلفيات ثقافية متعددة، لافتاً إلى أن ذلك يعد المحرك الأساسي لتطور المجتمع بشكل عام، وترسيخ وجوده على خريطة التنافسية في العالم في مختلف المجالات. وقال إن الإمارات تعد نموذجاً لافتاً لقوة التخيل لدى قيادة الدولة، حين نجحت في السنوات الأولى لقيام الاتحاد، في استثمار الثروات النفطية وتسخيرها في مجالات عديدة.

وأضاف: «إن بناء الدول والمدن، عادة ما يقوم على أسباب معينة، ترتبط باختيار الموقع والثروات وغيرها، إلا أن الإمارات نهضت من مجرد أرض خلاء واسعة، لتحقق خلال السنوات الماضية إنجازات تستشرف المستقبل».

ولفت إلى أن المشكلات الأساسية في الأنظمة المدرسية هي الاعتماد على التعريف الضيق لمعنى الموهبة والإبداع، والتي غالباً ما تركز على التميز في الجانب العلمي كالرياضيات والعلوم، لافتاً إلى أن الأنظمة المدرسية كما تعطي الأهمية للقراءة والكتابة والعلوم وضرورة النجاح فيها، يجب أن تركز أيضاً على تطوير قدرات طلابها الإبداعية ومواهبهم العلمية.

وأعرب المحاضر عن سعادته بتواجده في دولة الإمارات، وإلقائه محاضرة في مجلس صاحب السمو ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مبدياً إعجابه البالغ بمنتدى المعلمين الدولي «قدوة 2017»، الذي عقد في أبوظبي أخيراً، وذلك لاستعراضه أهم الأساليب الحديثة في التعليم من أجل المستقبل، وتناوله لأبرز القضايا التي تشغل المعلمين حول العالم، وأهم الأساليب التعليمية الحديثة لإعداد جيل من رواد الاختراعات والمبتكرين.

5 محاور

وركّز المحاضر على 5 محاور في محاضرته، شملت دور التعــليم في الكشف عن المواهب الدفينة والقدرات الإبداعية، والأهداف الأساسية الثلاثة للتعليم في القرن الحادي والعشرين، والإجراءات التي ينبغي أن يفعلها المعلمون والآباء وأرباب العمل في هذا الشأن، والأسباب التي دعت إلى الانتقال من النهج الصناعي إلى النهج العضوي في التعليم، والآليات الواجب أن يتبعها صانعو السياسات في تطوير العملية التعليمية.

وساق روبنسون مثالاً أن «اينشتاين»، أكد دوماً في نظرياته أن التخيل والتخمين يمثلان أساس الثروات العلمية الكبيرة، ما انعكس بالإيجاب على تطور الشعوب وتلمسها للمستقبل، واصفاً الإبداع بأنه الجناح التنفيذي للخيال والمحرك الرئيسي لعمليات التنمية والتطور التي شهدها العالم على مر العصور.

وقال إن «اينشتاين» بين من خلال نظرياته أهـــــمية ترسيخ ثقافــة الإبداع والابتكار لدى طــلبة العلم، مع التركيز على فهم التاريخ البشري وقوانين الطبيعة باعتبارها النواة الأولى التي تساعدنا على فهم المستقبل.

وشدد على ضرورة مواصلة النهوض بقطاع التعليم في مختلف دول العالم بحيث يكون هذا القطاع مواكباً لما يشهده العالم من تدشين لمشروعات عملاقة، تتطلب رؤى غير تقليدية في إعداد طلاب على درجة عالية من الابتكار والإبداع الذين يمكنهم من الانخراط في تخصصات علمية ترفد كافة المجالات بكوادر علمية متخصصة.

نظم التعليم

وأوضح أن كل دول العالم تسعى لإصلاح نظمها التعليمية، وكثير منها أدخلت تحسينات عليها ليس في دولة الإمارات فقط ولكن في معظم الدول المهتمة، لافتاً إلى أن الحكومات تعتمد في تحسين نظمها التعليمية على ثلاث استراتيجيات، أولاها وضع المعايير ثم الاختبارات والثالثة هو المنافسة.

وعرض صورتين لطلاب، الأولى لطلبة يؤدون اختبارهم داخل قاعة بشكل منتظم، وأخرى نشرت عام 2015 لمبنى لأحد المدارس بالهند يحاول فيها الأهالي تسلق أسوار المدرسة لمساعدة أبنائهم في أداء الاختبارات، وقامت السلطات الهندية وقتها بإدانة الأمر.

واستطرد: «هذه الصورة والتي تكررت في عدد من البلدان تعكس رغبة الأهالي في مساعدة أبنائهم ولكنه في حقيقة الأمر هو نوع من الفساد التعليمي، وللأسف الأهالي يحاولون دفع أولادهم للمنافسة وهو ما تقوم به بعض الدول أيضاً التي تتسابق على تصدر التصنيفات العالمية في مجال التعليم، وهو أمر خاطئ، ويجب أن ندفع بالتعليم في اتجاه الإبداع والابتكار وليس للمنافسة، لأن مجتمعاتنا المحلية صغيرة، والكوكب صغير ولا بد من التعاون العالمي لتطوير الأنظمة التعليمية التي تعتبر جزءاً من القيم.

موهبة الأطفال

وأضاف: «هناك افتراض أننا يجب أن ندفع أطفالنا لارتياد أفضل الجامعات وأنا لست ضد النظام الأكاديمي، حيث كنت أكاديمياً في يوم من الأيام ولكن الموهبة البشرية أكبر وأهم، والمدن أصبحت مكتظة وكبيرة و60% ممن يعيشون فيها لا يستطيعون أن يكونوا جزءاً من النظام التعليمي، وعندما نرى مشروعاً مثل مشروع المسجد الكبير، فيمكننا فهم أن من قام ببنائه ليس الأكاديميون، وصحيح أنه قام على النظريات العلمية ولكن من بناه هم المهنيون».

وأشار إلى أنه رغم أهمية الجانب الأكاديمي إلا أن النظم التعليمية تركز على جزء واحد وصغير فيه، بينما هناك فارق بين التعلم، التعليم والمدرسة، والجميع لا يستمتع بالتعليم داخل المدرسة ولكن لديه شغف بالتعلم.

المحاضر في سطور

يعد السير كين روبنسون أحد أبرز الخبراء العالميين في مجال الإبداع والابتكار في التعليم والأعمال، حيث عمل مع عدد من الحكومات في دول أوروبا وآسيا والولايات المتحدة ومع الوكالات الدولية و«الشركات الخمسمئة الكبرى» والمنظمات الثقافية الرائدة، كما ترأس لجنة وطنية حول الإبداع والتعليم والاقتصاد في الحكومة البريطانية، وكان الشخصية الرئيسية التي وضعت استراتيجية التنمية الإبداعية والاقتصادية في إطار عملية السلام في أيرلندا الشمالية.

وكان السير كين روبنسون واحداً من أربعة مستشارين دوليين لحكومة سنغافورة ممن وضعوا استراتيجيتها لتصبح مركز الإبداع في منطقة جنوب شرق آسيا، تم إدراجه ضمن قائمة «Thinkers50» التي تضم كبار المفكرين في مجال الأعمال في العالم، وفي عام 2003 منحته ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لقب فارس.

Email