15 تحدياً أمام بلو غ قطاعنا الصحي العالمية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إنجازات نوعية حققها قطاع الخدمات الصحية في الدولة، مقارنة بما كان عليه الحال قبل الألفية الثانية، لكن في المقابل واجه هذا القطاع ومازال يواجه قائمة متزايدة من التحديات والعقبات التي تقف حائلاً دون تحقيق وتلبية طموحات قيادتنا الرشيدة، التي أولت قطاع الرعاية الصحية جل اهتمامها ووضعته على قمة سلم أولوياتها، وصولاً بخدماتنا الصحية إلى المستويات العالمية.

وقد أجمع المسؤولون والأطباء الذين استطلعت «البيان» آراءهم حول مستقبل القطاع الصحي وواقعه والتحديات التي تقف في طريقه على جملة من التحديات يمكن إجمالها في 15 تحدياً واضحاً وإن كان يندرج تحتها أيضاً مجموعة من التحديات الفرعية التي يمكن العمل على حلها في حال تم التعامل مع التحديات الكبرى المؤثرة في مسيرة القطاع الصحي.

ولا شك في أن هذه التحديات تمنع ظهور ألق العمل المتواصل في تطوير البنى التحتية في القطاع الصحي والمشاريع الكبرى التي تخطط لها الوزارة والمؤسسات الصحية في الدولة، إلا أن استراتيجية واضحة تتعامل بجدية مع هذه التحديات كفيلة بأن تختزل الأوقات والمصاريف والجهود وصولاً لترسيخ دولة الإمارات وجهة للسياحة العلاجية ومستقراً آمناً صحياً للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض المعطاء.

1نقص الغطاء التأميني

الدكتور عبد الغفار عبد الغفور عمل وكيلاً مساعداً لقطاع الطب العلاجي في وزارة الصحة ووقاية المجتمع لأكثر من ثلاثة عقود يرى أن هناك جملة من التحديات التي تواجه القطاع الصحي في دولة الإمارات أبرزها التأمين الصحي، حيث يعتبر التأمين الصحي من أكبر التحديات التي تواجه القطاع الصحي في الدولة.

ويقول: لغاية الآن مازال أكثر من 70% من المقيمين و40% من المواطنين على مستوى الدولة بلا مظلة تأمينية، كما أن نسبة أخرى تحت مظلات تأمينية رخيصة لا تغطي إلا أبسط الحالات المرضية، أضف إلى ذلك ملايين الزوار القادمين إلى الدولة في كل عام فهؤلاء بلا تأمين صحي وتضطر أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية إلى استقبالهم وعلاجهم، ومازال العبء الأكبر من تحمل نفقات الخدمات الصحية تقع على عاتق الحكومات.

وأضاف أن موظفي الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المناطق الشمالية مثلاً مازالوا من دون غطاء تأميني ومعظمهم يعتمدون على الخدمات الصحية الحكومية لأن القطاع الخاص لا يستقبل من ليس لديه تأمين.

وأشار الدكتور عبد الغفار إلى عدم وجود شركات قوية قادرة على إدارة نظام التأمين الصحي ناهيك عن حداثة التشريعات والأنظمة والقوانين التي تنظم العملية التأمينية ومسؤولية كل جهة وعدم وجود أداة رقابية لمتابعة عمليات التأمين بالإضافة إلى عدم وجود جهة محايدة يلجأ إليها من تضرر من بوليصة التأمين، والذي يعد هو من أهم وأكبر التحديات التي تواجهها بعض الحكومات المحلية.

2 غياب الرقم الوطني الصحي الموحد

ويطفو على سطح هذه التحديات أيضاً غياب الرقم الوطني الصحي الموحد لكل مواطن ومقيم على أرض الدولة ما أدى إلى استنزاف قدراتنا المالية، فالمريض يخضع لنفس الفحوصات والتحاليل والأشعة في كل زيارة يقوم بها للطبيب نظراً لعدم وجود الربط الإلكتروني بين الجهات الصحية في القطاعين العام والخاص، لدرجة بات أول ما يتم السؤال عنه للمريض في المراكز الصحية والمستشفيات هو هل لديك تأمين صحي، للمبالغة بإجراء التحاليل الطبية مستفيدين من عدم وجود رقم وطني صحي موحد يضمن بأن لا يتكرر إجراء هذه التحليلات لا سيما في الفترات المتقاربة.

3عدم نجاح خطط التوطين

ومن أبرز التحديات أن نسبة توطين المهن الطبية والطبية المساندة مازالت دون الطموحات وأبقت مؤسساتنا الصحية تحت رحمة الأيدي العاملة المهاجرة التي تنتقل من مكان إلى آخر كلما لاحت لها في الأفق فرص وظيفية أفضل، مما يؤدي لإرباك العمل في مؤسساتنا الصحية.

يضاف إلى ذلك نقص القدرة الفنية البشرية وخاصة المواطنة في القطاع الطبي وهو من أكبر التحديات التي تقابل القطاع الصحي في الدولة، فالاستثمار في توطين هذا القطاع مازال بلا تخطيط، رغم ازدياد كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة مازال هناك قصور في تنمية وتدريب الأطباء العموم فلا توجد برامج تدريبية تخصصية للأطباء العموميين لتغطية النواقص في التخصصات الطبية المختلفة، كما أنه لا توجد برامج تدريبية في مجال مساعدي الصيادلة ومساعدي المختبرات ومساعدي الممرضات فجميع العاملين في الصيدليات الحكومية صيادلة وكذلك العاملين في المختبرات من حملة البكالوريوس، ولا يوجد مساعدون في هذين المجالين المهمين لأن دفع رواتب مجزية للصيادلة وحملة البكالوريوس في المختبرات يشكل عبئاً مالياً كبيراً ويستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية القطاع الصحي ومعظم العمل في الصيدليات والمختبرات يحتاج إلى مساعدين.

كما أن معظم الولادات في المستشفيات الحكومية تكون تحت إشراف الاستشاريين والأخصائيين مع أنه بالإمكان إعطاء هذا الدور لممرضات توليد وتكون تكلفتهن أقل.

كما يجب أيضاً وضع سياسة واضحة للتمريض وخاصة الذكور بعد أن أثبتت الدراسات التي أجريت أن ضعف الراتب والعمل الشاق والمناوبات الليلية تمنع الفتيات من الدخول في هذا المجال فمازالت الحاجة لهن للعمل في المراكز الصحية النهارية مساسه.

4 نقص قيادات الصف الثاني

وقال الدكتور عبد الغفار إن الهيئة الصحية للتخصصات الطبية التي وافق عليها مجلس الوزراء لم تفعّل لغاية الآن، كما أن هناك نقصاً في تطوير القيادات الصحية وخاصة قيادات الصف الثاني، حيث لا توجد برامج موجهة لهذه الفئة، كما أن التفاوت في الرواتب والمخصصات بين القطاعات الطبية المختلفة أدى إلى عدم استقرار هذه الفئات في أماكنها، بالإضافة إلى أن معايير التقييم والتعيين تتفاوت بين المؤسسات الصحية المختلفة فبعض الشهادات معترف بها في بعض الهيئات الصحية ومرفوضة من بعضها الآخر.

5 تسرب الكفاءات

وأفاد الدكتور عبد الغفار عبد الغفور بأن انخفاض الأجور في القطاع الحكومي أدى إلى تسرب الكفاءات المتميزة للقطاع الخاص، ولذلك يجب وضع آليات لجذب الأطباء والفنيين للعمل في الأماكن البعيدة عن المدن الرئيسية وزيادة وعي المواطنين بأهمية مهنة التمريض وجذب هذه الفئة وخاصة من الإناث فالحافز لهن يكون بالابتعاد عن المناوبة الليلية وتسكينهن في العيادات الخارجية ومراكز الرعاية الصحية.

6 ارتفاع المصروفات الإدارية

ومن التحديات المهمة أمام نجاح القطاع الصحي ارتفاع المصروفات الإدارية، حيث يتحمل ميزانية القطاع الصحي مبالغ هائلة ويجب أن يتم توجيه هذه المصروفات لوضع برنامج للحوافز لجذب الفئات المواطنة لهذا القطاع والتمييز في هذه الحوافز فأطباء الجراحة والنساء والولادة والتخدير والحوادث مثلاً لهم طبيعة عمل مختلفة عن غيرهم فيجب أن تكون لهم حوافز مميزة ويكون بدل المناوبة الليلية مجزياً حتى يقبل المواطنون على هذه النوعية من المهن.

7 نقص المراكز المتخصصة

وأشار إلى أن من التحديات الكبرى التي تواجه القطاع الصحي زيادة المراكز الصحية المتخصصة والعمل على الانتقال من الكم إلى الكيف، فالمستشفيات والمراكز الصحية متوفرة ولكن كيفية ونوعية وجودة تقديم الخدمات الصحية مازالت دون الطموحات المرجوة، والحاجة إلى الجودة النوعية في تقديم الخدمات الطبية ضرورية ومهمة ويحتاج القطاع إلى تحسين الخدمات الطبية باستمرار، فهناك سوء توزيع في توزيع التخصصات ونظام الرقابة على الجودة في المستشفيات وتفاوت في مؤشرات الخدمات الصحية في المناطق المختلفة.

8غياب التوزيع الدقيق للتخصصات

ومضى الدكتور عبد الغفار قائلاً: من بين التحديات التي تواجه القطاع الصحي حالياً غياب التنسيق بين الجهات والهيئات التي تقدم الخدمات الصحية، فالخدمات الصحية المتطورة مركزة في أبوظبي ودبي والشارقة وقليلة في الإمارات الأخرى، حيث إن هناك سوء توزيع في هذه الخدمات وخاصة أسرة العناية المركزة وحاضنات الأطفال.

وقال: لتطوير قطاع خدمات الرعاية الصحية لا بد من إعادة النظر في توزيع المراكز الصحية والمستشفيات في المناطق الشمالية وتوزيع التخصصات في هذه المستشفيات ودعمها بالمتطلبات الرئيسية كحاضنات الأطفال وأسرة العناية المركزة وإنشاء مركز متكامل للطوارئ والحوادث في إحدى مناطق الإمارات الشمالية.

صحيح أن كل جهة لديها أرقامها وبياناتها الصحية وتبني وتخطط وفقاً للمعطيات المتوفرة لديها ولكن غياب التنسيق والتخطيط أدى إلى توفر خدمات صحية ذات جودة عالية في بعض إمارات الدولة في حين هناك إمارات ومناطق أخرى مازالت تفتقر لها.

9 عدم وجود سجل وطني لأمراض منتشرة

بدوره قال البروفيسور نجيب الخاجة الأمين العام لجائزة حمدان للعلوم الطبية ورئيس مركز القلب السابق في مستشفى دبي، إن قطاع الخدمات الصحية في الدولة مازال بلا سجلات وطنية للأمراض المنتشرة في الدولة، وأضاف: يجب أن يكون هناك سجل وطني لكل الأمراض المنتشرة في الدولة للوقوف على نسبة انتشار الأمراض بين المواطنين والمقيمين، فالكل يتحدث عن ارتفاع نسبة انتشار الأورام في الدولة، ولكن لا يوجد هناك أرقام دقيقة مبنية على أسس علمية واضحة وملموسة وهذا ينطبق على باقي الأمراض أيضاً.

10 استثمارات لا تتعدى قضايا التجميل

ومن التحديات التي يجب إعادة النظر في وضعها أن الاستثمارات في القطاع الصحي باتت كلها مركزة على الأمراض الجلدية وطب التجميل «بوتكس فيلرز ونفخ الشفايف والخدود..».

11 الافتقار إلى مركز للأمراض الجينية

وشدد المختصون على أن ساحة القطاع الصحي في الدولة لا تزال تفتقر إلى وجود مركز للأمراض الجينية، رغم ارتفاع نسبة الأمراض المرتبطة بالجينيات بحكم ارتفاع نسبة زواج الأقارب، مشيرين إلى أن هناك غياباً كاملاً للأرقام والإحصائيات الدقيقة فيما يتعلق بهذا الخصوص، الأمر الذي يطرح تساؤلاً في غاية الأهمية حول الآليات التي يتم اعتمادها في التخطيط الاستراتيجي لتوزيع الخدمات، والدراسات وأهمية مجابهة الأمراض التي تفرض نفسها على المجتمع والتي لا تحتمل التهاون أو التأخير.

12 نقص تخصصات نادرة

وفي الوقت نفسه يظهر من بين التحديات أن بعض التخصصات مثل الأعصاب والأمراض الجينية والوراثية والعناية المركزة وغيرها لا يزيد عدد الأطباء العاملين فيها عن أصابع اليد، كما أنه في مهنة التمريض لا تزيد نسبة توطين عن 1% في بعض الهيئات وكذلك الحال بالنسبة للتخدير والتمريض، الأمر الذي بات يتطلب استراتيجية اتحادية لعشرات السنوات المقبلة لكي لا تبقى مؤسساتنا تحت رحمة أيدي الطيور المهاجرة.

13 إنشاء لجنة وطنية للأبحاث بالدولة

وطالب الدكتور عبد الله الخياط خبير الصحة والمدير التنفيذي السابق لمستشفى لطيفة، بإنشاء لجنة وطنية للأبحاث على مستوى الدولة، بدلاً من بعثرتها هنا وهناك وتشجيع الأبحاث الطبية من خلال إعطاء الفرصة الكاملة للأطباء للتفرغ لإجراء تلك الدراسات وتشجيع المواطنين على دخول هذا القطاع الحيوي المهم في القطاع الطبي.

وقال الخياط: الخدمات الصحية في الدولة الأفضل على مستوى المنطقة سواء من ناحية الكفاءات الموجودة أو الأجهزة والمعدات، ولكن الواقع الحالي والمستقبلي للدولة يتطلب مواكبة التطورات السريعة والمتلاحقة خاصة في ظل العولمة وامتلاك رؤية واضحة عن العلاقات التبادلية المختلفة بين العولمة وصحة السكان، بما في ذلك الربط بين النمو الاقتصادي والتنمية الصحية، وتحسين الصحة بوصفها مدخلاً للإنتاجية.

14 بعثرة الترويج للسياحة العلاجية

وأضاف الخياط: الجودة توضع في المرتبة الأولى ضمن أولويات الرعاية الصحية الأساسية، فالخدمات التي تقدمها الرعاية الصحية الأساسية ذات تأثير مباشر على حياة وصحة المواطنين وأسرهم، فالجودة إذن هي مفتاح النجاح في عالم يعتمد اليوم أساساً على التنافسية. وقال: يجب أن يكون التميز في تقديم الخدمة لدى المنشآت الصحية خاصة وأن قطاع الرعاية الصحية في تنام مستمر والكل يسعى داخل هذه المنشآت الصحية لتقديم خدمة متميزة ذات جودة عالية من خلال تطبيقهم لبرامج الجودة بالطرق العلمية والإحصائية الحديثة ووضع المعايير الملائمة وتقويم مستويات الأداء والمحافظة على مستويات عالية من الأداء الإداري والفني، وتكون بذلك استراتيجية متكاملة طويلة المدى تسير على نهجها المنشأة ويكون نتائجها مرضية لجميع الأطراف.

15 التطور القانوني والتشريعي

بدوره، قال الدكتور محمود طالب مدير المركز العربي للدراسات الجينية التابع لجائزة حمدان للعلوم الطبية، إن أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي في الدولة تتمثل في غياب القدرة الفنية والبشرية، إضافة للتطور القانوني والتشريعي، الذي يعد من أهم العقبات أمام محاولات اللحاق بالمتغيرات السريعة التي يشهدها القطاع الطبي.

وشدد الأطباء على أن تطوير القوانين والتشريعات الصحية مازال مبعثراً في الدولة بسبب وجود مرجعيات صحية عديدة، مشيرين إلى أن تجاوز التحدي يتطلب تفعيل دور المجلس الصحي برئاسة معالي وزير الصحة وعضوية مديري أو رؤساء الجهات والهيئات التي تقدم الخدمات الصحية ويكون لوزارة الصحة الدور الريادي والمحوري في توجيه سياسة هذا المجلس وتطبيق قراراته وبداية العمل تكون في وضع خطة شاملة طويلة الأمد ثم توزيع المهام على الهيئات المختلفة.

Email