قصيدة تستحضر حكمة زايد «ثروة الأمة في رجالها»

في عبارة مأثورة عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قال حكيم العرب ذات يوم «إن ثروة الأمة الحقيقية ليست في إمكاناتها لكن في رجالها، لأن الرجال هم الثروة الحقيقية، وهم من يصنعون مستقبل أمتهم»، وفي قصيدة «شيخ الرِّجال»، التي نشرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، يوم أمس، استحضر سموه هذا المعنى، حين وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بشيخ الرجال، وعماد الوطن وسؤددهُ، فبه مجد الإمارات اكتمل، حين أوكلتهُ أمرها، في حلها وعقدها، إذ هو من يتم به الأمر ويزول الخلل.

القصيدة النبطية، ذات الروي اللامي الفخم في دندنته الصوتية المجلجلة، جاءت في 34 بيتاً شعرياً، حملت مجموعة من الصور الشعرية والفنية، التي أبدع محمد بن راشد في رسمها، وهو يصف أخاه محمد بن زايد برأس الجبال، في أنفته وشموخه، من كان دوماً مضرباً للمثل في العزم والإرادة، ومن يسير وراءه جنده وشعبه في كل الأحوال، وعلى رأسهم سموه، حيث يقول:

شعبكْ وجندك وراكْ بكلِّ حالْ

                     وأنا اخوكْ اللِّي معكْ قولْ وفِعِلْ

 

راسْ الجبالْ

وقد كان الوصف الذي حمل سمت الجبال ورأسها وأقصى قمتها وهامتها، قوياً في شعريته وتخييله، إذ الجبال، تحمل الكثير من العزة والأصالة والصمود والثبات والقوة والمنعة والعلو، وكانت دوماً مداراً تخييلياً محبباً لتوصيفات الشعراء، إذ يراها عنترة العبسي مثالاً للبأس والشدة والشجاعة، حين يقول «خلقتُ من الجبالِ أشدَّ قلباً..»،

فيما يستحضر جرير «الرواسي» و«الجبال الشُم» وجهاً من أقوى أوجه الرزانة حين يقول: «أحْلامُنَا تَزِنُ الجِبالَ رَزَانَة ً..»، كما يقول المتنبي:

وكم من جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أنّني الـ

                        ـجِبالُ وبَحْرٍ شاهِدٍ أنّني البَحْرُ


سليل زايد

يعود محمد بن راشد إلى عنوان القصيدة، ومعدن الرجال الأصيل، من يشبهون الرواسي، ويطاولون زحل، وهم في ذلك لا يتركون تواضعهم ولا حلمهم، وسخاءهم وكرمهم، وغير ذلك من زاكيات الأفعال والصفات وعظيم الخصال، التي هي ليست بغريبة عن سليل زايد، وتلك الدوحة الكريمة من الآباء والجدود الكرام، فيقول إنه من يحملُ الكَل، بأحماله الثقال.

وما تلك الصفة إلا صفات القائد وزعيم القوم الهمام، الذي رفعه الله بتواضعه، وزاه في قلوب الناس محبة، لما يتمتع به من عظيم خصال التواضع، ويتجلى ذلك كثيراً في إكباره للضعاف والصغار، وحنوه الكبير عليهم:

خَذت منْ زايدْ زكيَّاتْ الفعالْ

                    في سخاهْ منْ المعاطي ما تِمَلْ

كما يعيد استحضار ذلك النسب الوارف، في تلائد ومفاخر البيت النهياني، في مواضع أخرى من القصيدة حين يقول:

زاكيْ الجَدِّينْ منْ عَمٍّ وخالْ

                   بيتْ مابهْ لا نقيصَهْ ولا بِخِلْ

 

توصيف بلا تكلف

ويبادل سموه بين الألفاظ في القصيدة الشعرية، كما في «شفا الشَّافي» و«وفا الوافي»، و«عضيلِهْ ما عِضَلْ»، في تنغيم يقرب المعنى، جاء في انسيابية شعرية رامت التوصيف بلا تكلف، ويشبه قول سموه في البيت:

وبك وفا الوافي وفاكْ بلا جدالْ

                   كلمتكْ وحدهْ ولوُ مهما حِصَلْ

 

قول الشاعر:

يجودُ علينا الخيّرون بمالهم

                    ونحن بمالِ الخيّرين نجودُ

 

سيد الوفاء

فمحمد بن زايد، بهِ يفي الوافون بوعودهم، إذ وفاؤه لا جدال ولا مراء فيه، وهو المحنك في السياسة والإدارة، ومن يعود إليه الأمر في كل مطلوب بين الدول، لحكمته وحنكته وحصافته وحسن تدبيره، إذ لا توقفه المعضلاتُ ولا الإشكالات، ولا تروم منه الحيل، لأنه فاهم للدنيا، لا تخفاه الحيل.

يستطرد سموه في وصف خصال محمد بن زايد، واستبشار رعاة العلم والتعلم به، من رأوا فيه اكتمال مجد الإمارات، وما دامت الأيام والدنيا سجال، فبعدله تعتدل، في يده الراية واللواء، يسير خلفه شعبه الوفي، يأتمرون بأمره ويمتثلون بالسمع والطاعة، إذ هو الرأس والقائد الذي لا بديل له، له الطاعة بلا جدال.

يتابع سموه بأن الأرواح ترخص في سبيله ومن أجل الوطن، إذ وصلت الإمارات بفضل حكمة محمد بن زايد إلى مراتب تفوق أحلام الخيال، وتلك مكانة ومنزلة كان من الصعب الوصول إليها لولاه، كما أن شعب الإمارات اليوم من أسعد شعوب العالم، بالعلم والتعلم والعمل بلغ أفضل مكانة في مصاف الأمم، حيث كان مجد الدار هلالاً لكنه اكتمل بدراً كسراج مضيء، بمجيئه:

كانْ مجدْ الدَّارْ في الأوَّلْ هلالْ

                      لينْ جيتْ وبكْ غدا بدرْ وكِمَلْ

 

حصن وأمل

يختم سموه قصيدة «شيخْ الرِّجالْ» بوصفه بحصن الدولة وأملها، فهو من صنع بتضحياته الكبيرة عزها ومجدها، لم يخذل شعبه ولا جنده، وظل في تدبيره وفعاله موفقاً، لا يروم سوى عزة بلاده، وأمان جيرانهِ، يعضده أخوه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، الذي وصفته القصيدة بسبعْ الجزيرة وبطلها:

تضحياتِكْ للوطَنْ عزْ وجلالْ

                   منتصرْ واللهْ لجندكْ ما خِذلْ

يعضدكْ سلمانْ في كلْ الحوَالْ

                   نعمْ بهْ سبعْ الجزيرهْ والبطَلْ

عشتْ بوخالدْ ومجدكْ في إكتمالْ

                  حصنْ دولتنا ومنْ فيهْ الأمَلْ

الأكثر مشاركة