مرضى المستشفيات الحكومية.. مواعيد طويلة الأمد

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من الجهود الحثيثة التي توليها وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتقليص فترات الانتظار في العيادات وتسريع دورة العمل في حجز مواعيد المرضى في العيادات الخارجية للمستشفيات التابعة لها، إلا أن شكاوى المراجعين ما زالت في تصاعد مستمر، ففي حالات متعددة يصدم المريض بواقع أن أقرب موعد لمقابلة الطبيب المختص أو إجراء عملية ما، هو بعد سنة من تاريخ الاستفسار عن جدول المواعيد المتوقعة والمقترنة بملفه الصحي وحالته التي تحتاج لمتابعة فورية.

وضوح الرؤية

وفي هذا السياق يقول فادي صادق: «لا بد من وجود تنسيق وتكامل لتحقيق أهداف المؤسسات الصحية في الدولة بتقديم الرعاية الصحية للمرضى دون الحاجة إلى المواعيد الطويلة، لافتاً إلى أنَّ التخطيط السليم لإدارة المؤسسة الصحية يعمل على الفهم الحالي للمؤسسة الصحية والتوقّع المستقبلي لها، بناء على إحصاءٍ دقيق لأعداد الأطباء مقابل أعداد المرضى وعدد المستشفيات والأسرة للمرضى في كل مستشفى وما يتبعها من خدمات أخرى، إلى جانب وضوح الرؤية أمام المسؤولين بما يدور داخل المستشفى من دون تداخل أو تنافر، والعمل على الاهتمام بالتوظيف لسد النقص أو العجز في الكوادر الطبية أو الفنية، إلى جانب الوقوف على مدى تحقيقها الأهداف المطلوبة في فترة زمنية محددة ومناسبة، لتحقيق الرعاية الصحية للمرضى وحل مشكلات المواعيد التي يواجهونها، وهذا الإجراء يساهم في توضيح مكامن الخلل فيما يتعلق بجدول مواعيد المقابلات الطبية بما يتناسب مع احتياجات المرضى وظروفهم الصحية، وبالتالي نستطيع الوقوف على الحل المناسب لهذه المشكلات.

مسؤولية

وتؤكد نجاة حسن أن اللوم لا يقع فقط على نظام تدوين المواعيد المتبع في المستشفيات الحكومية، فهي تعد من الخدمات المساعدة لتوفير أكبر قدر من الرعاية الصحية المتميزة، ولكن لا بد من النظر لمسؤولية المرضى في هذا الجانب، فالعديد منهم يأتون متأخرين عن مواعيدهم المحددة ثم يحتجّون على الانتظار ومنهم من يفعل العكس ويأتي أبكر من موعده ظناً منه أنه بهذه الطريقة يستطيع الدخول قبل موعده، وبالتالي يضطر للانتظار وقتاً إضافياً عن موعده المحدد، أما العامل الثالث المؤثر على تسريع إيقاع العمل المتعلق بحجز المواعيد وتقليص أوقات الانتظار في العيادات الخارجية التابعة للمستشفيات الحكومية فيقع على موظفي هذه الخدمة الذين لا يبدون تعاوناً وتواصلاً مع المراجعين والمرضى، ما يزيد من ثقل الجو العام في قاعة الانتظار، بينما لو توجّه الموظف إلى المريض في قاعة الانتظار بين الحين والآخر وقدم اعتذاراً عن التأخير، وأوضح له أنه موضع اهتمام وغير منسي لارتاح المريض أكثر، ولما شعر بثقل الوقت عليه.

احترام الوقت

وتقول نهى علي: «أضطر في كثير من الأحيان نتيجة الزحام ومواعيد الانتظار الطويلة في المستشفيات الحكومية إلى مراجعة المستشفيات الخاصة، خصوصاً أنَّ المواعيد قد تصل لعدة أشهر، كما أنَّ إجراء الأشعة والتحاليل الطبية يتطلَّب أيضاً مدة طويلة قد تصل لأسابيع في وقت تكون فيه الحالة بحاجة ماسة لفحص سريع وإعطاء العلاج المناسب، فالازدحام الكثيف يطغى على المشهد العام في العيادات الخارجية التابعة لمستشفيات وزارة الصحة ويكون عادة في ساعات الذروة، فمثلاً في الصباح يكون على أشده من الـ 10 إلى الـ 12 ظهراً، وهناك بعض الناس يتسببون في تعطيل المواعيد، حيث يتأخرون عن موعدهم الرسمي للدخول على الطبيب، وهذا الوضع العام هو كفيل بذهابي إلى المستشفيات الخاصة مقابل الحكومية، وقائمة الانتظار الخاصة بها والتي قد تصل تتراوح ما بين 3 لـ 5 أشهر، فسرعة الأداء واحترام قيمة الوقت الخاص بالمرضى والمراجعين معيار التفضيل وليس كما يشاع أن العلاج وخبرة الأطباء في تشخيص الحالة في المستشفيات الخاصة هو الأفضل، لكن جودة الخدمات وتقليص هامش الإجراءات هو الأساس.

معاناة يومية

ويوضح يحيى محمد أن الكثافة السكانية التي تشهدها عدد من المدن زاد من الضغط على المستشفيات الحكومية بشكلٍ كبير، ما زاد أعداد المرضى على قوائم الانتظار، وهو ما أصبح يشكل ظاهرة واضحة للعيان، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على أقسام الطوارئ في بعض المستشفيات الحكومية، مضيفاً أن الانتظار على أبواب العيادات الطبية يصبح أحياناً أشبه بالدوام الوظيفي، مضيفاً أن خدمات المستشفيات دائماً جيدة إلا أن مشكلة المواعيد هذه معاناة حقيقية، وتسبب في عزوف المرضى عن الذهاب إلى المستشفيات الحكومية ومراجعة الخاصة منها وذلك في بيئة صحية مريحة وتشخيص دقيق وعلاج مناسب، مُضيفةً أنَّ الأسعار الحالية في هذه المستشفيات تُعدُّ مناسبة جداً مقابل الخدمة الجيدة في ظل وجود التأمين الصحي، مضيفاً أن عدد المرضى يزيد، بينما عدد الأطباء لم يزد بنفس النسبة.

التنسيق المتكامل

وتؤكد سميرة أحمد أن من أهم الحلول لمواجهة المواعيد الطويلة هو التخطيط الذي يركز في التنفيذ الفعلي للحد من طول مواعيد المرضى، والتي منها تحديد المواعيد التي يجب أن تُنجز حسب الأولوية للمريض صحياً، إلى جانب التنسيق بين مواعيد المرضى من دون ازدحام، وكذلك إسناد هذا العمل إلى موظفين خاصين بمواعيد المرضى، مع إعطائهم قدراً مناسباً من الحرية في التخاطب والتنسيق مع الرعاية الأولية وتحميلهم مسؤولية ذلك، مع مراعاة المرونة في تحقيق مصالح المراجعين الصحية.

وأضافت أنَّ من أهم الحلول أيضاً التصنيف لجودة الرعاية الطبية الأولية ورفع مستواها العلاجي والتشخيصي، لتتناسب في أدائها مع مستويات المستشفيات الخاصة؛ من أجل كسب ثقة المراجعين، إلى جانب تفعيل دورها في كل منطقة، مع الرقابة والتقويم لمتابعة ما حققته من أهداف لخدمة المرضى بما يناسب حالاتهم الصحية والعلاجية، إلى جانب توفر التنسيق والتكامل بين الرعاية الطبية الأولية وبين المستشفيات عن الحالات التي تستدعي البقاء في المستشفى، كما يجب التنسيق بين متخصصين من الأطباء في المستشفيات بعد تشخيص حالة المريض بشكل دقيق، إلى جانب حفظ ملفات المريض إلكترونياً، ليسهل على الطبيب في الرعاية الطبية الأولية أو المستشفى الوصول إليها بسهولة، لمعرفة حالة المريض وتشخيصه من دون أن تتعرض للضياع أو التأخير عند حاجة الطبيب لها، وفي الوقت المناسب.

فقدان الثقة

وأوضحت زايا شهداني أن طول مواعيد المراجعة في المستشفيات الحكومية أمر غير منطقي مقارنةً بالصرف السخي الذي تعتمده الدولة سنوياً من ميزانياتها للصحة من أجل خدمة المواطن، مضيفةً أن ما يجده المواطن في المرافق الصحية عند حاجته لخدماتها أمر يدعو للاستغراب؛ لأن المريض يحتاج إلى شهور للحصول على فرصة للدخول على الطبيب، ثم الكشف عليه في ثوان معدودة، من دون أن يجد المريض أي تشخيص دقيق لحالته عن طريق التحاليل أو الأشعة، أو حتى يأخذ فرصته الكاملة في الفحص الدقيق من قبل الطبيب، مشيرةً إلى أنه حتى عندما يحدد لك موعد الساعة العاشرة صباحاً مثلاً بعد شهور وتأتي قبل الموعد بساعة أو ساعتين، تجد أنك لا تستطيع الدخول على الطبيب إلاّ بعد ساعتين أو ثلاث وبحجج واهية، فمرة لأن الطبيب يمر على المرضى في التنويم، ومرة جاءته حالة طوارئ، مؤكدةً أن هذه المواعيد طويلة، وربما يموت المريض قبل أن يأتي موعده؛ لأن بعض الأمراض لا تقبل التأخير وهذه المواعيد بالشهور وفي أحسن الظروف ربما زادت حالة المريض سوءاً، لأنه لم يجد الكشف المبكر على مرضه.

32

يطبق مشروع برنامج تقييم المستشفيات والمراكز الصحية لتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة في المرافق الطبية التابعة للوزارة من دبي وحتى الفجيرة، على 14 مستشفى و69 مركز رعاية صحية أولية، وفق 32 مؤشراً، منها 4 رئيسية عالمية، هي: وقت الانتظار للحصول على الخدمة، مستوى رضا المتعاملين، معدل أيام الإقامة، ونسبة نجاح العمليات، و28 من مؤشرات القياس الفرعي، أبرزها وقت الانتظار في أقسام الطوارئ في المستشفيات ونسبة التهابات الجروح، ويهدف المشروع إلى بناء قاعدة بيانات موحدة، وتوحيد آلية التقييم بين المؤسسات لضمان توفير بيئة صحية آمنة ومتفاعلة وتنافسية بين القطاعات الصحية المختلفة، وتعزيز السياحة العلاجية من خلال رفع المستوى التنافسي للدولة في المجال الصحي.

 استراتيجية

اعتمدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع العديد من المبادرات الرئيسية للخطة الاستراتيجية للقطاع على دراسة واقع الممارسات الصحية والطبية في الفترات السابقة، وبناء قاعدة بيانات، ومن ثم تطبيق ما جاء فيها من مبادرات، وترتكز المبادرات على قياس مؤشرات عدة مثل تقييم الأداء في المستشفيات، ومن أهم هذه المؤشرات، مؤشر وقت الانتظار للحصول على الخدمة، ومؤشر معدل أيام الإقامة، ومعدل إعادة الإدخال للمستشفى، حيث يتم قياس المؤشرات بشكل دوري، وتتم مقارنة النتائج المتحققة مع أفضل الممارسات العالمية، ويتم تطبيق هذه المبادرات بخطوات مرحلية ممنهجة.

2021

انسجاماً مع رؤية الإمارات 2021، وتنفيذاً للأجندة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي طالبت بضرورة حصول المرافق الصحية كافة، وفي مقدمتها وزارة الصحة على الاعتماد الصحي الدولي بحلول عام 2021، وتبنت الوزارة معايير الاعتماد الصحي الدولي لتقييم واعتماد منشآتها الصحية كافة، فقامت بتجهيز مرافق عدة لهذا الغرض، وحصلت حتى الآن 5 مستشفيات، إضافة لـ14 مركزاً.

نتائج

حققت النتائج النهائية لمستشفيات وزارة الصحة الكثير من الجوانب الإيجابية، من بينها تقليل وقت الانتظار في العيادات الخارجية للدخول على الطبيب إلى 38 دقيقة، بعد أن كانت في عام 2013، أكثر من 55 دقيقة، والتي وصلت إلى 30 دقيقة فقط بنهاية 2016، وقطاع المستشفيات يضع مؤشرات أداء لسهولة الوصول للخدمات، مثل فترات الانتظار من وقت تسجيل المريض حتى تلقيه الخدمة كاملة بناء على حالته الصحية، وسهولة الحصول على مواعيد لعمليات مجدولة تماشياً مع المؤشرات العالمية في هذا المجال.

خدمات إلكترونية

«بوابة المريض الذكية» بوابة إلكترونية من الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة ووقاية المجتمع والتي ترتكز على حجز مواعيد الزيارات والاستشارات الطبية مباشرة إلى جانب الحصول على مواعيد دقيقة ومراجعة الوضع الصحي منذ البداية وتخصيص ملف كامل للمريض إلكترونياً يحتوي على كل بياناته الصحية وزياراته الطبية والأدوية التي يتناولها وغيرها من المعلومات المهمة التي تفيد الطبيب في معرفة جميع ما يخص المريض وبالتالي تنخفض نسبة الأخطاء الطبية، حيث يتضمن هذا الملف أيضاً جميع التحاليل المخبرية والتقارير الطبية السابقة للمريض وبالتالي يسهل الوصول إلى ملف المريض في أي وقت بسهولة، أما عن حجز المواعيد فعندما يختار المريض الموعد المناسب له إلكترونياً تصله رسالة نصية على هاتفه المسجل به تؤكد حجز الموعد.

rbader@albyan.ae

صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم

Email