اللغة والقانون

توفر وتوافر

ت + ت - الحجم الطبيعي

ابتداءً يجب القول إن الكلمتين صحيحتان لغوياً وقانونياً؛ ولكن من غير الصحيح استخدامهما وكأنهما مترادفتان في المعنى، إذ أن لكل مفردة معنى مختلف وفق السياق والقصد.

ولأن من سمات اللغة القانونية أن تكون دقيقة في إيصال المعنى المراد؛ فلا بد من التفريق في استخدام الكلمات المتقاربة (وليس المترادفة) في المعنى، ولعل عنوان هذا المقال يوضح ما قصدته بالتقارب دون الترادف.

ولو عدنا لجذر الكلمتين لوجدنا أنه يتكون من الواو والفاء والراء، وتتفق معاجم اللغة على أن مادة (وفر) تدل على الكثرة والاتساع، غير أن الاشتقاق على صيغة (تَفَعَّلَ) في كلمة تَوَفَّرَ تفيد التجمُّع بينما تدل صيغة (تَفَاعَلَ) في كلمة تَوَافَرَ على التكاثر.

وغني عن القول أن الزيادة في المبنى تؤدي إلى زيادة في المعنى، لذلك لا يمكن تصور أن الكلمتين تؤديان المعنى نفسه، ومن ثم كانت مفردة توافر تزيد في دلالتها على معنى مفردة توفر، إذ أن كلمة توفر بصيغتها المصدرية «تَوّفُّر» تعني الوجود وهذا الوجود محدود بغض النظر عن عدده، قَلّ أو كثُر، بينما مفردة تَوَافُر تأتي بمعنى الوجود غير المحدود وهو التكاثر.

وبسبب ما تقدم فإننا لا بد أن نراعي في الصياغة القانونية استخدام الكلمة التي تمنح التشريعات المعنى المقصود، فإذا أردنا أن ننص على: «وجوب استيفاء الشروط في موضوع ما» فيلزم استخدام كلمة «توفر» لأن الشروط محدودة ومعدودة بطبيعتها.

فتكون العبارة على سبيل المثال: «يجب توفر الشروط التالية في المتقدمين للوظيفة القانونية في اللجنة»، ونلحظ أن العبارة لا تستقيم في حال استخدمنا كلمة توافر؛ لأن المعنى الذي تحمله مفردة توافر يتناقض مع محدودية الشروط، فلا يمكن أن تكون الشروط متكاثرة.

ومن أمثلة الاستخدام الصحيح لمفردة توافر قولنا: توافرت فرص النجاح، بمعنى تكاثرت واتسعت وأصبحت غير محدودة ولا معدودة.

Email