عبد الله بن زايد يشهد تكريم سعود الفيصل وجواهر القاسمي خلال القمة

«بيروت إنستيتيوت» تناقش تنازع القوى في المنطقة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، مساء أمس الأول حفل عشاء قمة «بيروت انستيتيوت» التي تستضيفها العاصمة أبوظبي، والذي أقيم لتكريم جهود كل من الأمير الراحل سعود الفيصل..

وزير الخارجية السعودي السابق، عميد الدبلوماسية العربية، وحرم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، في وقت واصل المشاركون في قمة «بيروت انستيتيوت» التي استضافتها العاصمة أبوظبي على مدار يومين بفندق سانت ريجيس أبوظبي، بحضور أكثر من 200 شخصية إقليمية ودولية مناقشاتهم أمس لمجمل القضايا والمشكلات القائمة في المنطقة العربية..

وشهدت أعمال اليوم الثاني جلسة حوارية بعنوان «إلى أين نحن متجهون؟ مستقبل منطقة مضطربة» وركزت الجلسة على مناقشة الدور المنتظر من منطقة الشرق الأوسط في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، وتفاقم أزمة اللاجئين وتنازع القوى العظمى في المنطقة.

جوائز

 وتسلم درع التكريم نيابة عنه الأمير خالد بن سعود الفيصل وبحضور الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، فيما استلمت جائزة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، نورة أحمد النومان، مدير عام المكتب التنفيذي للشيخة جواهر بنت محمد القاسمي.

ويأتي تكريم الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، لإسهاماته الجمّة في الشؤون الدبلوماسية العربية، حيث تولى الوزير الراحل حقيبة الخارجية السعودية طوال ٤۰ عاماً، فيما يأتي تكريم حرم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عن دورها الإنساني الرائد وجهودها اللامتناهية في خدمة قضايا الطفولة واللاجئين.

وفي هذا السياق، قالت راغدة درغام، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لبيروت انستيتيوت: «توفر القمة منبراً مثالياً لتتويج جهود الشخصيات المرموقة إلى جانب كونها منصّة حواريّة هامّة للمواضيع المتعلقة في المنطقة العربية. وعلى هامش القمة، قمنا بتنظيم حفل عشاء ضمّ نخبة من القّادة والمفكرين الذين قدّموا أكبر ما بوسعهم في العمل الدبلوماسي والإنساني.

فالجهود المتفانية للأمير الراحل سعود الفيصل والشيخة جواهر القاسمي تعتبر مثالاً يحتذى به للذين يودّون احداث تغييرات ايجابية حول تموضع المنطقة العربية في ظل الصعوبات التي تمر بها المنطقة العربية ككل».

حضر حفل العشاء أكثر من 200 شخصية دولية وإقليمية كانوا قد شاركوا في أعمال اليوم الأول من القمة التي تهدف إلى إعادة تموضع المنطقة العربية في الرقعة العالمية بما يتعدى الاقتصاد السياسي والتهديدات الأمنية.

 مسار إيجابي

وقال الدكتور إليوت إبرامز، نائب مستشار الأمن الإقليمي الأميركي الأسبق، إنه بإمكان الولايات المتحدة إيجاد مسار إيجابي لما تمر به المنطقة العربية من أزمات، خاصة فيما يتعلق بالموضوع الإيراني والحرب في سوريا التي نتج عنها آلاف القتلى وأكثر من مليون لاجئ.

ودعا إلى إجراء حوارات جادة بين الحكومات العربية والولايات المتحدة الأميركية، بحيث يتم وضع حد للتدخلات الإيرانية في دول عربية مثل اليمن ولبنان والعراق، معتبراً التدخل الروسي في سوريا إحراجاً لروسيا، وليس للولايات المتحدة الأميركية، لأن هذا التدخل يحمي نظاماً يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه..

ويدمر بلاده ويشرد ويقتل الملايين من أبنائه، مشدداً على ضرورة إيجاد مؤسسات ومنظمات عربية للوقوف أمام التدخل الروسي والإيراني الذي يدفع بقوات من الحرس الثوري وحزب الله اللبناني إلى سوريا.

فيما اعتبر نهاد المشنوق، وزير الداخلية والبلديات في الجمهورية اللبنانية، أن الإدارة الأميركية الحالية تتصرف على أنها إدارة سابقة في إدارتها للأزمات، وأن التدخل العسكري في سوريا والاتفاق النووي الإيراني هما العلامتان الفارقتان في الآونة الأخيرة، واصفاً التصرفات الإيرانية في المنطقة بأنها لا تبعث على الاستقرار، لا سيما بعد ضبط متفجرات في الكويت والبحرين وقبرص.

واستبعد المشنوق أن يكون هناك تعويل على الدور الأميركي خلال سنة على الأقل، معولاً على التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية ضد المليشيات الحوثية، واصفاً هذا التحالف بأنه بصيص أمل للمنطقة.

 مشكلة عربية

وقال نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، ان المشكلة العربية تكمن في اعتماد العالم العربي أكثر من اللازم على أطراف خارجية في تكييف أموره بالنظر إلى القضايا المطروحة، مشدداً على ضرورة استعادة العرب قرارهم ليس بالانعزال، وإنما بتنويع علاقاتهم رغم أن العملية تحتاج لوقت طويل..

لافتاً إلى أن مصر تقع على عاتقها مسؤولية أكثر من غيرها بحكم دورها التاريخي ومكانتها الإقليمية والدولية، داعيا إلى ضرورة إجراء إصلاحات داخل المنظومة العربية حتى يتم التعامل مع التحديات بحزم أكثر مما هو جار الآن.

من جانبه، دافع الدكتور فيتالي نومكي، رئيس دائرة الشرق الأوسط في معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الروسية للعلوم، عن التدخل الروسي في سوريا، مبرراً ذلك بأنه عملية ضد الإرهاب رافضاً إطلاق مصطلح «تدخل».

وأضاف: «العملية الروسية في سوريا تستهدف الإرهاب، وهي مرتبطة بملء الفراغ الذي أحدثته الحرب، إذ إن هناك فراغاً وخطراً إرهابياً يهدد روسيا لأن عدداً كبيراً ممن يسمون أنفسهم»بالجهاديين«من مناطق روسية مستعدون للعودة إلى روسيا، وبالتالي سيشكلون خطراً، ولن نسمح لهؤلاء الإرهابيين بتحويل سوريا مقراً لهم».

ولفت نوميكن خلال نفس الجلسة إلى أن العملية الروسية لن تستمر طويلاً في سوريا، وهي ليست دعماً للرئيس بشار الأسد، مستبعداً احتمال مشاركة قوات برية روسية في الصراع الدائر في هذا البلد، على عكس التدخلات من القوى العالمية الأخرى على حد تعبيره..

مشيراً إلى أن روسيا تدعو جميع الأطراف للتحالف ضد الإرهاب، نافياً استهداف الغارات الروسية لقوات المعارضة السورية زاعماً أنها تستهدف جبهة النصرة التي هي أحد فروع تنظيم القاعدة إلى جانب تنظيم داعش الإرهابيين، متوقعاً قيام روسيا بخطوات جديدة قريباً لتحريك عملية «جينيف 3» بشأن الأزمة السورية.

 تحقيق السلام

وربطت فاتو باسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، تحقيق السلام بتوفر العدالة والحقوق الإنسانية، مطالبة بإيجاد مساءلة للمتورطين بجرائم الإبادة والكراهية حول العالم، داعية إلى مصادقة المزيد من الدول العربية على لوائح المحكمة الجنائية، خاصة أن أربع دول فقط انضمت للمحكمة الدولية.

وقال عمرو موسى، الأمين العام الأسبق في جامعة الدول العربية: «إن ما سمي خطأ بالربيع العربي سبقه سوء إدارة الحكم في العديد من الدول العربية مع التباس في الأولويات، إذ أخذت الخدمات الأساسية أولوية منخفضة في مقابل الأولويات السياسية وتضخم الشخصيات السياسية، ما أدى إلى تراجع في كل عناصر الحياة وتخلف عن كل المجتمعات والدول الأخرى».

ومن جانبه، قال دانيلو ترك، الرئيس السابق لجمهورية سلوفينيا: «إن الديمقراطية تأتي من الداخل لأنها تتعلق بالاستجابة لاحتياجات السكان»، معبراً عن إعجابه بالتجربة التونسية كونها شفافة، وتحدث ممثلوها باسم الشعب، ما جعلهم يحظون بدعمه، وهو الأمر الذي أحدث الفرق في تونس على حد تعبيره..

مضيفاً: «إن القاعدة الأولى في هذا المجال أنه لا يجب أن يكون هناك احتكار من جهة واحدة، مشيراً إلى ما حدث في مصر، ومحاولة جماعة الإخوان تولي زمام الأمور ما أدى لفشلهم».

قدرات هائلة

ومن جهته، قال كيفن رود، رئيس وزراء أستراليا السابق، ورئيس معهد آسيا لسياسات المجتمع في الولايات المتحدة الأميركية: «إن المنطقة تمتلك قدرات هائلة وحققت الشركات في كافة القطاعات في عدد من الدول نجاحات كبيرة..

وهو ما يؤكد أهمية تطبيق استراتيجيات التنمية الاقتصادية ولا سيما في الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة»، مشيراً إلى ضرورة إعادة ظهور مؤسسات سياسية فاعلة تساعد في حل المشكلات القائمة بين الدول.

أما الدكتور برهم صالح، رئيس الوزراء السابق لإقليم كردستان العراق، ونائب رئيس الوزراء العراقي السابق: فقال: «إن الوضع العراقي فيه الكثير من الخصوصية، منها تبعات التدخل الخارجي..

والتركة الثقيلة للنظام السابق، والانقسام الداخلي، إلى جانب التغيرات الإقليمية، ما أعطى خصوصية للوضع العراقي، وأن العراق رغم الخيرات الكثيرة التي يتمتع بها، والثروات الطبيعية والموقع الجغرافي فضلاً عن المركز الحضاري، انتهت بكوارث على الشعب العراقي.

فواز العلمي: التجارة البينية بين الدول العربية حالياً لا تزيد على 13 ٪

في الجلسة الرابعة التي تناولت قضية اقتصاديات السياسات الجغرافية وفق رؤى القوى المحلية والإقليمية والعالمية وآخر محركات سياسات النفط والمتطلبات الأمنية إلى جانب أولويات التعليم والتنمية والتوظيف، قال فواز العلمي الرئيس التنفيذي للمجلس الاستشاري للتجارة العالمية في المملكة العربية السعودية في معرض حديثه حول الفرص الاقتصادية المتاحة في منطقة الشرق الأوسط ان العالم العربي هو الوحيد في العالم الذي سمي بلغته لأن اللغة العربية هي الوحيدة التي تسيطر على الوطن العربي..

وهو يشكل نصفاً في المائة من سكان العالم ويمتلك 23% من ثروات العالم ولديه 48% من الطاقة في العالم، ومع ذلك فإن 42% من الشعوب العربية يعيشون تحت خط الفقر، و36% يعانون من الجهل، و27 % من البطالة.

وأضاف: ان ذلك حدث لأننا خلطنا بين التغيير والإصلاح وأعطينا السياسة المكانة الأولى في حين أن مكانها الطبيعي المكانة الأخيرة، مؤكدا على أن الاقتصاد يجب أن يكون في قائمة الأولويات، وسرد فواز نماذج من أوروبا التي اصبحت الآن دولاً متكاملة مع بعضها البعض بعد حروب طاحنة استمرت بينها لمدة طويلة.

وأشار إلى أن العالم العربي لكي يتغير عليه أن ينسى نظرية المؤامرة وأن يبدأ بالإصلاح ولديه القوى البشرية والإمكانيات، لافتا إلى أنه لا يعقل أن تبدأ اتفاقية التجارة العربية الحرة في الثمانينيات بتوقيع 17 دولة عربية عليها تنتهي إلى ما انتهت إليه اليوم حيث لا تزيد قيمة التجارة البينية بين الدول العربية عن 13% حاليا.

وقد شارك في الجلسة التي أدارتها نادين هاني من قناة العربية كل من الدكتور صالح جلاد المستشار المالي لشركة اتحاد المقاولين العالمية والدكتور باسم عوض الرئيس التنفيذي لشركة طموح الاستشارية في دبي وماثيو سبينس نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط والدكتور محمد نضال الشعار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السابق في الأردن..

وفواز العلمي الرئيس التنفيذي للمجلس الاستشاري للتجارة العالمية في المملكة العربية السعودية.

من جانبه أكد ماثيو سبينس أن الولايات المتحدة الأميركية لم تغير سياساتها في منطقة الشرق الأوسط وليس صحيحا أنها لم تعد تهتم بتلك المنطقة وإنما قامت بدور قيادي بمساعدة الدول الإقليمية، لافتا إلى أن التدخل الروسي في سوريا مؤخرا جاء لإبعاد الأنظار عن مشكلة أوكرانيا.

ربيع مؤذ

قال السفير روبرت بلاكويل، زميل سابق في مجلس العلاقات الخارجية: «إن ما يسمى بالربيع العربي كان مؤذياً للعالم العربي من حيث القضاء على الاستقرار في المنطقة»..

مشيراً إلى أن الحوكمة لم تنبثق من الشارع، وأن المشاكل في الشرق الأوسط إذا لم تعالج ستؤدي إلى الهلاك. وبدوره، قال مصباح الأحدب، نائب سابق في البرلمان اللبناني، ورئيس لقاء الاعتدال المدني "إن النظام الدولي أثبت ضعفه ولم يقدم أي مساعدة للشعوب العربية للوصول إلى بر الأمان بعد ثورات الربيع العربي، بل غض الطرف عما يحدث من حالات تهجير وقتل تشهدها بعض دول المنطقة، وذلك في ظل غياب خطة عربية واضحة للخروج من هذا المأزق.

Email