السكتة الدماغية.. القاتل الثاني

ازداد في الآونة الأخيرة انتشار حالات مرضى السكتة الدماغية في كافة أنحاء العالم، ما استدعى تكاتفاً كبيراً من كافة المهتمين في القطاع الصحي، ابتداء بشركات الأدوية العالمية وصولاً للمستشفيات، وانتهاء بالأطباء والعاملين في الكادر الصحي، ويعتبر مرض السكتة الدماغية السبب الأول لحدوث الإعاقة لدى البالغين، والثاني للوفاة في العالم، بعد الأمراض القلبية..

وتشير المؤشرات العالمية إلى تضاعف حالات الوفاة الناجمة عنه مع حلول عام 2030، لتصبح السكتات الدماغية تدريجياً مشكلة صحية خطيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة أن هناك 20 مليون مصاب بالعالم يتوفى منهم 5% سنوياً، فضلاً عن ارتفاع كلفة العلاج، التي بلغت بالولايات المتحدة وحدها 70 مليار دولار في عام 2010.

وقال الدكتور سهيل عبد الله الركن، استشاري الأعصاب ومتخصص السكتة الدماغية في مستشفى راشد، الذي يضم مركزاً معتمداً متخصصاً بالدولة، إن عدد المرضى المصابين في الإمارات بلغ 7 آلاف شخص سنوياً، وإن هناك مريضاً مصاباً كل ساعة بالدولة، فضلاً عن أن 50 % من المرضى تكون أعمارهم أقل من 50 عاماً،..

وهو ما يمثل تحدياً كبيراً للمؤسسات الصحية، لافتاً إلى أهمية نشر الوعي والتثقيف الصحي بأسباب وطرق الوقاية منه، التي تصيب 150 شخصاً من بين كل 100 ألف شخص على مستوى العالم.

خلل تدفق الدم

وشرح الركن أن مرض السكتة الدماغية، ينشأ نتيجة خلل مفاجئ في تدفق الدم إلى جزء من الدماغ، ما يساهم في إحداث خلل في مهام الجسد، ويستغرق هذا الخلل سنوات قبل أن تكون نتيجته انسداد أوعية دموية في الدماغ، أو حصول تخثر للدم نتيجة تراكم الدهون والكوليسترول..

كما يمكن أن تحصل تلك الإعاقة الدموية، بفعل جلطة دموية تصل إلى الدماغ من جزء آخر من الجسد، ومن أسبابها أيضاً ضعف جدران الأوعية الدموية الذي هو نتيجة تسارع أو ارتفاع ضغط الدم عادة ما يخرج عن السيطرة، ويمكن أن يسبب ذلك الضعف انفجاراً في الجدار الضعيف لذلك الوعاء الدموي، وعندها يحصل نزيف ويتسرب الدم إلى خارج الأوعية الدموية في الدماغ.

أنواع السكتة الدماغية

وأشار إلى أن هناك أربعة أنواع من السكتات الدماغية، أكثرها حصولاً وشيوعاً السكتة الدماغية التجلطية أو التخثرية، وهي أكثر أشكال السكتة الدماغية حدوثاً.

وتشكل ما نسبته 40 بالمئة من كل أنواع السكتات الدماغية، ويأتي النوع الثاني وهو السكتة الدماغية الانسدادية، وهي مسؤولة عن 30 بالمئة من حالات الإصابة بالمرض، وتحدث نتيجة انسداد في أحد مجاري الدم، وثالث السكتات يحدث نتيجة نزيف بالدماغ، ورابع هذه الأنواع يكون نتيجة للنزف تحت الغشاء العنكبوتي حول المخ.

الساعة الذهبية

وأكد الدكتور الركن أن الوقت يعتبر عاملاً حاسماً في المحافظة على الدماغ، وعدم التعرض لسلبيات أكثر وهذا ما يطلق عليه الأطباء (الساعة الذهبية)، وفيها يتم تدارك الأعراض الأولية، وفي حالة تأخر الإسعافات يؤدي ذلك إلى تلف جزء كبير من خلايا الدماغ، تصل في بعض الأحيان لموت مليوني خلية دماغية كل دقيقة في حالة السكتة الحادة..

ولذلك يعتبر الفحص السريري الإكلينيكي وتأكيد التشخيص بالتصوير الطبقي للمخ أحد الإجراءات الصحيحة والسريعة لتجنب المضاعفات، وشدد على أنه يجب أن يحضر المريض إلى المستشفى في خلال 10-15 دقيقة ويفحص في مدة لا تزيد على ساعة ليتمكن الطبيب من تحديد العلاج المناسب في أقل من ثلاث ساعات من ظهور الأعراض.

التدخين والبدانة أسباب رئيسية

أما عن أهم أسباب السكتات الدماغية فلفت الدكتور الركن إلى أن التدخين والبدانة، وارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى الاضطرابات الاستقلابية، وأنماط الحياة المستقرة الروتينية التي تعتمد على قلة الحركة، كلها تعتبر أسباباً مباشرة لحدوث السكتات الدماغية المفاجئة، ويجب على الأشخاص العاديين محاولة تجنب هذه الأعراض قدر الإمكان، نظراً للخطورة الكبيرة على حياتهم في حالة إهمال هذه الأسباب.

علامات وأعراض

وأبان أن أعراض السكتة الدماغية، تبدأ عادة بالصداع والدوخة، وتغيرات في قدرة الوعي الذهني، مع صعوبة في النطق والبلع وضعف أو شلل في أحد أطراف الجسم، وكلها علامات إنذار..

ويمكن أن تختفي في أقل من 24 ساعة، كما يمكن أن يشعر المريض بالوهن والضعف في الوجه، أو إحدى الذراعين، أو بصعوبة في الكلام، أو فقدان التوازن والسقوط على الأرض دون سبب واضح، إضافة إلى عدم القدرة على الرؤية أو ظهور غشاوة مفاجئة عليها أو ضعفها في إحدى العينين أو كلتيهما.

المستشفى فوراً

ونصح سهيل بأنه في حال ظهور أحد هذه الأعراض، فيجب على الشخص حينها التوجه فوراً إلى أقرب مستشفى، وغالباً ما تكون هناك علامات إنذار قبل حصول السكتة الدماغية، يجب أن ينتبه المريض إليها، وبما أن علامات الإنذار قد تختفي بسرعة، فهذا لا يعني أن المشكلة المرضية المسببة قد زالت، لذلك فإن هذه العلامات يجب أن يكتشف سببها ويعالج لمنع حصول إعاقة دائمة.

مركز علاج في مستشفى راشد

قال الدكتور سهيل عبد الله الركن إنه تم إطلاق مركز علاج السكتة الدماغية في دولة الإمارات خلال العام الماضي بمستشفى راشد، وساعد المركز بنجاح كبير في خفض معدلات وفيات المرضى، لافتاً أنه كلما طالت الفترة الفاصلة بين حدوث السكتة الدماغية ومعالجتها، ازدادت فرص الإصابة بالتلف الدماغي الناجم عنها.

ولذلك يسهم التدخل الطبي الفوري، عقب ظهور أعراض السكتة مباشرة في تحسين فرص بقاء المرضى على قيد الحياة ويزيد من فاعلية إعادة تأهيلهم.

الأكثر مشاركة