المرأة الإماراتية نموذجاً صادقاً في الإرشاد الأسري

:أفادت الدكتورة فاطمة المغني في المجلس الرمضاني النسائي بعنوان " واقع وتطلعات الإرشاد الأسري في خورفكان " الذي استضافته في منزلها الكائن بمنطقة المديفي، بتنظيم من جريدة " البيان": إلى أهمية أن تكون المرأة الإماراتية نموذجاً صادقاً في الإرشاد الأسري في مختلف مجالات حياتها خصوصا في هذه المرحلة، كونها نواة الأسرة التي باتت تمر في تغيرات وتحديات كبيرة تطال العلاقات الإنسانية نتيجة إيقاع العصر الحديث واختلاف متطلبات الحياة، وذلك وفق خبرتها التي تجاوزت الـ 30 عاما في مجال الإرشاد والتوجيه الأسري. مشيرة إلى أن الإرشاد الأسري يعتبر عمل اجتماعي تفاعلي قديم الأزل يتواصل فيه الفرد صغيرا كان أو كبيرا مع المجتمع بشكل ايجابي.

وأكدت إلى أن المجلس يهدف إلى نشر الوعي المجتمعي بأهمية الإرشاد الأسري عبر دراسة واقع واحتياجات هذا المجال بالمنطقة، وإبراز أهميته في مؤسسات المجتمع، ورفع مستوى العاملين في التعامل مع المشكلات الأسرية، وهو ما يتوافق مع رؤية الإمارات الوطنية 2021 المتمثلة في " التنمية الاجتماعية المستدامة لأسرة واعية ومجتمع متماسك ".

حضور لافت

حيث حظي المجلس بحضور لافت مكون من مريم مراد مديرة مركز التنمية الاجتماعية فرع خورفكان، وأمل العماني منسقة الإصلاح الأسري بمحكمة خورفكان الابتدائية الاتحادية، ودلال المنصوري مديرة فرع التنمية الأسرية، إلى جانب رقية جراع الريايسي مسؤولة قسم الاتصال بفرع جمعية الشارقة الخيرية وآمنة الحمادي مسؤولة العلاقات العامة بفرع دائرة الخدمات الاجتماعية. ومشاركة كل من شريفة البلوشي قائد فريق ( ساند ) البرنامج الوطني التطوعي للاستجابة في حالة الطوارئ و فاطمة علاي وشيخة النقبي مديرتي مدرسة سابقتين، وسامية زينل منسق التخطيط للبرامج بالمنطقة الشرقية لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة فرع كلباء وميسون العماني ورقية إبراهيم منسقات إداريات. وعدد من الأمهات والمهتمات بهذا المجال.

توصيات

وأكدت المشاركات من خلال التوصيات: إلى وضع تصور أنموذج موحد نموذجي لمجلس توجيه وإرشاد أسري يطلق عليه " مجلس العائلة " بتوجيهات عليا يضم كبار الخبرة من ذوي الثقة في المدينة رجالا ونساءً، إلى جانب عضو يمثل كل جهة مختصة، في تجسيد مهامه في إدارة تعنى بذلك، يكون هدفها الأساسي تفعيل الدور الاجتماعي والتوعوي والتنموي. بالإضافة إلى توحيد وتنسيق جهود خدمات وبرامج الاستشارات الأسرية التي تقدمها القطاعات المختلفة حكومية وأهلية بغرض رفع كفاءة الأداء الإرشادي.

وطالبن بتنظيم حملات توعية حول دور الإرشاد في الارتقاء بالعلاقات الأسرية، فضلا عن إنشاء مرصد أسري يهتم برصد القضايا الأسرية المستجدة في المجتمع بالتنسيق مع الجهات الرسمية والخيرية، وأيضا تعزيز البحث حول الموضوعات المتعلقة بالإرشاد الأسري، ودمج مبادئ الإرشاد الأسري ضمن الإرشاد التربوي في المدارس والإرشاد النفساني في الجمعيات والمراكز الاجتماعية، وكذلك تفعيل التوجيه والإرشاد لطلبة المدارس ابتداء من الصف العاشر.

محاور

واستهل المجلس بالحديث عن المحور الأول المتعلق بالتعريف عن الإرشاد الأسري وتقديم شرحا حول مفاهيمه المستخدمة في كل جهة مختصة بخورفكان في استراتيجيات سواء وقائية أو إرشادية أو علاجية، والتعرف على ماهية الخدمة وبرامجها وآلياتها المستخدمة، إلى جانب توضيح التحديات التي تواجههم في هذا الشأن، وتأتي في مقدمتها عدم ثقة المجتمع بأهمية طلب خدمة الإرشاد الأسري وبخاصة مجتمع خورفكان الذي يعتبر نسيج أهليا متداخلا مع بعضه البعض، والخوف أو الخجل من طلب  الخدمة، إضافة إلى حساسية المشكلات وعدم قدرة الناس على الحديث عنها ومن ذلك الخوف من معرفة المعالج اسم الأسرة أو العائلة. ومحدودية المبادرات المجتمعية، ناهيك عن الخلط في مستويات الإرشاد ذاته.

كما واستعرض محورين آخرينـ وهما: أهمية الوعي الأسري ببرامج الإرشاد الأسري وفاعلية برامجه، فضلا عن عرض لتجربة قسم الإصلاح الأسري في محكمة خورفكان الابتدائية وتجربة د. فاطمة المغني في هذا الجانب.

مناقشات ومداخلات

ففي البداية، بينت دلال المنصوري إلى أن الإرشاد الأسري في بعض الجهات المختصة حقق نجاحات لا بأس بها على الرغم مما يحوط هذه المهنة من إشكالات وتحديات ملحوظة في المجتمع، وهذه النجاحات المتحققة من أقسام الإرشاد الأسري تمّت على الرغم من قلة من يتجه لها ممن يعانون من مشكلات أسرية، والذي يعود إلى عدم الثقة في المهنة بشكل عام من جانب،  إضافة إلى ثقافة المجتمع تجاه الإرشاد الأسري بحكم حداثته من جانب آخر.

كما وأشارت مريم مراد إلى أن المجلس فرصة كبيرة لخلق نواة مستقبلية للعمل الإرشاد الأسري في خورفكان، والبعد عن العشوائية في طرح البرامج الأسرية، إضافة إلى وضع توصيات مهمة من شأنها سد أي فجوات في الإجراءات الحقوقية أو الاجتماعية أو التنظيمية وخصوصا ومع اقتراب افتتاح محكمة الأسرة بتوجيهات من صاحب السمو حاكم الشارقة.

من جانبها، أكدت رقية الريايسي إلى أهمية تكاتف وتواصل الجهات التي تسدي خدمات الإرشاد والتوجيه الأسري وتوحيد الجهود وتحديد التوجهات في برامجها عبر وضع إستراتيجية متكاملة لها، وخصوصا وإن الجمعية الخيرية لم تعد تعني فقط في توفير المستلزمات المادية والعينية والتبرعات للمستفيدين من خدماتها بل باتت تنوع وتوسع في أنشطتها المجتمعية ولديهم مبادرات خاصة بهذا الخصوص.

وبينت فاطمة علاي النقبي إلى عدم معرفة الجهات التي يمكن الاستفادة منها بشكل مباشر. وتداخلت معها في هذا النقطة شريفة البلوشي التي أشارت إلى أن مختلف الهياكل الحكومية وغير الحكومية تسدي خدمات الإرشاد والتوجيه الأسري كلّ في مجاله ولكن دون منهاج واضح وبطريقة غير موحدة ومفعلة وبخاصة لأفراد المجتمع. متسائلة عن سبب عدم وجود جهة تقدم خدمة الإرشاد الأسري تتعاون مباشرة مع الشرطة وبالأخص المجتمعية في التعامل مع حالات اجتماعية كالعنف أو الاعتداء أو التعاطي، مستعرضة استنجاد وليه أمر الشرطة لتخليصها من أبنها المدمن المراهق بمادة " الترامادول " المخدرة التي بعدما عجزت في مساعدته بكل الوسائل، مبينة إلى أن الشرطة احتجزته لمدة أيام وبعدها عاد إلى سابق عهده.

وبهذا السياق، قالت شيخة النقبي في مداخلتها: " إنه على الرغم من شهود مجال إرشاد الزواج والأسري في المجتمع توسعا كبيرا في السنوات الأخيرة سواء على شكل برامج تدريبية، أو مراكز إرشادية أهلية وخيرية وخطوط إرشاد هاتفي، إلا أن المأخذ عليها أحيانا أنه يشوب هذه الجهود المباركة عدم العمق في النظر للظاهرة الإنسانية وتعقد العلاقات الاجتماعية عموما، والعلاقات الأسرية والزوجية خصوصا.

من جانب آخر، ذكرت سامية زينل إلى أنه لابد من معرفة الأسباب والعوامل المؤثرة على طلب المشورة والعلاج للمشكلات الزوجية والأسرية، حيث يجب تفعيلها من خلال نشر وترويج عبارات ورسائل توعوية صريحة لأفراد المجتمع من مختلف الجهات المعنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت.

تجارب محلية

وفي استعراض تجربة قسم الإصلاح الأسري في محكمة خورفكان الابتدائية الاتحادية، أشارت أمل العماني إلى أن خدمات الإرشاد الأسري كعمل منظم تعد حديثة جدا على المجتمع الإماراتي، كما أنها مازالت في بداياتها المهنية، ومن هنا تأتي أهمية تناول مثل هذا الموضوع ليلقى من خلاله الضوء على هذه الخدمة التي يحتاجها المجتمع في مثل هذه الفترة التي تمر بها الأسرة بمتغيرات كبيرة في نوعها وكمها، فضلا عن الإحصاءات التي تتحدث عن تزايد حالات الطلاق في المجتمع، وكثرة تردد الناس على المحاكم لحل المشكلات التي تعترض طريق أسرهم. مؤكدة إلى إن المؤشرات تؤكد على أن هناك بوادر لازدهار مهنة الإرشاد الأسري في المجتمع إلا أنها تحتاج إلى مزيد من الجد والاجتهاد وتضافر الجهود وزيادة الوعي والثقة بأهميتها، ويتضح ذلك جليا في تجربتها في هذا المجال، وما حقّقه القسم من إنجازات رغم عمره القصير في وضع حلول واعية للأسر المسترشدة.

وفي الختام، أكدت د. المغني على تجربتها الإرشادية منذ عام 1979 عبر افتتاح أول مؤسسة اجتماعية بالمنطقة ( التنمية الاجتماعية ) والفرق بين اليوم والأمس رغم أنها في ذلك الوقت لم تتخذ طابع الرسمية في تقديم الخدمة. مبينة إلى أهمية السرية والخصوصية أثناء عملية الإرشاد، وتفعيل مفهوم الاستشارات الأسرية والاستفادة من الخبرات المتخصصة في المجال الأسري، وتوحيد الجهود القائمة واقتراح أنسب الحلول بما يكفل نجاح عملية التوعية الأسرية، ومعالجة المشكلات الاجتماعية التي تتعرض لها الأسر، على اعتبار ما تشهده الأسرة من تحولات عميقة في كافة الأصعدة والتي لها انعكاسات نوعية على تركيبة الأسرة ووظائفها والعلاقات بين أفرادها. داعية إلى ضرورة تثقيف الجيل الجديد بأسس بناء الأسرة المستقرة عبر تكثيف الدورات التوعوية للمقبلين على الزواج.
 

الأكثر مشاركة