رؤيته التجارية سعادته في أن يصبح الرقم 1

بيت الجناحي.. عش ومتحف

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هو شاب في مقتبل العمر، يغرد خارج سرب المعتاد بهوايات فريدة وقناعات مختلفة، ويُبقي ذاته في أجواء لا تخلو من المتعة والإثارة، قَلَبَ بها منزله إلى مسكن يتسع للمزيد مما لا يخطر على بال أحد. بالطبع؛ في بيته كل ما في البيوت العادية، يُضاف إليها الآلاف من طيور الزينة «الحَمَام»، وعشرات القطع النادرة من التحف و«الأنتيك» والسجاد، التي دخلت إلى حياته بقناعة تزداد صلابة يوماً بعد يوم.

في بيت المواطن أحمد الجناحي، الكائن في منطقة القوز السكنية بالقرب من «الواحة مول»، آلاف من طيور ليست كما الطيور التي تستوقف الكثيرين، لاسيما القادمين من دول أوروبا والباحثين عن أمل الظفر ببعض هذه الأصناف النادرة، علاوة على المئات من المربين لهذه الأصناف الجميلة من داخل الدولة ودول مجلس التعاون الخليجي، الذين يبتاعون منه أصنافاً نادرة ينتجها الجناحي. ولديه أيضاً آلاف أخرى من هذه الطيور تحتضنها مزارع بعض الأصدقاء.

هواية الطفولة

هذه الهواية تربت مع الجناحي منذ كان طفلاً صغيراً، وتحديداً في ثمانينات القرن الماضي حين اشترى أول هذه الطيور من السوق، ليصبح بعد ذلك من أوائل الإماراتيين وحتى الأشخاص على مستوى منطقة الخليج العربي، ممن جلبوا طيور الزينة «الحَمَام الأجنبي» إلى المنطقة، استناداً إلى مقاييس عالمية تختص بكل صنف من هذه الطيور، والتي لا تبدو جليّة إلا لدى أصحاب هذه الهواية التي تستشري بين شباب الإمارات، كالنار في الهشيم، انسجاماً مع متعة التميز في امتلاك أجملها وأثمنها سلاسة، لإنتاج المزيد من هذه الطيور التي تدرُّ الآلاف على أصحابها.

في جعبة الجناحي عشرات الجوائز وشهادات التقدير التي تثبت امتلاكه لأجمل طيور الزينة وأجودها سلاسة، ولديه أيضاً معرفة متخصصة بفصائل هذه الطيور ومواطنها ومواصفاتها الواجب الاحتفاظ بها. وهو ما أهلّه للبقاء في مقدمة المعتنين بهذه الهواية الجميلة، لدرجة أن يأتيه أشخاص من دول أوروبية لشراء كميات كبيرة من طيور الزينة المنتجة في مزارعه، ليصبح بذلك «الرقم 1» في إنتاج طيور الزينة من أصناف عالمية جميلة الشكل، وبيعها لكل من يرغب وبأسعار كبيرة أحياناً، وهو ما يبقيه في ظلال «هواية مربحة».

اقتناء «الأنتيك»

غير هذه الهواية، ينسجم أحمد الجناحي مع قناعة تفوح منها رائحة القدم، وهي تجارة «الأنتيك» أو التحف النادرة، وفي هذا الصدد لا يفوت الجناحي فرصة التواجد في مختلف المزادات العالمية التي تقام في الدولة، ومنها: «كريستيز» و«بولمز»، يشتري أدوات مختلفة عالمية الهوية، عمرها كبير جداً، ويحتفظ بها في بيته لسنوات مقبلة، منها السجاد اليدوي الفاخر والقديم، وأدوات فنية كثيرة؛ إسلامية وغربية، وخلال العام الواحد ينفق الجناحي أكثر من 100 ألف درهم لاقتناء «الأنتيك»، حتى أصبح بيته مخزناً لعشرات القطع التي لا تقدر بثمن.

هذه الممارسات القديمة تبدو حديثة العهد في حياة الجناحي، وقد تمسك بها منذ العام 2009 بحكم علاقاته المتشعبة في محيط مجتمع رجال الأعمال، وتعرُّفه إلى أناس يندمجون مع هذا الفعل التجاري القائم على نبش المزادات العالمية والمحلية لاقتناء أدوات الماضي المنسية، حتى أمسى واحداً من أبرز الباحثين عن «الأنتيك».

صندوق مجوهرات

في بيته مجموعة كبيرة من السجاد المشغول يدوياً، أعمارها تصل إلى 100 عام وأكثر، وكل واحدة تزن عشرات آلاف الدراهم، ويحتفظ أيضاً بآية قرآنية مخطوطة منذ العصر العثماني، وصندوق مجوهرات يدوي التصميم مصدره بلاد الغرب، وعمره أكثر من 100 عام، وهذا الصندوق بالتحديد ورغم تهالكه نسبياً، إلا أن أحد المهتمين بـ «الأنتيك»، وهو أميركي الجنسية تقدم لشرائه ودفع به 25 ألف دولار، لكن الجناحي رفض بيع الصندوق بنية الاحتفاظ به لسنوات أخرى مقبلة أملاً في الحصول على مردود أوفر.

بقي أن نقول إن الجناحي يمضي بقية ساعات يومه خارج حدود وظيفته في البنك، في البحث عن القطع النادرة في كل مكان، عله يظفر بواحدة منها، يأتي بها إلى البيت، يغلفها ويحفظها للزمن كما يقول. وفوق سطح منزله مئات الأزواج من طيور الزينة ذات الشكل الأوروبي والأميركي تبيض وتنتج مئات أخرى من الطيور المرغوبة والمطلوبة في كل مكان، والتي أمست محط أنظار أهل أوروبا وأميركا أنفسهم.

هكذا ينقضي يوم الجناحي، يصبح موظفاً ويمسي متنقلاً بين «الحَمَام» و«الأنتيك»، وفي المسميين، يجسد المهنة ويظفر بالهواية ويكسب التجارة ويحصد المتعة، وقد أحال بيته بالفعل إلى مستودع لـ «الأنتيك» ومسكن للطيور.

عالم مربح

 

يعمل أحمد الجناحي ذو الـ 34 عاماً، موظفاً في بنك الإمارات دبي الوطني، ويدرس حالياً بكالوريوس وماجستير في مجال الصيرفة الإسلامية في جامعة جميرا، بعد أن حصل سابقاً على دبلوم من معهد الدراسات المصرفية في الشارقة، ويمتلك خبرة تراكمية في مجال عمله تصل إلى 16 عاماً، تدرج خلالها من موظف بسيط إلى مسؤول إلى مدير فرع إلى مساعد مدير تنفيذي، وعايش فيها جميع المراحل المهنية، وخلال هذه السنوات انغمس الجناحي في عالم رجال الأعمال المربح، واستفاد منه باكتسابه الحرفية اللازمة لإدارة مستقبله التجاري الذي يرتكز على كفتي «الطيور والأنتيك».

Email