المسيرة أنجزت العديد من المشاريع المشتركة.. والتطلعات تطلب المزيد

مجلس التعاون الخليجي يعبر إلى العقد الرابع

ت + ت - الحجم الطبيعي

حققت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال الـ30 عاماً الماضية العديد من الإنجازات في كافة المجالات. وستظل ذكرى قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي في الخامس والعشرين من شهر مايو 1981 راسخة في أذهان أبناء دول المجلس عالقة في ذاكرة التاريخ. وكان الأمين العام لمجلس التعاون السابق عبدالرحمن بن حمد العطية اكد، أواخر العام الماضي، أن رئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لمؤتمر القمة الـ31 لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في أبوظبي في السادس من ديسمبر الماضي تشكل عامل نجاح، وستضيف لمسيرة مجلس التعاون الكثير من الإنجازات التي تسهم في تحقيق طموحات المواطن الخليجي في الأمن والاستقرار والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس.

ويضع صاحب السمو الشيخ خليفة رئيس الدولة، حفظه الله، العمل الخليجي المشترك في أولويات ثوابت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، كما يتجسد ذلك في العديد من خطاباته الرسمية وأحاديثه الصحافية.. فسموه أكد في أول خطاب له في الأول من ديسمبر 2004 بعد توليه رئاسة الدولة، حرصه على مواصلة العمل مع إخوانه في مجلس التعاون لتعزيز العمل الخليجي المشترك وزيادة فعاليته في استكمال بناء صروح التكامل السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي.

وتحقق للمسيرة المباركة وهي تكمل عقدها الثالث انجاز العديد من المشاريع المشتركة، إضافة إلى التنسيق والتعاون والتكامل في كافة المجالات، وسط تطلعات وآمال مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتحقيق المزيد من الانجازات في كافة المجالات. ويهدف التنسيق بين دول مجلس التعاون في مجال السياسة الخارجية إلى صياغة مواقف مشتركة تجاه القضايا السياسية التي تهم دول المجلس، والتعامل مع العالم كتجمع، انطلاقاً من الأسس والثوابت التي ترتكز عليها السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون والتي من أهمها: حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتطوير علاقات التعاون مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة.

وسعى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال لقاءاتهم ومشاوراتهم المستمرة على تثبيت قواعد كيان مجلس التعاون وتقوية دعائمه لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبه ومواطنيه، وذلك من خـلال تعميق مسيرة مجلس التعاون الخيرة والتنسيق في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية، والعلمية، والإعلامية والبيئية والرياضة والشباب وغيرها.

ومن ابرز مسارات العمل الخليجي المشترك، تأتي الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001، والتي نصت ديباجتها على أن الهدف هو تحقيق مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال وضع برنامج للعمل الاقتصادي المشترك في مرحلته الجديدة في إطار زمني محدد وإنسجاماً مع متطلبات المرحلة الجديدة من العمل المشترك، تخصص الاتفاقية الفصول الثلاثة الأولى منها للاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي والاقتصادي، وهي مشاريع تكاملية واندماجية طموحة دفعت بمجلس التعاون خطوات واسعة إلى الأمام، أحدثت نقلة نوعية في طبيعة أعماله وإنجازاته، كما تمثل الاتفاقية الاقتصادية بوابة واسعة دخلت منها مسيرة المجلس إلى مرحلة متقدمة من التكامل والاندماج، بمنهاج وبرنامج يحققان أهداف هذه المرحلة.

ولم يقتصر التكامل والاندماج بين دول المجلس على الجوانب الاقتصادية فهناك قرارات عديدة مهمة في مجالات أخرى أسهمت، بشكل أو بآخر، في الدفع نحو المرحلة الجديدة في مسيرة مجلس التعاون، منها على سبيل المثال إقرار المجلس الأعلى لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس في ديسمبر 2000، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب في العام 2003، والتي تمثل خطوة جماعية مهمة من دول المجلس لمواجهة الإرهاب. كذلك ما تحقق مؤخرا مثل تدشين مشروع الربط الكهربائي في ديسمبر الماضي، وتأسيس هيئة التقييس وإنشاء الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق.

 

تناغم سياسي

 

أكدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قدرتها على تجاوز العديد من الأزمات والتحديات التي واجهت دول المجلس خلال مسيرته التي بدأت منذ تأسيس المجلس في العام 1981.

وترتكز سياسة دول المجلس على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات ما أعطى مجلس التعاون قدراً كبيراً من الصدقية بوصفه منظمة دولية فعالة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره. واستطاع المجلس التعامل مع القضايا الاقليمية والدولية بحكمة وعقلانية وقدرة فائقة من احتواء الأزمات التي مرت بها المنطقة إذ كسب المجلس صدقية أدت الى توسيع مجالات التعاون مع الدول والمنظمات الدولية وكسب تأييدها للقضايا العربية والإسلامية فضلاً عن الدخول في اتفاقات تعاون مشترك تغطي الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية؛ لما فيه خير شعوب ودول المنطقة. وتمكن المجلس من تحقيق العديد من الانجازات السياسية الاستراتيجية في الحفاظ على أمن دول المجلس واستقرارها من خلال التصدي لمسببات عدم الاستقرار ومصادر الخطر التي تمثلت بشكل أساسي ومباشر في الحرب العراقية الإيرانية والحيلولة من دون انتشار رقعة تلك الحرب في المنطقة.

وأسهم التجانس بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، ودولة الكويت، وسلطنة عمان، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، في تمكين مجلس التعاون من تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية، وسياسات ترتكز على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام سـيادة كل دولة على أراضيها ومواردها، واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات، الأمر الذي أعطى مجلس التعاون قدراً كبيراً من المصداقية، بوصفه منظمة دولية فعالة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره.

وأسهم هذا التجانس في تمكين دول المجلس من تبني مواقف موحدة تجاه العديد من القضايا السياسية، كان من أهمها ما يلي: قضية الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والعلاقات مع إيران، والملف النووي الإيراني، فدول المجلس تؤكد على الدوام دعم حق السيادة لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الإمارات، ودعوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاستجابة لمساعي دولة الإمارات والمجتمع الدولي لحل القضية، عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

واضطلعت دول المجلس بدور أساسي وفعال في عملية تحرير الكويت من خلال توظيف رصيدها السياسي والدبلوماسي وتسخير قدراتها العسكرية والمادية كافة من أجل التحرير حتى تم دحر العدوان وتحرير الكويت في فبراير 1991. كما عملت دول المجلس بعد التحرير على المطالبة بتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة وإزالة آثار الغزو والاحتلال من خلال تكثيف العمل الدبلوماسي المشترك لمساندة الشرعية الدولية في سعيها لإلزام النظام العراقي آنذاك بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت.

 

بين الثابت والمتحرك

 

وتنوعت أهم الأهداف السياسية للمجلس خلال الـ30 عاماً الماضية حسب الوضع السياسي في المنطقة. فخلال عقد الثمانينات تلخصت أهم أهداف مجلس التعاون السياسية والاستراتيجية في الحفاظ على أمن دول المجلس واستقرارها من خلال التصدي لمُسببات عدم الاستقرار ومصادر الخطر التي تمثلت بشكل أساسي ومُباشر في الحرب العراقية الإيرانية، الأمر الذي تطلب تحركاً جماعياً لدول مجلس التعاون، للحيلولة دون انتشار رقعة تلك الحرب. وفي التسعينات، مثّل عدوان النظام العراقي السابق على دولة الكويت واحتلالها التحدي الأمني الأكثر خطورة منذ قيام المجلس، حيث حظي تحرير دولة الكويت بأولوية مطلقة. وبعد التحرير، تطلب الموقف عملاً دبلوماسياً مشتركاً مكثفاً لمساندة الشرعية الدولية في سعيها لإلزام العراق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت.

وفي الإطار العربي، كان التحرك الخليجي من خلال اللجنة السباعية التي شكلت بغرض الوصول إلى وقف إطلاق النار بين العراق وإيران.

وفي مجال دعم القضية الفلسطينية وعملية السلام كانت مواقف دول المجلس واضحة منذ تأسيسه تجاه القضية الفلسطينية وعملية السلام المتمثلة في دعمها حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض السياسات والإجراءات العدائية ضده، وبذل المساعي والجهود لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للصراع العربي الإسرائيلي.

وانطلاقاً من تأييدها للسلام في الشرق الأوسط كخيار استراتيجي عربي، أيدت دول المجلس المبادرات الرامية إلى إيجاد حل عادل وشامل للصراع العربي الإسرائيلي، بل ان إحدى دول مجلس التعاون وهي المملكة العربية السعودية، تقدمت بمبادرتين لإيجاد حل لهذا النزاع: الأولى، في العام 1981. وثانياً، لاحقاً في العام 2002. كما شاركت دول المجلس في مؤتمر مدريد للسلام العام 1991. كما ساندت دول مجلس التعاون جهود اللجنة الرباعية الدولية راعية عملية السلام، والمجتمع الدولي لتنفيذ خطة خريطة الطريق بالتوافق مع أسس مبادرة السلام العربية.

 

الإنجازات الاقتصادية

 

يعد التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أحد الأهداف الرئيسة التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.

ويمثل النظام الأساسي لمجلس التعاون والاتفاقية الاقتصادية وقرارات المجلس الأعلى المرجعية الأساسية للعمل الاقتصادي المشترك، ولتحقيق هذه الأهداف، أقرّ المجلس الأعلى في دورته الثانية (نوفمبر 1981) الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لترسم خطة العمل الاقتصادي المشترك ومراحل التكامل والتعاون الاقتصادي بين دول المجلس، ولتشكل نواة البرامج التكاملية التي تم وضعها بشكل مفصل على مدى السنوات العشرين الأولى من قيام المجلس، وتشمل:

1. تحقيق المواطنة الاقتصادية لمواطني دول المجلس.

2. تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وفق خطوات متدرجة، بدءاً بإقامة منطقة التجارة الحرة، ثم الاتحاد الجمركي، ثم استكمال السوق الخليجية المشتركة، وانتهاءً بالاتحاد النقدي والاقتصادي. وإقامة المؤسسات المشتركة اللازمة لذلك.

3. تقريب وتوحيد الأنظمة والسياسات والاستراتيجيات في المجالات الاقتصادية والمالية والتجارية.

4. ربط البنى الأساسـية بدول المجلس، لاسيما في مجالات المواصلات والكهرباء والغاز، وتشجيع إقامة المشاريع المشتركة.

ونقلت الاتفاقية الاقتصادية التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ22 (ديسمبر 2001) أسلوب العمل المشترك من طور التنسيق إلى طور التكامل وفق آليات وبرامج محددة؛ لأنها عالجت بشمولية أكثر موضوعات الاتحاد الجمركي لدول المجلس. والعلاقات الاقتصادية الدوليـة لـدول المجلـس مع الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى والمنظمات الدولية والإقليمية، وتقديم المعونات الدولية والإقليمية. والسوق الخليجية المشتركة حيث تشمل تحديد مجالات المواطنة الاقتصادية.

وجاءت السوق الخليجية المشتركة التي أعلن عنها في الدورة الـ28 للمجلس الأعلى (الدوحة - ديسمبر 2007) قيامها وصدر إعلان الدوحة بهذا الشأن لتعلن بداية عهد جديد من التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون يقوم على مبدأ المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في جميع المجالات الاقتصادية.

وتكمن أهمية السوق الخليجية المشتركة في أنها تركز على المواطنة الخليجية في المجال الاقتصادي وتقوم على مبدأ مهم وهو أن يتمتع مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون مثل الشركات والمؤسسات الخليجية بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء وتتوفر لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع المجالات الاقتصادية.

وتشمل السوق االمشتركة عشرة مسارات حددتها الاتفاقية الاقتصادية وهي: التنقل والإقامة والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي والتقاعد وممارسة المهن والحرف ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية وتملك العقار وتنقل رؤوس الأموال والمعاملة الضريبية وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.

وتعزيزاً للتكامل الاقتصادي بين دول المجلس واستكمال مراحله وتنفيذاً للبرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة المقر من المجلس الأعلى في قمة مسقط في ديسمبر 2001 اعتمد المجلس في دورته الـ29 (مسقط - ديسمبر 2008) اتفاقية الاتحاد النقدي المتضمنة الأطر التشريعية والمؤسسية له، كما اعتمد النظام الأساسي للمجلس النقدي.

 

الدفاع المشترك

 

في 31 ديسمبر 2000 وقع أصحاب الجلالة والسمو في الدورة الـ21 التي عقدت في مملكة البحرين على اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وجاءت الاتفاقية تتويجاً لسنوات من التعاون العسكري وبلورة لأطره ومنطلقاته وأهدافه، وتأكيداً على عزم دول المجلس على الدفاع الجماعي ضد أي خطر يهدد أيا منها، كما تضمنت الاتفاقية إنشاء مجلس للدفاع المشترك ولجنة عسكرية عليا تنبثق عنه، وتم وضع الأنظمة الخاصة بكل منهما وآلية عمله.

وشمل التعاون العسكري مجالات أخرى عديدة من أبرزها: الاستخبارات والأمن العسكري، والمساحة العسكرية، والخدمات الطبية، منظومة السلاح، الاتصالات والقوات الجوية، والقوات البحرية، والأمن البيئي، الدفاع ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية والمشعة، والحرب الإلكترونية، والدفاع ضد الصواريخ البالستية.

وفي قمة الكويت الاخيرة 2009 تدارس المجلس الاعلى مسيرة التعاون العسكري في مجالاته المختلفة واطلع على ما تم تنفيذه من خطوات عملية في جميع مجالات التعاون العسكري واقر الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وتطوير قدرات قوات درع الجزيرة المشتركة والمشاريع العسكرية المشتركة، وأكد المجلس الأعلى على أهمية تعزيز التعاون بين دوله في مكافحة تهريب الاسلحة الى دول المجلس.

 

الإنجازات الأمنية.. خطوات كبيرة

 

اتسم التعاون الأمني بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالعمل الجاد في بناء وتطوير القوى العسكرية الدفاعية والأمنية حيث تطور التعاون بشكل نوعي وكمي منذ بدء تشكيل المجلس وحتى اليوم.

وأولت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الجانب الأمني، ما يستحقه من أهمية بالغة، وذلك إدراكاً منها بأن الخطط التنموية والتقدم والازدهار لا يمكن أن يتحقق إلا باستتباب الأمن والاستقرار. وشهد هذا المجال تنسيقاً وتعاوناً منذ بداية انشاء المجلس، حيث خطا خطوات كبيرة وحقق إنجازات متقدمة شملت مختلف المجالات الأمنية بشكل عام، وما يمس حياة مواطني دول المجلس بوجه خاص، وبما ينسجم، في الوقت ذاته، مع متطلبات جوانب العمل المشترك الأخرى، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

وأقرت الاستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون في الاجتماع الاستثنائي الثاني لوزراء الداخلية الذي عقد في مسقط في فبراير 1987، وصادق عليها المجلس الأعلى في دورته الثامنة التي عقدت في الرياض في نفس العام، وهي عبارة عن إطار عام للتعاون الأمني بين الدول الأعضاء بمفهومه الشامل.

وتعزيزاً للتنسيق والتعاون في المجال الأمني، ولتحديث الآليات والتدابير المشتركة للأجهزة الأمنية بالدول الأعضاء، ولمواكبة التطور المتنامي للجريمة بمختلف أنواعها، والتي أصبحت عابرة للحدود الوطنية، وجّه أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في لقائهم التشاوري الثامن (الرياض - مايو 2007) بمراجعة الاستراتيجية الأمنية الشاملة لدول المجلس بهدف تحديثها وهو ما اقرّه المجلس الأعلى للقادة في مايو 2008.

وتهدف الاستراتيجية الأمنية الشاملة، في ردائها الجديد، إلى تحقيق أهداف مهمة ومحددة منها، توطيد الأمن وحماية الحدود، وتنمية الوعي الأمني ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين تلك الأجهزة، ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية مثل المخاطر النووية والصراعات الإقليمية والكوارث، والتعرف إلى مصادر الخطر والتصدي لها، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، في مجال مكافحة الجريمة، وتعزيز مشاركة وتعاون القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتفاعل معها، وتنظيم العمالة الوافدة مع عدم التأثر باعتبارات لا تتفق مع المصالح العليا لدول المجلس.

والاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون، هي عبارة عن مواد قانونية تعالج قضايا التعاون الأمني بين دول المجلس، وهي إلزامية لمن وقع عليها، وصادق عليها، وفق نصوص موادها وقد وقع عليها أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان في اجتماعهم الثالث عشر في الرياض، كما بارك المجلس الأعلى في دورته الخامسة عشرة في مملكة البحرين (ديسمبر 1994م) هذه الخطوة داعياً بقية الدول الأعضاء إلى التوقيع على الاتفاقية في أقرب وقت ممكن.

Email