مبادرات سموه تعكس الصدق مع النفس والتمسك بالدين والمبادئ والموروث الحضاري

شخصية محمد بن راشد تتصف بالحس الإنساني المرهف

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتبوأ الحس الانساني موقعه المتميز في شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ما يعكس حقيقة معدن القائد العربي الصادق مع نفسه المتمسك بدينه ومبادئه وبما يملكه من موروث حضاري ومقومات معاصرة، والذي يرسخ القفزات النوعية بعيدة المدى في كثير من شؤون حياة الإنسان، من حس إنساني مرهف، وتفاعل شفاف مع كثير من القضايا الإنسانية داخلية وخارجية، حتى كأنه يصبح أحياناً الحالة الإنسانية ذاتها لشدة تفاعله معها وإحساسه بها.

وتأتي الزيارة التي قام بها سموه للمواطن محمد سالم خميس الكعبي أمس، لتكشف ما يتميز به سموه من مشاعر إنسانية دفّاقة وقلب شفاف نابض بالحب والرحمة ينساب رقة كضوء الفجر ونسيم السحر ويذوب مع الحالة الإنسانية ويتفاعل معها وجداناً ومشاعر وعواطف، حتى تكاد تظهر فيض ذلك الإحساس المرهف الصادق على تعابير وجهه وحركة عينيه من شدة تأثره وبالغ شعوره وتفاعله.

وتتعدد الحالات والقصص الموثقة التي تعكس المواقف الإنسانية لسموه وتظهر الفيض الإنساني المتمثل في عطاء هذه الشخصية السامية التي ضربت مثلاً جلياً في كثير من المواقف والحالات الإنسانية الجيّاشة من قلب يفيض بالعطف والرقة والحنان.

وقبل أيام التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في منتجع باب الشمس الصحراوي مجموعة من أطفال الإمارات الأيتام، الذين حرص سموه على الالتقاء بهم، بمناسبة مرور خمس سنوات على توليه مقاليد الحكم في إمارة دبي، ومشاركتهم يومهم المفتوح، الذي تضمن عدداً من الأنشطة الترفيهية.

ورحب سموه بأبنائه الأيتام وخاطبهم كوالد تجسدت فيه كل معاني الأبوة والحنان، وقال لهم سموه «أنا جئت هنا لهذا المكان الصحراوي كي ألتقيكم كأولادي، وأنا اليوم والدكم»، موجها الأطفال بأن يحبوا والدهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأن يحبوا وطنهم دولة الإمارات وشعبهم وإخوانهم ووالديهم، مؤكدا لهم سموه أننا في دولة الإمارات نحب رئيسنا وشعبنا ووطننا، ونعيش كأسرة واحدة لأننا عرب ومسلمون، الصغير يحترم الكبير والكبير يحنو على الصغير ويحبه، وأنا يا أبنائي أود أن أخبركم بأننا في الإمارات وقبل نحو أربعة أو خمسة عقود كنا نعيش في بيوت صغيرة من الطين ومدارسنا ومستشفياتنا قليلة جدا، ولم يكن لدينا هذا البناء والإمكانات والنهضة العمرانية والتعليمية والاقتصادية التي تشهدها دولة الإمارات حاليا، فنحن اليوم والحمد لله نعتز بدولتنا وإنجازاتنا وشبابنا الذين تخرّج منهم الكثير من الجامعات والكليات والمعاهد، وهم الآن يديرون الشركات والمصانع والدوائر والمؤسسات الحكومية.

 

مناهل العلوم

وفي التفاتة إنسانية أبوية صادقة قال سموه لهم «أوصيكم يا أبنائي بالتعليم والاستزادة من مناهل مختلف العلوم، وعليكم المثابرة في التحصيل العلمي، لأن العلم هو السلاح الذي تتزينون به حاضرا ومستقبلا». ونصحهم سموه بممارسة الرياضة حتى يبنوا أجسامهم مع عقولهم.

ثم استمع سموه عقب توجيهاته الأبوية إلى الأطفال الذين طرحوا على سموه أسئلة اتسمت بالبراءة، مجيبا سموه على كل ما طرحوه عليه من أسئلة، مؤكدا أن النادي الرياضي المفضل لديه ولدى صاحب السمو رئيس الدولة، وحتى لدى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة هو المنتخب الوطني لكرة القدم، لأنه يمثل دولتنا في الخارج ويمثلنا جميعا في البطولات العالمية والإقليمية، فهو منتخبنا المفضل. وفي دعابة وعفوية خاطب سموه أكثر من ثلاثين طفلا يتيما من أبناء وبنات الوطن بالقول «أنتم تسألونني عن النادي المفضل لدي، وأنا صراحة كنت أتمنى أن يوجه هذا السؤال إلى أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لأعرف أي ناد يفضل أو يشجع، لهذا لا أعرف الجواب، وهو سؤال محرج وبريء».

 

هوايات

وسألوا سموه عن هواياته ولونه المفضل وسيارته المفضلة وكيف يشغل أوقات فراغه وعن اسم كريمته الكبرى، فأجاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشفافيته وعفويته بأن ابنته الكبرى اسمها حصة، وهو يهوى ركوب الخيل، والصيد والتجول في البر والقراءة وكتابة الشعر، وعن لونه المفضل اشار سموه إلى لون الطبيعة ولون زرقة الماء والسماء، ويفضل سيارة الدفع الرباعي كي يتمكن من التجول في الصحراء وزيارة الأصدقاء والأهل من أبناء البادية، ويتمتع برمال صحراء الإمارات، كما أنه يعشق الحيوانات بكل أنواعها ويرفق بها ويرعاها.

وعن طموحه وهو طفل أجاب سموه على أسئلة الأطفال، موضحا لهم أن همه الأول كان إرضاء والديه والاستئناس بآراء وأقوال الشواب في مجلس المغفور له والده، كي يتعلم منهم الحكمة والصبر وحب الله والوطن والشعب، وقال سموه «طموحاتي كانت بسيطة، ولم أكن أطمح بأن أكون حاكما أو نائبا لرئيس الدولة أو إلى أي منصب، فأنا كنت في سن البراءة، همي وطموحي إرضاء والدي والعمل بتوجيهاته والاكتساب من أفكاره».

وأكد سموه أن الطموح والرؤية يكبران مع الإنسان، فكلما كبر، كبر طموحه وتطلع إلى المستقبل برؤية واسعة وعميقة.

استراحة الشواب

وفي العام ‬2005 قام سموه وهو آنذاك ولياً لعهد دبي وزير الدفاع ترافقه حرمه الأميرة هيا بنت الحسين بزيارة استراحة الشواب في منطقة الممزر في دبي وتفقد سموه مرافق الاستراحة وأقسامها واطلع على الظروف المعيشية والصحية والنفسية لنزلائها المسنين، واطمأن على مستوى الخدمات والرعاية التي تقدم لهم في إطار اهتمام سموه بتوفير الحياة الكريمة لهؤلاء الاباء والاجداد الذين اضطرتهم ظروفهم العائلية والصحية إلى اللجوء لهذه الاستراحة التي تشرف عليها دائرة الصحة والخدمات الطبية في دبي.

وأمضى سموه اكثر من ساعة ونصف الساعة بين ظهراني الشواب يتجاذب اطراف الحديث معهم حول حكاياتهم مع البحر والغوص وذكرياتهم الممزوجة بالفرح أحيانا وبالصبر والمعاناة أحيانا اخرى.

ووجه سموه القائمين على الاستراحة بضرورة توفير جو اسري وترفيهي لضيوفها والتعامل مع الشواب باحترام ومحبة حتى لا يشعروا بأنهم غرباء في وطنهم وبين أهليهم، مشيرا سموه إلى ان حكومة دبي تولي هذه الشريحة من مجتمعنا العربي المسلم المتكافل كل اهتمام ورعاية ومتابعة لأحوالهم من اجل حفظ وصون كرامتهم والإنسانية في وطن حر كريم وتأمين كل أسباب ومقومات الاستقرار الاجتماعي والنفسي والمعيشي لهم ولكل ابناء وبنات دولتنا العزيزة، مذكرا سموه بالمثل العربي القائل «حافظوا على كباركم كما تحافظون على ترابكم».

ودعا سموه إلى ترسيخ مفهوم التكافل الاسري في مجتمعنا والحفاظ على جسور التواصل بين هؤلاء الآباء والأجداد الذين يمثلون جيل الصبر والمعاناة والتضحية وأسرهم وأبنائهم وأحفادهم الذين يمثلون جيل الحاضر وعدة المستقبل كي ننمي لدى هذا الجيل روح التراحم والتعاضد والتشبث بالماضي العريق بتراثه وقيمه وتقاليده العربية والإسلامية السمحة.

وأعرب سموه عن ثقته بأصالة وتماسك مجتمع الإمارات بكل فئاته، مؤكداً ان الوطن لا يكبر إلا بأبنائه وانجازاته.

وأمر سموه بتسريع العمل لتنفيذ وإنجاز مشروع استراحة الشواب الجديدة في منطقة الصفا وتصميمها على احدث الأساليب المعمارية التي تتلاءم وحاجة الشواب واحتياجاتهم الصحية والنفسية والاستيعابية، كما أمر سموه بتنظيم زيارات ورحلات ترفيهية وسياحية للمسنين، كي يشاهدوا ويتعرفوا على مظاهر التقدم والانجازات الحضارية التي حققتها دولتهم في شتى الميادين

وتستوعب استراحة الشواب منذ العام ‬1993 نحو ‬45 نزيلاً ويعمل فيها نحو عشرين إداريا وموظفا وحوالي ‬75 ممرضاً وممرضة يتناوبون على رعاية النزلاء ويسهرون على راحتهم وسلامتهم

 

دار المسنين في عجمان

وفي ‬20 فبراير ‬2006 زار سموه دار رعاية المسنين في عجمان، وتجول سموه داخل أروقة الدار وغرف العلاج والغذاء، وجلس مع نزلاء الدار الذين رحبوا بمقدم سموه، وعبروا عن فرحتهم من خلال الأهازيج الشعبية التراثية التي أدوها أمام سموه، الذي جلس بين ظهرانيهم يحاورهم في كفاح الآباء والأجداد أيام الغوص، ومعاناتهم في تلك الفترة التي خلفت رجالاً أشداء استطاعوا تجاوز كل المعاناة وشظف العيش، خاصة قبل قيام دولة الاتحاد، التي وصفوها بأنها دولة خير ومحبة وعطاء لكل أبنائها وبناتها، وتوجهوا بالشكر إلى سموه على لفتته الإنسانية الحانية واطمئنانه على أوضاعهم وظروفهم الصحية والمعيشية.

واستمع سموه من مدير الدار إلى إيجاز حول أهداف الدار والخدمات العلاجية والغذائية والصحية والنفسية والإنسانية، التي توفرها لنزلائها.

وأثنى سموه على فكرة برنامج «أصدقاء المسنين»، واعتبرها خير مثال على التكافل الاجتماعي والإنساني بين أبناء الجيل الواحد في مجتمعنا، وتناول سموه طعام الغداء مع نزلاء الدار، وشاركهم الحديث على المأدبة.

وفي ختام الجولة، وجه سموه وزيرة الشؤون الاجتماعية بسرعة تلبية احتياجات المؤسسات، التي زارها، وتوفير كل المرافق والخدمات، متطلبات دار رعاية المسنين في عجمان، ومعاملتهم من قبل الوزارة والقائمين على الدار بإنسانية وأسلوب لطيف، لأنهم في نظر سموه يمثلون جيل الآباء والأجداد، وعلينا جميعا قيادة ومسؤولين ومجتمعاً أن نجلهم ونحترمهم ونصون كرامتهم ونحافظ عليهم كما نحافظ على تراب وطننا.

 

علاقة قديمة

وفي ‬17 يناير ‬2008 التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ضمن جولة سموه الميدانية لتفقد عدد من المناطق النائية والأضرار التي نجمت عن السيول والأمطار، المواطن محمد سالم الكعبي في شعبية القور والذي افترش الأرض أمام منزله المتواضع وقد تجاوز المائة وستة أعوام من عمره.

وافترش سموه الأرض إلى جانب المسن الذي تفاجأ بأن محدثه هو «أبو راشد» كما ناداه الرجل بعد أن عرف سموه، والذي سأله عن صحته ومعيشته وعائلته وعن طلباته، لكن المواطن محمد سالم الكعبي كان متعففا.. ودعا الله أن يطيل في عمر سموه ويحفظه سندا وفخرا للبلاد والعباد.

وكانت الجلسة على حصير بسيط وأمامه مفردات الضيافة العربية الأصيلة رغم بساطتها، والمكونة من القهوة وحبات التمر أمام منزله القديم، والذي يقطن فيه مع زوجته العجوز وحيدين مع خادمة لا يؤنس وحشتهما سوى إطلالة أحفادهما اليتامى والقاطنين في مسكن مجاور بين الحين والآخر، بعد أن اضطرت ظروف العمل والمعيشة أبناءهما إلى العيش في مناطق بعيدة عن بلدتهم.

لم يطلب الشيبة من سموه شيئا رغم سؤال سموه عن حاجته ومطالبه وإلحاحه على ذلك، لافتا إلى أن التعفف وعزة النفس من طباعنا وشيمنا وخصالنا الأصيلة التي توارثناها جيلاً بعد جيل، ونعتز بها والتي تقضي بألا نطلب شيئا حيث كانت إجابتي لسموه دالة وقاطعة «أبداً».

وشدد على أن ما أمر به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد له مع زوجته جاء من خاطر سموه، حسب تعبيره في اللهجة الدارجة، ومبادرة منه، ولم أطلب لنفسي أو لأهلي شيئا، في حين اكتفيت بدوري بالقول لسموه «زيارتك لنا تسوى الدنيا» وهو الشعور الذي غمرني فعلاً وأنساني أي حاجة أو مطلب رغم واقعنا ومعاناتنا.

وكان صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمر للمواطن محمد سالم الكعبي بفيلا سكنية لأسرته فورا وتجهيزها بكل المستلزمات إكراما لهذا الرجل الذي رحب بسموه وبزيارته له، والدهشة ترتسم على وجهه. وجسد سموه، رعاه الله، في لفتته الكريمة المثل العربي القائل: «حافظوا على كباركم كما تحافظون على ترابكم».

وفي يوم ‬25 يونيو ‬2008 عاشت أسرة المواطن المسن محمد سالم خميس بن نايع الكعبي اللحظات التي ليست ككل اللحظات، تلك التي عاشتها وهي تستقبل في منطقة وادي القور النائية الجبلية ـ أقصى جنوب إمارة رأس الخيمة ـ مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهي عبارة عن مسكن متكامل مجهز بشتى المرافق والمتطلبات بعد أن تم الانتهاء من تشييده وتأثيثه في وقت قياسي عقب جولة سموه التفقدية التي شملت المنطقة مطلع العام الحالي، وحظي خلالها محمد الكعبي بشرف زيارة سموه وافتراش الأرض معه في صورة معبرة تناقلتها مختلف وسائل الإعلام والصحف عبر صفحاتها الأولى.

وشاركت «البيان» الكعبي وأبناءه وأحفاده هذه الفرحة في منزلهم الجديد، حيث توجهت خصيصا إلى زيارتهم لتسجل انطباعهم عن المكرمة السامية التي أثمرت عنها الزيارة التاريخية المحفورة في ذاكرة أبناء وأهالي المنطقة.

واستقبل محمد سالم الكعبي «المقعد» والذي اشتعل رأسه شيبا بفعل الزمن مع ابنه سالم وحفيديه اليتيمين نايع وعلي أمام مدخل مجلس المنزل الجديد مرحبا بنا زحفا على الأرض بعد أن غمرته السعادة والغبطة وهو يدعو بالصحة والعافية وطول العمر لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على مكرمته الغالية التي لامست الجراح وآوت خمسة أيتام من أحفاده وهم أبناء ولده خميس الذي انتقل إلى رحمة الله قبل سبع سنوات.

ويتذكر الكعبي زيارة سموه المفاجئة التاريخية له عندما افترش معه الأرض تواضعا وكرما، قائلا: يعجز لساني عن شكر سموه، وهذا ليس بغريب عليه فهو خير خلف لخير سلف، ويكفي أن منازلنا القديمة هي من مكرمات والده الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم - يرحمه الله.

وعبرت أم نايع أرملة خميس محمد سالم الكعبي وأم الأيتام الخمسة «نايع ‬11 سنة وعلي ‬10 سنوات وعهود ‬16 سنة وعنود ‬15 سنة وعذيجة ‬13 سنة» عن عميق شكرها وامتنانها لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على مكرمته السخية التي أسعدت الأيتام وجدهم وكافة أفراد الأسرة، داعية الله جلت قدرته أن يديم على سموه موفور الصحة والعافية ويوفقه لما فيه الخير والرفعة لوطنه وشعبه.

Email