المحامي العام الأول رئيس نيابة الجنسية والإقامة في دبي لـ«البيان»:

القوانين الاستباقية في الإمارات عززت التنمية والاستثمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الدكتور علي حميد بن خاتم، المحامي العام الأول، رئيس نيابة الجنسية والإقامة في دبي، أن الإمارات حققت استدامة شاملة بتمكين الجميع من الوصول إلى العدالة، مشيراً إلى أن التطور الشامل الذي تشهده دولة الإمارات على الصعد كافة، لا سيما الاقتصادية والمجتمعية والبيئية، يعود إلى جملة عوامل، أهمها سيادة القانون، ومواكبة التشريعات للتغيرات والتطورات المتسارعة في الدولة التي صارت محط أنظار العالم فيما يتصل بحداثة القوانين التي تُعدّ أساس الاستدامة والتنمية والجذب.

وقال الدكتور ابن خاتم، في حوار مع «البيان» على هامش فعاليات قمة المعرفة التي اختتمت في دبي نهاية الأسبوع الماضي، إن الإمارات أدركت مبكراً العلاقة «الطردية» بين سيادة القانون والاستدامة الشاملة، واعتمدت ذلك مبدأ «أن لا أحد فوق القانون»، مثلما حرصت على سَنّ قوانين استباقية تتعلق بعناصر الاستدامة الثلاثة «الاقتصاد، المجتمع، البيئة»، مما عزز التنمية والاستدامة وساهم في جذب الاستثمارات.

وأضاف: «سيادة القانون والتنمية أمران مرتبطان بشكل وثيق، ويعزز كل منهما الآخر، فإذا ساد القانون، وعلا الجميع، زاد مستوى الاستدامة».

وتابع ابن خاتم: «أكد دستور دولة الإمارات مفاهيم سيادة القانون والأمن والعدالة والمساواة وحماية الحقوق والحريات على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ نصّت المادة 14 على أن المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين تعتبر من دعامات المجتمع، جميع الأفراد لدى القانون سواء».

المبدأ الثاني

ولفت إلى أن المبدأ الثاني من مبادئ الحكم الثمانية لإمارة دبي الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، نص على أن «العدل دولة وقوة وعزة وضمان استقرار وازدهار، لا أحد فوق القانون في دبي، ولا أستثني أحداً من الأسرة الحاكمة، ولا فرق بين مواطن ومقيم أو غني وفقير أو ذكر وأنثى أو مسلم وغير مسلم في تطبيق القانون، والتأخر في العدالة ظلم، وكل عادل هو عندي قوي، وكل ظالم هو عندي ضعيف، والظلم في أي مكان أو لأي فرد هو تهديد للعدالة كلها في الإمارة، وأنا بريء من كل ظالم، وستبقى الأسرة الحاكمة بريئة من كل ظالم ما بقيت تحكم هذه الإمارة».

وأشار المحامي العام الأول إلى أن الإمارات احتلت المركز الثالث عالمياً على مستوى العالم في تطبيق القانون واستدامته، وتحقيق الأمن والأمان لمواطنيها والمقيمين على أرضها، وفقاً لمؤشر غالوب للقانون والنظام العام لعام 2019، في وقت أكد أن الإمارات مكّنت أبناءها المواطنين والمقيمين من الوصول إلى الجهات القضائية للمطالبة بحقوقهم، أو تقديم شكوى بحق أي شخص ينتهك هذه الحقوق أو يعتدي عليها، «وهو الأمر الذي يسهم بقوة في تحقيق الاستدامة في الاقتصاد والمجتمع والبيئة، مثلما يسهم في تحقيق الإمارات مراكز أكثر تقدماً في مؤشرات سيادة القانون واستدامته».

الاستدامة الشاملة

وأكد أن الجهات القضائية والتنفيذية في دولة الإمارات قد وفرت وسخّرت كل السبل حتى يتمكن الجميع من الوصول إلى العدالة، مثل «الأنظمة الإلكترونية للإبلاغ عن أي انتهاك دون الذهاب إلى مبنى الشرطة أو النيابة أو المحكمة، ومجانية الشكوى عن أي انتهاك لأي من الحقوق المحفوظة بموجب القوانين، وإعفاء العمال من رسوم الدعاوى العمالية على رب العمل، وتوفير محاكم عمالية متنقلة توجد في أماكن سكن العمال».

وأضاف: «لتحقيق الاستدامة الشاملة، يجب إتاحة وصول العدالة إلى الجميع لكفالة حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من الحقوق التي تحقق التنمية الشاملة».

التكامل في التشريعات

وشدد على أهمية التكامل في التشريعات حتى تلبي الحاجة في المرحلة الحالية والمستقبلية، وحتى تتصف بالاستدامة، وعلى ضرورة إجراء التحديثات المناسبة على القوانين بشكل مستمر، لتشمل المستجدات التي تطرأ في كل المجالات والتخصصات، في ظل الثورات الصناعية والتكنولوجية والمعلوماتية.

مختبر التشريعات

وقال: «في ظل التطور الهائل في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، فإن السياسات والتشريعات السابقة لم تعد تلبي هذا التطور، ولذلك قررت حكومة دولة الإمارات، مع استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي وضعتها، إنشاء مختبر للتشريعات يهدف إلى توحيد الجهود الوطنية تحت مظلة واحدة، وتقديم تشريعات تواكب العصر وتراعي متطلبات المستقبل لتحسين حياة الأفراد وإحداث فارق إيجابي بتوظيف تكنولوجيا المستقبل، إضافة إلى إنشاء موقع إلكتروني لتسلُّم الطلبات على الموقع الإلكتروني، ومشاركة القطاعين الحكومي والخاص في تشريعات المستقبل، زيادة على العمل على إصدار مجموعة من التشريعات الجديدة والمرنة لتقنيات المستقبل، لضمان الحد من التأثيرات السلبية التي قد تترتب عل تطبيق تلك التقنيات المستقبلية بصورة غير آمنة، ومنها على سبيل المثال التشريعات الخاصة بالمركبات ذاتية القيادة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، والطباعة الثلاثية الأبعاد بأشكالها ومجالاتها كافة، وغيرها من التشريعات الشبيهة للأحكام القانونية قبل رفعها إلى المختبر».

ورأى المحامي العام الأول أن مبادرة مختبر التشريعات تعد بمنزلة منصة تجمع العاملين في القطاع التشريعي والمعنيين به في الجهات الاتحادية والمحلية والخاصة، لمراجعة التشريعات القائمة، واقتراح حزمة من التشريعات الجديدة الداعمة للأجندة الوطنية، علاوة على دور المختبر في تسريع إصدار التشريعات ذات الصلة.

وأكد أن المختبر يشجع على الاستثمار في القطاعات المستقبلية من خلال بيئة تشريعية آمنة، وبما يدعم رؤية الإمارات 2021 ومئويتها 2071.

التوعية الشاملة

في شأن متصل، شدد المحامي العام الأول على دور التوعية القانونية الشاملة لجميع شرائح المجتمع، لتحقيق الاستدامة في القانون، وكذا تحقيق الاستقرار في مناحي الحياة كافة، قائلاً إن «الاستدامة بحاجة إلى معرفة، والمعرفة بحاجة إلى توعية».

وتطرق إلى الجهود التوعوية المجتمعية التي تقوم بها النيابة العامة في دبي، عبر برنامج «نبراس» لنشر التوعية القانونية والمجتمعية، وتعزيز خطط وبرامج الاستدامة في القانون بين طلبة الحلقتين المتوسطة والثانوية، من خلال المحاضرات القانونية والاجتماعية والزيارات الميدانية للمدارس، وكذا استدعاء الطلبة لزيارة النيابة العامة والمحاكم، وتعريفهم بحقوقهم وقنوات إبلاغ الجهات المختصة في حال تعرضهم لأي انتهاك، وكيفية إجراء التحقيق والتقاضي في القضايا ذات الصلة.

وأوضح أن عدد الطلبة الذي استفادوا من البرنامج منذ إطلاقه قبل بضع سنوات وصل إلى نحو 4 آلاف طالب من 87 مدرسة في دبي، منها 52 مدرسة خاصة.

مناهج

وأعرب رئيس نيابة الإقامة وشؤون الأجانب، المسؤول عن أمله بتضمين مناهج الحلقتين الأساسية والمتوسطة، بعض الدروس التي تتحدث عن حقوق الطفل، وتوعيته بكيفية التصرف في حال تعرضه لأي انتهاك أو حرمان من تلك الحقوق، ولكن بشرط أن تكون بشكل مبسط، وليست على شكل مواد قانونية يصعب على الطالب فهمها في هذه المرحلة العمرية أو الدراسية.

وقال: «البرنامج يكفل للطلبة فرصة التعرف إلى الشق القانوني، والعواقب المترتبة على الأحداث في حال ارتكابهم الجريمة، إذ إن البرامج المقدمة تستقطب أفضل المحاضرين لشرح الأبعاد الاجتماعية والسلوكية التي يتعرض لها هؤلاء في حالة ارتكابهم الجرائم، كما يبين الآثار السلبية لها».

وأضاف: «يهدف «نبراس» أيضاً إلى التقليل من جرائم الأحداث أو الحد من خطورتها، وزيادة قنوات التواصل وروابط التعاون مع الجهات التعليمية بإمارة دبي، وإبراز دور النيابة العامة في المجتمع، وزيادة الثقة المجتمعية بها».

Email