«هيئة المعرفة»: المدارس لا تتهاون في حوادث الإيذاء المتعمّد

تحدي «كسر الجماجم» خطر جديد يجتاح مواقع التواصل الإجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لاشك أن وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها باتت تدخل بيوتنا دون استئذان من خلال العديد من البرامج التي تشجع على التفاعل بين مستخدميها إلى حد التحدي الذي قد يشكل خطورة على سلامة الأطفال، لاسيما تلك التي تعتمد على العنف الجسدي على غرار تحدي «تكسير الجماجم» الذي بات ظاهرة تدعو إلى شحذ الجهود للحيلولة دون تفاقمها.

حذّر تربويون وقانونيون من ممارسة تحدي «تكسير الجماجم»، الذي انتشر بين طلبة المدارس مؤخراً، وتتلخص فكرته في أن يقوم المتحدي بالوقوف بين اثنين من زملائه الذين يقومان بركله ليسقط على الأرض، بعد أن يوهماه أنه يقفز معهما، حتى يجد نفسه ملقى على الأرض، ما قد يحدث له أضراراً كبيرة، لا سيما إذا كانت الأرضية صلبة.

وجاء التحذير، عقب انتشار ممارسة اللعبة بين صفوف طلبة في مدارس خاصة، مؤكدين انجراف شريحة كبيرة المراهقين بشكل عام وراء ما يظهر ويتداول عبر مواقع التواصل، دون إدراك العواقب، والخطورة الكبيرة على حياتهم.

وأكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، على عدم تهاون المدارس الخاصة في حوادث الإيذاء المتعمد بين طلبة المدارس، أو مع أي حالة من حالات التشهير أو الأذى باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن كل مدرسة لديها سياسة واضحة للاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي أو المنتديات والمشاركة فيه.

وانتشر التحدي مؤخراً بين طلبة المدارس، من خلال تطبيق «التيك توك»، الذي اجتاح عقول الأبناء، خاصة الفئة العمرية بين 6 و18 سنة، حيث أكد مستخدموه أنه يوفر لهم المتعة والمرح في 15 ثانية على أقصى تقدير.

مسؤوليات

وأوضحت أمل بالحصا المدير التنفيذي لقطاع سياسات المعرفة والتنمية البشرية في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، أن عقد ولي الأمر والمدرسة، يحدد حقوق ومسؤوليات المدرسة والأسرة، بشأن الجوانب المتعلقة بالمواقف والسلوكيات داخل المدرسة، حيث ينص العقد على ضرورة أن تعتمد المدارس سياسة عدم التهاون مع حوادث الإيذاء المتعمد بجميع أشكالها، والإيذاء المتعمد، هو التهديد المقصود والمتعمد الموجه لشخص آخر، سواءً كان جسدياً أو نفسياً، أو من خلال استخدام شبكة الإنترنت.

ونفذت هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، العام الدراسي الجاري، المسح الشامل لجودة حياة الطلبة في نسخته الثالثة على التوالي، بالإضافة إلى استبيان جودة حياة الكوادر المدرسية في نسخته الثانية، وذلك في مبادرة ممتدة، تستهدف توفير أدلة منهجية لقياس ورصد معدلات جودة حياة الطلبة والكوادر المدرسية، في مختلف الجوانب الشخصية والأكاديمية والاجتماعية.

خطر

من جهتها، حذرت نورة سيف العميمي المهيري، خبيرة تربوية، من انجراف المراهقين بشكل عام وراء ما يظهر ويتداول عبر مواقع التواصل، يتعلقون بالمستجدات، ويهوون تقليده من دون إدراك العواقب، واعتبرت أن فيديوهات التحدي الجديد بين طلبة المدارس، يشكل خطراً كبيراً على حياتهم.

وقالت على الرغم من أن مقاطع الفيديو التي انتشرت لهذا التحدي من خارج الدولة، إلا أنه يمثل خطراً على أبنائنا، لأنهم سوف ينظرون إليه على أنه شيء جديد، يمثل شيئاً من المتعة، ومن الممكن أن ينجرفوا وراء تقليده.

وأضافت أن الخطر يتضاعف، حين يجد الطالب نفسه في معزل عن توجيهات ومتابعة والديه وأسرته، فيلجأ إلى الأصدقاء، وإلى الفضاء الإلكتروني، الذي يجد فيه ما يمكن أن يقضي على مستقبله بكل بساطة.

رقابة

ومن جانبه، شدد ولي الأمر، عيسى الدرمكي، على أهمية تشديد الرقابة من قبل المدارس وأولياء أمور الطلبة، وعدم السماح لهم بممارسة ألعاب التحدي، لما تشكله من خطر حقيقي على حياتهم وسلامتهم الجسدية، مشدداً على ضرورة توعية الطلبة بمخاطر هذه النوعية من الألعاب، خاصة أنها تعرضهم للأذى.

شراكة

من جهتها، قالت هدى أبو بكر مسؤولة حماية الطفل في مدرسة السلام، إن حماية الطفل شراكة مجتمعية، تتم بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، موضحة أن الإنترنت أصبحت ساحة مفتوحة، وتظهر العديد من الآفات التي تخالف عادتنا، وفي ظهور تطبيقات تؤدي إلى جذب الأبناء.

وأوضحت أن دور المؤسسات والدوائر، تكمن في إعداد أفلام توعوية، تتضمن كيفية المحافظة على الوقت، وعدم الإفراط في استخدام الإنترنت، وتشكيل لجان تطوعية ومبادرات مجتمعية، يتم فيها انخراط هذه الفئات العمرية، أما دور المدرسة، يقع عليها أهمية انخراط الطلبة في مختلف الأنشطة الرياضية الموجهة، لملء أوقات فراغهم، وإبعادهم عن التفكير بممارسة السلوكيات السلبية، عمل برامج لرعايتهم وتوجيهم بشكل مستمر ودائم.

ردع

بدوره، أكد المستشار القانوني أيهم المغربي، أن حركة تحدي كسر الجماجم المنتشرة عالمياً ومحلياً بين طلبة بعض المدارس الحكومية والخاصة، قد تعرض الطالب للحبس لمدة لا تتجاوز عشر سنوات، في حال وفاة طالب آخر، حسب قانون الأحداث الجانحين، أو الإبعاد للوافد، والفصل النهائي من المدرسة أو رسوبه في مادة السلوك، بموجب القرار الوزاري رقم (851) لسنة 2018، الصادر عن وزارة التربية والتعليم، المخالفة 4. 4 من جدول المخالفات الاعتداء على سلامة جسم الآخرين بالمدرسة، المؤدي إلى حدوث إصابات للمعتدى عليه (الاعتداء الجسدي)، ويوضح المغربي أن تقدير العقوبة والتعويضات، يرجع إلى حجم الضرر، أو حدوث عاهة مستديمة، أو في حالة حدوث وفاة، لا سمح الله.

جهل

وقال إن العديد من أولياء الأمور يجهلون أنهم مسؤولون عن التعويضات المالية، جراء الأضرار والإصابات التي يكون فيها أبناؤهم المتسببون بها، والتي قد تصل لملايين الدراهم أحياناً، وبموجب نص المادة 282 من قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تنص على: (كل إضرار بالغير، يلزم فاعله، ولو غير مميز، بضمان الضرر)، أي أنّ كل شخص يُلحِق بالآخر ضرراً، سواء يقصد ذلك أو لم يقصد، فإنه يكون مسؤولاً عن جميع ما أصاب المتضرر من أضرار، حتى وإن كان المتسبب غير مميز – كالطفل أو المجنون- فيتولى الولي أو الوصيّ أمر التعويض عنه.

وأضاف: الضرر نوعان: ضرر مادي (محسوس)، وهو المتعلّق بجسد الإنسان وماله، وضرر أدبي (معنوي)، وهو المتعلّق بشرف الإنسان وسمعته وكرامته، حيث إنّ أي ضرر يمس حقاً أو مصلحة مادية أو أدبية للآخر، يلزم فاعله تعويض المضرور، بقدر ما لحق به من خسارة، وما فاته من كسب.

فمثلاً، لو تعرض شخص لإصابة من زملائه بالمدرسة، ونتج عنه أضرار كثيرة، تتمثل في إصابة الشخص وجلوسه في البيت فترة معينة، فإن ولي المتسبب، يكون مسؤولاً عن جميع الأضرار التي لحقت للمصاب جراء الحادث، والتي تتمثل في تحمل تكاليف العلاج، أو الدية الشرعية في حالة الوفاة، حيث نصت المادة 9 من قانون الأحداث الجانحين، لا يحكم على الحدث بعقوبة الإعدام أو السجن أو العقوبات المالية، وفي مثل هذه الحالة، يكون ولي الأمر هو المسؤول عن التعويضات المالية في القضايا المدنية التي يرفعها أهل المصاب أو المتوفى، وتنفذ عقوبة الحبس التي قد يحكم بها على الحدث، طبقاً لقانون الأحداث، في أماكن خاصة، تتوافر فيها وسائل الرعاية الاجتماعية والتربية والتعليم.

دور تربوي

قالت نورة سيف العميمي المهيري، خبيرة تربوية: على أولياء الأمور أن يدركوا مسؤولياتهم تجاه أبنائهم، وأن يعوا حقيقة أن فلذات أكبادهم قد يصبحون سلبيين، في حال لم يقفوا إلى جانبهم بالشكل المطلوب، إذ إن المتابعة الأسرية والرقابة الأبوية واجبة، بل هي فرض على كل الآباء والأمهات، لا سيما في عصر تتكاثف فيه المغريات والسلبيات، وتستهدف النشء بشكل صريح. وتابعت: يتعين على المدارس وأولياء الأمور أن يقوموا بالدور التربوي المتكامل، لحفظ مستقبل الأجيال، وحمايتهم من كل ما تفرزه الشبكات الإلكترونية من أمور سلبية.

 

Email