أكدوا لـ «البيان» أهمية الحفاظ على صورة المعلم وحذروا من ارتجال العقوبات

تربويون يدعون لتقويم سلوك الطلبة عبر الحوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

«من أمن العقوبة أساء الأدب» تلك عبارة خالدة لا تتغير بتغير الأجيال ولا تسقط بالتقادم، وهو ما حدا بتربويين إلى الدعوة الى استخدام العقاب الإيجابي المرتكز على الحوار والنقاش لطلبة المدارس؛ من اجل تقويم السلوك والحفاظ على صورة المعلم.

وفي الوقت ذاته حذر تربويون من عقوبات«ارتجالية» يقوم بها البعض بحق الطلبة، مطالبين بضرورة الالتزام بلائحة السلوك الطلابي التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم متضمنة ستة ضوابط لتعزيز السلوك الإيجابي، تتوافق مع المراحل العمرية والدراسية، والقدرات العقلية والجسدية للطالب، و11 نوعاً من المخالفات البسيطة، و11 نوعاً للمخالفات شديدة الخطورة.

كما حذروا من مغبة استخدام العقاب البدني والعقاب النفسي كالإهانة أو التهديد، وتقييد حرية الطالب أو الاحتجاز في المدرسة التي تقزم نفسية المتعلم.

بعض المدارس لا تزال تمارس أساليب عقابية مرفوضة كونها لا تحقق الغاية المرجوة منها، وهو عدم تكرار الفعل كالحرمان من تناول وجبة الطعام والحجز داخل الفصل، أو الطرد من الحصة، والإعادة للمنزل في حالة التأخير، والتعنيف والإساءة اللفظية في كثير من الأحيان وهي الأكثر شيوعا.

ضوابط للتعامل

هبة محمد اختصاصية رقابة تعليمية في وزارة التربية والتعليم تطالب بوضع ضوابط للتعامل مع الطلبة على اختلاف أنماط شخصياتهم. فالواقع الفعلي الذي نراه غير ذلك، ولا بد من وجود آليات واضحة للتعامل مع الطلاب بأنواعهم ومنهم المتنمر وعليه نضع خطوط حمراء لمن يتعداها من المعلمين والمشرفين ليتابع ويسأل عنها في تقييم مستوى الأداء.

وقالت نحن نعلم القيم وخاصة قيمة الاحترام لذا فإن العقاب ينبغي أن لا يخرج عن هذا الإطار.

وترى المستشارة الأسرية والنفسية هيام أبو مشعل أن هناك حاجة للتطور في وسائل العقاب التربوية، فبعض العقوبات باتت غير مجدية.

وأصبحت الحاجة للعقاب الإيجابي المرتكز على الحوار والمناقشة والتدرج في عقاب المخطئ دون تجريح شديدة الأهمية، كما يمكن اتباع أسلوب العزلة والحرمان في بعض المواقف وكل هذه الأساليب تعد افضل من العقاب البدني الذي قد يفقد الطفل ثقته بنفسه ويفقده الإحساس واحترام الآخرين.

التعزيز الإيجابي

وأوضحت أن هناك أساليب يمكن استخدامها وهي تعتبر بديلا للعقاب البدني منها وخاصة في المدرسة كالتعزيز الإيجابي والمعززات الرمزية والأنشطة المعززة للسلوك الجيد وكذلك أهمية التعاقد السلوكي القائم على عقد اتفاقية بين المهمة التي سيؤديها الطالب والمكافأة التي سيحصل عليها وتكون بإشراف المدرس أو المختص.

وترى الدكتورة جنان محمود من مدرسة منار الإيمان في عجمان أنه مهما كان ذنب الطالب لا بد من اتباع الأساليب التربوية الحديثة في التقويم، ووزارة التربية نبهت إلى المسألة وأعدت لائحة أدرجت فيها الممارسات البسيطة والخطرة وأرفقت معها آليات العقاب بعيدا عن أي إساءة أو امتهان لكرامة المتعلم، كونها الأكثر تأثيرا وفاعلية.

حذر

وتلفت فاطمة السجواني الاختصاصية النفسية في وزارة التربية والتعليم إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن العقاب البدني حتى لا تترتب أي نتائج عكسية لهذا الأمر، خاصة في ظل وجود المقترحات والحلول التي ممكن أن يلجأ إليها المعلم بدلا من العقاب.

بدوره أكد عصام الرفاعي عضو هيئة تدريسية في قسم الرياضيات بمدرسة الشعلة بالشارقة أن المعلم هو انسان وعليه ضغوطات المهنة والحياة لكن ذلك لا يعفيه من اتباع الاجراءات اللازمة عند وقوع ممارسة خاطئة من قبل أي طالب، مشددا على ضرورة أن يمارس المعلم دوره التربوي وان لا تشغله اعباء وظيفته «على كثرتها» من متابعة وتقويم ونصح الطلبة.

ويستغرب سميح جودة مشرف تربوي في مدرسة المعرفة الدولية الخاصة من تخلي بعض الهيئات الإدارية والتدريسية عن دورها التوجيهي للطلبة وتركيزها على الجانب التدريسي فقط، مؤكدا أن التربية والتعليم يكملان بعضهما بعضا وأن على أي عامل في الحقل التربوي أن يدرك حجم المسؤولية الملقاة عليه لخلق مجتمع مدرسي متوازن وبيئة تعليمية جاذبة.

مفاجآت لأولياء الأمور في بعض المدارس

روت ولية أمر قصتها مع مدرسة ابنها التي تتبع المنهاج البريطاني، قائلة أنها فوجئت بمكالمة هاتفية من المدرسة مفادها «الحضور إلى الحرم المدرسي» لاصطحاب ابنها الطالب في الصف الثامن وعدم إعادته للمدرسة.

حيث إن مدير المدرسة لا يريد أن يراه حتى نهاية العام، متسائلة أي نوع من العقوبات تلك وكيف اتخذت إدارة مدرسة قرارا يتسم بالخطورة بل وتخطر ولية الأمر هاتفيا دون أي اعتبارات إنسانية للحالة النفسية والعصبية التي دخلت فيها ولية الأمر، حتى وان كان الطالب مخطئا فهناك إجراءات حددتها لائحة السلوك الطلابي وليس من بينها ما قامت به المدرسة المذكورة.

الطالب علي إبراهيم أوقفته معلمة في زاوية الفصل طوال المدة الزمنية للحصة كونه كان يتكلم مع زميله الجالس بجواره، ويتساءل ذوو طلبة إلى متى يمكن التعامل بهذه الصورة مع أبنائنا، عازين مثل هذه التصرفات لوجود معلمين غير قادرين على إدارة فصولهم باقتدار، فيما عبر ولي أمر عن سخطه من استخدام عبارات مسيئة للطلبة كنعت المتعلم بالغبي وخلافه.

يذكر أن وزارة التربية والتعليم أطلقت اللائحة الموحّدة لإدارة سلوك الطلبة على الصفوف من الرابع إلى الثاني عشر، بما يتوافق مع التطوير الحاصل في منظومة التعليم حيث ارتكزت اللائحة المطوّرة في مختلف جوانبها على تعزيز السلوك الإيجابي، وتحديد أدوار ومسؤوليات مختلف أطراف العملية التعليمية في تشجيع السلوك المتميز.

وحذّرت اللائحة من ممارسة 11 إجراءً ضد الطلبة المخالفين عند تعديل سلوكياتهم، من قبل العاملين في المدرسة، وتشمل هذه الإجراءات، العقاب البدني بأنواعه وأشكاله وصوره كافة، والحرمان من تناول الوجبات الغذائية، واستفزاز الطالب أو السخرية منه، ومنع الطالب من قضاء الحاجة، والعقاب النفسي كالإهانة أو التهديد، وتقييد حرية الطالب أو حجزه في المدرسة.

وحجز ممتلكات الطالب الشخصية بقرار فردي دون قرار اللجنة التربوية، وتخفيض الدرجات بالمواد الدراسية أو التهديد بذلك، والطرد من الحصة أو النشاط أو المدرسة أثناء اليوم الدراسي بقرار فردي، وتركه دون إشراف، مضيفةً إن كل ما هو شبيه بهذه الإجراءات يعتبر مخالفاً للنظم واللوائح، وفق تقدير اللجنة التربوية.

Email