أكد أن مؤسّس الدولة رسّخ منظومة لإعداد أجيال تتسلّح بالعلم

جمال المهيري: زايد حارب الأمية ورسم خارطة طريق التعليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاصر الدكتور جمال المهيري الأمين العام لمؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز، جزءاً من عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ أن تخرج في جامعة الإمارات في دفعتها الخامسة، حيث كرمه الشيخ زايد وبارك له ولزملائه التخرج.

ويعتبر المهيري من جيل الستينات فقبل قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، كان يتردد اسم الشيخ زايد على مسامعه كثيراً، وكان يتساءل في نفسه عن هذه الشخصية العظيمة.

وقال المهيري: «إن الشيخ زايد كان له دور جوهري في قيام الدولة الفريدة والتي نعيشها الآن في أمن وأمان، وكان لجهود الشيخ زايد عظيم الأثر في القضاء على الأمية، حيث رسم المغفور له بإذن الله خارطة طريق التعليم في الدولة، وباتت العملية التعليمية في الدولة نموذجاً يحتذى به في المنطقة».

وبين المهيري أن أول لقاء له بالشيخ زايد كان في الحفل الخامس لتخرج الطلبة في جامعة الإمارات حيث سلمه شهادة البكالوريوس».

وأكد المهــيري أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، هو معــلم الجميع وكفل التعليم لكل فرد في الإمــارات، وكــان فخوراً بتخــريج أجــيال مسـلحة بالعلم والمعرفة، وكان يحرص على الحــضور بنــفسه شخصياً لتسليم الطلبة شهادات التخرج، حيث يبارك للطلبة وهو مبتــسم وفرح لكل الطلاب.

وأضاف أنه بعد أن عين معيداً في جامعة الإمارات عام 1986 ثم أستاذاً جامعياً لفترة طويلة إلى فترة التسعينات كانت له علاقة بالرئيس الأعلى لجامعة الإمارات بمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان آنذاك، وكانت القرارات المتعلقة بالتعليم العالي والجامعة تأتي من مجلس الوزراء وفي نهاية عمله بجامعة الإمارات التحق بوزارة التربية والتعليم كوكيل وزارة في عام 1998 وكان قرار تعيينه موقعاً من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه.

وخلال تلك الفترة صدرت قرارات كثيرة وقوانين وضعت فيها استراتيجية 2020 لتطوير التعليم وقد كانت فترة حرجة، لأنها كانت تشهد تغييراً في نظام تعليمي قائم.

وكان الشيخ زايد متابعاً بنفسه لتطوير التعليم في الدولة وكانت توجيهاته في تطوير التعليم مع وزارة التربية والتعليم فكان يقوم بزيارات ميدانية إلى المدارس ويلتقي بأولياء الأمور والطلبة، وكانت مشاريع التعليم وتطورها تأتي بناءً على توجيهاته ومتابعاته، حيث إن مشروع رفع سن التعليم الإلزامي من المرحلة الإعدادية إلى الثانوية جاء بناءً على توجيهات المغفور له بإذن الله، كما أنشأ العديد من مراكز تعليم الكبار التي بدورها ساهمت في القضاء على الأمية، وكذلك كان يهتم بتطوير الأطفال بدءاً من مرحلة رياض الأطفال، وفي عهده أعدت وزارة التربية والتعليم أول رؤية مستقبلية للتعليم 2020 وكانت أول جهة تستشرف للمستقبل، ومنذ عام 1998 وحتى توفاه الله في 2004 كانت هناك توجيهات وتوصيات من سموه برصد ومتابعة ما يحدث في الميدان من تطوير المدارس والمناهج وشهدت تلك الفترة حراكاً تعليمياً وتطويرياً كبيراً.

رؤى

وأكد المهيري أن الشيخ زايد وضع أسساً ورؤى معينة في تطوير التعليم باعتباره رئيس الدولة، وجل الأمور لديه كانت بناء الإنسان وهذا لا يأتي إلا من أهمية دور التعليم، وكانت زيارته للمدارس ولقاءاته بالمعلمين وحرصه على تطوير التعليم بطريقه صحيحة عظيم الأثر برفد العملية التعليمية بأدوات تطويرية، وكان يؤكد دائماً على الاهتمام بالمعلم وبمكانته والاهتمام به، وكان هناك أيضاً مشروع لوضع لائحة مالية تشجع المعلم المواطن لأن يسلك هذا الميدان وهذا من حرص الشيخ زايد في تشجيع المعلم المواطن.

ومن هذا المنطلق حظي التعليم بمكانة كبيرة في فكر ومنهج المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، فوفر كل السبل لدعم تطويره داخل الدولة وخارجها، وسخر كل الإمكانات لدعم هذا الهدف، وشجع الأجيال على الدراسة والتخصصات والتحصيل العلمي، ولم يقتصر الأمر على الدعم والمساندة للطلبة والمؤسسات التعليمية داخل الدولة، لكنها عـــبرت الحدود والقارات لتقديم الدعم لرفع كفاءة التعليم، خصوصاً في الدول الأقل نمواً، وأسهمت الدولة في بناء المدارس والكليات والجامعات والمكتبات.

مواقف

وكان الشيخ زايد، رحمه الله، يقوم بالمرور على مدن وقرى الإمارات وعلى شيوخ القبائل لإقناعهم بأهمية التعليم وبخاصة تعليم الفتيات، وقدم لهم الدعم وذلك بهدف القضاء على الأمية فوجه بفتح مراكز لتعليم الكبار واهتم بالمرأة، كما قدمت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، دعماً كبيراً للقضاء على أمية المرأة حتى تمكنت من تقلد مناصب قياديه عليا.

وقال إن الوالد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان حكيماً حقيقياً لكل العرب وبشكل عام ولدولة الإمارات بشكل خاص، لما تمتع به من حكمة مبهرة وبصيرة ثاقبة أثرت بشكل كبير على العالم، مشيراً إلى أن الشيخ زايد كان مثالاً في تعزيز قيم العطاء والإنسانية وكان مهتماً ببناء الثروة الإنسانية وتنمية الكادر البشري، ولم يكن يسمع عن إنسان يقبع في عوز من العيش إلا ووصل إليه ولبى حاجاته التي تساعده على العيش بكرامة، لذا كانت أعماله تتحدث عنه، معتبراً أن مبادرة «عام زايد» ما هي إلا تثقيف للأجيال الجديدة وتعريف بما قدمه هذا الرجل للأمة.

ريادة

ولفت إلى أن الشيخ زايد هو صانع الوحدة والاتحاد، ومؤسس وباني نهضة الإمارات، وهو في القلب والعقل، وحمل عام 2018 شعار «عام زايد»، ليكون مناسبة وطنية تقام للاحتفاء بالقائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، بمناسبة ذكرى مرور 100 سنة على ميلاده، ولإبراز دور سموه في تأسيس وبناء دولة الإمارات، إلى جانب إنجازاته المحلية والعالمية، وخاصة أن الإنجازات العملاقة التي حققها زايد الخير، نقلت دولة الإمارات العربية المتحدة للصدارة العالمية في المجالات كافة.

وعند اكتشاف النفط وبداية مرحلة التطور، أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالتعليم، وكان من أولى الاهتمامات التي ركز عليها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على جميع المشروعات التي أخذت تنهض بالتعليم تدريجياً، لينشأ جيل مؤهل قادر على العطاء وخدمة الوطن، فعند قيام الاتحاد عام 1971، لم تكن الخدمات التعليمية قد وصلت لكثير من القرى والحواضر، ولم يكن عدد الطلاب في الدولة يتجاوز 28 ألف طالب، فكان على من يرغب في إتمام تعليمه بعد الدراسة الثانوية الابتعاث إلى الخارج، سواء إلى إحدى الدول الأجنبية أو العربية للحصول على الشهادة العليا على نفــقة الــدولة، فــي الوقت نفسه عملت القيادة على إيجاد البنـــية التحتـــية لتطوير التعليم.

ووضع الشيخ زايد التعليم على رأس أولويات تأسيس دولة حضارية قائمة على العلم والمعرفة، وأدرك، منذ إعلان الاتحاد، أن العلم والعمل هما الطريق نحو رفعة الأمة وتقدمها وبناء الإنسان، لإيمانه بأن الشباب هم ثروة الأمم الحقيقية، فسارع زايد إلى إعطاء الأوامر السامية ببناء المدارس ومراكز التعليم في مختلف مناطق الدولة، وزرع في الأجيال الجديدة حب العلم والمعرفة، وشهدت الدولة توسعاً في أعداد الجامعات وأنواعها داخل الدولة، ولم يقتصر التحاق الطلبة المواطنين بالتعليم العالي على داخل الدولة، بل أتيحت لهم الفرص كاملة ليلتحقوا بالتعليم الذي يرغبون فيه خارج الدولة.

منح دراسية

ووجه الشيخ زايد أيضاً بالبدء في إنشاء نظام تعليم عالٍ في الإمارات، حيث كان مدركاً أن تأسيس نظام للتعليم الجامعي مهمة تتطلب جهداً ووقتاً كبيرين، كما أمر بمِنح دراسية لكل المستحقين.

وخلال سنوات قليلة فقط، قامت الدولة ببناء المدارس، وتم إرسال الطلاب نحو المدارس، وتم توفير كل ما يحتاجون إليه من كتب، وتعاقبت الأجيال المتعلمة إلى أن توجت المسيرة التعليمية في الدولة بافتتاح جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 1976، وهي أول جامعة في الدولة، حيث أراد لها الشيخ زايد، رحمه الله، أن تكون جامعة اتحادية ذات هوية عربية إسلامية، ومصدر إشعاع حضاري للفكر والثقافة والعلوم، واستمرت المسيرة التعليمية في التقدم بخطى واسعة وسريعة نحو التطور، وتم إنشاء كليات التقنية العليا، ومن ثم جامعة زايد، بالإضافة إلى العديد من الجامعات الخاصة، لتصبح الإمارات، خلال فترة وجيزة، مركزاً للعلم والتعلم يجتذب الطلبة من جميع أنحاء العالم.

وكان للمرأة النصيب الأوفر في الاهتمام بالتعليم وتشجيعها على الالتحاق به، فكان دعم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان غير محدود في هذا الجانب، وقد برز ذلك في حصول المرأة على أعلى الشهادات، سواء على مستوى البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه.

كما حظيت المرأة بفرص كبيرة في الالتحاق بكافة أنواع المهن والوظائف، فظهرت الوزيرة والسفيرة والعضو في المجلس الوطني ووكيل الوزارة، والمديرات في كل القطاعات، وما كان هذا ليحدث لولا التشجيع، والإيمان بأهمية المرأة ودورها في التنمية داخل المجتمع.

وأولى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، اهتماماً كبيراً بالبعثات الخارجية، لما تقوم بها من دور كبير في مواكبة الحضارة المعاصرة وإعداد أجيال تتولى صنع الحضارة الوطنية، لذلك دعا في افتتاح الفصل التشريعي الثالث من مارس 1977 إلى توجيه المزيد من الاهتمام إلى رعاية المبتعثين من أبنائنا إلى الخارج، وإعداد الكوادر الوطنية في التخصصات المختلفة لتسهم بدورها الأصيل في بناء الوطن.

قفزات كبيرة حققها الميدان التعليمي

قال الدكتور جمال المهيري إن دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل رؤية وتوجيهات وجهود المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عاشت منذ الثاني من ديسمبر عام 1971، مرحلة تعليمية جديدة، فقد حدثت قفزة كبيرة في مجال التعليم، فتأسست الوزارات الاتحادية، ومنها وزارة التربية والتعليم والشباب ثم سميت لاحقاً وزارة التربية والتعليم، والتي حملت على عاتقها مسؤولية الإشراف على التعليم في مراحله المختلفة، وانتشرت المدارس الحكومية المجهزة بأحدث الأجهزة والوسائل، وشاركت البعثات التعليمية القادمة من مختلف البلدان العربية دولة الإمارات في نهضتها الناشئة.

وحدد الوالد القائد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الطريق ومهده لنا، وكل ما تمضي إليه الإمارات ليس إلا امتداد لفكره، فالشيخ زايد يمثل مدرسة في القيادة، والحكمة، والعطاء، عبر مسيرته الحافلة بالإنجازات التي أرست لدولة الإمارات العربية المتحدة كل سبل الوحدة، والقوة، والنهضة، والتطور، وصولاً إلى إسهاماته الإنسانية في الوقوف إلى جانب شعوب الدول الشقيقة والصديقة، واليوم نرى أبناء زايد حفظوا الوصية في مواقفهم التي لا ننساها أبداً، ويسيرون على درب أبيهم.

Email