الدروس الخصوصية.. فائدة آنية وسلبيات تربوية ومجتمعية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تمثل ظاهرة الدروس الخصوصية إحدى الإشكاليات المجتمعية، التي تختلف حولها الآراء، خلال شهور الدراسة، بما تفرزه من سلبيات وإيجابيات يتباين تحديدها حسب كل أسرة، فهناك المستفيدون من نتائجها، وأيضاً المتضررون، ناهيك عن مواصفات المدرس، الذي قد لا يكون متخصصاً، ويريد فقط التربح من هذا الموسم السنوي، والخروج منه بأفضل المكاسب.

سلبيات وإيجابيات

وأوضحت منال المرزوقي (مدرّسة جامعية للانغماس اللغوي بجامعة نيويورك أبوظبي) بأن المدرس الخصوصي له سلبياته وإيجابياته، نستطيع أن نفرق بينهم، فالسلبية تكون حين نأتي بمدرس خصوصي لا نعرف مستواه التعليمي، ولا توجد حتى وثيقة عقد بين الأسرة وبينه، وإذا كان مرخصاً من الجهة الحكومية أم لا فضلاً عن احتمالية حدوث قضايا أخلاقية، وأما الإيجابية أن تكون معلمة خصوصية لتعليم الأطفال والفتيات من السن 7 إلى 18 عاماً، ويأتي بالأسبوع مرتين فقط.

وأضافت أنه من الجيد أن يكون المدرس متمكناً في مجاله، ومن جهة معتمدة كمعاهد تعليمية، أو معلماً في المدرسة يقوم بجمع الطلبة في مكان ما، ويشرح لهم المواد كما هي في حصص التقوية، التي عرفناها، مشيرة إلى أن ترك الأسر على هذه العادة والاعتماد على المدرسين الخصوصيين تعتبر ظاهرة غير جديدة، خاصة أنها باتت اليوم محط استغلال ونصب وتزوير.

مشكلة اجتماعية

من جانبه قال الدكتور إبراهيم الدرمكي رئيس قسم الأبحاث بكليات التقنية للطلاب بأبوظبي إنه يجب الحد من هذه الظاهرة المجتمعية، والالتفات للأبناء كونهم أمانة الوالدين، فالسماح باستمرار هذه الظاهرة قد يشكل مشكلة اجتماعية، راح ضحيتها أبناء الأسر، موضحاً أن الأبناء الذين يعتمدون على المدرس الخصوصي يقل تركيزهم في الفصول الدراسية كونهم يعلمون أن المدرس الخصوصي سيعوضهم في المراجعة، وهذا ما يولد الفوضى في الفصول التعليمية، وحتى الأكاديمية في الجامعات.

تراجع مستوى

وذكر عبدالفتاح المحرزي مدير مدرسة الصقور الإعدادية بأبوظبي أن تواجد المدرسين الخصوصيين في المنازل لتربية الأولاد ليس من مصلحة الأسرة، مشيراً إلى أن تواجده في المنزل يرجع سببه للمدارس، التي تراجع مستوى أداء معلميها في الجانب التعليمي، وأنه تكثر هذه الإشكالات في المستوى الثانوي، حين يكون الطالب بحاجة لفهم المادة أكثر من مرة، وقد لا يستوعب شرح المدرس في المدرسة.

وأضاف أن أكثر الأمور التي ساعدت على انتشار هذه الظاهرة سكوت المدرسة، والمدرس، وولي الأمر، ما دفع إلى انتشار الظاهرة، كما أنه من الوارد أن يشرح المدرس الخصوصي مادة معينة بطريقة تختلف عن شرح المدرس في المدرسة، كونه غير أكاديمي أو متخصصاً في مجال غير تربوي، فضلاً عن أن ظهور سلبيات جديدة مثل زرع الثقة لمثل هؤلاء المعلمين بدخول المنازل والتخالط مع أبناء الأسر.

وأفاد المحرزي أن إدارة مدرسته تقوم كل بداية سنة باختبارات تشخيصية لتحديد ومعرفة مستوى الطالب، الذي من خلاله يتم بناء البرامج التعليمية عليه، وتحديد مستويات الطلبة من المقبول إلى الجيد جداً، وهذا ما نحرص على أن تنظمه إدارات المدارس، موضحاً أن الجهات التعليمية في أبوظبي باتت تحارب ظاهرة المدرس الخصوصي عن طريق حصص التقوية باشتراكات مادية بسيطة أفضل عن المبالغ، التي يتقاضاها المدرس الخصوصي من الأسرة التي قد تتعدى الـ 1500 درهم للطالب الواحد.

قانون رادع

وقالت فاطمة علي المرزوقي، إننا نحتاج لتكثيف حصص التقوية إن تطلب الأمر لأبنائنا، فظاهرة انتشار المدرسين الخصوصيين زادت في الآونة الأخيرة، حيث نجد الملصقات على أبواب المكتبات والمطاعم، ولا يوجد رد ولا قانون يمنعهم عن ممارسة هذه العادة، مشيرة إلى أن المدرسين الخصوصيين باتوا يستغلون الأسر، فمنهم من يدرس لطلاب عدد منازل كبير في المنطقة الواحدة، وبالتالي يحصل على مردود كبير، فيما أن المبلغ الذي قد يوفره ولي الأمر بتسجيل ابنه في معهد قيمته الشهرية 700 درهم لتعليم كل المواد.

وطالبت أن يصدر قانون بمخالفة من يروج لمثل هؤلاء المدرسين، والاعتماد على تعليم الأبناء من قبل الوالدين أو من ينوب في الأسرة، والحرص على الرجوع للمعلمين في المدارس، إن تطلب الأمر استيعاب مادة معينة، مبينة أن تواجد مدرس خصوصي في ركن المنزل قد يشكل خطراً على سيدة المنزل وبناتها وحتى الأبناء، كون أغلبهم عاطلين عن العمل، وقد يتلصصون بنظرهم داخل المنزل، ومن ثم نلاحظ وجود جرائم السرقة والاغتصاب، وهذا ما يجب أن يعيه المجتمع.

موضة

أصبح وجود المدرس الخصوصي لدى بعض الأسر موضة، وموضعاً للتباهي بين الناس، وقد ظهرت إشكاليات نتيجة انتشار الظاهرة تمثلت بمبالغة المدرسين بأجورهم المادية، حيث تبلغ للساعة الواحدة 200 درهم، والأكثر إشكالاً عدم تخصص البعض منهم في مجال تربوي.

Email