الحصة تبدأ بـ150 درهماً وتصل إلى 1000

الدروس الخصوصية بورصة تتأزّم تربوياً

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

بورصة الدروس الخصوصية تشعلها امتحانات الثانوية العامة التي تنطلق الأحد المقبل، ويدفع ثمنها أولياء الأمور الذين يجبرون من قبل أبنائهم على تلك الدروس، خاصة أن ميزة جيل الطلبة اليوم؛ والذي يطلق عليه جيل التكنولوجيا والإنترنت، أنه لا يمتلك مفاتيح الصبر للمذاكرة والالتزام بها، حيث قلت ساعات المذاكرة والاستعداد إلى دقائق محسوبة، ولم يكن من مفر أمامهم غير الضغط على أولياء أمورهم- الذين يلاحظون تدني مستوياتهم- للاستعانة بمدرس خصوصي يحفظ ما يمكن إنقاذه في الأسبوع الأخير قبيل الامتحانات. قيمة الحصة الدراسية الواحدة - بحسب أولياء أمور- تبدأ من 150 درهما وقد تصل إلى ألف درهم خصوصاً ليلة الامتحانات وللمواد العلمية.

ظاهرة

وأكد تربويون أن الظاهرة تتمركز في المرحلة الثانوية، ويقبل عليها الطلبة الذين يدرسون منهاج وزارة التربية والتعليم. أما المناهج الأجنبية الأخرى فتتمركز الظاهرة في الحلقة الأولى والثانية بما يسمى التأسيسي، مرجعين ذلك إلى حاجة طلبة الثانوية إلى ملخصات تساعدهم مباشرة في الاستعداد للامتحانات، وأسئلة شاملة تفي بعمليات المراجعة ولا تقتصر على عمليات الفهم والشرح، إلا أن هناك أسبابا تجعل الدروس الخصوصية ضرورية منها ضعف مهارات الطالب الدراسية أو أن يكون من ذوي الإعاقة أو من فئة صعوبات التعلم.

ويرى التربويون أن ظاهرة الدروس الخصوصية تتفشى ولا تتراجع، وأن القضاء عليها «ضرب من المستحيل» حيث يبين واقع الحال استشراء حدتها في موسم الامتحانات لاسيما النهائية إذ يصل سقف الحصة الواحدة إلى ألف درهم للمواد العلمية. وطالبوا وزارة التربية بالسماح بفتح فصول دراسية في المدارس، وبرسوم رمزية وبشكل منظم خصوصا لطلبة المنازل والمسائي، لتطويق الظاهرة ومنع التربح من خلالها.

قلق وخوف

ومن جهة أولياء الأمور، أكدت مي حنين، أن القلق والخوف من الامتحانات وصعوبة بعض الدروس على الطالب تجعل للدروس الخصوصية أهمية كبيرة في نهاية العام، ولكن في الصفوف العليا فقط، إذ يصعب على ولي الأمر مجاراة أبنائه في المذاكرة في المراحل العليا.

وأكد مازن الملحم، رفضه قطعيا لفكرة الدروس الخصوصية، التي تستنزف أولياء الأمور معللا أن أولياء الأمور يدفعون مبالغ كبيرة مقابل تعليم أبنائهم في مدارس خاصة، وعلى إدارات المدارس أن تهتم بالطالب مقابل تلك الرسوم، لافتا إلى أنه لديه ثلاثة أبناء يدرسون في قطاع التعليم الخاص ويعتمدون على انفسهم في المذاكرة ولا يلجأون للدروس الخصوصية ولكن يتم عمل معسكر بمساعدة الوالدين للمذاكرة وإكمال النقص.

وذكر أن أهم الأسباب التي تدفع الطلبة للدروس هي عدم تركيز الطالب في الفصل أثناء شرح المعلم. واعتبرت ولاء صلاح، بأن أولياء الأمور هم من يدفعون بأبنائهم إلى الدروس الخصوصية نظرا لعدم تفرغهم لمتابعتهم الدراسية، فضلا عن صعوبة المناهج واللغة التي لا يتقنها الكثير من أولياء الأمور، حيث يقوم الوالدان بمتابعة أبنائهم بشكل سهل خلال مرحلة الروضة والصفوف الأولى، ولكن في الصفوف التالية يصعب مواكبة الدروس، وخاصة أن جميع المواد باللغة الانجليزية.

ضعف الرواتب

وحول أسعار الدروس الخصوصية قال أولياء أمور إنها تبدأ من 150 وتنتهي عند 600 درهم لحصة المراجعة الأخيرة، وانتشرت الإعلانات الترويجية للمعلمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ترويجا للمراجعة الأخيرة، وغالبا ما تتكون المراجعة النهائية من 10 طلاب على الأقل، فيما أكد عدد من المعلمين الذين يبادرون في الترويج لأنفسهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لـ«البيان» بأن ضعف الرواتب دفعتهم للدروس الخصوصية، حيث يعوض المعلم خلال أيام الامتحانات النقص الذي عاش فيه طوال العام.

محاربة

ومن جانبه قال موفق القرعان نائب مدير مدرسة العالم الجديدة إن معظم المدارس الخاصة أصبحت تتنبه أخيرا لمحاربة تلك الظاهرة التي قد تؤثر على الطلبة بالسلب في حال توجهوا للملخصات التي قد تضر بهم ولا تفيدهم، وبدأت بتطبيق حصص تقوية من قبل المدرسة حيث تقوم بفتح باب الالتحاق لحصص التقوية من بداية العام في عدد من المواد، والراغب بالالتحاق يقوم بتسجيل اسمه ودفع رسوم زهيدة وتنفذ الحصص عقب نهاية الدوام المدرسي تحت إشراف الإدارة المدرسية واعتبر أن هذه الوسيلة الأنسب للقضاء على الدروس الخصوصية.

وذكر أنه يحارب تلك الظاهرة منذ وقت طويل من خلال تنفيذ برامج علاجية للطلبة، مضيفا إن معلم الصف مكلف بمراعاة الفروق الفردية بين الطلبة ومحاولة التركيز على الطالب الضعيف دراسيا حتى يعطيه مزيدا من الاهتمام والمراجعة وشرح المعلومة بشكل مبسط، فضلا عن وقوف المعلمين على مستوى الطلبة بعد تحليل التقويمات ليتم تقييمه للتعرف على جوانب الضعف وتقويته من خلال دروس إضافية خارج الأوقات الرسمية حيث تلتزم المدرسة بمعالجة طلابها الضعاف بالتعاون مع ولي الأمر.

ومن جهتها قالت مديرة مدرسة حكومية تحفظت على ذكر اسمها إنها اجتمعت مع الهيئة التدريسية لوضع خطة علاجية للطلبة الضعاف الذين يحتاجون إلى دورس مكثفة، حيث تم حصرهم لبدء الدروس المكثفة في المواد الأساسية عقب الانتهاء من المناهج.

وأضافت إن إدارة المدرسة تنفذ حصص تقوية مجانية للطالبات كدعم من المدرسة لرفع مستوياتهم التعليمية، وتستمر تلك الحصص حتى ليلة الامتحانات، مشيرة إلى أن إدارة المدرسة تعمل على تنظيم وترتيب القاعات قبل بدء الامتحانات بيومين لأن الدراسة تستمر حتى ذلك الوقت.

تحذيرات

ومن جهتها حذرت الرئيس التنفيذي لمؤسسة التعليم المدرسي في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي فاطمة المري، من الدروس الخصوصية وأكدت أهمية خلق خطط علاجية لرفع مهارات الطلبة الضعاف من قبل إدارات المدارس، مشيرة إلى أنها ترفض بشكل مطلق ما يسمى بالدروس الخصوصية.

وذكرت أن هناك قرارات صارمة من وزارة التربية والتعليم وهيئة المعرفة بشأن منع الدروس الخصوصية، ولكنها تحتاج إلى تفعيل من جهة المعلمين وتعاون جاد من قبل أولياء الأمور.

سعيد نوري مشرف تربوي في مدرسة عجمان الخاصة وخبير تربوي له باع طويل في مجال التعليم تجاوز سقف الـ40 عاما وصف الظاهرة بانها سلبية ومن السلبيات التي تحاول وزارة التربية والتعليم التغلب عليها عبر إنشاء مراكز تقوية مشيرا إلى أن عدد من المدارس حاصرت الظاهرة ومروجيها من خلال عمل دروس تقوية مجانية مثل مدرسة عجمان الخاصة التي رصدت احتياجات الطلبة ولبتها من خلال الحصص الإضافية المجانية والمدفوعة للهيئات التدريسية.

واستعرض نوري العوامل التي يمكن بواسطتها القضاء على الظاهرة وأبرزها متابعة ولي الأمر لمستوى ابنه الدراسي بشكل يومي وليس في فترة الامتحانات فقط، حيث يتم تدارك مستواه منذ البداية بالتعاون مع المدرسة أما العامل الثاني فهو المؤسسة التعليمية التي يتعلم فيها الطالب فإذا كان ولي الأمر شريكا فعليا في العملية التعليمية فسيتعرف على مواطن الضعف والقوة لدى ابنه الطالب، ويتدارسها مع المدرسة التي يجب أن تحل الإشكال فوراً ويبقى العامل الثالث وهو المعلم وقدرته على الأداء فمن تحلى بأخلاقيات المهنة وأدى ما عليه بشكل مستوفى يخرّج الطالب وهو غير محتاج لأي دروس إضافية وهنا يبقى دور الرقابة على المعلم وهي للأسف ضعفت في المدارس الحكومية باختفاء دور التوجيه.

واعتبرت حُسن عبد الرحمن مديرة مدرسة البصائر الخاصة في الشارقة أولياء الأمور مسؤولين عن تفشي الظاهرة، وتشجيعهم لأبنائهم من خلال إحضار مدرسين للمنزل من اجل تحصيل درجات عالية مشيرة إلى أن المدارس التي تؤدي دورها على اكمل وجه لا يمكن لأي من طلابها أن يحتاج دروس تقوية خارج أسوار الحرم المدرسي.

ويصف يعقوب الحمادي اختصاصي اجتماعي في مدرسة الشهباء للتعليم الأساسي حلقة ثانية في الشارقة الظاهرة بأنها آفة تربوية ابتلي فيها الميدان التربوي حيث باتت تشكل عبئا ماديا على جيوب أولياء الأمور من مواطنين ومقيمين فقد بلغت أثمان الحصص مبالغ خيالية لا تصدق.

وأضاف يجبر الطلبة في كثير من الأحيان على أخذ دروس خصوصية عند مدرسيهم للحصول على درجات تقويم مرتفعة وفي أحيان أخرى يجبر الطلبة على أخذ دروس خصوصية من أجل إنهاء المناهج التي لم تكتمل بالشكل المطلوب.

أما الأسعار فقد بلغت مستويات قياسية وضرب مثلا بدروس الفيزياء والرياضيات التي فاقت500 درهم للطالب الواحد وأقل مادة لا تقل عن 200 للطالب الواحد مهما بلغ عدد الطلبة في المجموعة وبالرغم من قرار المنع إلا أن الدروس مستمرة وتزدهر.

معلم يدافع

معلم لمادة الفيزياء قال لـ«البيان»: أتقاضى 4 آلاف درهم شهرياً، ولدي عائلة كيف يمكن لي أن أتمكن من الإنفاق عليها لولا الدروس الخصوصية التي كشف عن أنها ترفع دخله إلى قرابة 15 ألف درهم شهرياً.

وأضاف: الأمر يستلزم رفع المستوى المادي للمعلم حتى لا يلهث وراء الدروس الخصوصية لجمع المال.

أسباب

اعتبر معلم في مدرسة خاصة أن المناهج المحشوة وعدم تنقيتها بالمهم وكثرة الامتحانات سبب اللجوء إلى الدروس الخصوصية، حتى أصبح الطالب أسيرا للدروس الخصوصية، موضحا أن اختفاء المعلم المتميز الذي أصبح عملة نادرة في الميدان ومع ضغط المناهج وقلة المردود دفعت الطالب للبحث عن مدرس خصوصي لتغطية جوانب المادة التي لم يستطع المدرس داخل الحجرة الصفية إيصالها.

مضحكٌ مبكٍ

تقول الدكتورة جنان محمود ولية أمر طالب في الصف السادس إنها تضطر لإلحاق ابنها بدروس خصوصية في مادة الرياضيات نظير 100 درهم في الحصة الواحدة.. المضحك المبكي كما تضيف أن معلمه في المدرسة هو من يعطيه الدرس الخصوصي في المساء بل ويتعمد عدم الشرح بصورة واضحة كي يلجأ إليه الطلبة بمقابل مالي، ودعت إلى رقابة أشد على معلمي المدارس الخاصة.

Email