تترك أثرها على شخصياتهم

صعوبات تَعلّم ترافق طلبة إلى المراحل العليا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر مشكلات صعوبات التعليم من التحديات التي تواجه الميدان التربوي لأن كثيرا من تلك المشكلات تتطلب عملية تقييم دقيقة وتحديد سبب عدم قدرة الطالب على التطور الأكاديمي، وتحديد ما اذا كان يعاني من صعوبات في القراءة «ديسليكسيا » أو الكتابة «ديسجرافيا» أو الحساب «ديسكالكوليا»، وهناك حالات عديدة من الطلبة تصل الى مراحل اعدادية وثانوية وهي حاملة معها تلك الصعوبات لأنها لم تحظ بفرص تقييم وعلاج فعالة، خاصة في ظل وجود عمليات الترفيع على مستوى الحلقة الأولى، مما يجعلنا أمام طالب في المراحل العليا غير قادر على قراءة فقرة أو حتى كتابتها بشكل صحيح، ويصاحب ذلك معاناة هذا الطالب من ضعف الشخصية لإحساسه بعدم الكفاءة أمام زملائه.

جهد ميداني

ولكل مدرسة جهودها في مجال التعامل مع حالات صعوبات التعليم، خاصة في ظل عدم ثبات مقاييس التشخيص واعتماد معلم التربية الخاصة على خبراته ومهاراته في تقييم الحالات، وفي مدرسة الرواد المشتركة للحلقتين الثانية والثالثة بأبوظبي تم الاهتمام بشكل كبير على شراكة ولي الأمر كأحد الحلول الفعالة التي لمستها المدرسة لعلاج حالات الصعوبات.

وأكد محمد المرزوقي مدير مدرسة الرواد قناعتهم كإدارة مدرسية بأهمية رعاية مختلف الحالات الطلابية من ذوي الاحتياجات الخاصة من صعوبات تعلم، وكذلك الموهوبين، وتنفيذ استراتيجيات مجلس أبوظبي للتعليم في مجال الاهتمام بالحالات الطلابية المختلفة ودعمهم أكاديميا من خلال فريق عمل المدرسة، وان المدرسة تهتم كثيرا بتوفير بيئة تعليم فاعلة لهؤلاء الطلبة، وبالشراكة مع أولياء الأمور، حرصا على تحقيق المخرجات المطلوبة لكل مرحلة وتمكين الطلبة أكاديميا.

12 في الانتظار

من جانبه أوضح محمد نصر مدرس التربية الخاصة بمدرسة الرواد، أن لديهم في المدرسة 12 حالة من حالات صعوبات التعلم، ويجري حاليا العمل على علاج 10 منهم مع وجود 12 في الانتظار، لأن كل طالب يمثل حالة بحد ذاته، ويحتاج لمتابعة وعلاج فردي، والبعض منهم لا يستغرق وقتا طويلا ويتخطى المشكلة لحد كبير، بينما آخرون يحتاجون لحصص أكثر ورعاية لفترة أطول، خاصة أن هذه المشكلة تراكمية ورافقت طلابهم من المراحل التأسيسية حتى الحلقة الثانية.

وأضاف أن أنواع صعوبات التعلم التي لديهم غالبيتها صعوبات اكاديمية تتعلق بعسر القراءة «ديسليكسيا»، مثل الإسراف في التحليل لدى البعض عند القراءة فيعطي الكلمة تفاصيل أكثر، وقلب الأحرف أو تبديلها، أو اضافة بعض الكلمات غير الموجودة، أو ابدال بعض الكلمات بغيرها من المرادفات، وهناك أيضا مشاكل عسر الكتابة «الديسجرافيا»، كأن نجد الطالب يكتب بالمقلوب من اليسار الى اليمين، أو يبدل أماكن في أحرف الكلمة، أو عدم ترك مسافة بين الكلمات، وكذلك وجود حالة لعدم القدرة على الإمساك بالقلم والكتابة الجيدة.

نمائي وأكاديمي

وذكر نصر أن بعض الطلبة يكون لديهم صعوبات نمائية وآخرين أكاديمية، والصعوبات النمائية ناتجة عن الانحراف في نمو عدد من الوظائف النفسية واللغوية، التي تبدو عادية في أثناء نمو الطفل، وهذه الصعوبات غالباً وليس دائماً ما ترتبط بالقصور في التحصيل الدراسي، ويتضمن ذلك صعوبات في الانتباه والإدراك والذاكرة، كصعوبات أولية، وصعوبات التفكير واللغة كصعوبات ثانوية تنشأ عن الصعوبات الأولية، اما الصعوبات الأكاديمية فتشمل صعوبات القراءة والكتابة، والتهجي وإجراء العمليات الحسابية، وهناك علاقة قوية بينهما، فالطفل الذي يعاني من صعوبة تعلم نمائية لابد وأن يؤدي به ذلك إلى صعوبات تعلم أكاديمية.

طرق علاجية

وتحدث معلم التربية الخاصة حول كيفية علاج بعض الحالات، مثل حالة الطالب المسرف في التحليل، حيث يعمل معه على ترسيخ الصور الذهنية لديه لتصبح لديه طلاقة في القراءة من خلال تدريبات للقراءة السريعة للكلمات ورفع عدد الكلمات التي يتدرب عليها بالتدريج لتصل الى 300 كلمة، لأن الإنسان العادي القادر على القراءة لا يقوم عادة بتهجئة كل كلمة، بل يقرأ مباشرة، لأن هناك صورا ذهنية تتعلق بهذه الكلمة مرسخة في الذهن ومعروفة.

كذلك هناك حالة الطالب الذي لا يمكنه الإمساك جيدا بالقلم نتيجة مشكلة نمائية لديه في عضلات اليد، لذا تم تدريبه من خلال تدريبات لتقوية عضلات اليدين استخدمت خلالها الكرة المطاطية، مما يدعم تقوية عضلات اليدين ليتمكن من الإمساك الجيد بالقلم والكتابة بتركيز.

وأوضح نصر، أنه بعد حصر الحالات يقوم بتشخيصها من خلال اختبارات للمهارات يحدد من خلالها مشكلة الطالب ويضع على أساسها خطة علاجية فريدة، وأخذ موافقة ولي الأمر عليها، ولكن النقطة الأهم في الموضوع هي دفع ولي الأمر للمشاركة في معالجة ابنه ومتابعته في المنزل، لأن هذا أمر أساسي لدعم تجاوز المشكلة في وقت اسرع، مشيرا الى أن أولياء الأمور أبدوا تفاعلا كبيرا وتجاوبا خاصة عندما تمكنوا من معرفة المشكلة الحقيقية لدى أبنائهم، منوها الى أهمية ذلك، لأن الطالب الذي يعاني ضعفا في المدرسة، يجب ألا يجد طاقة سلبية تجاهه في المنزل، بل لابد من التشجيع والتحفيز والإحساس بالإنجاز في المدرسة والمنزل لدعمهم حتى على مستوى شخصياتهم .

تحسن ملحوظ

وحول تجربة أولياء الأمور بمدرسة الرواد، قال سليمان عبد الله ولي أمر طالب بالصف الثامن، يعاني من صعوبات التعليم، إنه يعرف بأن ابنه يعاني من عسر في القراءة، ولكنه لم يكن يدرك أن الموضوع يتطلب علاجا خاصا به، لأنه على مدار سنوات الدراسة السابقة كان المعلمون يشكون ضعف مهارة ابنه في القراءة، حتى انه وضع له مدرسا خاصا، ولكن لم يكن يلمس أي تحسن في حالته، فابنه وهو في الحلقة الثانية لا يمكنه قراءة رسالة صغيرة من المدرسة بتمكن، ولكن معلم التربية الخاصة في مدرسة الرواد اهتم بحالة ابنه وقام بتشخيصها وقيّم كافة مهاراته، ولمس جوانب الضعف لديه في القراءة ووضع خطة له للعلاج، وأنه لمس فعلا تحسنا في أدائه، لأن ابنه يقرأ الآن فقرات كاملة بشكل جيد، وهو يعمل في المنزل على تعزيز المهارات المطلوبة، كما وجه المعلم الخاص لابنه وكيف يجب أن يتعامل معه على غرار المدرسة.

قضية الترفيع

واشار سليمان الى أن ابنه أيضا بسبب ضعفه كان خجولا ولا يشارك في الصف خوفا من الخطأ، وقد وجههم معلم التربية الخاصة لضرورة الاهتمام بتشجيعه وجعله يشعر بالإنجاز لتقوية شخصيته، معتبرا أن مشكلة ابنه كانت مجرد مهارات يحتاج للاهتمام بها، ولكن الترفيع في المراحل التأسيسية يعد مشكلة لمثل هذه الحالات التي تنتقل من سنة لأخرى دون التأكد من امتلاكها للمهارات المطلوبة.

إضاءات

- مجلس أبوظبي للتعليم يبذل جهوداً في تحديد مقاييس واختبارات تشخيص مقننة، تساعد العاملين في الميدان على تحديد مستوى تحصيل الطالب ومشكلاته الأكاديمية.

- قد يتمتع طلبة صعوبات التعلم بذكاء أكثر حتى من أقرانهم، لكنهم بحاجة لتطوير مهاراتهم في المجالات التي يعانون منها.

- درجة شيوع مشكلة صعوبات التعلم قضية خلافية، ولكن ليس هناك خلاف بأن حجم صعوبات التعلم لا يقل عن 2 إلى 3% من حجم طلبة المدارس في أي مجتمع، وأن الباب مفتوح لرفع هذه النسبة، والتي أوصلها البعض الى 10% و30%.

Email