محمد الغفلي ..يتحدى الظلام على طريقة طه حسين

تتحول الأحلام في الليل إلى حكايات متواصلة عن الصبح الآتي، ويحمل الليل الذي لا شاطئ له بعزيمة وإصرار من يعيشه أمنيات دائمة بموعد لإلقاء المرساة على ساحل فجر ما ذات يوم. إليكم الحكاية..

يدرس الطالب محمد راشد الغفلي الصحافة المكتوبة وهو اليوم على أبواب التخرج من جامعة الشارقة ليكون بذلك أول كفيف يدخل دهاليز الصحافة بعد تخرجه ، ويقول بتحد واضح: «طه حسين لن يكون متفردا فلدي طموحات لا يحدها سقف ومشواري لن يكتمل دون الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه والعمل في احد الصحف المحلية، وقد أصبح وزيرا أيضا.

عن نفسه تحدث محمد راشد الغفلي قائلا أنا الأكبر بين إخواني السبعة، من مواليد إمارة دبي، فقدت بصري بشكل تام في السادسة من عمري، وقبل ذلك كان نظري ضعيفاً، وأخذ الضعف في الزيادة إلى أن فقدت البصر تماماً ، التحقت بمركز دبي لتأهيل المعاقين في سن التاسعة .

ودرست فيه حتى الصف الثامن بعدها انتقلت إلى مدرسة محمد نور في دبي التي كانت تعرف باسم مدرسة الإمارات الإعدادية وذلك عقب صدور قرار دمج الطلاب المعاقين مع زملائهم الأسوياء الذي اتخذته وزارة التربية والتعليم «وأنهيت الثانوية العامة بنجاح في العام 2006 من مدرسة ثانوية المعارف في دبي، من القسم الأدبي».

وبعدها تقدمت إلى جامعة الشارقة للحصول على مقعد جامعي، في كلية الإعلام قسم الإذاعة والتلفزيون، وما لبثت أن حولت إلى قسم الصحافة المكتوبة، لاعتبارات تتعلق بصعوبة التعامل مع الأجهزة كوني كفيفا ولأني أعشق السلطة الرابعة وأدرك مدى أهمية الإعلام ودوره في تشكيل وعي الشعوب وتوجيهها كانت الدراسة فيها حلما .

وأضاف أدركت منذ اللحظة الأولى أن في الأمر تحدياً كبيراً ويجب أن أنجح خاصة وإنني كنت ارفض أن يتم التعامل معي كوني عاجزا ، بل كنت أصر على أن يعتبرني الجميع سواء الطلبة أو الهيئة التدريسية كأي طالب عادي وهنا بات التحدي أعظم واشد.

وأضاف الغفلي: «نحن سبعة أبناء، أربعة ذكور وثلاث إناث، الذكور فاقدون للبصر إلا الأصغر، وعمره اليوم تسع سنوات، بينما الإناث سليمات، وأخي الذي يصغرني بسنة واحدة واسمه احمد كفيف أيضاً، يدرس معي في كلية الإعلام في السنة الثانية، تخصص علاقات عامة». مشيراً إلى أن مشكلة فقدانهم للبصر ترتبط بزواج الأقارب.

وقال «اخترت جامعة الشارقة لأسباب تتعلق بقرب المكان وسهولة الوصول إليه، كما أن فيها عددا من الطلبة المكفوفين، يبلع عشرة طلاب في مختلف التخصصات»، مستذكرا سنته الأولى في الجامعة قائلا لم أواجه صعوبات جدية أو أي مشكلات في المحاضرات وفي السنة الثانية أصبحت لي مشاركات وكتابات، وبدأت أكتب في الصحيفة التابعة للكلية وتنوعت بالوان الصحافة فمن الخبر إلى كتابة التحقيق تناولت فيها موضوع الامتحانات والحياة الجامعية، تلاه تحقيق عن الدراما الخليجية.

الغفلي على أعتاب دخول عالم الصحافة الحقيقية لكنه يتساءل بقلق هل سأجد مؤسسة تضمني إلى فريق عملها، ما هي نوعية وطبيعة وحجم الصعوبات التي ستواجهني، لكنه لا يتوقع في المقابل أن يصادف معوقات لأنه يملك كل الأدوات التي يحتاجها كالبرنامج الناطق في اللابتوب وجهاز بريل .

مشيرا إلى انه سيكون صحفيا ميدانيا كغيره من الزملاء كما سيعمل على تذويب المعوقات التي تواجهه، ويرى إن الصحافة العربية لا تزال روتينية في الغالب والقارئ لا يريد شيئا روتينيا يريد تغييرا وانفتاحا يتفاعل معه وتمنى من وسائل الإعلام أن تشرع لهم الأبواب وان تتعامل معهم معاملة الأسوياء قدر الإمكان، ولا يعني ذلك والحديث للغفلي أننا نريد أن نكون مصورين أو مخرجين، لكن مجالات العمل الإعلامي كبيرة ومتنوعة».

ويعتبر محمد الغفلي واحدا من أنشط الطلبة في محيط جامعته فقد شارك في مسرحية «للحياة مذاق آخر»، التي عرضت في قطر، بمناسبة مهرجان الخليج الأول لمسرح ذوي الاحتياجات الخاصة، ، وحصل عن دوره على جائزة أفضل ممثل، مؤكدا أن التجربة مكنته من اختبار قدرته لمواجهة الجمهور. واختتم الغفلي قائلا «أنا عضو في جمعية الإمارات لرعاية المكفوفين، وأعتبرها بيتي الثاني، وأنا في الوقت الحالي عضو مجلس إدارة، ومسؤول في اللجنة الثقافية واللجنة الاجتماعية».

وللغفلي مدونة على الانترنت تحت عنوان «بوحمدان دوت كوم» يتناول فيها قضايا ساخنة مثل التلاعب بالمال العام والقنوات الإعلامية التي تستغل الأحداث لتهويلها مثل أحداث فريق الوصل والسعودية وغيره ،معتبرا المنتديات الالكترونية احد أهم قنوات الحوار الحر المفتوح الذي لا تحده قيود أو شروط وفيه هامش كبير من الحرية.

الشارقة ـ نورا الأمير

الأكثر مشاركة