استفسارات

الإيمان والعمل الصالح

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإيمان لا ينحصر في جو نفسي معزول عن الحياة، بل هو الدافع الأكبر للتحرك وسط الحياة وللتفاعل الواعي والهادف مع أجزائها ومفرداتها. مع الناس والمواقف وهذا ما نقرأه في الكثير من النصوص الإسلامية التي قرنت الإيمان بالعمل في علاقة عضوية متداخلة.. يقول تعالى: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكُم عندنا زُلفى إلاّ منْ آمن وَعَمِلَ صالحاً) (سبأ 37).

(ومنْ يأته مؤمناً قد عَمِلَ الصالحات فأولئك لهم الدرجات العُلى)(طه 75).

إن هذه النصوص تبين لنا الترابط العضوي بين الإيمان والعمل، مما يكشف عن الدور الكبير للعمل في الحياة الإيمانية، فالإنسان لا يكون مؤمناً ما لم يقترن إيمانه بالعمل الصالح. وبذلك فإن الإيمان لا يأخذ قيمته الايجابية وصفته الصحيحة فيما لو تجرد عن العمل. إذ سيتحول إلى قيمة مهملة..وفي مقابل ذلك فان العمل لا يكون إلا من خلال الإيمان، فهو أيضاً يصبح قيمة سلبية مهملة فيما لو فقد صاحبه الجانب الإيماني، لكنه يتحول إلى قيمة كبيرة إذا ما سبقه الإيمان، وكان منطلقاً من قلب مؤمن بالله تعالى.

وهكذا فإن الإسلام يريد من الإنسان أن يحقق التوازن في مجال العلاقة مع الله تعالى فيكون مؤمناً به إيمانا صادقاً خالصاً، وفي نفس الوقت عاملا في سبيله بصدق وإخلاص، من أجل أن تكون شخصيته إسلامية صالحة تنفع الإسلام والمسلمين، وترتفع في هذه الأجواء الإيمانية نحو درجات التكامل.

إن الإسلام يعتبر أن أي اختلال في هذه العلاقة من شأنه أن يضعف محصلتها النهائية، ومن ثم تفقد الشخصية روحيتها الإسلامية، بل أنها تبتعد عن منهج الإسلام فيما لو فقدت أحد العنصرين (الإيمان أو العمل).

وعندما نطبق هذا المفهوم الإسلامي على الواقع، فإننا نستطيع أن نكتشف الآثار السلبية لاختلال التوازن في هذه العلاقة. فلو أن المسلم تحرك ميدانياً ودخل ساحة العمل بدون الرصيد الإيماني المطلوب فانه لا يكون عاملا للإسلام، لأن أعماله ستكون صادرة من رغبات ذاتية يريد من ورائها أن يُلبي حاجة النفس وأهوائها، وإن كان مظهرها إسلاميا. وهو سيصطدم حتماً بالمصلحة الإسلامية، لأن هذه المصلحة لا تحقق رغباته الذاتية، مما يجعله يتجاوز مصلحة الإسلام ويُسيء إلى العمل الإسلامي إرضاءً لرغباته وأهوائه. وبذلك بدل أن يكون عنصر عمل صالح، فانه سيتحول إلى مصدر إفساد وإزعاج داخل الوسط الإسلامي أو المجتمع بشكل عام.

والواقع أن الإسلام جاء بمنهج كامل للحياة يهتم بالجانب المادي في حياة البشر بقدر ما يعني بالجانب الروحي ذلك لأنه لا قوام لجانب دون آخر وكلاهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه ، وقد وضع الإسلام المشكلة الاقتصادية وهي مشكلة الفقر والتخلف من البداية وقبل أن تتطور الأحداث وتفرض نفسها حيث يجب أن توضع في الأساس وفي المقدمة ومن قبيل ذلك انه اعتبر المال زينة الحياة الدنيا وقوام المجتمع وانه العون على تقوى الله تعالى وان طلب المال الحلال فريضة وجهاد في سبيل الله بل انه ساوى بين الفقر والكفر ولم يستعذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيء بقدر استعاذته من الفقر حيث قال (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر).

احمد عبد المجيد

Email