اختبار الله للعبد بالمحن

اختبار الله للعبد بالمحن

ت + ت - الحجم الطبيعي

ابتلاء الله عز وجل عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه بل إما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب أو لرفع منزلة فإذا تلقى ذلك بالرضا تم له ما أراد، ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط».

فالعبد الذي يرضى بالبلاء هو العبد الذي يحبه الله سبحانه وتعالى فيختبره بالمحن والمصائب فيصبر ويسترجع ويحتسب ذلك عند الله ويرضى بما ابتلاه الله به فيكون له الرضا وجزيل الثواب على قدر مصيبته.

وفي حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه، وفي هذه الأحاديث بشارة عظيمة لكل مؤمن وأن الأمراض والأوجاع والآلام بدنية كانت أم قلبية تكفر ذنوب من تقع عليه.

والصبر إنما يكون عند الصدمة الأولى، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»، وقال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله سبحانه: ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثواباً دون الجنة» فأشار إلى أن الصبر الشاق على النفس الذي يعظم الثواب عليه هو ما يكون في أول وقوع البلاء ومفاجأة المصيبة فيفوض ويسلم فيدل ذلك على قوة القلب وتثبيته في مقام الصبر بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو وإذا بردت حرارة المصيبة فكل أحد يصبر إذ ذاك ومتى تضجر وتقلق في أول وهلة ثم يئس فيصبر لا يكون حصل المقصود ولذلك قيل : يجب على كل عاقل أن يلتزم عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث.

وقيل: ان المرء لا يؤجر على المصيبة لأنها ليست من صنعه وإنما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم . فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه: بيت الحمد».

قال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) فالمؤمن إذا سلم لأمر الله واسترجع أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون كتب له ثلاث خصال من الخير : الصلاة من الله والرحمة وتحقيق سبل الهدى.

وزيادة على الصبر والاحتساب والاسترجاع عند الصدمة الأولى فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندعو الله تعالى ونسأله الأجر والثواب والتعويض بخير من المصيبة التي وقعت فقال عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها».

رجاء علي

Email