النفايات البلاستيكية والاضرار بالبيئة

النفايات البلاستيكية والاضرار بالبيئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحظى عملية إدارة وإعادة تدوير النفايات باهتمام كبير في الدول المتقدمة، لما لها من دور رئيسي في المحافظة على البيئة، كما أنها تعد من العوائد الاقتصادية المهمة، ومع بداية النصف الثاني من القرن العشرين وكثرة النشاطات الصناعية وتنوعها تعددت أنواع النفايات الناتجة عن الاستخدام اليومي ومنها، نفايات المواد البلاستيكية وسادت بين الناس حالة من الانبهار بهذه المنتجات البلاستيكية لرخصها وصفاتها التي سحرت عيون الناس، كما أدت سهولة توفر هذه المنتجات البلاستيكية إلى كثرة تداولها بين المستهلكين دون معرفة أضرارها على البيئة، وطرق التخلص الصحيحة منها.

لمعرفة المزيد عن النفايات البلاستيكية وأضرارها على البيئة، والهدف من إعادة تدويرها التقت «البيان» الدكتورة طرفة الشيبه الشرياني اختصاصية في مجال علوم البيئة والتي قالت: « إنه في فترة من الزمن الماضي يتذكر من عاش فيها كيف كان الانبهار شديدا بالقميص النايلون الذي لا يحتاج إلى الكي قبل الاستخدام، لكن لم يكن يتصور أحد أنه خلال عدة عقود ستسود المنتجات البلاستيكية لتدخل في صناعة كل ما حولنا، فهي الآن مكون رئيسي في السيارة والحاسوب والتليفون ومواد البناء والأثاثات والأكياس وغيرها.

ولاشك أن المواد البلاستيكية تحيط بنا تماماً وهذا يعود للصفات التي تميزها، لكن أغلب الناس لا تعلم أن أضرارها أكثر بكثير من فوائدها فقد قيل الكثير عن أضرار استخدام البلاستيكيات في حفظ المواد الغذائية، أو تسخينها في الأفران أو الميكروويف، وذلك لأن تجميد المواد الغذائية في عبوات بلاستيكية وتكرار تجميدها ثم تسخينها يؤدي إلى تفسخ المواد البلاستيكية.

وبالتالي تصبح بعض مكوناتها الضارة قابلة للانتقال إلى الغذاء المحفوظ داخلها أو الذي يسخن فيها، لكن حتى الحفظ دون تسخين أو تجميد لا يمنع الخطر انتقالها للطعام إذا ما كانت هذه المواد المحفوظة لها تركيب فعال، مثل عسل النحل أو الأدوية وغيرها.

وأضافت الشرياني أن الغرب أدرك أن عسل النحل يجب أن يحفظ في وعاء زجاجي وأن لا تترك داخله أي مواد بلاستيكية أو حتى معدنية، هذه المعلومات هي حصاد أبحاث كثيرة تمت خلال نصف قرن الأخير، حيث أن هذه المواد البلاستيكية تتحول بعد استخدامها إلى قمامة ومخلفات، ويجب التخلص منها بطبيعة الحال.

أنواع النفايات البلاستيكية

وأكدت الشرياني أن النفايات البلاستيكية مواد صعبة التحلل ولا تستطيع أنواع البكتيريا والإنزيمات العادية أن تحللها، وتنقسم المواد البلاستيكية إلى نوعين رئيسيين احدهما خفيف ويستغرق عدة سنوات ليتحلل، والنوع الثاني وهو الثقيل والذي يحتاج إلى 34 سنة ليتحلل.

ولاشك أن ذلك الزمن طويل جداً، إذا ما قورن بزمن تحلل الفضلات الغذائية أو المنتجات الورقية التي لا تتعدى الأيام، إذا عرفنا أن العالم قد أنتج 300 طن من المخلفات البلاستيكية فقط في عام 2005 300 مليون طن، ولو علمنا أن هذه المخلفات تتزايد بمعدلات عالية عام بعد عام، لأدركنا أن أزمة حقيقية سوف تواجه سكان الأرض.

الحرق ليس الحل

وأشارت الشرياني أن بعض الأشخاص يظنون أن حرق النفايات البلاستيكية هو الحل السريع للتخلص منها، ولكن هذا الأسلوب يندرج تحت بند الممنوعات والتي ينبغي لها أن تبلغ مستوى التحريم والتجريم، وذلك لأن حرق هذه النفايات ينتج عنه عدد كبير من الكونات الغازية السامة والمسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، ومن أهم الغازات الناتجة عنها غاز الديوكسينات وهو من أخطر الغازات المسرطنة، كما ينتج عن حرق البلاستيك غازات الميثان وأكاسيد الكربون وغيرها الغازات المسببة في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.

أسلوب الدفن

وأشارت الشرياني أن بعض الدول تعتمد حل أخر وهو مدافن النفايات وتعرف في البلاد العربية بأسماء أخرى مثل المكبات أو المطامير، والمدافن تنقسم إلى أنواع وفقا لأسلوب التشيد والوظيفة التي سوف تؤديها، وبالطبع فإن الاحتياج إلى المدافن يزداد يوما بعد يوم، وذلك مع زيادة عدد السكان وارتفاع المستوى الاقتصادي والحضاري لهم.

والدفن عادة قديمة اعتاد عليها الإنسان حيث كان يلقي ما لا يحتاج إليه من فضلات ومخلفات في أرض تبعد عن مكان إقامته، ودون إشراف جاد، وكانت الأولوية تعطي للمكان الذي يتميز بوجود أرض منخفضة أو حفرة عميقة، ويستمر في تعبئتها حتى الامتلاء، والنفايات تكون خليط من مخلفات المنازل وبواقي الطعام والأوراق وعلب القصدير وبقايا خشبية ومعدنية.

وقد تحتوي على قدر غير قليل من النفايات التي تعرف باسم «الخاملة» أو غير النشطة، والتي تبقي لعمر طويل دون أن تتغير أو تتفاعل مع الوسط المحيط، مثل التربة والرمل والخراسانات والحوائط المكسرة، وعلى النقيض تماما قد تحتوي النفايات المنزلية على بعض المواد التي تندرج تحت مسمي نفايات «خطرة»، مثل الأدوية والدهانات ومكونات الأجهزة الكهربية وخاصة البطاريات التي يجب أن تندرج تحت النفايات الخطرة، إلا أنها تعرف بشدة خطورتها، لما تحتويه من المواد المشعة.

وهذا يحدث في الماضي القريب وأزعم أنه مازال يحدث حتى الآن في بعض الدول النامية والأقل تطوراً، حيث تطمر النفايات المنزلية السالفة الذكر مجتمعة ومختلطة مع النفايات التجارية وربما النفايات الصناعية معاً.

وتوضح د. طرفة أنه مع العلم أن طبيعة النفايات التجارية تختلف جوهريا عن الصناعية، حيث يقل فيها نسبة مكون نفايات الطعام بينما تزداد نسبة الأوراق والأنسجة والأخشاب وغيرها، أما النفايات الصناعية فيغلب عليها صفة الخطورة بل أن البعض منها يمكن أن يصنف على أنه «بالغ الخطورة»، ولهذا يجب أن تتم معالجة النفايات الصناعية ومنهج طمرها وفقا لطبيعة الصناعة وما تنتجه من مخلفات، غير أن بعض هذه المخلفات الصناعية تكون على الصورة الغازية، ويتهرب أرباب هذه الصناعات من مسؤوليتهم إن لم ترصد أثناء حدوثها.

الحلول

أكدت الشرياني أنه اعتماداً على النتائج السابقة فيجب علينا مواجهة المشكلة بعدة حلول منها، تدوير النفايات ضمن أسلوب مخطط له بعناية، حتى يستوعب ملايين الأطنان من هذه النفايات دون ضرر على صحة الإنسان.

أو أن يمنع إنتاج البلاستيكات تحوطاً من نفاياتها التي لا تحلل ولا يسمح بحرقها، لكن مع الاعتماد الكبير عليها يصعب تصور حياتنا بدون هذه المنتجات البلاستيكية، لذا لا مناص من التدوير لكن يجب أن تحت مظلة من القوانين البيئية التي تنظم أسلوب التدوير وتشرف على ما ينتجه من غازات أو مركبات جانبية قد تكون ضارة ببيئة الإنسان.

Email