تعليم الأبناء قراءة القرآن ضرورة حياتية

تعليم الأبناء قراءة القرآن ضرورة حياتية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مهما كان المسلم عاصيا أو مقصرا في أداء فروضه الدينية تجده عندما يستمع إلى آيات كتاب الله العلي القدير يهتز ويخشع دون إرادته ولا مجال أمامه إلا الصمت والتأمل والتقديس لآيات الله العزيز، ولذلك أجمع العلماء على أن تعلم الطفل منذ الصغر لقراءة القرآن وتلاوته أمر مهم حيث يتعود على النطق السليم للألفاظ والمخارج.

وأشاروا إلى أن القرآن يحفظ النفس ويطهرها فهو مصباح البيوت، وقالوا إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن الكريم لا تدخله الشياطين، ولا تجد فيه المنغصات، وأوصوا أولياء الأمور بألا يقتلوا أوقات الفراغ لأبنائهم، وأن يجعلوا منه قسطا لتعلمهم القرآن لتستقيم ألسنتهم وقلوبهم.

ويشير الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى إقدام الكثيرين هذه الأيام على حفظ القرآن الكريم من الصغار والشباب والكبار، وإنشاء جمعيات وأماكن لحفظ كتاب الله، كما أننا نجد ذلك في بعض الأندية وفي كل مكان؛ وقال إن حفظ القرآن يجعل المسلمين متواصلين.. لافتا إلى وجود أمل في أن يعود المسلمون إلى النبع والأصل، وإلى ما يأخذ بأيديهم إلى الطريق المستقيم، وهذا ليس بغريب على الأمة الإسلامية.

ويضيف ان حفظ القرآن والاهتمام بتعليمه للطفل في سن مبكرة يعد لنا رجلا أكثر ثباتا وأسرع حفظا، لأن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، فحين يحفظ التلميذ القرآن الكريم في سن مبكرة يتعود على النطق السليم للألفاظ والمخارج، ويقوي القرآن الكريم من لغته العربية، لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، بدليل أنه يوجد في البلدان العربية والإسلامية أعداد كبيرة من الأطفال في سن صغيرة يحفظون القرآن الكريم ترتيلاً وتجويدا.

ويشير عاشور إلى أن هناك عوامل مساعدة على تعليم الأبناء القرآن الكريم وحفظه، منها الأسرة فحين تقوم كل أسرة بالوقوف بجانب أبنائها وتشجيعهم على الحفظ، وتتابع معهم التلاوة والتجويد فهذا سيكون عاملاً مؤثرا في سرعة الحفظ، وفي الدوام على الترتيل، حتى لا ينسى الابن ما حفظه من القرآن الكريم.

حبل الله المتين

د. إبراهيم عبد الشافي وكيل كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر قال إن القرآن حبل الله المتين، وصراطه المستقيم ونوره المبين، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يشبع منه العلماء من قال به صدق ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم.

هذه الكلمات المضيئة للرسول صلى الله عليه وسلم حينما وصف بها القرآن العظيم، ومن هذا المنطلق يجب علينا أن نعلم أولادنا القرآن الكريم وأن نربيهم على تلاوته وحفظه لما لذلك من شفاء للعلل والأمراض.. لقوله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء: 82. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن القرآن مأدبة الله في أرضه فخذوا منها ما شئتم».

ويشير عبد الشافي إلى أن معظم الدول العربية والإسلامية قد حلت عليها الإجازة الصيفية مما ينبغي على أولياء الأمور أن يخصصوا جزءا من هذه الإجازة لتعليم أولادهم كتاب الله عز وجل، وأن يتدربوا على حسن التلاوة لأن التلميذ أو الطالب الذي يقرأ القرآن الكريم يستقيم لسانه، ويستقيم قلبه أيضا، ويبتعد كل البعد عن الانحراف وعن مجالسة أهل الباطل، ويتخلق بأخلاق القرآن الكريم ويتعلم الأدب والرحمة والشفقة، والقرآن الكريم يحثنا على الرحمة والصفح والتعاون على البر والتقوى.

ويعلم الشاب أو الفتاة مراقبة الله في السر والعلن، والله عز وجل يقول (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير) [آل عمران: 29. ويقول في آية أخرى (وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا) [يونس: 61.

ومن هنا نجد القرآن يربي النشء على المراقبة لله عز وجل الذي يعلم السر وأخفى؛ فيقي المجتمع من الانحراف والضلال ويعلم الناس الأمانة؛ وبذلك يصبح المجتمع المسلم مجتمعا صالحا عماده التقوى والبعد عن الانحراف، وبهذا تكون قد حصنت المجتمع ووقيته من الفساد ويتعلم أبناؤنا القرآن الكريم.

رتبة الخيرية

من جانبه أكد الدكتور عبدالله ربيع أستاذ بكلية الدراسات العربية أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل تعلم القرآن وتعليمه سببا في الوصول إلى رتبة الخيرية في هذه الأمة فقال صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» فعلى أفراد الأسرة أن تكون صلتهم قوية بالقرآن الكريم.

وذلك بأن يكون الآباء قدوة لأبنائهم لأن القدوة لها الأثر الكبير في بث هذه الروح داخل الأفراد؛ فإذا نشأت البنت وهي ترى والدتها تحرص على القرآن حرصت هي بالتالي وكذلك الابن، ولن يقتصر الاهتمام بالقرآن على قراءته فقط، ولكن العمل بما جاء فيه من أمر ونهي؛ فالقرآن هو حصن المسلم فلابد من تعليم الأبناء وقراءة القرآن وتلاوته وتجويده منذ صغرهم حتى يكونوا قدوة صالحة في مجتمعهم.

إلى هنا يؤكد الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة أن القرآن الكريم كلام الله تعالى، ولن يأتي كلام الله أو تتشرب نفوسنا ببركاته وخيراته وفتوحاته إلا إذا اقتربنا من قائله سبحانه وتعالى، عندها نستطيع أن نفهم مرضاة الله تعالى من كلامه ومقاصده من تشريعه؛ وغاية ما يحلل ويحرم.

من الأسس المهمة في التعامل مع القرآن، كما يقول المنسي، تلاوته تلاوة صحيحة، وعلى المسلم أن تكون له تلاوة يومية مع كتاب الله عز وجل، ويجتهد ويقرأ يوميا جزءا فيختم القرآن في كل شهر مرة فيجب الاهتمام بالقرآن الكريم وتلاوة جزء منه يوميا، وتعليمه للأبناء بإرسالهم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم.

أما الفقيه المعروف الدكتور محمد الراوي فيقول إن القرآن الكريم كان موضوع اهتمام المسلمين من أول يوم تنزل فيه على الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث وعاه الصحابة وحفظوه وكتبوه، وما قام به أبو بكر الصديق بمشورة عمر رضي الله عنهما لجمع القرآن مما هو مكتوب أو محفوظ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان عملاً عظيما حفظ به القرآن.

أما نحن في وقتنا الحالي فلا تجد بيتا يخلو من مصحف موجود فيه ولكن انشغلت الناس في أمور الحياة وانشغلوا عن حفظ كلامه وتلاوته، والخطورة هنا أن الأبناء يجدون آباءهم مهملين لكتاب الله وبالتالي لا يلتفتون إلى كتاب الله.ويشدد الراوي على ضرورة أن يهتم كل مسلم ومسلمة بتلاوة القرآن الكريم وحفظه للأبناء لأنه فيه هدى ورحمة للعالمين فالقرآن الكريم له سمات عظيمة ليعرف المسلم ما حل وما حرم كما أن فيه علاجا للمرضى.

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

Email