هدي النبي صلى الله عليه وسلم

هدي النبي صلى الله عليه وسلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

الدين الإسلامي كامل متكامل، والإنسان سواء كان في حضر أو في سفر فإنه يحتاج إلى توجيه وتنبيه وآداب وخلق ليعرف ما له وما عليه. ومن هديه في السفر فقد أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه من أراد السفر أن يسافر في أول النهار ودعا لأمته بالبركة فقال:«اللهم بارك لأمتي في بكورها».

ولا شك أن السفر أول النهار فيه خير وبركة وفائدة عظيمة فالمسافر أول النهار لا يدركه الليل إلا وقد قطع مسافة من الطريق في وضح النهار، وأمن لنفسه منزلاً فإذا أدركه الليل نام، وأخذ راحته الجسمية واسترد قوته فأمن من مخاوف الليل ومن مساوئ الظلمة بخلاف ما إذا سافر في وسط النهار أو آخره فإنه سيترتب على ذلك عدم قطعه المسافة المطلوبة فيدركه الليل ويهدده بمخاوفه والظلمة بوحشيتها.

حتى في زماننا هذا الذي أصبح السفر عن طريق الطائرات والسيارات والقطارات فإن المسافر في أول النهار خير له من آخره فإذا وصل في الليل إلى المكان المطلوب فإنه سيلاقي صعوبات كثيرة ومتاعب جمة وهذا شيء مجرب.

كما أنه عليه الصلاة والسلام نهى المسافر أن يسافر وحده ونهى الاثنين أن يسافرا دون ثالث وما ذلك إلا لما سيترتب على الواحد أو الاثنين أثناء السفر من اعتداء أو مرض بل قد يسول الشيطان لأحدهما فيكيد للآخر لذا قال عليه الصلاة والسلام: «الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب» وقال عليه الصلاة والسلام: «لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده».

ولم يدع الركب وهم الثلاثة فما فوق متفرقين كل واحد منهم يمشي على رأيه ويخطط لنفسه دون الآخر بل أمرهم بأن يختاروا لأنفسهم أميراً منهم يؤمرونه عليهم فذلك أحرى وأجدى وأنفع لحل مشاكلهم وخلافاتهم وتصويب آرائهم فيصبحوا كسلسلة القطار التي تتحكم فيها المقدمة منه، ولكنه وحدة واحدة لا يستغني جزء منه عن الآخر قال عليه الصلاة والسلام: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم».

ومن الآداب في السفر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد من المسلم إذا ركب دابته (ويشبه ذلك التي تستعمل اليوم من طائرات وسيارات وقطارات وسفن أن يتذكر خالقه ومربيه وصاحب الفضل العميم الذي أنعم عليه بهذه النعمة وهذا الفضل فأمره بأن يذكره سبحانه ويعترف بفضله وأن يستعن به، فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام: «كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى السفر كبر ثلاثاً.

ثم قال : «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده. اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل والولد» وإذا رجع قالهن وزاد « آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون».

ومن آداب السفر أيضاً، أن المسافرين إذا أرادوا الراحة والنوم بالليل أن يجتنبوا الطريق فإنها طرق القوافل ومأوى الهوام يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا عليها السير وبادروا بها، وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق فإنها طريق الدواب ومأوى الهوام بالليل».

وكذلك إذا قضى المسافر حاجته وغرضه من سفره يستعجل في الإياب إلى أهله وإلى بلده فإن أهله وأولاده في حاجة إليه ليدبر شؤونهم ويلبي طلباتهم لأنه المسؤول قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته من سفر فليعجل إلى أهله»، وإذا رجع إلى بلده دخل المسجد وصلى ركعتين ثم انصرف إلى بيته.

رجاء علي

Email