البروج هي قصور مزينة في السماء

المنازل القمرية دليل حركة الإنسان في الزراعة والصيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

عبد العرب قبل الإسلام المخلوقات الكونية بدءا من نجم الشعرى اليمني وهو أسطع نجم في السماء بعد كوكب الزهرة مباشرة وكان النجم يدلهم مع نجوم أخرى للطريق إلى اليمن حيث كانت رحلة الشتاء ولذلك كان واقع عبادة هذا النجم اليماني من حيث المنفعة في الاهتداء به إلى طريق اليمن وجاءت آية كريمة لتلفت العقول الضالة إلى أن الله تعالي هو رب الشعرى كما أشارت بذلك الآية 49 من سورة النجم (وأنه هو رب الشعرى) صدق الله العظيم.

فلا يعقل يا مخلوق أن تعبد مخلوقا مثلك بل عليك عبادة خالق المخلوقات وخالق كل شيء وهو الخالق، وكذلك عبد العرب فيما قبل الإسلام الشمس والقمر ووضعوا للقمر علامات نجمية أخرى لتحديد المنازل القمرية داخل البروج الشمسية والمنازل القمرية هي خير دليل لحركة حياتهم والاهتداء بها في مواعيد الزراعة والصيد ومواسم الأمطار والجفاف بل من خلالها كانوا يحددون مواعيد حروبهم وإلى آخره من منافع دنيوية ثم جاءت الآية الكبرى لتحرك قلوبهم مع عقولهم في الكف عن عبادة الشمس والقمر وهو ما أشارت إليه الآية 37 من سورة فصلت.

(... لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) صدق الله العظيم، وكان العرب قبل الإسلام يسجدون للشمس حينما يكون قرصها ظاهراً فوق الأفق من جهة الغرب أي عند غروبها ولكي يلغي الإسلام أي شبهة في صلاة المغرب فإنه حدد الشرع أن يختفي قرص الشمس تماماً أسفل الأفق الظاهر.

فلا يجوز إقامة صلاة المغرب عندما يكون أي جزء منها ظاهراً على الأفق علما بأنه يعتبر فلكياً الشمس قد غربت حينما يكون قرص الشمس فوق الأفق وإن ما يضعنا فوق الأفق هو ظاهرة الانكسار وهو ظاهرة علمية تنقل الصور للشمس أو القمر من أسفل الأفق إلى أعلى الأفق وبصفة خاصة عند الشروق أو الغروب وبعداً عن الشبهة والتشابه مع عبدة المخلوقات الكونية لزم لنا الشرع لصحة صلاة المغرب أن يختفي قرص الشمس عند غروبها.

وحينما بحث خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام عن الله عز وجل فجاء بحثه في السماء بما فيها من مخلوقات كونية مثل الكواكب والقمر والشمس ثم تبرأ من كل ما عبده أجداده وهو ما أشارت إليه الآيات 76,77,78 من سورة الأنعام (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) صدق الله العظيم

ومازال حتى يومنا هذا وبرغم التقدم العلمي المذهل يعبد بعض الناس المخلوقات الكونية بل قتلوا أنفسهم لأن الشمس كسفت أمامهم وذلك في باريس مدينة العلم والنور إن النار في انتظارهم بمشيئة الرحمن لتقول لهم هل من مزيد.

البروج السماوية

أقسم الله العلي الخبير بالسماء ذات البروج كما جاء في الآية الأولى من سورة البروج (والسماء ذات البروج) ولقد زين الله العلي العليم هذه البروج بالنجوم كما جاء في الآية 16 من سورة الحجر (ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين) صدق الله العظيم.

لقد أوضح المفسر العالم ابن كثير أن البروج ما هي إلا قصور في السماء مزينة بالنجوم ولقد حدد علماء الفلك دائرة البروج بأنها دائرة عظمى مركزها هو مركز كوكب الأرض وتميل على دائرة خط الاستواء بمقدار 5 .23 درجة وهي نفس قيم ميل محور الأرض وتعتبر الدائرة الكسوفية هي بذاتها دائرة البروج السماوية.

حيث لا يمكن أن يحدث الكسوف الشمسي أو الخسوف القمري إلا في نطاق دائرة البروج السماوية حيث تسير داخلها الشمس الظاهرية ولتبدأ السنة الشمسية في يوم محدد من كل سنة وهو يوم 21 مارس حيث تتواجد الشمس الظاهرية في نقطة الاعتدال الربيعي.

وهي النقطة الأولى لبرج الحمل لتعلن بداية فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي بينما يكون ذلك هو بداية فصل الخريف في نصف الكرة الجنوبي وتستمر الشمس في حركتها الظاهرية بزيادة خط عرضها حيث تمر على برج الثور ثم التوأمين لتصل في يوم 22 يونيو إلى برج السرطان وهي أقصى خط عرض تصله الشمس الظاهرية بمقدار 5 .23 درجة شمالاً معلنة لبدء فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي.

بينما يكون في نفس هذا الوقت فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي ثم تنزل الشمس في مسارها داخل برج الأسد ثم برج العذراء لتصل إلى خط عرض صفر وهو برج الميزان يوم 23 سبتمبر معلنة بداية الخريف في نصف الكرة الشمالي بينما يكون فصل الربيع في نصف الكرة الجنوبي.

وتستمر الشمس الظاهرية في سيرها على دائرة البروج جنوباً من خلال برج العقرب ثم برج القوس لتصل إلى برج الجدي في يوم 22 ديسمبر معلنة بذلك فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي والصيف في نصف الكرة الجنوبي.

وبهذه المواقع التي تحتلها الشمس الظاهرية في البروج السماوية تكون الفترة ما بين الحمل «21 مارس» وبرج الميزان «23 سبتمبر» تساوي عدد أيامها 186 يوماً، وهذا يعني ان تبقى الشمس الظاهرية في كل برج مدة 31 يوماً، بينما الفترة التي تستغرقها في مسارها الظاهري من برج الميزان إلى برج الحمل مارة ببرج الجدي فإنها تساوي 179 يوماً.

وهذا يعني أن تبقى الشمس الظاهرية في كل برج مدة 30 يوماً ما عدا البرج الأخير فإنها تبقي به 29 يوماً ليكون عدد أيام السنة الشمسية 365 يوماً. أما إذا كانت سنة كبيسة فإنه يزاد إلى برج الحوت يوم ليصبح 30 يوماً ولتصبح السنة الشمسية 366 يوماً.

أما السنة الميلادية والتي تبدأ في شهر يناير من كل عام فهي ليست فلكية بل هي سنة تتبع لمولد سيدنا عيسى عليه السلام، والذي اختلفت في موعد مولده حيث يحتفل المسيحيون الغربيون في يوم 25 ديسمبر، بينما الشرقيون في 7 يناير ثم أخذ الوقت المنتصف بين الوقتين لتكون السنة الميلادية هي في أول يناير.

المنازل القمرية

أشار الله العلي الكريم عن المنازل القمرية وتقدير الحسابات الفلكية للسنة القمرية، وذلك في الآية 5 من سورة يونس. (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون) صدق الله العظيم.

ولقد كان العرب يعلمون قبل الإسلام المنازل القمرية حيث قسموا دورة القمر السنوية إلى 28 منزلاً مبتدئة بذلك من نفس نقطة البداية للبروج الشمسية وهي النقطة الأولى لبرج الحمل والتي تتواجد بها الشمس الظاهرية في يوم 21 مارس وعند نفس النقطة تبدأ المنزلة الأولى وهي السرطان.

وهي عبارة عن نجمين لامعين من نجوم كوكب الحمل، واقعين على قرنه ثم تأتي المنزلة الثانية وهي البطين والتي تقع في بطن الحمل وهي ضعيفة اللمعان، ولذلك سميت بالبطين «أي تصغير لكلمة بطن» والمنزلة الثالثة هي الثريا، تحتوي في شكلها الخارجي على ستة نجوم لامعة تراها بالمرقب الفلكي فيها 300 نجم والثريا من أشهر المنازل القمرية عند شعراء العرب.

حيث قالوا فيه الكثير من الشعر، ورابعة المنازل هي الدبران، والتي تقع في عين مجموعة الثور، والمنزلة الخامسة اسمها الهقعة تشبيهاً بالشعر المستدير على فخذ الفرس وتقع بالقرب من برج الجوزاء، والمنزلة السادسة اسمها العنهة «الأهنع هي قصير العنق» والمنزلة السابعة هي منزلة الزراع والثامنة النثرة والتاسعة الطرفة والعاشرة الجبهة.

وتتوالى المنازل القمرية الزبرة ثم الصرفة ثم العواء ثم السماك الأعزل ثم الغفر ثم الزبانى ثم الاكليل ثم القلب ثم الشولة ثم النعائم ثم البلدة ثم سعد الذابح ثم سعد بلع ثم سعد السعود ثم سعد الأخبيه ثم الفرغ الأول (المقدم) ثم الفرغ الثاني (المؤخر).

وآخر المنازل القمرية هو الرشاء والذي يقع في بطن الحوت والواقع في آخر البروج الشمسية وهو برج الحوت ومن هذا نرى أن عرب الجاهلية قد قاموا بتقسيم مسار القمر إلى ثمانٍ وعشرين منزلة حيث يتحرك القمر ثلاث حركات فالحركة الأولى حول محوره وحركة الثانية نسبية بالنسبة للأرض ثم حركة ثالثة أيضا بالنسبة للحركة الظاهرية للشمس.

ويتحرك القمر في كل منزله له مدة 13 يوما ويكون حاصل ضرب المنازل وعددها 28 منزلاً في عدد أيام كل منزل وهو 13 يوما مساويا 346 يوما ولهذا يزاد يوم على آخر المنازل القمرية وهو منزلة الرثاء ليصبح طول فترته 14 يوما وبالتالي يصبح طول مدة المنازل القمرية مساويا تماما لمدة البروج الشمسية.

وإذا كانت السنة الشمسية كبيسة أي بعد 366 يوما فإنه يزاد يوم في منزلة الفرغ المؤخر ليصبح طول فترتها 14 يوما، ومرفق في نهاية المقال لبيان أوقات المنازل القمرية مقابل كل اسم من هذه المنازل.

وتطابق السنة القمرية مع السنة الشمسية يعرف عند العرب باسم النسيء وقد حرمه الإسلام واعتبره كفر بنعم الله الذي أنعم بها على عباده إذ ان قصر السنة القمرية عن السنة الشمسية باحد عشر يوما بقصد من الكريم حتى تتحرك عبادة الصوم والحج داخل السنة الشمسية فتأتي في الربيع ثم في الشتاء ثم في الخريف ثم في الصيف ولا يبقى شهر رمضان ثابتا في فصل الصيف مثلا كما كان يجعله عرب الجاهلية حتى جاء اسم الشهر الكريم من الرمضاء وهو شدة الحرارة.

لم تخلق البروج الشمسية والمنازل القمرية لهوا أو عبثا حاشا لله بل خلقت آيات علمية فلكية لأصحاب العقول الذين يتدبرون ويتفكرون فيما خلقه الله فمن خلال البروج الشمسية الأربعة الرئيسية وهي الحمل والسرطان والميزان والجدي يمكن تحديد الفصول الأربعة.

وهي على التوالي الربيع والصيف والخريف والشتاء وبالتالي تحديد مواعيد الزراعة وحصاد المحاصيل وكذلك يمكن تحديد مواسم الصيد البحري للأسماك والصيد البري للحيوانات والصيد الجوي للطيور المهاجرة وكذلك يمكن تحديد مواقيت المد والجزر.

وبصفة خاصة بعد تحديد مواعيد الكسوف الشمسي والخسوف القمري الذي تتفق فيه البروج الشمسية مع المنازل القمرية كذلك يمكن تحديد مواسم فيضان الأنهار وأخيرا تحديد حساب طول السنة الشمسية والسنة القمرية كما يبرع في ذلك العرب بأحوال الجو والطقس وخاصة هطول الأمطار ومواعيد الأنواء بارتباط المنازل القمرية داخل البروج الشمسية ثم يأتي بعد ذلك كل هذه الآيات العلمية ليكذب المنجمون فيقولون حظك هذا اليوم.

وهذا الأمر مرفوض علميا وعقليا والسر في الرفض القاطع هو أن هذه النجوم والتي تزين البروج السماوية قد تكون ميتة من آلاف بل ملايين ونحن نرى منها اليوم ما تبقى منها من ضوء بناء على سريان الضوء بالسرعة الضوئية المعروفة والتي قدرها العلماء بمقدار 186 ألف ميل في الثانية فكيف يتحكم برج سماوي قد تكون نجومه ميتة من هذا الزمن البعيد ثم يتحكم في حاضر ومستقبل إنسان حي إن الحي الذي لا يموت هو الله.

وهو جل جلاله الذي يتحكم في الحاضر والمستقبل لكل إنسان ولننتبه إلى الآية 59 سورة الأنعام (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) صدق الله العظيم، ثم لننتبه إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (كذب المنجمون ولو صدقوا) وكذلك في قوله: (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم لننتبه الى الحساب العقلي فإن عدد البروج اثنا عشر برجا وعدد البشر 6 آلاف مليون وهذا يعني ان ناتج قسمة الاثنين ان الحظ لعدد 500 مليون شخص متساو وهذا هو المستحيل بعينه فإذا جاءت البروج لتقول سيموت عزيز عليك فهذا يعني موت 500 مليون شخص لقد خلق الله تعالى الاختلاف في بصمات اصابع اليد الواحدة.

وهو ما أشارت إليه الآية 4 في سورة القيامة «بلى قادرين على أن نسوي بنانه» فإذا كان هذا الاختلاف في بصمات اليد الواحدة فسيكون الاختلاف الكامل بين جميع الناس امرا واقعا في جميع شؤون الحياة.

ولننتبه الى الغيب المطلق الذي أشارت إليه الآية 34 من سورة لقمان «إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت» صدق الله العظيم.

قاسم لاشين

Email