وكر الشيطان

باع شرف أخته مقابل جرعة من المخدرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أحد المراكز التجارية التقيا صدفة، تعارفا وتبادلا الأرقام الهاتفية بدأت الاتصالات بينهما تطول، أحبها كما أحبته حتى بات «ر» لا يستطيع العمل أو النوم دون أن يسمع صوت (ن) وكذلك كانت هي.

كان (ر) يعمل في وظيفة حكومية مرموقة أما (ن) فقد كانت في الجامعة في السنة قبل النهائية، بعد تخرجها مباشرة تقدم (ر) لطلب يدها معتمداً في ذلك على رصيد وظيفته، متناسياً الفرق الاجتماعي والعائلي بينه وبين عائلة (ن).

في أحد الأيام اتصل (ر) بوالد (ن) وبعد أن عَرَّفه بنفسه طلب من والد (ن) السماح له بأن يزوره في منزله، في الموعد المحدد جاء (ر) حيث استقبله والد (ن) بحفاوة بالغة وبعد أن تعارفا أفصح (ر) عن سبب زيارته قائلاً: بأنه يرغب في الزواج من «ن». عندما سمع والد «ن» ما قاله «ر» أحس وكأن أفعى لدغته.

واعتبر أن مجرد طلب «ر» يد ابنته يعد تجاوزاً لمكانته الاجتماعية، كان يجب أن لا يحدث، لذا اعتدل والد «ن» في جلسته واعتذر ل«ر» بطريقة فيها الكثير من الحزم والغلظة، ولم ينس والد «ن» أن يذكّر «ر» بالفارق الكبير بين العائلتين، عندها لم يجد «ر» أمامه الا أن يغادر فوراً، إلاّ أن هذا الوقت لم يضعف عزيمة «ر»، حيث طلب من بعض الوجهاء وأصحاب النفوذ والسلطان أن يتوسطوا له عند والد «ن» ليوافق على الزواج من ابنته، إلا أن والد «ن» بقي مصراً على موقفه.

أحس «ر» بطعنة في كبريائه وأنه بذلك سيخسر «ن» إلى الأبد، لذا بدأ يعاني نفسياً، ولكي ينسى ما هو فيه، أخذه بعض الأصدقاء إلى سهرة خاصة لم تخل من الغانيات الفاتنات والمسكرات والمخدرات.

في تلك الليلة جرّب «ر» كل شيء، حتى أنه لأول مرة ينام دون أن يفكر في «ن». في الليلة الثانية قادته قدماه إلى المكان نفسه، حيث التقى بغانيات جدد، واحتسى كؤوس الخمر وتعاطى المخدرات حتى غاب عن الوعي، وجد «ر» في هذا المكان متعة كبيرة، لذا ما يكاد يجنّ الليل حتى يذهب مسرعاً إلى «وكر الشيطان» باحثاً عن اللذة والنسيان، فقد أصبح مدمناً للأفيون وللغانيات ولكؤؤس الخمر.

في أحد الأيام بينما كان «ر» في مكتبه حضر شخص يُدعى «خ» لإنهاء معاملة خاصة بشركة والده التجارية، تفحّص «ر» الأوراق ونظر طويلاً في الاسم الذي استوقفه وبعد تجاذب أطراف الحديث عرف «ر» بأن الذي يجلس أمامه هو الأخ الأصغر ل«ن»، رحّب «ر» ب«خ» ترحيباً حاراً قائلاً له بأن المعاملة ستكون جاهزة في الغد.

في اليوم الثاني حضر «خ» لاستلام المعاملة لكن «ر» أخبره بأنها غير جاهزة لأن الموظف المسؤول عن التوقيعات مريض، فقال «خ» بأنه لا يستطيع الانتظار، وأن الأوراق يجب أن تُسلّم في الغد إلى إحدى البعثات التجارية الأجنبية للتوقيع عليها وإرسالها إلى الدولة المعنية، وان أي تأخير في تسليم الأوراق سيسبب للشركة خسائر مالية كبيرة.

قال «ر» ل«خ» لا تقلق سأنهي لك المسألة الليلة، وفي الغد تذهب إلى حيث البعثة التجارية وتسلمها لها. اتفق «ر» و«خ» على أن يلتقيا بعد الساعة السابعة مساءً على أن يذهبا معاً إلى بيت الموظف المريض فيطمئن «ر» على زميله في العمل، وفي الوقت نفسه يحصل «خ» على التوقيعات التي يريدها.

كان الاتفاق معقولاً ومقبولاً جداً لدى «خ»، وفي الموعد المحدد التقيا وذهبا معاً بسيارة «ر» إلى حيث الموظف المريض، ولكن بدلا من ذلك أخذ «ر» ضيفه «خ» إلى وكر الشيطان طلب (ر) من إحدى الغانيات أن تركز على (خ) وأن تذيقه من فنون الهوى ما يجعله لا ينسى هذه الليلة ليعود إلى المكان من جديد واعداً إياها بمبلغ مالي كبير إن هي نجحت في مهمتها.

وبعد أن جلس (خ) بدقائق جاءته إحدى الفاتنات كمازحة وتعرض عليه جلسة خاصة، وعندما عارض في البداية طلب منه (ر) أن يذهب معها، فهو ضيف ونجم هذه الليلة.

قبل أن تبدأ الجلسة الخاصة قدمت الغانية (بناء على تعليمات ـ ر ـ لـ خ) جرعة من الهيروين وعندما رفض قالت له في دلال كبير إن الجلسة الخاصة لا تصلح إلا بها، وأضافت: عليك أن تتناول هذه الكمية البسيطة فستجعلك أكثر فحولة ورجولة.

تحت ضغط فتاة الليل هذه أخذ (خ) جرعة المخدر ،وأتبعها بكأس من الكحول ثم غاب عن الوعي بقي (خ) فاقداً لوعيه لأكثر من أربع ساعات عمد (ر) بعدها إلى إيقاظه، وعندما أفاق كان في وضع مزرٍ فطلب منه (ر) أن يتصل بأهله ويخبرهم بأنه سينام الليلة عند صديق له. فعل (خ) ما طلب منه (ر) .

وبعد ذلك ذهبا إلى غرفة مجاورة ليتناولا طعام العشاء، وبينما هما كذلك دخلت عليهما إحدى الحسان حيث أخذت تُطعم (خ) بيدها وهي تتودد إليه، فما كان من (ر) إلا أن تركها وخرج.

بعد خروج (ر) أخذ (خ) من الغانية الحسناء ما أراد وعندما طلب المزيد طلبت منه أن يتناول جرعة بسيطة من الهيروين. وكان (ر) قد أعدها خصيصاً ل(خ)، تناول (خ) الجرعة ثم غاب عن الوعي وبقي نائماً حتى ظهر اليوم التالي. اطمأن (ر) إلى أن خطة الانتقام من والد حبيبته (ن) تسير كما يريد، وأن (خ) هو أول الضحايا، ولكي لا ينكشف أمره وتبدو الأمور مدبرة قام بإعداد الأوراق الخاصة بالشركة وسلمها إلى (خ).

بدأ (خ) يذهب إلى وكر الشيطان بنفسه، وهناك كان يلتقي ب(ر) الذي كان يقدم له المخدرات وكؤوس الخمر والحسان والطعام، وكل ذلك من دون مقابل، و رغم أن (خ) استغرب من هذا الكرم الحاتمي من رجل لم يعرفه إلا منذ فترة قصيرة، إلا أنه لم يمانع من استغلال الفرصة التي جاءته (كما يتصور) على طبق من ذهب.

بعد أن اطمأن (ر) إلى أن (خ) أصبح مدمناً أخذ يطالبه بدفع ثمن المخدرات التي يتعاطاها حتى أصبح الثمن الذي يدفعه (خ) أكبر من قدرته المالية، لذا بدأ يستدين من هنا وهناك حتى لم يجد أحداً يعطيه مالاً.

في إحدى الليالي اشتدت حاجة (خ) إلى جرعة المخدر فأسرع إلى وكر الشيطان يستنجد ب(ر) لكن (ر) رفض إعطاءه من دون مقابل، كان المبلغ الذي طلبه (ر) كبيراً، توسل (خ) كثيراً إلا أن (ر) رفض رفضاً قاطعاً إعطاءه أية جرعة من دون مال، بدأ (خ) يتلوى ويصرخ من الألم، وهنا قال له (ر) سأعطيك المخدر من دون مال على أن تنفذ لي شرطاً صغيراً، فقال (خ) على الفور موافق عليه حتى قبل أن أسمعه.

فقال له (ر) شرطي أن تأخذ هذه الكمية من المخدرات وأن تضعها في كأس عصير ثم تعطيه لأختك (ن) دون أن تشعر بذلك. قال له (خ): أعدك بأنني سأفعل ذلك. فما كان من (ر) إلا أن أعطاه جرعة مخدر، أخذها (خ) بلهفة شديدة وقبل أن يغادر (خ) وكر الشيطان أخذ جرعة المخدر التي سيضعها في كأس العصير الخاص بـ (ن) وبدلاً من أن يعطي المخدر لأخته احتفظ بها ليأخذها هو عند الحاجة.

أخذ (خ) الجرعة وقدر الله ألا يعود إلى وكر الشيطان مرة أخرى، ولكن بعد أيام احتاج (خ) إلى جرعة مخدر فلم يجد أمامه إلا وكر الشيطان ليذهب إليه طالباً النجاة من النار التي تأكل جسده. عندما شاهد (ر) (خ) قام بطرده لكن (خ) بدأ يستعطفه فما كان من (ر) إلا أن صفعه على وجهه طالباً منه مغادرة المكان. فوراً خرج (خ) من الوكر إلا أنه لم يستطع أن يذهب بعيداً فقد كانت رغبته في أخذ الجرعة أكبر من أن تقاوم.

عاد (خ) إلى الوكر طالباً من (ر) أن يعطيه الجرعة مقابل ما يريد، فقال (ر) سأعطيك المخدر مقابل أن تعطيني أختك (ن) وإذا لم تعطني أختك سأخبر والدك وأخبر الشرطة عنك لتزج بك في السجن بعد فضيحة كبيرة لك ولوالدك ولأسرتك.

وافق (خ) على خطة (ر) ليتمكن من (ن) والتي تتلخص في أن يذهب (خ) و(ن) في نزهة بالسيارة ويتبعهم (ر) بسيارته وبعد مسافة يتوقف (خ) قائلاً لأخته بأن السيارة تعطلت وهنا يأتي (ر) لأخذهم في سيارته فيعطيهم عصيراً فيه مخدرات.

نفذ (خ) كل ما طلب منه وكذلك نفذ (ر) خطته الشديدة، ولأول مرة تتذوق (ن) عصيراً بالمخدرات، بعد أن تناولوا العصير قام (ر) بدعوة (ن) و(خ) إلى العشاء حيث استعاد (ر) و(ن) ذكرياتهم الجميلة، وبعد العشاء طلب (ر) من (ن) أن تزوره في بيته ولكي يطمئنها قال لها لا تأتي وحدك بل تعالي مع (خ).

بعد يومين اتصل (ر) ب (ن) ودعاها إلى العشاء في بيته وطلب منها أن تأتي مع (خ) وافقت (ن) على ذلك وذهبت مع (خ) لكنها لم تكن تعرف بأنها ذاهبة إلى حتفها وهناك قدم لها (ر) عصيراً بالمخدرات، وبعد أن غابت عن الوعي اختلى بها (ر) ونال منها في الوقت الذي كان فيه (خ) يجلس في غرفة مجاورة يتعاطى المخدرات.

عندما أفاقت (ن) شعرت بما وقع لها فأصيبت بصدمة عنيفة، ففي لحظة واحدة أحست بأنها ضائعة ومدمنة. عادت (ن) إلى بيتها وهي مثقلة بالهموم وبدأت تضع اللوم على أخيها (خ)، لم ينكر أنه هو السبب لكنه قال لها بأنه هو الآخر كان ضحية.

بدأ (ر) يتصل بـ (ن) حتى تأخذ المخدر وفعلاً استجابت (ن) لطلباته، وهكذا ما يكاد (ر) يتصل بها حتى يجدها عنده، أخذ (ر) من (ن) كل ما يريد وأخيراً أخبرها بأنه لم يعد يريدها وأنه لن يعطيها المخدر بعد اليوم وقال لها بأنه فعل كل ذلك معها ومع (خ) حتى ينتقم من والدها الذي رفضه في يوم من الأيام.

بدأت «ن» ترجوه أن يرحم ضعفها وان يستمر في إعطائها المخدرات فهي لا تستطيع العيش بدونه، وهنا ظهرت في رأس «ر» فكرة شيطانية وهي ان يتاجر بجسم «ن» وان يقدمها إلى بعض أصدقائه فيأخذ هو المال وتأخذ هي المخدر. وافقت «ن» على الفكرة وبدأت تتخطفها الأيدي مقابل جرعة مخدر.

في إحدى الليالي جاء «خ» إلى بيت «ر» يريد ان يخرج «ن» من هذا المستنقع وعندما فتح إحدى الغرف وجد أخته في وضع مشين مع أحدهم. قام «خ» بضرب «ن» وطلب منها ان تأتي معه، لكن «ر» تدخل وقام بضرب «خ» وطرده من البيت مهددا إياه بأنه سيقتله ان عاد إلى هذا المكان مرة أخرى.

ذهب «خ» إلى بيته ولم يغب طويلا حيث عاد من جديد وعندما رأه «ر» صرخ في وجهه قائلا ألم أحذرك، من العودة إلى هنا، فقال «خ» لن أعود اذا خرجت «ن» معي، فقال له «ر» لقد أصبحت «ن» عبدة لي، ولن تعود إليكم مرة أخرى، هنا أخرج «خ» مسدسا كان أحضره لمثل هذا الموقف ووجهه إلى رأس «ر».

وفي لحظة كلها غضب وانتقام أطلق على رأس «ر» أول رصاصة، سقط عندها على الأرض ثم تقدم «خ» منه ووضع المسدس في فمه وأطلق الرصاصة الثانية التي كانت كافية لتمزيق جمجمته، ثم وضع فوهة المسدس على قلبه وأطلق الرصاصة الثالثة، واستمر في إطلاق الرصاص عليه حتى افرغ جميع ما في المسدس.

في خلال ثوانٍ كان «ر» قد فارق الحياة، بعد ذلك توجه «خ» إلى أخته وطلب منها مغادرة المكان بسرعة لأنه سيتصل بالشرطة، خرجت «ن» إلى بيتها وبعد أن اطمأن «خ» على وصولها قام بالاتصال بالشرطة التي حضرت في الحال، حيث تم نقل «ر» الى المشرحة، وتم نقل «خ» إلى مركز الشرطة.

في أثناء التحقيق اعترف «خ» بما قام به مبرراً ذلك بأنه كان يريد الانتقام لشرف أخته، بعد مداولات ومدافعات حكمت المحكمة على «خ» بالإعدام شنقا وفي هذه الأثناء كانت «ن» قد تم نقلها إلى مستشفى الأمراض العقلية.

إعداد: أحمد سلطان

Email