العمال المخالفون يرتعون في المنطقة و معظمهم يعمل في مجالات الكهرباء دون أن يفقهوا شيئاً عنها

سكان اليحر.. ينامون على وسائد المعاناة ويصبحون على خطر الموت

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتشارك سكان منطقتي اليحر الجنوبي والشمالي في الهموم والذعر من خطر الموت والإصابة في أي وقت لا يحميهم من ذلك غير رحمة الله بهم وبأطفالهم ومرضاهم.

فهم يصبحون وينامون على خطر محدق يتمثل في انهيار البيوت على رؤوس ساكنيها الذين تزيد أعدادهم في البعض منها لتصل إلى ست أو سبع عائلات بواقع عشرين إلى ثلاثين شخصاً في البيت الواحد.

فالآمال والتطلعات لأصحاب المنطقة لا تصل إلى حد المطالبة بحديقة أو طريق أو متنزه أو حتى مستشفى بقدر، ما يحلمون بمأوى آمن لذويهم وأطفالهم لا يتهدده خطر الانهيار الوشيك.. فما ان ينقضي يومهم حتى يستعدوا ليوم جديد من المعاناة في انتظار الوعود التي ظلوا يتلقونها من الجهات المعنية،

التي زودتهم بتقارير صنفت بعض البيوت من الفئة الأولى الخطيرة جداً ولا تصلح للسكن وبرغم ذلك لم تحرك هذه الجهات ساكناً، وفي كل يوم يقع سقف غرفة أو حمام في أحد المنازل ليبادر أهله بالإبلاغ عنه ويكون الرد بالتحويل للجان الاختصاصية لتعاين وتضع تقاريرها في الأدراج حتى يفقد المعنيون الأمل ويعملون على صيانة بيوتهم بأنفسهم.

وفي ما يطالب البعض منهم بإعطائه الحرية في هدم بيته وإعادة بنائه على نفقته الخاصة، يظل البعض الآخر في انتظار دوره حتى يهدم بيته ويعاد بناؤه من جديد.

لكن الانتظار يمتد لسنوات طويلة والتنفيذ يسابق سلحفاة ثقيلة الوزن كبيرة في العمر، هذا ما عبر عنه سكان منطقتي اليحر الجنوبي والشمالي وهم يتحدثون عن معاناتهم المستمرة وخوفهم الذي يزداد يوماً بعد يوم من خطر الانهيار المتوقع في أي لحظة.

«البيان» توجهت إلى المنطقة حيث تسابق ساكنوها للإدلاء بشكواهم مناشدين مندوب الصحيفة بإيصال صرختهم إلى المسؤولين في الجهات المعنية ونحن بدورنا نقلنا الصورة كما هي دون زيادة أو نقصان بأمانة وشفافية تمليها علينا أخلاقيات المهنة:

خطر مؤكد

بداية تحدث أحمد بن أحمد عزيز عن مشكلته قائلاً: المنزل تم بناؤه في الثمانينات والجهات الاختصاصية تعلم تماماً أنه من البيوت التي تم تركيبها عن طريق شركة بنغالية تم الاستعانة بها في ذلك الوقت، وتعلم أن عمره الافتراضي قد انتهى منذ سنوات عدة وبالتالي فالعاقل لا يمكن أن يتجرأ بالسكن فيه وخصوصاً إن كان لديه أولاد،

ولكن لا حيلة لي فأنا متقاعد ولدي 9 أطفال يعاني البعض منهم من أمراض تحول دون انخراطهم في العمل ومساعدتي في تحمل أعباء المعيشة التي أصبحت غالية جداً فالكبير منهم يحتاج إلى زراعة القرنية ولا أستطيع أن أوفر له تكاليف العملية خاصة وأنني لا أملك مصادر دخل أخرى سوى راتبي التقاعدي الذي يقتص منه البنك جزءاً كبيراً وما يتبقى منه يذهب إلى متطلبات المعيشة الأساسية.

وأضاف.. توجهت إلى البلدية أكثر من مرة وناشدتهم بضرورة التحرك والعمل على إيجاد حل جذري لمشكلتي فالسقف تتساقط منه قطع الأسمنت على رؤوسنا يومياً واضطررت في بعض الغرف ومنها غرفة استقبال الضيوف وغرفة المعيشة إلى وضع قطع من القماش لتمنع تساقطها ولكم أن تشاهدوا بأنفسكم،

وخزانات المياه غير صحية على الإطلاق، ويشير إلى أنه أجرى صيانة للمنزل مرات عدة في السنوات الماضية عندما كان عدد الأطفال قليلاً والمعيشة رخيصة وبالتالي يتبقى جزء من الراتب يستعين به لإصلاح ما فسد.

انهيارات متتالية

أما عبدالله الكثيري فيقول إن سقف منزله وقع أكثر من مرة وأنقذت العناية الإلهية أولاده من خطر الإصابة، ففي الأولى انهار سقف غرفة أولاده وهم في المدرسة وفي الثانية وقع سقف الممر الداخلي ومن حسن الحظ إن الجميع كانوا في غرفة المعيشة.

ويضيف لقد دفعت قرابة الربع مليون درهم في أعمال الصيانة للمنزل وبناء غرف إضافية، لأن الموجودة لا تكفي لعائلتي، ومع ذلك وقع السقف منذ شهرين، وتناولت وسائل الإعلام الخبر وحضرت لجنة من الجهات المعنية وقامت بمعاينته وقررت عمل صيانة له برغم أنه مصنف من الدرجة الأولى من حيث الخطر،

ووافقت على الصيانة بالرغم من أن البيت لم يعد يتحمل أي ترميمات إضافية، ولكن المشكلة تمثلت في البديل حتى تنتهي أعمال الصيانة، فمن الصعوبة بمكان أن يتجول العمال داخل البيت الذي تسكنه عائلتي وزوجتي وبناتي، فهذا الأمر لا يمكن تقبله،

إذ كيف تتنقل أسرتي داخل البيت وهو يكتظ بالعمال، كما أن الصيانة المقررة هي عبارة عن بناء دعائم اسمنتية إضافية للسقف، وهذا غير مجدٍ على الإطلاق فالحال سيظل على ما هو عليه.

وأكد الكثيري أنه ليس وحده الذي يعاني من هذه المشكلة، فهناك الكثير من سكان الشعبية القديمة يعانون الأمرين، اما أن يظلوا في بيوتهم المعرضة للانهيار في أي لحظة وإما أن يفترشوا العراء وهذا أمر لا يُعقل ولك أن تتخيل عندما ينزل الله علينا الأمطار التي تتحوّل معها غرف المنزل إلى برك لتجمع المياه.

على نفقته

من جانبه، يؤكد بريك مبخوت العامري أن سقف منزله في هبوط مستمر لأنه مركّب، ومن المتوقع أن يقع في أي لحظة، وفي رأيه أن الكارثة الحقيقية تكمن في حدوث زلزال لا قدّر الله، فعندها ستجد أن معظم المنازل الشعبية القديمة في المنطقة ستقع على رؤوس أصحابها .

ويشير إلى أنه راجع الجهات المعنية أكثر من مرة ولا يجد سوى وعود لا تنفذ وفي بعض المرات يكون السبب في عدم الاستجابة هو الدور الذي لم يأت بعد في قائمة المنازل التي تحتاج إلى صيانة

ولا أدري في حقيقة الأمر متى سيأتي هذا الدور واتمنى ان لا يأتي بعد فوات الآوان. وقال العامري: إنه أبدى في أكثر من مرة استعداده لهدم بيته على نفقته الخاصة عند مراجعته للجهات الاختصاصية وهو لا يحتاج إلا إلى الإذن فقط.

أنفق 400 ألف درهم

ويشير محمد علوي السقاف إلى أن المنطقة تم تقسيمها بعد المعاينة إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى هي المنازل الخطيرة جدا غير الصالحة للسكن، والفئة الثانية، المنازل الخطيرة أما الفئة الثالثة فهي المنازل المتوسطة،

ولكن الغريب في الأمر أن عملية الهدم التي نفذت في البعض منها تمت على مستوى المنازل المجاورة لبعهضا البعض ولم تنفذ الأولوية في الهدم بحسب تقسيم الفئات وان ما يجده سكان هذه المنازل عندما يراجعون البلدية مجرد وعود لا تنتهي.

ويضيف السقاف قائلا: هذا البيت الذي ترونه يضم ست عائلات وقد أنفقت ما يقرب من 400 ألف درهم من أجل توسعته وصيانته ولكن التشققات تظهر في كل إرجائه وعندما يحين الظلام نسمع أصواتا تصدر من السقف وكأنه يتحرك ومن المتوقع ان يقع في أية لحظة،

لأن البناء تركيب والحديد الذي كان تم استخدامه صديء واصبح يشكل خطورة على 22 شخصا هم سكان البيت من أطفال ونساء فماذا ينتظرون؟ هل ننتظر الصيانة بعد أن يقع السقف؟ علما أنه من المفترض وبحسب اللجنة التي وعاينت البيت أن تتم الصيانة قبل 15 سنة تقريبا.

عمالة مخالفة

ويرى وليد أحمد الذي تزيد أسرته على العشرين فرداً أن المشكلة لا تقتصر على البيوت في المنطقة فقط، وإنما تتعداها إلى مشكلة العمالة المخالفة التي تنتشر في منطقتي اليحر الشمالي والجنوبي، فعدد المخالفين لقوانين العمل يشكلون خطراً كبيراً على المنطقة لأنهم يقومون بالأعمال الكهربائية بدون وعي أو تحمل لأية مسؤولية،

إذ لا توجد جهة معينة تضمن حق المواطن في حال أخطأ أحدهم، خصوصاً وأنهم يعملون في الكهربائيات وغيرها من المهن التي لا تتوفر في المنطقة تحت غطاء شرعي. ويضيف: هناك عمالة مخالفة وتقيم بصورة غير شرعية يتجاوز البعض منهم الخمس سنوات،

والبعض منهم دخلوا الدولة بتأشيرات طباخين وسائقين ويعملون في مهن غير تلك التي قدموا لها، وهذا يشير إلى أن العملية تدخل ضمن بيع وشراء التأشيرات من قبل البعض، ولذا فقد أصبحت المنطقة مرتعاً آمناً لمثل هؤلاء، فحملات التفتيش غائبة عن المنطقة، وكأن الأمر لا يعني الجهات المسؤولة عن مثل هذه المخالفات.

المحكمة رفضت طلاقي

وعبرت فاطمة خلفان الرميثي، عن فرحتها العارمة لزيارة مندوب الجريدة للمنطقة، وقامت بدورها بإبلاغ سكان الحي لكي يعبر كل منهم عن معاناته، ورسمت صورة بالغة الأثر لما يتسم به مجتمع دولة الإمارات من حب وتكافل، فهي لم تتحدث عن مشكلتها وحسب بل دعت الجميع ليتحدثوا عن مشكلاتهم أملاً في أن يجدوا الحل،

فهي على حد قولها تسكن في منزل مع أولادها الستة ويعتمدون في معيشتهم على مبلغ 2000 درهم فقط، برغم أن تكاليف الحياة غالية لا سيما وأن أولادها مسجلون في الجامعات والمدارس، وتقول: لقد توجهت إلى المحكمة لأطلب الطلاق من زوجي الذي هجرني وأولادي وتركنا عرضة للفقر في منزل لا يصلح للسكن،

ولكن القاضي رفض أن يحكم لي بالطلاق، وكأنه مصر على أن يزيد من معاناتي وأولادي، لأنني في حال طُلقت منه سأحصل على مساعدة مالية من الشؤون الاجتماعية لي ولأولادي علماً أن الديون أثقلت كاهلي فأنا مديونة بكل ما تعنيه الكلمة ولا ملجأ لي سوى أن أتوجه إلى الله ليعينني على تحمل مسؤولية ستة من الأولاد والبنات وكلهم يتمنون العيش مثل بقية أقرانهم في المدارس والجامعات.

وتضيف قائلة: شرحت وضعي أنا وأولادي للقاضي ولكن من دون فائدة وطالبت بالصيانة أكثر من مرة وفي كل مرة يكون الرد بأن دوري لم يأت ويجب أن أنتظر الدور وأتمنى أن يصل صوتي للمسؤولين في الجهات الحكومية ويعملون على حل مشكلتي لأنني لا أدري إلى متى أستطيع الصبر وتحمل الديون.

فقر ومرض ووعود

وتشير روية سعيد إلى أنها تنفذ أعمال الصيانة على بيتها منذ أكثر من عشرين سنة فما إن تنتهي من إصلاح جزء منه حتى يقع الآخر والمشكلة الآن لا تقتصر على المنزل فقط بل أنها تعدته إلى مرض زوجها الذي يعاني من ارتجاج في المخ منذ أكثر من أربع سنوات وبالتالي فهو يعجز عن الحراك بعد أن كان هو العائل لها والذي يهتم بأمور بيتها ويعمل على إصلاحه من وقت لآخر.

وتضيف قائلة: تكمن معاناتنا عند هطول الأمطار فالمنزل تتسرب إلى داخله المياه بحسب غزارة المطر فكلما زاد المطر زاد التسرب وتقول لقد راجعت وتنقلت بين مكاتب الجهات المعنية الواحد تلو الآخر وكلهم يعدوني إما بالصيانة أو الهدم وحتى الآن ومنذ عشرين سنة لم يحركوا ساكناً ولم يهتموا لأسرة تعاني من المرض والفقر بالإضافة إلى مشاكل المسكن.

مرسوم لم ينفذ

وتتفاقم المشكلة عند أم علي الشامسي. التي تسكن في جزء صغير من منزل والدها الذي تم بناؤه بالاسبستوس ويمر داخله الصرف الصحي ما يجعله غير صحي على الإطلاق كما ان نوافد حمام منزل والدها تطل على غرفة أولادها وبالتالي تكون هناك روائح كريهة

وتشير إلى انها حصلت على مرسوم من صاحب السمو رئيس الدولة -حفظه الله - للحصول على مسكن شعبي ولكن المسؤولين يرون ان توزيع المساكن له أولويات وهي تتساءل عن ماهية هذه الأولويات فلديها ثمانية أطفال اثنان منهم مصابان بمرض في القلب الذي تعاني هي الأخرى منه.

وتقول: المشكلة ان زوجي لا يعمل لأنه غير مواطن وهو حالياً خارج الدولة وقد تنازل لي عن الأولاد كي أتمكن من الحصول على المساعدة المالية من الشؤون الاجتماعية الذين زادوا بدورهم من مأساتي عندما قطعوا عني المساعدة

وعلى إثر ذلك توجهت إلى الدعم الاجتماعي كي يساعدوني في الحصول على عمل كي أتمكن من إعالة أولادي ولكن محاولاتي باءت بالفشل بعد أن رفض المسؤولون في أحد المصانع المجاورة منحي فرصة العمل لديهم.

وتضيف: مشاكلي كثيرة ومع ذلك مازلت أكافح فبرغم كل هذا توجهت إلى جمعية نهضة المرأة الظبيانية لأكمل دراستي لعلني عندما أحصل على شهادة أستطيع الحصول على عمل يعينني على تربية أولادي .وتتمنى أم علي ان يطلع المسؤولون في الجهات المعنية على معاناتها ويأتوا لدراسة وضعها وإيجاد حل لما تعانيه.

أما أحمد علي الشامسي. فيقول توجهت إلى الجهات الاختصاصية وطلبت منهم إجراء صيانة لمنزلي الذي يسكنه قرابة 28 شخصاً علماً أنني حولت الكراج إلى مجلس لأتمكن من استقبال الضيوف وحاولت إجراء توسعة للمنزل ليستوعب أفراد أسرتي ولكن العدد كبير والمنزل أصبح لا يحتمل المزيد من الصيانة والإصلاح وهم يعلمون ذلك وفي كل مرة نتلقى الوعود فقط.

عاطلون عن العمل

ويؤكد محمد سليمان المعمري أن الكثير من المنازل في مناطق عدة وقعت على رؤوس ساكنيها لأن عمرها الافتراضي عشر سنوات فقط بينما سلمت للمواطنين منذ 21 سنة. ويضيف قائلاً يجب ان نعي أننا أفضل من غيرنا في الكثير من بلاد العالم التي تفتقر إلى قيادة حكيمة تسعى إلى توفير الرخاء

والاستقرار والاطمئنان لشعبها سواء ما قدمه لنا المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد طيب الله ثراه أو ما يبذله حاليا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وولي عهده الأمين اللذان لا يدخران جهداً في سبيل رفعة شأن بلادنا ومواطنيها.

ولكن المشكلة تكمن في تقاعس المسؤولين عن تلبية احتياجات المواطن والنزول إلى أرض الواقع لملامسة ما يعانيه البعض والدليل تشكيل اللجان لزيارة منطقة اليحر أكثر من مرة بدون أي نتائج تذكر فالمشكلة كبيرة ويجب ان تجد الحل السريع وعدم الاعتماد على تقارير اللجان.

تحقيق وتصوير ـ سليم المستكا

Email