الدكتور محمد شامة: شغل المسلمين في أمور هامشية جريمة كبرى

فتوى تؤكد أن الميت لا ينتفع بدعاء الحي تثير جدلاً بين العلماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثارت فتوى كان أطلقها الداعية المعروف الدكتور محمد هداية تؤكد ان الميت لا ينتفع بدعاء الحي ولا بالأعمال التي يقام بها من اجله مثل الحج نيابة عنه جدلا بين علماء الدين في مصر الذين ذهبوا إلى ان هناك أحاديث صحيحة كثيرة تشير إلى انتفاع الميت بدعاء الحي بالإضافة إلى وجود نصوص قرآنية تصب في هذا الاتجاه. وقالوا ان الدكتور هداية يشغل المسلمين بقضايا جانبية وهامشية تم حسمها منذ مئات السنين.

وكان الدكتور محمد هداية قد تحدث على مدار عدة حلقات على قناة أوربت الفضائية في برنامج بعنوان: «طريق الهداية» عن انتفاع الميت بأعمال ودعاء الحي مثل قراءة القرآن وإهدائه ثواب القراءة أو التصدق على الميت أو الحج أو الصيام نيابة عنه وقال ان الميت لا ينتفع بشيء من ذلك كله وانه يحاسب فقط على أساس عمله لقوله تعالى : «وان ليس للإنسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى».

وأوضح العلماء ان فقهاء المسلمين اجمعوا على ان الميت ينتفع بدعاء الحي وتصدقه عليه وكذلك قراءة القرآن وإهداء ثواب القراءة له مؤكدين وجود آثار كثيرة تذهب إلى هذا المعنى في حين ان الدكتور هداية لم يستند إلى أدلة منطقية عندما قال ان الميت لا يستفيد من هذا كله.

من جانبه قال الدكتور محمد شامة مستشار وزير الأوقاف المصري ان مثل هذه الفتاوى تستهدف شغل المسلمين بقضايا ثانوية وهامشية مؤكدا ان الدعاء للميت ليس حراما لكن ليس هذا هو كل الإسلام، فالإسلام هو العمل والإنتاج والبحث والتربية وهذا ما ينبغي ان نهتم به ونركز عليه.

وأوضح ان شغل المسلمين بالأمور الهامشية مثل رفع اليدين في الصلاة عند التكبير للركوع والقيام من السجود أو وضع اليدين على البطن أثناء الصلاة أو إرسالهما أو كيفية المسح على الرأس في الوضوء وغير ذلك يعد نوعا من الشطط، فهذه أمور كلها ان فعلها المسلم فلا بأس وان لم يفعلها فلا بأس أما ان نضيع جهد وطاقة المسلمين فيما لا طائل من ورائه فتلك جريمة كبرى.

وأضاف الدكتور شامة يجب ان ننشغل بالأوضاع والتحديات الحالية التي تواجه العالم الإسلامي وان نوجد الوسائل للخروج منها وبدون ذلك فلن نستطيع تجاوز التخلف وتحقيق التقدم.

وحول تركيز بعض الدعاة على تلك الموضوعات وإشعال الخلاف بين الناس حولها قال الدكتور شامة ما أكثر الدعاة الجهال ونحن مطالبون بمواجهة هؤلاء حتى لا يتسببوا في المزيد من المشكلات متسائلا اذا كنا نعيش في منحدر ومأزق حضاري هل يجوز لنا إضاعة الوقت وشغل الناس بأمور هامشية تزيد من تخلفنا وتحقق لأعدائنا ما يريدون ؟

دعاء بظهر الغيب

وأوضح الشيخ فرحات السعيد المشرف العام السابق على مدن البعوث الإسلامية بالأزهر ان القرآن الكريم اشار إلى هذه القضية في قوله ـ تعالى ـ: «والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك غفور رحيم « مؤكدا ان هذا دعاء بظهر الغيب للذين سبقونا وماتوا وهذه الآية تتلى حتى اليوم ولم تنسخ وسيظل المسلمون يتعبدون بها إلى يوم القيامة وهى تؤكد جواز الدعاء للميت وأداء بعض الأعمال نيابة عنه أو إهدائه ثوابها.

وأضاف ان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سمع من بعض الصحابة ان أخاهم صرعه الجن ومات قال لهم:« استغفروا لأخيكم » وكان يقف على القبور بعد الفراغ من الدفن ويقول: « استغفروا لأخيكم فانه الآن يسأل » وهناك أحاديث كثيرة صحيحة واردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطلب الدعاء للميت والاستغفار له كما ان كل المسلمين يعرفون دعاء دخول القبر « السلام عليكم دار قوم مؤمنين انتم السابقون ونحن اللاحقون « بالإضافة إلى حديث « اذا مات الميت انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له ».

وأكد ان الدعاء للميت جائز وقراءة القرآن له جائزة لان القرآن ما هو إلا ذكر ودعاء ثم نسأل الله ان يتقبل ثواب هذه القراءة عن الميت موضحا ان القول بان الميت مات وانتهى استنادا إلى قوله - تعالى -:« وان ليس للإنسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى» فهذا بالنسبة لعمله هو اما عمل غيره فلا ينطبق عليه ذلك.

وبالنسبة لأداء الحج عن الميت يقول الشيخ فرحات ان الميت الذي مات ولم يكن الحج واجبا عليه بسبب عدم الاستطاعة فان الفريضة تسقط عنه وبالتالي فليس من المنطقي ان نؤدي عنه فريضة لم تكن واجبة عليه والمسلم الذي توفرت له القدرة لأداء الحج ولم يؤده يعذب على ذلك والأفضل إذا توفر المال لدى أبنائه ان يتصدقوا به أما الذي مات ولم يجب عليه الحج فإذا حج عنه ابنه الذي وسع الله له في رزقه فلا بأس بذلك.

وأشار إلى ان الديون التي على الميت تعد من الحقوق التي تدفع قبل توزيع التركة ويجب على الورثة مراعاة ذلك وإذا لم يكن لديه ميراث وعليه دين فيجب على أبناء الميت تسديد هذا الدين.

الدعاء جائز

ويرى الشيخ محمود عاشور وكيل مشيخة الأزهر السابق ان الدعاء للميت والتصدق عليه جائز وهذا يؤيده حديث:« إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث » وعندما سأل احد الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم: هل بقى من برى أبوي شيئا بعد موتهما ؟ قال:«نعم الدعاء والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما « هذا ما أوصى به رسول الله أبناء الميت ويجوز الاستغفار والترحم على الميت والدعاء له وقراءة القرآن عليه وإهداء ثوابه إليه فقد ورد في الحديث:« يس لما قرأت له » وكذلك:« اقرءوا يس على موتاكم » ومن قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها وإذا وهبنا ثواب القراءة للميت فهذا شيء جيد ومقبول ان شاء الله.

وأكد الشيخ عاشور ان الحج عن الميت مشروع فقد لقي النبي رجلا يقول:لبيك عن شبرمة فقال له:وما شبرمة ؟ قال:رجل احج عنه. فقال:هل حججت عن نفسك ؟ قال:لا. فقال النبي: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة موضحا ان الحج شرطه الاستطاعة لقوله - تعالى -: «ولله على الناس حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا» فلابد من الاستطاعة المالية والبدنية فغير القادر بدنيا على الحج يوكل غيره وإذا مات وحج عنه أبناؤه فله ثواب هذا الحج.

اما بالنسبة للصيام عن الميت فيقول الشيخ عاشور هذا فيه كلام كثير وكثير من الفقهاء قالوا لا يجوز الصيام عن الميت أما الصلاة فهي عبادة شخصية يؤديها كل إنسان عن نفسه مؤكدا ان من ينفى كل هذه الأحاديث ويزعم انه لا يجوز الدعاء للميت ولا قراءة القرآن له ولا الترحم والاستغفار له والحج عنه هذا جاهل وللأسف هناك كثيرون يفتون بغير علم.

القاهرة ـ «البيان»:

Email