اجتماع حاسم في لندن الإثنين

إيران تقاوم ضغوط«النووي» بضغوط مضادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخل الملف النووي الإيراني خلال الساعات الماضية مرحلة الضغوط المتقابلة مع تأكيد إيران أنها لن تتنازل قيد أنملة على صعيد دورة الوقود النووي وتهديدها بوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتأكيد الرئيس الأميركي على وجوب منع الجمهورية الإسلامية من امتلاك السلاح النووي، وإن عبر عن رغبته في تسوية بـ «الطرق الدبلوماسية»، وهو ما سيكون محور لقاء سياسي حاسم في لندن بعد غد الاثنين بين كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا التي ألمحت إلى أن الهدف هو الضغط على إيران حتى تتبع «النموذج السوري» في التعاون مع المجتمع الدولي.

ووسط تباين في مواقف الدول الخمس الكبرى حيال فرض عقوبات على طهران، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس، «يطلبون منا التخلي عن الطاقة النووية ويعدوننا بتزويدنا بالوقود النووي (..) لكنهم لا يعطوننا حتى أدوية حيوية». وتساءل «كيف لنا أن نثق بهم وعدم إنتاج الوقود النووي؟». وأضاف في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية (إيسنا) «بحكمة وحزم ستقاوم الحكومة وتدافع عن حق الشعب الإيراني».

وحذر وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي من أن إحالة إيران إلى مجلس الأمن ستكون لها «عواقب» على الغرب. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن متقي قوله إن «الحكومة ستكون مضطرة لإنهاء جميع الإجراءات الطوعية التي اتخذتها في حالة الإحالة إلى مجلس الأمن». في هذه الأثناء، بدا الرئيس بوش مفضلاً لتسوية دبلوماسية، لكنه شدد على ضرورة منع إيران من امتلاك السلاح النووي. معتبراً أنها «ستشكل خطراً كبيراً على أمن العالم، وإسرائيل تحديداً».

وقال بوش في مؤتمر صحافي مشترك مع مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل إن إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي أمر منطقي لبلد «يرفض الدبلوماسية والمعاهدات»، وشدد على أنه لن يستبق ما يجب أن يفعله المجلس.

وقالت ميركل من جانبها: «لن ترهبنا دولة مثل إيران». ووصف وزير الخارجية البريطاني جاك سترو احتمال فرض الأمم المتحدة لعقوبات على طهران بأنه «خيار قائم» غير أنه يرى ضرورة استنفاد جميع وسائل الضغط الأخرى قبل اللجوء لهذا الحل. وقال سترو لهيئة الإذاعة البريطانية أمس إن المجتمع الدولي لابد أن يتصرف ب«صبر وحساسية» مع إيران.

وحول احتمال القيام بعمل عسكري ضد إيران أشار سترو أنه «لا يتوقع ظروفاً» تؤدي إلى مثل هذا العمل. وقال إن «إيران ليست العراق، نعمل مع المجتمع الدولي لحل هذه المشكلة بطريقة دبلوماسية وسلمية ونواصل القيام بذلك، هذا رأيي ويبدو انه أيضاً رأى البيت الأبيض». وتابع أن مجرد التهديد بعقوبات يدفع إيران إلى تبديل موقفها، على غرار ما حصل مع سوريا. وأضاف «في حال لم تف إيران بالتزاماتها، فان مجلس الأمن سيناقش في المرحلة الثانية إمكان فرض عقوبات».

من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي أمس إن فرنسا تعتبر انه «من المبكر» الحديث في هذه المرحلة عن عقوبات على إيران. مضيفا أن «العمل يجب أن يحصل على مراحل». وذكر بأن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا دعوا إلى اجتماع طارئ لمجلس الحكام في الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجل إحالة الملف الإيراني على مجلس الأمن.

فيما قالت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية أمس إن الملف سيكون موضع مناقشة بين مسؤولين كبار من الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول الترويكا الأوروبية في لندن الاثنين. وأفاد مصدر دبلوماسي أوروبي أن الاجتماع سيكون تحضيرا لاجتماع مجلس حكام الوكالة الذرية.

ورجحت مصادر عدة في فيينا أن توجه الدعوة إلى اجتماع مجلس الحكام بين نهاية يناير وبداية فبراير. وأضافت المصادر أن الأوروبيين والأميركيين يريدون إمهال أنفسهم أسبوعين «لتأمين ائتلاف» وإقناع روسيا والصين بالانضمام إليهم في طلب إحالة الملف الإيراني إلى الأمم المتحدة.

من جهتها، دعت وزارة الخارجية الروسية في بيان أمس «إيران مجددا إلى إعادة النظر بقرارها والعودة إلى تجميد» كل الأعمال المرتبطة بتخصيب اليورانيوم. وأضاف البيان «إننا نواصل المشاورات مع الترويكا الأوروبية والأطراف الأخرى المعنية من اجل تحديد أفضل الآليات لتسوية الوضع». وتابع «في هذا الإطار، ندرس باهتمام المقترحات» المقدمة لتحديد ما يجب أن تفعله الوكالة الدولية للطاقة الذرية «بما فيها احتمال إبلاغ مجلس الأمن الدولي بالملف الإيراني».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» أمس عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين قولهم إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في اتصال هاتفي بينهما أن موسكو لن تعرقل إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن، مؤكدين أن العمل خلال الأسابيع المقبلة سيكون على ضمان تأييد الصين التي بدت متحفظة على الاحالة حتى لا تتسبب في زيادة الإصرار الإيراني.

إلى ذلك، امتد القلق بشأن الأزمة الإيرانية إلى الأسواق المالية العالمية. وصعد سعر النفط إلى أكثر من 64 دولارا للبرميل أمس بسبب القلق بشأن الإمدادات حيث يشعر مستثمرون بالقلق من أن تدخل مجلس الأمن يمكن أن يغذي التوترات في السوق لعدة أشهر.

عواصم ـ «البيان» والوكالات:

Email