«البيان» تدق ناقوس الخطر (2 ـ 2)

زواج الأقارب يورِّث الأمراض

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم «والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة» (النحل 72) وقال سبحانه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة» (الروم 21).

والزواج المبني على الأمن والطمأنينة هو الذي يوفر السكن النفسي ويحفظ الأنساب ويجعل الأبناء ينشأون في جو مفعم بالودّ وتتوافر لهم جميع متطلبات الرعاية والعناية والتوجيه والإرشاد، وينعمون بالصحة والاستقرار، لذا فقد أمر الإسلام بالاختيار السليم، وفي الحديث الشريف «تخيّروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم».

ويبيِّن العلماء أن هذا الحديث أمر بالاحتياط عن طريق اختيار الصفات الخلقية والخلقية قبل الزواج، وهو ما يتحقق في عصرنا الحاضر بفحص المرشحين للزواج في عيادات الاستشارات الوراثية ضماناً لحسن الاختيار، وضماناً لذرية سليمة خالية من الأمراض.

صلة الأرحام

وعن كيفية حل مشكلة الأمراض الوراثية التي زادت معدلاتها على النسب العالمية نقف عند رأي العلماء حول زواج الأقارب وهل للإسلام رؤية خاصة في هذا الجانب.

في البداية يقول سماحة الشيخ السيد علي الهاشمي مستشار الشؤون القضائية والدينية في قصر الرئاسة إن مجتمع الإمارات من المجتمعات التي لا تزال تحافظ على صلة الأرحام،

والإسلام يأمر ويحث ويرغب في التواصل بين الأقارب وذوي الأرحام، وينهي ويحذر من قطعها والإساءة إليها، وأضاف ان هذا المجتمع لا يزال يتميز بعلاقات القربى والزواج من أبناء العمومة للمحافظة على النسل،

مشيراً إلى أن الإسلام أجاز تغريب النكاح ودعا إليه لتجنُّب الأمراض الوراثية والمحافظة على صحة الأبناء بما شرع الإسلام، وأكد المستشار الهاشمي أهمية تجنيب النسل الأمراض التي قد تثقل كاهل الأسر والحكومات من خلال برامج المعالجة على اختلاف أنواعها.

وقال: إن تغريب الزواج قد يكون بين الأقارب من الدرجة الثانية، وأن في ذلك محافظة على تماسك الأسر والحد من حالات عدم الزواج وتأخير سنّه ما يؤثر سلباً في صحة الأمهات وحالتهن الإنجابية.

ويقول الدكتور أحمد رجب إن أساس الاغتراب له جوانب عدة، منها الزواج من الأقارب يضعف النسل، وقد ثبت ذلك علمياً، ومن هنا كانت وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبني السائب عندما وجد أن نسلهم أخذ يضعف، فأوصاهم بالزواج من الغريبات. ويضيف أن حفظ النوع البشري يأتي بالحفاظ على الذرية من الأمراض الوراثية كما يتم حفظها من الأمراض الأخرى.

تجنُّب الأخطار

ويؤيده في ذلك الدكتور محمد سليمان فرج كبير الوعاظ في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ناصحاً الشباب بتغريب النكاح استشهاداً بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه «غرِّبوا النكاح» في حالات ثبوت أمراض وراثية في بعض الأسر، لما في ذلك من وقاية من الأمراض التي قد تنتج عن طريق الوراثة بين العائلات التي عرف عنها ذلك، واستشهد الدكتور محمد سليمان فرج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تخيَّروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم»،

مؤكداً أن هذه لفتة كريمة منه صلى الله عليه وسلم على الأمة من الإصابة بالأمراض الوراثية الجسمية والعقلية عند الاقتصار على زواج أقارب الدرجة الأولى، وقال: إن المقصود بالتغريب ليس الزواج من الغريبات كما قد يفهم البعض ذلك، وإنما الزواج من أبناء العمومة وهم الأعمام والأخوال.

وأكد الدكتور فرج أهمية إجراء الفحوصات الوراثية في حال الإصرار على الزواج من الأقارب لتجنُّب الأخطار المحتملة لاعتلالات الجهاز العصبي المركزي والولادات المتشوِّهة.

ويقول الشيخ منصور المنهالي مدير إدارة الشؤون الإسلامية في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إن الزواج في الإسلام واختيار الزوجة من أوضح الموضوعات وأبسطها حيث لخصها الرسول صلى الله عليه وسلم بمعايير تنكح من أجلها المرأة ويقبل بها الزواج لدينها ولمالها ولجمالها ولحسبها، ويؤكد الرسول بقوله «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه».

وأضاف الشيخ المنهالي أن العرف لا يحبذ أو يكره أن يتم الزواج من مكان أو بلد لأسباب البعد أو الاختلاف في العادات والتقاليد والثقافة أو عوامل عدم تحقيق الاستقرار، فالشرع يدعو إلى مراعاة أمور الصحة والطب في تغريب النكاح شريطة أن يثبت بالدليل العلمي القاطع أن اقتران الزواج من الأقارب أو غير ذلك قد يتسبب بالأمراض الوراثية، ويتسبب في وفاة الأجنة وتشوه الأطفال أو التسبب لهم في الإعاقات البدنية والعقلية.

لا ضرر ولا ضرار

ومن جانبها قالت إيمان إسماعيل عبد الله باحثة وكاتبة اجتماعية إن الملاحظ في بعض الزيجات التي حدثت من زواج الأقارب وجود مشكلات صحية وطبية وتشوهات خلقية في الأولاد بما يؤثر على حياة الأسر ويجعلها تعيش في دوامة من النفقات والقلق والتعب،

مؤكدة أهمية التوعية بالأضرار الناتجة عن الزواج من الأقارب والذي يخشى منه حدوث مثل هذه الإعاقات، وقد بين الإسلام ذلك في كثير من الدعوات منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار».

وأكدت أن لولي الأمر أن يصدر القرارات التي تحد من أية ظاهرة تؤدي إلى مشكلات ومنها الزواج من الأقارب من دون فحوصات طبية شاملة، تستطيع من خلالها الأسر الاطمئنان على الأولاد، وتكوين الأسرة المستقرة المطمئنة كما ذكر القرآن الكريم «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».

وأشارت الباحثة إيمان إسماعيل إلى أن رابطة سيدات السلك الدبلوماسي وبالتعاون مع الجهات المعنية قامت بتنظيم محاضرات عدة للتوعية في هذا الجانب، ومنها محاضرة سردت فيها إحدى الأخوات تجربتها في الزواج من قريب لها وتأثير ذلك على أربعة من أولادها ولدوا بأمراض وراثية أدت إلى تشوهات وعاهات، وأصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأوضحت أن المجتمعات العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي متمسكة بعقيدتها وشعائر دينها بالترابط الأسري القوي، ومع مرور الزمن ووجود هذا الترابط الأسري نشأ معه الزواج من الأقارب بنسب كبيرة وبأعلى من معدلاتها في العالم، مما نتج عنه زيادة واضحة في الأمراض الوراثية، التي تحتاج إلى عناية مستمرة وباهظة التكاليف، ولها تأثيراتها الاجتماعية والنفسية على الأسر.

وقالت: إن الزواج من خارج دائرة الأقارب له العديد من الفوائد الصحية والثقافية والاجتماعية والفكرية، وتوسيع دائرة التعارف بين الناس وزيادة الارتباط بينهم، كما يؤدي إلى خروج الزوجين من البوتقة العائلية والدائرة الاجتماعية الضيقة، ووجود الأولاد المتجاوبين والمنفتحين على العوالم الأخرى والحضارات المختلفة، والتمتع بقدر كبير من التسامح.

وقالت: إن الزواج له أهداف سامية لا تتحقق إلا بتحقيق شروطه ومن هذه الأهداف السكن النفسي والذي يتضح من قول الله عز وجل «لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة» إضافة إلى ذلك عمق التفاهم والرعاية وإنجاب الأطفال الأصحاء والمشاركة في مشوار الحياة، مبينة أن الدين هو أساس الوقاية من الأزمات ويقي من استشراء الخلافات بين الزوجين.

توسيع دائرة الارتباط

ويرى الشيخ عبد العليم أبو ليلة من دائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف أن زواج الأقارب ليس كله شر بل إنه وفي أحيان كثيرة يؤدي إلى زيادة الروابط الاجتماعية بين الأقارب والحفاظ على تقاليد الأسر، مؤكداً ضرورة الاختيار الصحيح للزوجات والقيام بعمل الفحوصات والاستشارات الطبية إذا لزم الأمر بعد ظهور الأمراض الوراثية.

وأضاف الشيخ عبد العليم أبو ليلة أن الإسلام لم ينه عن زواج الأقارب، أو الزواج من خارج هذه الدائرة، بل إنه دعا إلى الاثنين لزيادة الروابط الأسرية وتقويتها بين العائلات أو توسيع دائرة الارتباط بعائلات أخرى، مشيراً إلى أن الوقائع الإسلامية تشهد بذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم تزوج من ابنة عمته السيدة زينب بنت جحش،

وتزوج علي بن أبي طالب من السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز تزوج من ابنة عمه، وعلى الجانب الآخر نجد كثيراً من الحالات المتزوجة من خارج نطاق ذوي القربى، وكلاهما لاقى النجاح والاستقرار والذرية القوية الصالحة والخالية من الأمراض.

وقال: إن هناك قاعدة فقهية تقول: «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» وإذا كانت المصلحة في الابتعاد عن الزواج من القريبة الأولى الأخذ بها والزواج من الأجنبية.

ويقول الدكتور قطب عبدالحميد قطب من دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري: «إن حديث «لا تنكحوا القرابة القريبة لأن الولد يخلق ضاوياً» إنما يعرف من قول عمر أنه قال لآل السائب قد أضويتم فانكحوا في النوابغ، ومعناه تزوجوا الغرائب، ويقال اغربوا لا تضووا أي نحيفا،

مشيراً إلى أن زواج الأقارب فيه شيء من الحياء من كثرة التردد على بيوتهم، فيحس الشاب ان ابنة عمته أو ابنة خالته مثل أخته، على عكس الغريبة عنه، ولذا فإن الإسلام لا يمنع ولا ينهى عن هذا الزواج إلا إذا وجد ما يمنع كوجود أمراض أو مشاكل قد تحدث من جراء إتمام هذا الزواج،

مشيراً إلى أن من الآيات القرآنية التي تعتبر من أقوى الأدلة على إباحة زواج الأقارب «يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن، وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك» (الأحزاب 50).

الذرية الصالحة القوية

وأوضح الدكتور قطب أن الإسلام يحث على الذرية الصالحة القوية الخالية من الأمراض، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، ويأتي الفحص الطبي من ضرورات العصر الحديث للتأكد من الموانع أو الأمراض الوراثية،

وتكوين الأسرة السعيدة التي تأتي بالأبناء الأصحاء، وقال إنه إذا ثبت وجود مشكلة عند الشاب أو الفتاة يمكن علاجها يتم الزواج بعد تلقي هذا العلاج أما إذا كان الأمر لا يمكن علاجه فيجب الابتعاد عن هذا الزواج، حتى نتجنب حدوث هذه الأمراض.

وفي إجابة له عن سؤال يقول: هل الزواج من الأباعد أفضل من الزواج من الأقارب من حيث الذكاء وحسن الخلقة قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هذه القاعدة ذكرها بعض أهل العلم وللوراثة تأثير لا ريب في خلق الإنسان وفي خلقته، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود يعرض بعرض هذه المرأة كيف يكون الولد أسود وأبواه كل منهما أبيض،

فقال عليه الصلاة والسلام: هل لك من إبل، قال: نعم، قال: فما ألوانها، قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لأورقاً، قال: فأنى أتاها ذلك قال: عسى أن يكون نزعة عرق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهذا عسى أن يكون نزعة عرق». فدل هذا على أن للوراثة تأثير لا ريب في هذا.

الفحص المبكر

وفي السعودية انتشرت العيادات الاختصاصية لإجراء الفحص بجانب المستشفيات الحكومية وسط إقبال الكثير من الشباب والشابات، وقال آلـ الشيخ مدير مصنع الكمال للورد الطائفي :إن القرار القاضي بإلزامية الفحص المبكر قبل الزواج هو من القرارات المهمة للمجتمع السعودي في القرن الجديد،

وأضاف في زماننا نحن لم نكن نسمع عن الذي يحدث الآن من أمراض حديثة وأصلاً الكشف الطبي مقصود به الأمراض الوراثية التي تكثر في مجتمعات الدنيا أجمعها ولكن هناك الأمر يختلف عنا، هنا لدينا العفة والأخلاق والدين الإسلامي الذي يحفظنا بتعاليمه التي نعتز بها وهي التي إن تمسكنا بها كفانا الله شر ويلات الابتلاء،

ويقول إن الزواج هو قدر الله النافذ في خلقه، فمهما جاءت التقارير الطبية بنتائجها إن كانت إيجابية أو سلبية، فإرادة الله هي الأقوى إن شاء تزوجا وإن كان غير ذلك فسيبقى أمره.

أما الصحافي خالد السهلي فيقول إن الفحص المبكر قبل الزواج هو من الأهمية التي كان من المفترض أن يكون منذ زمن أبعد كثيراً من التوقيت الذي صدر فيه الأمر السامي، ويتفق مع الشيخ في أن الفحص يجب أن يكون شاملاً في المستقبل ويشمل الأمراض الجنسية الحديثة التي ابتلى بها الباحثون عن المتعة الحرام، إذ يبلغ عدد المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة في المملكة من السعوديين نحو 1850 مصاباً منهم نحو 370 من النساء،

وأن أغلب هذه الإصابات جاءت عن طريق نقل الدم، ويستطرد في حديثه بمطالبة المسؤولين أن يضمن قانون الفحص المبكر قبل الزواج كل الأمراض ليقي الله المواطنين شرها، وتنجب حواء المملكة أطفالاً أصحاء وأسوياء لجيل الغد. ويقول الشاب نجيب عبده بن صالح وهو مقدم على الزواج أنه سيسعى للفحص المبكر رغم خلو أسرته من الأمراض الوراثية،

وعن إلزامية الفحص يقول إنه قرار حكيم وجاء في وقته لأن التشوهات والأطفال غير الأسوياء كثرت بين الأطفال حديثي الولادة في الزمن الحاضر وما كان تحدث لولا عاداتنا القبلية التي تقول البنت لأبن عمها أو الذين يرون أن الزواج من بنت القبيلة أو العائلة هو شرف للأسرة وحفاظاً للنوع،

ويطالب خالد السهلي بالحزم وجدية في الفحص وأن يلتزم المعنيون بأمره من أطباء وكوادر طبية بكتابة التقرير بكل أمانة، وإن على الأزواج المقبلين على الزواج أن يكونوا أحرص من غيرهم في العيش بسلام بعيداً عن القلق الذي سيصيبهم في حالة وجود أمراض وراثية بينهم، ويطالب كل الشباب وبكل الحرص لمعرفة إن كانوا أصحاء أو لديهم بعض من الأمراض الوراثية.

ويضيف نجيب عبده أن الفحص المبكر للذين لا يعلمون أهميته ويصرون على عدم إجرائه، انهم سيندمون في مستقبلهم الذي سيكون وبالاً على حياتهم، بينما يرى الكثيري الذي خلص لتوه من عقد قرانه على بنت عمه أم فيصل أنها اكتملت سعادتهما حينما خلصوا من الفحص الطبي الإلزامي وعرفوا أنهم من دون أمراض وراثية وخلوهم من الأمراض كافة

ويقول لم يساورني شك أبدا في كوني نظيفاً من الأمراض حتى الجنسية وكنت أخاف من أن تكون زوجتي تحمل أمراضاً وراثية لأنهم لا يعيشون معنا في الديرة، ولكن بحمد الخالق رب العالمين جاءت نتائجها سليمة وفرحتي هي اليوم فرحتان وثمن ما يقوم به ولاة الأمر من أجل أن يسعد أبناء المملكة بالزواج،

أما أم فيصل فلها رأي تقول أن الفحص الطبي قبل الزواج برغم إلزاميته إلا أنه غير ملزم للشيخ الذي يعقد قران الأزواج، وتقول: لماذا إذاً يلزمونهم بعمل الفحص وهو غير ملزم لدى الشيخ ومأذون النكاح،

ورأيها أن يعاد في أمر إلزامية الشيوخ ومأذوني الأنكحة بعدم عقد قران من ثبت أن بهم أمراض وراثية، وتضيف أنها مؤمنة بأن الزواج قدر مكتوب على الأزواج ومهما فعل الآخرون فإن مشيئة الله هي الأقوى. أما الرأي الطبي يرى أن إلزامية الفحص الطبي قبل الزواج يجنب الأسر وجود أطفال بعاهات وتشوهات خلقية ظاهرة أو باطنة.

أما الدكتور عدنان العبد الكريم المشرف العام على مجمع الرياض الطبي فيقول من الأهمية بمكان أن يجرى كل من يريد الزواج الفحص الطبي عن الأمراض الوراثية والذي يتضمن نقاطاً عدة ومن ضمنها أمراض الدم الوراثية ومنها مرض البحر الأبيض المتوسط وفقر الدم المنجلي وبعض الإنزيمات المتعلقة بأمراض الدم الوراثية ويطلب تحليلاً لأمراض الكبد الوبائي وتخثر الدم،

وبعض التحاليل المهمة الخاصة بالأمراض الوراثية، ويقول: لو كان الزوج حاملاً للمرض والزوجة سليمة فمرض الزوج لا يمنع الزواج لأن بعض الأمراض الوراثية الموجودة في الدم يحتاج لأن يكون الزوجان حاملين للمرض،

فقد يصاب المولود بالمرض وقد تأتي الإصابة للجيل الثالث أو الرابع، لأن الطفل المصاب بالأمراض الوراثية يكلف علاجه الكثير من الأموال ويجلب المعاناة له ولذويه والعائلة والدولة، وقد اثبت الفحص الطبي قبل الزواج نجاحه من حيث التجربة ويقول : هذا ما لمسناه من بعض الأزواج وذويهم وأن المواطنين متقبلين هذا الأمر برحابة صدر لأنه هو الذي يستفيد منه.

الطمأنينة والاستقرار

أما الشيخ حمود بن محسن الدعجاني الداعية الإسلامي إمام وخطيب أحد المساجد بالرياض يقول: الفحص قبل الزواج غايته تحقيق الطمأنينة والاستقرار بين الزوجين للوصول إلى المقاصد الشرعية للزواج، وقد حث الإسلام على إنشاء العقود، ومنها عقد الزواج على أساس من الصدق والنزاهة والتراضي الكامل ونهى عن الغش والتدليس والكذب فيها،

ويقول يجب على كلا الزوجين إعلام الآخر بما قد يكون عنده من مشكلات صحية أو عاهات بدنية أو نفسية، تخل بمقاصد الزواج في الاستمتاع وطلب النسل وإلحاق الضرر بالآخر، ويقول : أن التكتم وإخفاء العيوب يؤثر على الحياة الزوجية واستقرارها وهو تدليس محرم، أما إذا تم بيان العيوب وما يؤثر في مستقبل الزواج من خلال الفحص الطبي قبل الزواج أو الإخبار،

فإن الزوجين أمام الخيار بين إتمام الزواج من عدمه لأن الحق لهما وقد رضى كل منهما بالآخر على بنية وبصيرة، ويتأكد الفحص الطبي قبل الزواج شرعاً فيما إذا طلبه أحد الطرفين على الآخر لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين «إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج» ويقول صلى الله عليه وسلم «المسلمون على شروطهم» رواه أبو داوود وليس في الفحص قبل الزواج معارضة لقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره وإنما هو تحول من قضاء إلى قضاء

وكما قال عمر رضي الله عنه : نهرب من قضاء الله إلى قضاء الله . الجدير بالذكر أن استهلاك الأمراض الوراثية والمزمنة في المملكة العربية السعودية يبلغ اكثر من 70% من تكاليف الخدمات الصحية في الوقت الذي ارتفع حجم الإنفاق الصحي في السعودية إلى أكثر من 64 مليار ريال في السنة.

تحقيق: السيد الطنطاوي وإبراهيم السطري وحسن محمد نور

Email